لا شيء يزعج المرء و الزائر للجزائر مثل المزاج الغضوب و العنيف للفرد الجزائري كان رجلا أو إمرأة. لهذا يتعين علينا تحليل الظاهرة بعين فاحصة و منطق ناقد و بصيرة نافذة، ففي حالة إستمرار الحال علي ما نحن عليه، فمآل مجتمعنا الزوال و قبل ذلك سيقع إنفجار رهيب سيؤدي بنا مرة أخري إلي لغة التصادم المباشر التي عشناها في التسعينيات علي مستوي محدود و ليس واسع كما هو الحال اليوم في سوريا و اليمن.
أولا و قبل كل شيء علينا بالإلحاح علي دور الأسرة في ترسيخ مفهوم التسامح و العفو و التجاوز علي أخطاء بعضنا البعض، فالتربية التي تلقتها عفاف عنيبة و التي تعلمت فيها أبجدية الرزانة و الهدوء في التعامل لقنت إياها في بيت العائلة أولا و أخيرا. فما غرسه في والدي الكريمين برعم و زهر و كبرت علي أدب التعامل اللطيف البعيد كل البعد عن العنف اللفظي و هذا الوضع الذي عشته حقي من حقوقي علي والدي الكريمين و هكذا لا بد لنا ان نتعامل مع أطفالنا و أحفادنا، فنربيهم علي خلق العفو عند المقدرة و إلتماس سبعين عذرا لآخاك و كظم الغيظ و تجنب أي ردة فعل عنيفة في اللفظ و السلوك و هذا ما نعيشه للأسف في واقعنا. فنحن نصطدم يوميا و ساعة بساعة بأفعال و أعمال تنم عن جهل كامل بروح الإسلام الخيرة و السلمية.
من يري المواطن كيف يتصرف في الشارع تتكون لديه عنه صورة واضحة عما يكون عليه في بيته.
و هذا الجنوح السهل في اللجوء إلي العنف اللفظي و الجسدي دون الحديث عن العنف النفسي الممارس يوميا في حياتنا و حياة الغير، له أسبابه العميقة و مسبباته تعود في الأساس إلي فقدان البوصلة في مشوار الواحد منا.
كيف يعيش الفرد منا و هو لا يعلم مرجعيته و إلي أين هو ذاهب و ما هي نهايته ؟ حفرة قبر يزاحمه فيها شتي أنواع الزواحف و أولها الدود.
كيف نسمح لأنفسنا أن نفقد أعصابنا و ملائكة الرحمن تسجل علي اليمين و اليسار ما نتلفظ به و ما نقوم به ؟ كثيرين، كثيرين جدا ينسون لحظة الغضب العنيف أن فوقهم خالق و أن حسابهم مهما تأخر فهو آت، آت.
ثم لنسئل أنفسنا :
ما هي الخطة التي وضعتها السلطات علي كل المستويات ، الإعلامي و الإجتماعي و التربوي و الثقافي و السياسي و الديني و الإقتصادي لمواجهة مد العنف الزاحف في كلامنا و حركاتنا و سلوكاتنا ؟
فأول عنف ممارس علينا هو عنف سلطة تنفيذية لازالت تتعامل مع المواطن علي أنه كم ملقي و مهمل علي الرصيف.
هذا و القطاع الديني التابع للعمومي و الخاص علي السواء ماذا خطط و ماذا قدم للمواطن العادي في سبيل تهذيب و أخلقة سلوكه العام و الخاص في آن ؟
فأن نتجه في كل مرة إلي الدولة معيب، نحن ماذا فعلنا ؟ ألسنا معنيين كنخبة نحسبها غيورة علي دين الله ؟ ماذا فعلنا بشكل عملي لنعلم المرء إعتماد لغة و جادلهم باللتي هي أحسن ؟ لا تكفي حسن النوايا و لا تكفي نفعل و نفعل و ما نراه في الميدان كرس سياسة أنال بالعنف ما لا أناله باللين و الرفق.
نحن في زمن "تمكننا الثورة الرقمية من تخريج في بحر ثلاث أربعة سنوات جيل متخلق بأخلاق الإسلام[1]" إذا ما عرفنا كيف نخاطبه عبر العلم الرقمي، فماذا ننتظر يا أمة قال فيها الله تعالي خير أمة اخرجت للناس تأمرون بالمعرف و تنهون علي المنكر ؟
هذه الفقرة مأخوذة علي لسان الأستاذ عبد المالك حداد[1]