مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب

2014/08/17 20:10
القدس عروس كرامتنا
القدس عروس كرامتنا
-بقلم عمر عياصرة

إن تمادي الصهاينة على الأقصى، يشكل معادلا موضوعيا لموقفهم من قوة الرسمي العربي وانحيازاته، فهم يعلمون يقينا، أن العربي الرسمي ضعيف ومواقفه مهترئة، بل تصل بهم المدارك لدرجة القناعة، أن الرسمي العربي هو المسيطر على ردود الفعل السلبية للشعوب ولقواها الحية تجاه ما يقومون به من انتهاكات مبرمجة هادفة لتقويض الحق العربي والفلسطيني في القدس وسائر فلسطين، من هنا تتزاحم عناصر الضعف العربي والفلسطيني، بإرادتهم، لتعطي الإسرائيلي زخما وقوة غير مسبوقة ليفعل الأفاعيل ويعربد على الجميع دون استثناء.

في كل مرة تتعرض فيها القدس وأقصاها لاعتداءات الصهاينة، نكتشف وعلى أكثر من صعيد، مدى وحجم ضعف الواقع العربي والفلسطيني في التعامل والتعاطي مع الإساءة للقدس ولمسجدها المهيب، ويستوي في ذلك ـ وللأسف ـ الموقف الرسمي منه والشعبي كذلك، فما زالت ردود فعل الأمة بمجملها، تجاه ما يحاك للأقصى من مؤامرات، لا تنسجم من حيث المستوى المطلوب والمتناسب مع مكانة القدس الدينية والسياسية وأهميتها في الوجدان والروح لمجموع الأمة العربية والإسلامية قاطبة، كما أن هذه الواقف الباهتة، مستمرة بالارتهان لحالة الاصطفاف الإقليمي من عملية التسوية، لتصبح القدس وقضيتها، سيما عند النظام الرسمي العربي الضعيف، مجرد منطقة خاضعة للبحث والتفاوض ومعرضة لكافة أشكال التبديل والتغير.

ما يميز الاعتداء الأخير الذي مارسته العصابات الصهيونية بحق الأقصى والقدس، أنه جاء في توقيت وسياق لم نعهده سابقا، فالواقع الفلسطيني في هذه الأثناء يعيش واحدة من أشد أزماته الذاتية على الإطلاق، إذ ناهيك عن الانقسام الفلسطيني السياسي، وتجاذباته المعقدة، يشهد المجتمع الفلسطيني في الضفة الغربية مؤامرة شديدة الوقع وعميقة التأثير، تبدأ من عملية غسل دماغ جمعي هادفة لتنحية المجتمع في الضفة عن التفاعل مع ما يجري على الساحة الفلسطينية بعامة والمقدسية بخاصة، ولنا في صمت الضفة وجماهيرها الحية، أثناء الحرب الإسرائيلية على غزة، خير دليل على أن ثمة مؤامرة تضرب هذه المرة بعيدا في أعماق الوعي المجتمعي الفلسطيني، لتجعله حكرا على زمرة سياسية جاءت من خلف الظلال، ولا تعرف إلا الاستسلام للواقع الصهيوني المرسوم على الأرض، من هنا تأتي الاعتداءات الصهيونية الجديدة وفي خلفية الصورة لقاء نتنياهو مع عباس في القمة الثلاثية، لتعلن مرحلة جديدة من التفاعل الفلسطيني مع مكانة القدس ومسجدها وأهميتها.

ما تقوم به السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، يتجاوز مسألة الضبط الأمني إلى الرغبة بضرب بنية المجتمع التحتية ومبادئه، التي تمسك بها وقدم شهداءه نصرة لها، وبالتالي تأهيله لقبول ما يريده حكام الضفة، حتى ولو كان تعديا على الثوابت والمقدسات، وهذه المؤامرة ستسقط وفق سنن العلاقة الجدلية بين الاحتلال وأصحاب الأرض والحق، من هنا تأتي الاعتداءات الصهيونية المتواصلة على القدس دون قلق من مخالب الضفة، التي طالما أرّقت مضاجع الصهاينة ورسموا لها الاعتبارات الكبيرة والكابحة.

إن تمادي الصهاينة على الأقصى، يشكل معادلا موضوعيا لموقفهم من قوة الرسمي العربي وانحيازاته، فهم ـ أي الصهاينة ـ يعلمون يقينا، أن العربي الرسمي ضعيف ومواقفه مهترئة، بل تصل بهم المدارك لدرجة القناعة، أن الرسمي العربي هو المسيطر على ردود الفعل السلبية للشعوب ولقواها الحية تجاه ما يقومون به من انتهاكات مبرمجة هادفة لتقويض الحق العربي والفلسطيني في القدس وسائر فلسطين، من هنا تتزاحم عناصر الضعف العربي والفلسطيني، بإرادتهم، لتعطي الإسرائيلي زخما وقوة غير مسبوقة ليفعل الأفاعيل ويعربد على الجميع دون استثناء.

المشرق في هذه الظلمة، أن القدس تشكل عنوان كرامة، وقادرة أن تصوغ همم ورموز بفعل تأثيرها ومكانتها التي حباها الله، فصلاح الدين لم يصل للمكانة التي ارتقاها لولا القدس، من هنا جاءت المقاومة ومشروعها لتعبر عن الكرامة وتتعانق معها، والمقاومة مطلوبة على كافة الصعد، ومن الجميع، فالمؤامرة اكبر من الصمت، والقدس عروس كرامتنا، فهل من مجيب.
*مجلة العصر
أضافة تعليق