مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب

2025/06/26 20:04
نِقَاطٌ على الحُرُوف
قبل أيام قليلة كانت رحا الحرب تدور بين دولة إيران و دولة الاحتلال الإسرائيلي ، و قد شاهد العالم الضربات المتبادلة بين القوتين ، و حذر الخبراء المراقبون من امتداد شرارة هذه الحرب إلى مديات طويلة ، إلى أن وضعت الحرب أوزارها بتوسط أمريكي أو بأمر أمريكا .
و لا شك أن هذا النزال الدامي الذي يعتبر الأول ( وجها بوجه) بين الدولتين كشف عن حقائق كثيرة ، على رأسها ما يبيته الاحتلال تجاه دول مهمة في المنطقة كباكستان و تركيا ، ما رفع من درجة الحاسة الأمنية في هذه الدول تجاه كل ما هو إسرائيلي ، و أدركت قادة تلك الدول  أن الاحتلال الإسرائيلي ينتهج منطق التقسيط في الحرب على دول المنطقة ، و أن الخطر الإسرائيلي داهم و إن تأخر بعض الوقت ، فالجميع في مرمى نيران الصهاينة والدور قديم عليه لا محالة .
فإذا كان ذلك كذلك ، فما موقف عقلاء أهل المنطقة و المسلمين تجاه هذه الأحداث ؟
لا نتردد في ذكر أن إيران خلال العقود القليلة الماضية أثمر موقفها السياسي والطائفي إنزعاجا كبيرا لدى السواد الأعظم من الأمة ، و أنها لعبت دورا تخريبيا في بعض البلدان الإسلامية ،  و أن شرها كان مستطيرا خصوصا في العراق و سوريا ، ما جعلها محل تهمة و مقت في شعور أبناء تلك الدول ، لذا لم تحظ بالتعاطف اللازم خلال حربها هذه من جميع الشعوب الإسلامية .
إلا أننا نعرف أن الشيعة و دولة إيران و إن أجرموا في حق بعض الشعوب المسلمة ، لا يعني بحال أنهم خارج المظلة الإسلامية الجامعة ، و أنهم واليهود سواسية ! هذا منطق الجهال .
إن الغرب الكافر و إسرائيل وراءها إمريكا ، لا يعنيهم هذا التشظي الطائفي لدى المسلمين ، بل الكل هدف و مستهدف ، و أن الأمة بشتى أطيافها في نظرهم في سلة واحدة ، و إن تنافروا فيما بينهم و تقاتلوا و تناحروا و تقاذفوا بالألقاب .
هنا أريد أن أشير إلى نقطة غاية في الأهمية ، و هي أننا في سياق حديثنا عن الدور الإيراني السلبي المزعزع في المنطقة ، لا يجوز أخلاقيا أن نجحد دورها الإيجابي تجاه القضية المركزية للأمة الإسلامية ( قضية الأقصى و فلسطين ) فدور إيران تجاه هذا الملف حيوي إيجابي ، بل يذهب الدكتور الريسوني في إحدى مقالاته إلى أنه  ليس هناك دولة إسلامية عربية و غير عربية قدمت للقضية الفلسطينية كما قدمت دولة إيران على جميع الصعد ، و يمكن للقارئ أن يرجع  لمقالة الدكتور للوقوف على الحيثيات منذ الخميني إلى اليوم .
و نحن نسمع من الخبراء و المحللين السياسين ، أن الحرب الإسرائيلية الإيرانية الأخيرة ، ما هي إلا شرارة من شرارت طوفان الأقصى ، فبالتالي ، ليس كل مواقف إيران مواقف شر و دمار ، و إن كان البعض عمل و يعمل على نشر هذا الانطباع الغير المنصف بداع طائفي ، بل و يزعم أن إسرائيل و إيران وجهان للعملة الواحدة ! فهذا اختلال بالميزان ، و جور في الحكم ، و جهل بالدين و الواقع .
إن هذه الحرب الأخيرة بين إيران و الاحتلال أماطت اللثام عن بعض الحقائق المهمة عن النظام الإيراني و عن تماسكه و قوته و جسارته ، كما كشفت النقاب عن جدية الصراع بين الدولتين ، و قد برهنت إيران  أنها ليست لقمة سائغة ، و أن يدها تطال قلب الاحتلال و مرافقه الحيوية و الاستراتيجية - مع الفارق في القوة والعتاد لصالح إسرائيل -  ما أدى إلى تدخل الولايات المتحدة الأمريكية لإنقاذها ، حتى لا تنزلق لحرب الاستنزاف .
نعود فنقول ، إن الكلام عن الدور الإيراني السلبي في المنطقة و انتقادنا له ، لا يعني أن الدول العربية السنية المنافسة المعادية لإيران دورها إيجابي بحال ، بل دورها لا يقل تخريبا عن دور إيران بل و يزيد .
إن التاريخ القريب والآني ، يشهد أن الدول المطبعة مع الكيان الصهيوني اللقيط القاتل المغتصب الإرهابي الذي يمعن في تهديد بلاد المسلمين و قتل إخوانهم في فلسطين المحتلة قرابة قرن كامل ( هي الدول العربية السنية) و أن من استجلب الأمريكان( 40000  جنديا ) و أعطاهم مساحات في بلاد المسلمين ليبنوا عليها قواعد عسكرية ضخمة ، و ينفق عليهم من أموال الأمة ليل نهار هي ( الدول العربية السنية) ،   و أن من نسق مع الأمريكان و فتح لهم مجاله الجوي لتدمير العراق و نهب ثرواته وقتل شعبه و تشريدهم هي ( الدول العربية السنية) .
و السؤال ، من وراء الانقلاب الغاشم الفاشي على الحكومة المنتخبة شعبيا في مصر ؟ و من مول الانقلابيين الذين عاثوا قتلا في الأبرياء في رابعة و غيرها ؟ و من مكن للعلمانيين المعادين للإسلام في القنوات و المجلات والصحف ؟ و من أول من اعترف بالانقلاب المجرم ؟ .
و من وراء الخراب و الدمار و المجاعة والاغتيالات في دولة اليمن ؟ من عمل على تسليم البلاد لجماعة الحوثي نكاية في الإسلاميين ؟ .  و من وراء القتال الدامي والاغتصابات و الدمار في دولة السودان ؟ . و من و من وراء إفشال الثورة السورية و إعادة تدوير نظام بشار البائد ؟ . و من وراء زعزعة الاستقرار في دولة ليبيا و دعم الانقلابيين ؟ . و من وراء ملاحقة المنظمات الإسلامية السنية في أمريكا و دول أوربا و تصنيفها في قوائم الإرهاب والعمل على مضايقتها هناك ؟ أخيرا ، و من خنق غزة و حاصرها منذ أكثر من 15 سنة إلى اليوم ! و دمر الأنفاق  و وصف المقاومة بالإرهاب ؟!.
القائمة تطوووول ، تلك هي ( الدول العربية السنية) و هذا صنيعها ، و أنت الحَكَم .
 
 
أضافة تعليق