هو الإمام الزاهد، الحافظ، مفتى المدينة تابعى مدنى، وأحد رواة الحديث النبوى، ومفتى المدينة المنورة فى زمانه، وجدّهُ الفاروق عمر بن الخطّاب.
ولد أبوعمر سالم بن عبدالله بن عمر بن الخطاب العدوى القرشى فى المدينة المنورة فى خلافة عثمان بن عفان، كان سالم بن عبدالله، حَسَنُ الخُلُق، شديد الشبه بجده عمر بن الخطاب. جمع سالم قدرًا كبيرًا من العلم، حتى صار أهل المدينة يستفتونه فى شئونهم. كما كان أحد فقهاء المدينة السبعة وهم: ابن المسيب، وسليمان بن يسار، وسالم، والقاسم، وعروة، وعبيد الله بن عبدالله، وخارجة بن زيد. وكانواإذا جاء قاضى المدينة مسألة، لا يقضى القاضى فيها حتى يرفعها إليهم، فينظرون فيها فيصدرون فيها فتواهم.
وقد عاش سالم بن عبدالله حياة من الزهد، حيث قال مالك بن أنس: «لم يكن أحد فى زمان سالم أشبه بمن مضى من الصالحين، فى الزهد والفضل والعيش منه»، وروى أبوالمليح الرقى، عن ميمون بن مهران قال: دخلت على ابن عمر، فقومت كل شىء فى بيته، فما وجدته يسوى مائة درهم، ودخلت على سالم من بعده، فوجدته على مثل حال أبيه، وعن سفيان بن عيينة قال: دخل هشام بن عبدالملك الكعبة فإذا هو بسالم بن عبدالله، فقال له: يا سالم سلنى حاجة، فقال له: إنى لأستحيى من الله أن أسأل فى بيت الله غير الله,فلما خرج، خرج فى أثره فقال له: الآن قد خرجت؛ فسَلْنِى حاجة، فقال له سالم: حوائج الدنيا أم من حوائج الآخرة؟ فقال: بل من حوائج الدنيا، فقال له سالم: ما سألتُ من يملكها فكيف أسأل من لا يملكها,ولم يطلب أى شئ منه مع أن هشام بن عبدالملك خليفة المؤمنين وبيده الكثير تحت يديه ولكنه رفض ذلك وأثر الأخرة على الدنيا وأختار ما عند الله فى الأخرة فقد كان رحمه الله نعم العباد الزاهدين. قال أشهب، عن مالك، قال: لم يكن أحد فى زمان سالم أشبه بمن مضى من الصالحين، فى الزهد والفضل والعيش منه ; كان يلبس الثوب بدرهمين.
وكان ناصحا للحكام ففى يوم من الأيام طلب منه عمر بن عبدالعزيز بعد أن تولى الخلافة سنة 99 هـ أن يكتب له سيرة جده عمر بن الخطاب ليهتدى الناس بهداه، فكتب إليه سالم إن عمر كان فى غير زمانك ومع غير رجالك، وإنك إن عملت فى زمانك ورجالك بمثل ما عمل به عمر فى زمانه ورجاله، كنت مثل عمر وأفضل. فأخذ عمر بن عبدالعزيز بنصيحته.
روى عن: أبيه عبدالله بن عمر وأبى هريرة وسعيد بن المسيب وزوجة أبيه صفية بنت أبى عبيد وعبدالله بن محمد بن أبى بكر والقاسم بن محمد بن أبى بكر وأبى أيوب الأنصارى وعائشة بنت أبى بكر.
روى عنه: ابنه أبوبكر بن سالم وسالم بن أبى الجعد وعمرو بن دينار ومحمد بن واسع ويحيى بن أبى إسحاق وأبوبكر بن محمد بن عمرو بن حزم وابن شهاب الزهرى وكثيرا غيرهم..
وقد أثنى عليه الكثير من العلماء والناس فى زمانه فقد كان سالم رضى الله عنه ذا شأن عظيم ومكانة كبيرة عند أهل زمانه، فقال عنه مالك: «لم يكن أحد فى زمان سالم بن عبدالله أشبه من مضى من الصالحين فى الزهد والفضل والعيش منه». اعتبر أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه أن أصح أسانيد أحاديث عبدالله بن عمر، هو ما رواه الزُهرى عن سالم بن عبدالله عن أبيه، وقد قال عنه ابن سعد: «كان سالم ثقة، كثير الحديث، عاليًا من الرجال وَرِعًا»، كما وثّقه العجلى، وروى له الجماعة.
توفى سالم بن عبدالله فى ذى الحجة سنة 106 هـ، الموافق 725، وكان فى طريق عودته من الحج، بالمدينة، فصلى عليه الخليفة الأموى هشام بن عبدالملك ودُفن بالبقيع.
*نقلا عن صحيفة روزاليوسف