مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب
جلسات تصحيح و استدراك
جلسات تصحيح و استدراك الحياة فضاء واسع رحب، هو ساحة امتحان مفتوح غير محدد المدة و الأجل ، لكن لها محطة انتهاء غير معلومة، تنتهي حين يدق الجرس معلنا نفاذ الوقت ، حينها لا وقت للاستدراك و الوقت الإضافي لإكمال الاختبار ، اللبيب من استغل الوقت لجني المحصول . و تبقى مواسم الخير مفتوحة مشرعة مادام في العمر بقية ، تبقى الفرص تشرع أبوابها للمقبلين الذين استباق الخيرات . تشرع أبوابها لكل نفس لوامة ، تحركت فيها نزعات الخير تشرع أبوابها للأوابين الذين يراجعون الحسابات دوريا تفتح أبوابها لكل من يريد تضميد الجروح و الأخطاء تفتح أبوابها للمقصرين في جنب الله، المقصرين في حق النفس و الجوار هؤلاء جميعهم تشرع لهم أبواب الخيرات حتى يغنموا و يفوزوا بالجائزة. النبيه من يعقد جلسات ليصلح ما بينه و بين خالقه ، يعقد جلسات ليصلح ما بينه و بين الخلق ، كي يعيد السكة لوضعها الصحيح . نجلس لنرمم العلاقات المترهلة نصلح المودات التي أفسدتها نزوات و حظوظ نفس نصلح ألفة عمر طويلة ضاعت في ساعات غفلة نعقد الجلسات نلملم جراحات القلوب فكم من قريب باعدت بينه و بين أحبابه فتات الأرض الفاني و كم من صديق ضيع عشرة عمر طويلة ، ضيعها تنافس مذموم نعقد الجلسات لنعيد أقدامنا لمواضعها ، نعيدها لحياضها ، نعيدها لرياض الجنة ، في باحات العلم الذي تسعد به الروح . نعقد الجلسات لنكشف زيف العلاقات المزيفة المغشوشة، لتتصافح القلوب بذل الأكف الملوثة بالأحقاد و الضغائن. نعقد الجلسات لنلجم الألسنة ونعقد ألسنتها حتى لا تخوض في الأعراض، و نبش قبور الأموات،و الخوض في مشاريع الضياع و التيه . نعقد الجلسات لنعيد عقارب الساعة لوقتها الصحيح ، فنصرف أوقاتنا في الأمور المهمة النافعة ، نصرف أوقاتنا في الأمور التي تصلح شأننا ، بدل القيل و القال . نعقد الجلسات لنخرج أنفسنا من دائرة الانغلاق إلى العتق الحقيقي ، لنشم نسائم الأفراح ، التي نسعد بها الروح و الأهل و الخلان . نعقد الجلسات تلو الجلسات نصحح المسار الطويل ، نعدل الأهداف المخالفة لروح عقيدتنا ، المخالفة لأصالتنا ، المخالفة لموروثنا الحضاري ، المخالفة لقيمنا الانسانية . نعقد الجلسات لنقنع أنفسنا إن حياة الزيف لا تدوم، و أن العلاقات المصنوعة لا تدوم ، كالأشجار تعريها عوارض الخريف ، و هزات الشتاء . إن الإنسان العاقل هو ذاك الذي يصحح المسار كل فترة ، يدقق الحسابات كل برهة ، يصلح أحواله كل ساعة ، فالمرء الواعي لا يأمن العواقب ، يقرأ المحاذير ؛ فكم من مغدور فاتته أوقات التصحيح و الاستدراك . الأستاذ حشاني زغيدي