مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب

2023/11/30 21:34
مالك بن أنس

هو أبوعبدالله مالك بن أنس بن مالك شيخ الإسلام، حجة الأمة، مفتى الحجاز، فقيه الأمة، سيد الأئمة، وثانى الأئمة الأربعة عند أهل السنة والجماعة، وصاحب المذهب المالكى فى الفقه الإسلامى..


 

اشتُهر بعلمه الغزير وقوة حفظه للحديث النبوى وتثبُّته فيه، وكان معروفاً بالصبر والذكاء والهيبة والوقار والأخلاق الحسنة.

وُلد الإمام مالك سنة 93هـ، بالمدينة المنورة ,ونشأ فى بيت كان مشتغلاً بعلم الحديث واستطلاع الآثار وأخبار الصحابة وفتاواهم، فحفظ القرآن الكريم، ثم اتجه إلى حفظ الحديث النبوى وتعلُّمِ الفقه الإسلامى، ثم اقترح على أهله أن يذهب إلى مجالس العلماء ليكتب العلم ويدرسه’ فلازم فقيه المدينة المنورة ابن هرمز سبع سنين يتعلم عنده، كما أخذ عن كثير من غيره من العلماء كنافع مولى ابن عمر وابن شهاب الزهرى، وبعد أن اكتملت دراسته للآثار والفُتيا، وبعد أن شهد له سبعون شيخًا من أهل العلم أنه موضع لذلك، اتخذ له مجلسًا فى المسجد النبوى للدرس والإفتاء، وكان فى المكان الذى كان عمر بن الخطاب يجلس فيه للشورى والحكم والقضاء، وهو المكان الذى كان يوضع فيه فراش النبى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم إذا اعتكف ’وقد عُرف درسُه بالسكينة والوقار واحترام الأحاديث النبوية وإجلالها، وكان يتحرزُ أن يُخطئ فى إفتائه ويُكثرُ من قول «لا أدرى»، وكان يقول: «إنما أنا بشر أخطئ وأصيب، فانظروا فى رأيي، فكل ما وافق الكتاب والسنة فخذوا به، وما لم يوافق الكتاب والسنة فاتركوه». كما كان ينهى عن الجدال فى الدين ويقول: «المراء والجدال فى الدين يذهب بنور العلم من قلب العبد». كان صبورًا مثابرًا، مغالبًا لكل الصعاب، غالَبَ الفقر حتى باع أخشاب سقف بيته فى سبيل العلم.

، وقد أثنى عليه كثيرٌ من العلماء منهم الإمام الشافعى بقوله: «إذا ذُكر العلماء فمالك النجم، ومالك حجة الله على خلقه بعد التابعين». ويُعدُّ كتابه «الموطأ» من أوائل كتب الحديث النبوى وأشهرها وأصحِّها، حتى قال فيه الإمام الشافعى: «ما بعد كتاب الله تعالى كتابٌ أكثرُ صوابًا من موطأ مالك». وقد اعتمد الإمام مالك فى فتواه على عدة مصادر تشريعية هى: القرآن الكريم، والسنة النبوية، والإجماع، وعمل أهل المدينة، والقياس، والمصالح المرسلة، والاستحسان، والعرف والعادات، وسد الذرائع، والاستصحاب.

تعرض الإمام مالك إلى محنة قاسية فى حياته فبالرغم من انه كان يبتعد عن الثورات والتحريض عليها، وعن الفتن والخوض فيها، وفى عهد أبى جعفر المنصور، سنة 147هـ، كان يحدث بحديث: «ليس على مستكره طلاق»، فاتخذ مروجو الفتن من هذا الحديث حجةً لبطلان بيعة أبى جعفر المنصور، وقد ضُرب فى هذه المحنة بالسياط، ومُدت يده حتى انخلعت كتفاه، أما الذى أنزل المحنة بالإمام مالك فهو والى المدينة جعفر بن سليمان، وكان ذلك من غير علم أبى جعفر المنصور، لذلك عندما جاء أبوجعفر المنصور إلى الحجاز حاجًا أرسل إلى مالك يعتذر إليه، وبالرغم من هذه المحنة لزم درسه لا يحرض ولا يدعو إلى فساد.

ومن أقواله المأثورة وحِكَمه قوله: «ليس العلم بكثرة الرواية، وإنما العلم نور يضعه الله فى القلوب». و «ما قل وكفى خير مما كثر وألهى». أما عن تبشير النبى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم به، فلقد روى الإمام الترمذى عن أبى هريرة أن النبى محمدًا صلى الله عليه وسلم قال: «يوشك أن يضرب الناس أكباد الإبل يطلبون العلم، فلا يجدون أحدًا أعلم من عالم المدينة». انتشر المذهب المالكى فى الحجاز، ثم انتشر انتشارًا واسعًا فى إفريقيا من مصر إلى المغرب، ولا يزال المغرب إلى الآن ليس له من مذهب إلا المذهب المالكى. مرض الإمام مالك اثنين وعشرين يومًا، ثم جاءته منيته، وتوفى سنة 179ه - وكانت وصيته أن يُكفَّن فى ثياب بيض، ويُصلى عليه بموضع الجنائز، فنُفِّذت وصيته، ودُفن بالبقيع.

*نقلاً عن صحيفة روزاليوسف*

أضافة تعليق