مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب

2014/08/17 20:10
انقسام الحركة الإسلامية ... 'مستحيلات' يتمناها بعض الحالمين
انقسام الحركة الإسلامية ... ’مستحيلات’ يتمناها بعض الحالمين

الإسلاميون في الأردن، مستهدفون سياسيا لمواقفهم المنحازة للناس والمبادئ، كما أنهم مستهدفون ثقافيا لانتمائهم الإسلامي الراغب بعودة الشريعة العادلة لسدة الحضور المجتمعي، من هنا ستواصل القوى المستفيدة، التشويش على أدائهم، وافتعال الأوهام حولهم، لكن المطلوب من الحركة ومؤسساتها وأذرعها وقواعدها، أن تعلم حجم حاجة الناس لها، فتتمسك عندها بآليات حوارها وتحترم تداول وحراك مراكز التأثير داخلها
بقلم عمر عياصرة
لا يختلف اثنان على أن الحركة الإسلامية في الأردن، طرف أساس في الحياة الاجتماعية والسياسية الأردنية، ما أكد هذا، حجم حضورها الشعبي وتفاعل الجماهير معها واهتمام الآلة الإعلامية بها عند كل حراك وسكون، تمارسه أدواتها.

والمراقبون المنصفون يرون في الحركة الإسلامية عامل توازن مجتمعي لا يستهان بدوره وأهميته، فالحركة كانت وما زالت تقدم خطابا إسلاميا وطنيا وتنمويا يراعي الخصوصية الأردنية ويتعامل معها بحذاقة منقطعة النظير، للحفاظ على ثوابت امتداداتها الإسلامية والقومية، والحركة الإسلامية في الأردن أثبتت وفي كل حين، أنها ذات حيوية تنظيمية متجددة وأصيلة، وقد تمثل ذلك من خلال حراكها الداخلي الدائم وديمقراطيتها التنظيمية، المشهود لها عند مختلف الدوائر المحلية والعالمية.

الحجم الذي احتلته الحركة على المستوى السياسي والاجتماعي والثقافي الأردني، كما الخطاب، جعل منها محط اهتمام لمختلف مراكز ومنابر التأثير في المجتمع الأردني، كما أن هذه المساحات الواسعة التي بلغتها الحركة الإسلامية وتمكنت منها، كانت كفيلة وكافية لصناعة الخصوم المتربصين بها، والساعين للنيل من نفوذها وحضورها وبقائها، وتفرع حينها الخصوم بين حكومات ودوائر رسمية نافذة، أصابها الضرر والقلق لوقوعها تحت سياط رقابة الحركة ونقدها وكشف عوار ممارساتها، وبين جهات أخرى ترى في الخطاب الإسلامي ضررا أصاب نفوذها وحضورها الاجتماعي والشعبي.

ضمن هذا السياق، تمت مراقبة ومتابعة ما يجري في مؤسسات الحركة الإسلامية من قبل الخصوم، بعين سوء الظن من ناحية، وبأحلام الانشقاق والانقسام والضعف للحركة ولدورها وحجمها، هنا حضرت التحليلات الحالمة وضخمت الخلافات، وأصبح الحراك الحيوي والحوار وتعدد انساق النظر عند هؤلاء الخصوم، ضربا من النهاية التي سيجدون بعدها لهم، موطئ قدم في المساحات التي خسروها قبل ذلك.

البنية العامة للحركة الإسلامية في الأردن، التي تعكس في إطارها العام، خصائص التركيبة الإخوانية التاريخية، وتتمثل أيضا بخصوصية تجربتها الأردنية الممتدة منذ أربعينات القرن الماضي، وتلتحم في خطابها التعبوي عضويا مع القضية الفلسطينية وتفاعلاتها ووجدانياتها، هذه البنية تملك من القوة ما يجعل مجرد التفكير بزوال الحركة أو انقسامها أفقيا وعموديا، ضربا من الخرف والمستحيل، حيث أن انجازات الحركة واشتباكها مع المجتمع ودخولها لحيز وعي الناس، واستقرارها في اللاوعي عندهم، جعل منا حقيقة وثقافة ومصلحة، يتمسكون بها، ويهذبون ما تتعرض له من إشكالات وحوارات، ناهيك عن الآليات الحوارية المتبعة داخل تلك البنية، التي تحول بفعل حيويتها ونزاهتها وديمقراطيتها النسبية دون إحداث خلل كبير، يقود لتحقيق أمنيات المتربصين بالحركة وأنصارها، لذا أقصى ما شهدته الحركة من خروج لبعض أعضائها، اقتصر على حالات فردية طرفية، لم تنل من قوة المركز في الحركة.

الإسلاميون في الأردن، مستهدفون سياسيا لمواقفهم المنحازة للناس والمبادئ، كما إنهم مستهدفون ثقافيا لانتمائهم الإسلامي الراغب بعودة الشريعة العادلة لسدة الحضور المجتمعي، من هنا ستواصل القوى المستفيدة، التشويش على أداءهم، وافتعال الأوهام حولهم، لكن المطلوب من الحركة ومؤسساتها وأذرعها وقواعدها، أن تستوعب حجم حاجة الناس لها، فتتمسك عندها بآليات حوارها وتحترم تداول وحراك مراكز التأثير داخلها، فالحركة الإسلامية في الأردن باقية ومستمرة بفعل ما تحمله من هموم الناس والتفافهم حولها.
*العصر
أضافة تعليق