مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب

2023/12/07 18:05
محمد رشيد رضا

مفكر إسلامي ومن رواد الإصلاح الإسلامى الذين ظهروا مطلع القرن الرابع عشر الهجرى. وهو حسينى النسب، مصرى الإقامة، عراقى الأصل، شامى الولادة. وكان صحفيًا وكاتبًا وأديبًا لغويًا، وهو أحد تلاميذ الشيخ محمد عبده، أسس مجلة المنار على نمط مجلة «العروة الوثقى» التى أسسها الإمام محمد عبده. ولد فى جمادى الأولى 1282 هـ/23 سبتمبر 1865 فى قرية «القلمون (لبنان)»، وهى قرية تقع على شاطئ البحر المتوسط من جبل لبنان وتبعد عن طرابلس الشام بنحو ثلاثة أميال، وتوفى بمصر فى 23 جمادى الأولى 1354هـ/22 أغسطس 1935م. كان أبوه «على رضا» شيخًا للقلمون وإمامًا لمسجدها، فعُنى بتربية ولده وتعليمه، فحفظ القرآن ودرس اللغة العربية والعلوم العربية والشرعية والمنطق والرياضيات والفلسفة الطبيعية، فجمع بين علوم الدين وعلوم الدنيا على الطريقة الأوروبية الحديثة مع التربية الإسلامية الوطنية.


 

اتخذ رشيد رضا من قريته الصغيرة ميدانًا لدعوته الإصلاحية فكان يلقى الدروس والخطب فى المسجد بطريقة سهلة، وكان يذهب إلى الناس فى تجمعاتهم فى المقاهى ويجلس معهم ويعظهم ويحثهم على الصلاة، وقد أثمرت هذه السياسة المبتكرة حين أقبل كثير منهم على أداء الفروض والالتزام بالشرع والتوبة والإقبال على الله. توطدت علاقه الشيخ محمد رشيد رضا بالإمام محمد عبده عندما التقاه بلبنان، وكان الشيخ محمد عبده قد نزل بيروت للإقامة بها، وكان محكومًا عليه بالنفى بتهمة الاشتراك فى الثورة العرابية، وقام بالتدريس فى المدرسة السلطانية ببيروت، وإلقاء دروسه التى جذبت طلبة العلم بأفكاره الجديدة.. وتوثقت الصلة بين الرجلين وازداد تعلق رشيد رضا بأستاذه.

لم يجد رشيد رضا مخرجًا له فى العمل فى ميدان أفسح للإصلاح سوى الهجرة إلى مصر والعمل مع الإمام محمد عبده الذى عاد إلى القاهرة بعد العفو عنه، ونزل القاهرة واتصل على الفور بمحمد عبده، وبدأت رحلة جديدة لرشيد رضا كانت أكثر إنتاجًا وتأثيرًا فى تفكيره ومنهجه الإصلاحى، فقرر إنشاء مجلة المنار، بهدف التربية والتعليم ونقل الأفكار الصحيحة لمقاومة الجهل والخرافات والبدع، وصدر العدد الأول فى (22 من شوال 1315هـ = من مارس 1898م)، واستمرت مجلة المنار سبعة وثلاثين عامًا حتى وفاته، وحرص رشيد على تأكيد أن هدفه من المنار هو الإصلاحين الدينى والاجتماعى للأمة، وبيان أن الإسلام يتفق والعقل والعلم ومصالح البشر، وإبطال الشبهات الواردة على الإسلام وتفنيد ما يعزى إليه من الخرافات. أفردت المجلة إلى جانب المقالات التى تعالج الإصلاح فى ميادينه المختلفة بابًا لنشر تفسير الشيخ محمد عبده، إلى جانب باب لنشر الفتاوى والإجابة عما يرد للمجلة من أسئلة فى أمور اعتقادية وفقهية، وأفردت المنار أقسامًا لأخبار الأمم الإسلامية، والتعريف بإعلام الفكر والحكم والسياسة فى العالم العربى والإسلامى، وتناول قضايا الحرية فى المغرب والجزائر والشام والهند.

لم تكد تمضى خمس سنوات على صدور المجلة حتى أقبل عليها الناس وانتشرت انتشارًا واسعًا فى العالم الإسلامى واشتهر اسم صاحبها حتى عُرف باسم رشيد رضا صاحب المنار، وكان رشيد يحرر معظم مادة مجلته. كتب رشيد مئات المقالات والدراسات التى تهدف إلى إعداد الوسائل للنهوض بالأُمة وتقويتها وخص العلماء والحكام بتوجيهاته؛ لأنهم بمنزلة العقل المدبر والروح المفكر من الإنسان، وأن فى صلاح حالها صلاح حال الأمة، واقترح رشيد رضا لإزالة أسباب الفرقة بين المسلمين تأليف كتاب يضم جميع ما اتفقت عليه كلمة المسلمين بكل فرقهم فى المسائل التى تتعلق بصحة الاعتقاد وتهذيب الأخلاق وإحسان العمل والابتعاد عن مسائل الخلاف بين الطوائف الإسلامية الكبرى كالشيعة، وإرسال نسخ بعد ذلك من الكتاب إلى جميع البلاد الإسلامية وحث الناس على دراستها والاعتماد عليها.

*نقلاً عن صحيفة روزاليوسف*

أضافة تعليق