الخطأ الطبي و المسؤولية الطبية -الجزء الثاني-
سميرة بيطام
الفصل الثالث : دعوى المسؤولية الطبية
المبحث الأول : نطاق المسؤولية الطبية (مدنيا، جنائيا)
كان الطبيب في العصر الفرعوني يلتزم بدفع التعويضات المناسبة إذا ما تسبب بإهماله في وفاة أحد مرضاه وهذا لأنه قضى على حياة فرد من أفراد المجتمع.
وقد أعطانا أرسطو مثلا لمدى مسؤولية الأطباء في العصر الفرعوني (لا يسمح للأطباء المصريين بأن يصرحوا للمريض بأن يتحرك من فراشه ثلاثة أيام متوالية فإذا أباح له أحدهم بذلك فعليه أن يتحمل مسؤولية المخاطرة)(1).
وأن التقدم العلمي يستلزم معاقبة الطبيب أو الجراح الذي ثبت إهماله في أصول المهنة أو جهله بها، وهذا لأن مسؤوليته تتحدد بإتباعه أصول المهنة فهو لا يسأل إلا عن إهماله فيما استقر عليه الطب وتعارف عليه الأطباء، بمعنى أن إباحة عمل الطبيب أو الصيدلي مشروطة بأن يكون ما يجريه مطابقا للأصول العلمية المقررة،فإذا فرط أحدهما في إتباع هذه الأصول أو خالفها حقت عليه المسؤولية الجنائية بحسب تعمده الفعل ونتيجته أو تقصيره وعدم تحرزه في أداء عمله.
ولقد ثار خلاف في الفقه حول مسؤولية الطبيب عن أخطاء يرتكبها ومدى إمكانية نسبة تلك الأخطاء إليه ونشير إلى رأي كل منهم مبينين الأساليب التي يستند إليها كل فريق على حده(2) :
أولا : الشهادة التي حصل عليها الطبيب، والتي رخصت له من الدولة على أساسها بمزاولة عمله، فإن الطبيب عندما يتم دراسته في الجامعة التي يدرس فيها يمتحن امتحانا دقيقا، فإذا نجح في هذا الامتحان ترخص له الدولة بمزاولة الطب هو وزملاؤه على سبيل الاحتكار دون سائر الناس.
ثانيا : حرية المريض في اختيار طبيبه، فان من واجب المريض أن يحسن اختيار الطبيب الذي يقوم بالعلاج، ولكن نظرا لأنه يندر أن يحصل الطبيب من المريض على إقرار كتابي برضائه، فإن المحاكم تستخلص هذا الرضاء من القرائن والظروف المحيطة، كطلب المريض من الأطباء تحويله إلى أخصائي، فإن ذلك يعني ضمنا قبوله لتدخل هذا الأخير وعلاجه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) - معوض عبد التواب، الوسيط في شرح جرائم القتل والإصابة الخطأ، الإسكندرية : منشأة المعارف، 1995م، الطبعة الثامنة، ص449.
(2) - معوض عبد التواب، المرجع السابق الذكر، ص451.
ثالثا : أن مهنة الطب لا تصلح ولا تتقدم إلا إذا منح الطبيب تفويضا مطلقا في أمر المريض لا يحده في ذلك غير ضميره. فان الطب علم غير ثابت، يقوم التشخيص فيه أكثر ما يقوم على الحدس والاستنتاج، مما يؤدي إلى سهولة حصول الخطأ فيه.
رأي يرى أن الطبيب يسأل مدنيا عن أخطائه و لا يسأل جنائيا(1) :
هناك رأي يتجه إلى مسؤولية الأطباء مدنيا عن نتائج أخطائهم ولكن لا يسأل عنها جنائيا، فقد ذهب بعض الباحثين إلى أنه لا يجوز مساءلة الإنسان عموما جنائيا عن نتائج أخطائه، لأن العقوبة في جرائم الخطأ تتوقف على النتيجة التي تنصرف إليها إرادة الجاني .
ولكن هذا القول مردود بأنه إذا كان الجاني لم يقصد الضرر فان هذا الضرر قد وقع بإهماله والنفس البشرية تثور على الإهمال الذي يترتب عليه مثل هذا الضرر، ومن شأن العقاب أن يهدئ هذه الثورة وأن يحمل الناس على الاحتياط والحذر، وهو ما لا تكفي المسؤولية المدنية وحدها لتحقيقه مع الأثرياء، ومع انتشار التأمين ضد الحوادث، مما يجعل المؤمن لا يحس بأي عبء مالي من جراء إهماله وعدم احتياطه.
المطلب الأول : مدى مسؤولية الطبيب الجراح
إن آراء كل من الفقه والقضاء في غالبية التشريعات الأجنبية والعربية اتفقت على أن أعمال الطب والجراحة تتصل مباشرة بجسم المريض وتتعرض له بالإصابة والجرح وإعطاء مواد مخدرة وضارة، هي في الحقيقة مواد تدخل تحت طائلة المسؤولية والعقاب، ولكن بسبب مشروعيتها هو ترخيص القانون، وترخيص القانون هو أساس إباحة الأعمال الطبية.
ولكن سبب الإباحة هذه يقتضي لقيامه أن تتوافر ثلاثة شروط إذا تخلف أحدهم اعتبر الفعل غير مشروع وأصبح جريمة معاقب عليها جنائيا طبقا لكل حالة، وهذه الشروط هي(2) :
* أن يكون الشخص الذي يقوم بالعمل الطبي مرخصا له قانونا.
* أي يكون تدخل الطبيب بقصد العلاج وشفاء المريض وتخليصه من المرض والآلام التي يشكو منها، لأن علاج المريض هو الغاية التي يقوم عليها حق الأطباء في التطبيب والجراحة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) - معوض عبد التواب، المرجع السابق الذكر، ص452.
(2) - محمد صبحي محمد نجم ، المرجع السابق الذكر، ص 181.
* أن يرضى المريض بالعلاج،و لكن هذا الرضا وحده لا يبرر المساس بسلامة جسم المريض أو حياته، بل هو شرط من شروط الإباحة.
ومن صور الخطأ الإهمال أن يقوم الطبيب بإجراء عملية جراحية وهو في حالة سكر او تحت تأثير أي مخدر أو قام باستعمال أدوات غير صحيحة وغير معقمة طبيا، أو إذا ضاعف الطبيب من كمية المادة المخدرة أو قللها فأصاب المريض بآلام مبرحة أدت إلى وفاته، أو إذا أهمل الطبيب قفل الجرح مما أدى إلى وفاة المريض(1).
أشرت سابقا إلى أن الأعمال الطبية يباشرها ذوي الإجازات العلمية والمرخص لهم قانونا بمزاولة مهنة الطب،لكن في الوقت الحالي فالوضع متغير، إذ يمارس أعمال الجراحة والتطبيب أشخاص لا يحملون مؤهلات علمية متذرعين في ذلك برضا المريض، لكن هذا الرضا لا يعتبر سببا عاما للإباحة أو مانعا من موانع المسؤولية الجنائية، بالإضافة إلى أن الرضا لا يسمح بارتكاب أفعال تعتبر جرائم في وجهة نظر المشرع.
كأن يقوم الممرض بإبداء مشورة طبية وعلاجه للمريض على خلاف ما أوصى به الطبيب، يكون بمثابة جريمة ممارسة مهنة الطب بدون رخصة، إظافة إلى أن تقدير خطأ الطبيب في التشخيص ينظر فيه إلى مستواه من جهة وتخصصه من جهة أخرى، فمن البديهي أن خطأ الطبيب الأخصائي يعتبر أدق في التقدير من الطبيب العام ولا يسأل الأخصائي عن خطأه في معرفة مرض لا يدخل في دائرة اختصاصه.
ففي فرنسا يرفضون الاعتراف بالرضا الصادر من المريض كسبب مانع من العقاب وقد لمس الفقه والقضاء الفرنسي أن أسباب شرعية العمليات الجراحية تثير الصعوبات والمناقشات الفقهية خاصة بالنسبة لأثر رضا المجني عليه.
ونتيجة لما سبق، نستنتج أن الفقه والقضاء الفرنسي يرى أن الأساس الحقيقي لشرعية العمليات الجراحية هو ترخيص القانون وليس رضا المريض.
ففي حكم لمحكمة النقض الفرنسية عام 1938م، أدين جراح طبقا لنص المادة 309 من قانون العقوبات الفرنسي الخاصة بالإصابات والجراح العمدية، لأن هذا الجراح قام بإجراء عملية تعقيم في القناة الدافقة تمنع النسل(2).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) - محمد صبحي محمد نجم ، المرجع السابق الذكر، ص 184.
(2) - نفس المرجع، ص 192.
وفي كثير من القضايا نجد أن مصلحة المريض تبرر شرعية سلوك الأطباء الجراحين، لكن ذلك لا يجوز إلا في حالة الضرورة، غير أن هناك رأي آخر نادى بأن مصلحة المجتمع تتوقف على تضحية الفرد، وهو مبدأ سائد في المجتمعات ذات النزعة الفردية.
ولتجنب مخاطر العمل الجراحي بقدرالامكان هناك بعض الاحتياطات التي يتعين على الطبيب مراعاتها قبل مباشرة العملية الجراحية، ومن بينها فحص المريض فحصا بيولوجيا شاملا قبل إجراء أي عملية جراحية، ويستثنى من ذلك حالات الاستعجال، وينبغي على الجراح أن يتأكد قبل إجراء العملية، ما إذا كان المريض أو المصاب قد تناول الحقنة المضادة للتيتانوس من عدمه، وفي هذا الشأن أسندت إحدى المحاكم تهمة قتل بإهمال إلى جراح لإهماله في إجراء مثل هذا الفحص، حيث توفي المريض بعد إجراء العملية متأثرا بمرض التيتانوس لعدم تناوله العلاج المضاد(1).
المطلب الثاني : مدى مسؤولية طبيب التخدير
يعتبر التخدير مجالا هاما من مجالات الطب ومن الأمور التي يعتمد عليها في تسهيل إجراء العمليات الجراحية وغيرها من القواعد المقررة، أنه يجب في التخدير كما في غيره من وسائل العلاج أن لا يعرض الطبيب المريض إلى الخطر، ويمكن أن يستخلص من مجموع الأحكام القضائية التي صدرت بشأن استعمال المخدر.
إن استعماله لا خطأ فيه إذا اتخذت فيه الاحتياطات العلمية،كما يجب أن يراقب الطبيب حالة المريض أثناء إجراء العملية وتأثير المخدر عليه.
ومع التقدم العلمي، تتزايد أهمية طب التخدير في مراعاته للمريض خلالها، ثم بعد الانتهاء من العملية يحرص على الاطمئنان على صحوته.
ويعتبر الطبيب مسؤولا عن الأخطاء التي تصدر من الطبيب المخدر إذا كان قد التجأ إليه من نفسه -دون الحصول على رضا المريض بذلك- ليحل محله في عملية التخدير فهو في هذه الحالة يعد تابعا للطبيب و يقوم بعمل يشكل جزءا رئيسيا من التزامات الأخير(2).
أما إذا قام المريض باختيار طبيبه المخدر، فهنا يقوم عقد بينهما إلى جانب ذلك العقد القائم بين الجراح والمريض، لذلك فكل واحد يسأل عن عقده مع المريض (مسؤولية عقدية)، وفي حالة ارتكاب خطأ من الجراح وطبيب التخدير، فكلاهما مشترك (مسؤولية تضامنية).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) - سمير عبد السميع الأودن، المرجع السابق الذكر، ص 305.
(2) - محمد صبحي محمد نجم، المرجع السابق الذكر، ص 467.
ولا يسأل الطبيب المخدر عن الاضطرابات التي حدثت للمريض عقب عملية التخدير، فهو حر في اختيار طريقة التخــــدير والتي يراها ملائمة، طالما أن تلك الطريقة قد أصبح من المتعارف استعمالها ولم تعد محلا للتجارب، وعملية التخدير بذاتها تتحمل قدرا من المخاطر لا بد منها(1).
ومن هذا يتضح مدى أهمية طبيب التخدير عند إجراء العمليات الجراحية، ومدى التخصص اللازم فيمن يقوم بهذا الفن الطبي في كافة مراحل العملية،فان مجرد اختيار الجراح لطبيب التخدير لا يجعل من هذا الجراح متبوعا، وإن كان ذلك لا يمنع بالضرورة من مسؤولية الجراح متى نسب إليه خطأ عن فعله الشخصي(2).
فالمتعارف عليه أن الجراح هو الذي يتعاقد مع المريض، لكن نادرا أن يكون طبيب التخدير كذلك، لذلك فان مسؤولية من يقوم بالتخدير تتم طبقا لقواعد المسؤولية عن الفعل الشخصي.
المطلب الثالث : مدى مسؤولية هيئة التمريض.
أدى التطور الطبي والفني إلى الالتجاء المتزايد إلى فريق من المتخصصين، كل في ميدان تخصصه. فإذا اقتضت حالة المريض على ضوء الظروف العلمية القائمة الالتجاء إلى مجموعة من المتخصصين، كان على الطبيب القيام بذلك وإلا كان مخطئا(3).
فإذا حوكم ممرض لتسببه بإهماله في وفاة مريض وحكم عليه نهائيا بالعقوبة،فالمتبوع يسأل عن هذا الإهمال سواء أكان هو الذي أقام الطبيب في المستشفى في وظيفته وهذا الأخير هو الذي عين الممرض ومن حكمه، أم كان المتبوع هو الذي عين الجميع مباشرة(4).
ولقد نصت المادة 221 من قانون الصحة الجزائري على أنه (يمارس المساعدون الطبيون أعمالهم باسم هويتهم القانونية وتسميتهم، وحسب تأهيلهم وفي حدود اختصاصهم)
ويمكن اعتبار الطبيب مسؤولا عن إهمال الممرضة عهد إليها متابعة حالة أم قبل حدوث الولادة لمعرفة مدى انتظام نبضات قلب الجنين، هذا الأخير توفي بسبب نقص في الأوكسجين، حيث كان ينبغي التدخل السريع لإجراء العملية القيصرية لإنقاذ حياة الجنين.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) - محمد صبحي محمد نجم، المرجع السابق الذكر، ص 468.
(2) - سمير عبد السميع الأودن المرجع السابق الذكر، ص 362.
(3) - محمد حسين منصور، المرجع السابق الذكر، ص 91.
(4) - نفس المرجع، ص95.
المبحث الثاني : عنصر التعويض في المسؤولية الطبية
محل الالتزام بالتعويض قيام المدين به (المسؤول عن الفعل الضار) بآداء للدائن (المضرور) يجبر به الضرر الذي لحقه بسبب الفعل الضار، وقد يكون هذا الآداء آداءا عينيا، أي بعمل يزيل به المسؤول الضرر الذي لحق المصاب، فيرد الشيء الذي أتلفه له، وقد يكون إعطاؤه مبلغا من النقود يعوض الضرر الذي أحدثه، ويوصف التعويض في الحالة الأولى بأنه تعويض عيني وفي الحالة الثانية بأنه تعويض نقدي، وقد نصت على ذلك المادة 132 من القانون المدني الجزائري (يعين القاضي طريقة التعويض تبعا للظروف، ويصح أن يكون التعويض مقسطا، كما يصح أن يكون إيرادا مرتبا، ويجوز في هاته الحالتين إلزام المدين أن يقدم تأمينا، ويقدر التعويض بالنقد على أن يجوز للقاضي تبعا للظروف، وبناءا على طلب المضرور أن يأمر بإعادة الحالة إلى ما كانت عليه أو أن يحكم على سبيل التعويض بآداء بعض الإعانات تتصل بالعمل غير المشروع).
والأصل في الشريعة الإسلامية أن يكون التعويض عينيا، فإذا كان الشيء الذي أتلف أو أعدم مثليا وجب تعويضه بمثله، ولا يصار إلى التعويض النقدي إلا إذا كان الشيء الذي أتلف أو اعدم شيئا قيميا،لتعذر تعويضه بمثله(1).
المطلب الأول : تقدير التعويض
المقصود من التعويض هو إعادة التوازن الذي اختل بسبب الضرر،و إعادة المضرور إلى حالته التي سيكون عليها بفرض عدم تعرضه للفعل الضار، بحيث لا تبقى خسارة بدون تعويض و لا كسب يزيد عن قيمة الضرر(2).
من هنا نستنتج أن المضرور الذي يسعى لإصلاح الضرر الذي أصابه، فانه يتحمل خسارة تتحدد بنفقات ضرورية لذلك الإصلاح، لذلك يتعين أن يتحدد التعويض بالقدر اللازم لجبر هذه الخسارة، لأن المضرور قبل حدوث الضرر تولى مسؤولية دفع نفقات علاجه الطبي، ويدخل في ذلك ثمن الأدوية، نفقات العمليات الجراحية والإقامة في المستشفى فضلا عن أجور الأطباء والجراحين اظافة إلى نفقات التأهيل المهني، ففي هذه الحالة فان تعويض المضرور يتحدد بقدر ما دفعه من نفقات، شريطة أن يكون بالقدر المعقول.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) - سليمان مرقس ، المرجع السابق الذكر، ص 527.
(2) - أحمد شوقي محمد عبد الرحمن، مدى التعويض عن تغير الضرر في جسم المضرور وما له في المسؤولية المدنية العقدية والتقصيرية، القاهرة : منشأة المعارف، 2000م، ص 65.
ويشمل التعويض ما لحق المريض من خسارة وما فاته من كسب وكذلك الأضرار الأدبية التي لحقته، إلا أن الضرر الذي يؤخذ في الحسبان هو الضرر المباشر(1).
تفاقم الضرر بسبب إصابة المضرور في موضع آخر من جسده بسبب الخطأ اللاحق للغير :
في هذه الفرضية يلحق بالمضرور إصابة أولى ناتجة عن خطأ المسؤول، ويتعرض المضرور لإصابة أخرى في موضع آخر من جسده نتيجة خطأ منسوب للغير مما يستفحل معه النتائج الضارة للإصابة الأولى، كاد يفقد المضرور أحد عينيه نتيجة خطأ أولي، ثم يتعرض لفقد عينه الأخرى في وقت لاحق نتيجة لخطأ صادر من الغير، الأمر الذي نتج عنه العمى الكلي، فهنا يثور التساؤل حول مدى مسؤولية كل من المسؤولين الأول والثاني عن العمى الكلي الذي تعرض له المضرور.
بناءا على ذلك، فقد ذهب اتجاه في القضاء الفرنسي إلى عدم تحمل المسؤول عن الإصابة الأخيرة التعويض عن عجزه الكامل، حيث ينبغي من هذا التعويض ما يوازي قدر العجز الذي يسأل عنه المتسبب في الإصابة الأولى، لتحقق علاقة السببية بين الخطأ الأول والعمى الكامل(2).
لكن محكمة النقض الفرنسية لها رأي مخالف حيث قضت بالتعويض عن العجز الكامل في مواجهة المخطئ الثاني الذي ترتب على خطئه إصابة المضرور بالعمى الكامل، دون الأخذ بالاعتبار أصل العجز السابق.
لكن ما هي الإجراءات المتبعة في حالة موت المضرور؟
ســواء كان الموت بسبب خطأ المسؤول أو بسبب أجنبي عنه، يتحدد ذلك في الوجه الآتية :
* باعتبار الورثة خلفا عاما، فان حق التعويض ينتقل إلى الورثة، بحيث تنتقل إليهم الذمة المالية، ويدخل في ذلك حق التعويض عن الأضرار المادية والمعنوية التي أصابت المورث.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) - محمد حسين منصور، المرجع السابق الذكر، ص 188.
(2) - أحمد شوقي عبد الرحمن، المرجع السابق الذكر، ص 158.
* إن الحكم القضائي الصادر بالتعويض يعتبر كاشفا وليس منشئا، لأنه يكشف عن حق المورث في التعويض وقت إصابته بالضرر، ويصبح داخلا في ذمته في هذا الوقت وينتقل إلى ورثته بعد الموت.
* إن تأثير موت المضرور على قدر الضرر الذي أصابه، من ذلك المعانات الجسدية ونفقات العلاج، والعجز الكلي أو الجزئي، ويمكن إدراج الأضرار الأدبية الناتجة عن الإصابة مثل التشوه الجمالي، كل ذلك يتوقف احتسابه ضمن الأضرار المستحق عنها التعويض.
* يبدأ احتساب استحقاق التعويض من وقت وفاة المورث،لكن يستثنى من هذا كله ضرر الحرمان من الحياة وهذا بتعجيل الموت، فهنا لا يستحق المضرور تعويضا عن ذلك، لأن موته غير راجع إلى خطأ وبالتالي فلا مجال لأن ينتقل إلى الورثة.
بالنسبة لمصروفات الجنازة، فان حق التعويض يتقرر لمن دفعها من الورثة، باعتبارها خسارة تنشئ له حق التعويض بما يغطي هذه الخسارة، ولا يعتبر بالتالي تعويضا مستحقا للمضرور ينتقل إلى ورثته، إذ أن استحقاقه ينبني على سبب لاحق على الموت(1).
المطلب الثاني : وقت تقدير التعويض
إذا كان الحق في التعويض أي الحق في الإصلاح ينشأ منذ استكمال أركان المسؤولية وبصفة خاصة منذ وقوع الضرر، إلا أن هذا الحق لا يتحدد إلا بصدور حكم القاضي،فهذا الحكم لا ينشىء الحق بل يكشف عنه(2).
ويثير تقدير التعويض عن الضرر صعوبات خاصة فيما يتعلق بالوقت الذي يتم فيه هذا التقدير، إذ أن الضرر الذي يصيب المريض قد يتغير ولا يتيسر تعيين مداه تعيينا نهائيا وقت النطق بالحكم، وهنا تيسر للقاضي أن يعين مدى التعويض تعيينا نهائيا، وله أن يحتفظ بالحق خلال مدة بإعادة النظر في التقدير.
أما إذا كان الضرر متغيرا، فان محكمة النقض تقضي بأنه يتعين على القاضي النظر فيه لا كما كان عندما وقع، بل كما صار إليه عند الحكم،مراعيا التغير في الضرر ذاته، من زيادة راجع أصلها إلى خطأ المسؤول أو نقص كائنا ما كان سببه، ومراعيا كذلك التغير في قيمة الضرر بارتفاع ثمن النقد وانخفاضه وبزيادة أسعار المواد اللازمة لإصلاح الضرر أو نقصها(3).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) - أحمد شوقي عبد الرحمن، المرجع السابق الذكر، ص 163.
(2) - محمد حسين منصور، المرجع السابق الذكر، ص189.
(3) - نفس المرجع، ص189.
فحق المضرور يتجسد في حق دائنيه مقدرا بالنقد تقديرا دقيقا لا يتم إلا من يوم الحكم.
إن مبدأ التعويض الشامل للضرر يقودنا إلى إعطاء أهمية بالغة لتحديد تاريخ الضرر وإمكانية تحديد التعويض، إذ رفع الدعوى على تاريخ وقوع الضرر في مدة طويلة، لا يسمح للقاضي أن يتبين ما أصاب الضحية من الضرر، كما لا يستطيع الضحية أن يثبت ما لحقه من ضرر كامل(1).
لكن متى تتقادم دعوى التعويض في القانون الجزائري؟
من المتعارف عليه أن الحقوق والواجبات في الأنظمة القانونية ليست بالأبدية،و لقد حددها المشرع الجزائري في نص المادة 133 من القانون المدني الجزائري بنصه (تسقط دعوى التعويض بانقضاء 15 سنة من يوم وقو ع العمل الضار).
والمدة تحسب بالأيام ، وتحسب كاملة ولا يحسب اليوم الأول، وتكتمل المدة بانقضاء آخر يوم منها حسب ما ورد في نص المادة 314 من القانون المدني الجزائري.
وإذا وجد سبب إداري أو قضائي أو قوة قاهرة، فإنها تقطع مواعيد التقادم، وتبدأ هذه المدة من جديد، وبالتالي فان تقادم الحقوق يترتب عنه تقادم الدعوى القضائية التي تتصل بها.
المبحث الثالث : التشريع الطبي
في الجزائر اعتمدت مراسيم وقوانين للتنظيم الصحي في شتى الفروع والمرافق ولكل الاختصاصات الصحية فنجد :
· قانون رقم 85-05 المؤرخ في 26 جمادى الأولى عام 1405هـ الموافق فبراير، يتعلق بحماية الصحة و ترقيتها.
· مرسوم رئاسي رقم 99-236 مؤرخ في 9 رجب عام 1420هـ الموافق 19 أكتوبر سنة 1999م، يحدد تطبيق المادة 201 من القانون رقم 85-05 المؤرخ في 26 جمادى الأولى عام 1405هـ الموافق 16 فبراير ستة 1985م والمتعلق بحماية الصحة وترقيتها المعدل والمتمم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) - مور محمد ، المرجع السابق الذكر، ص 123.
· مرسوم تنفيذي رقم 92-276 مؤرخ في 5 محرم عام 1413هـ الموافق 6 يوليو سنة 1992م نيتضمن مدونة أخلاقيات الطب.
· مرسوم تنفيذي رقم 91-106 مؤرخ في 12 شوال عام 1411هـ الموافق 27 أفريل سنة 1991م يتضمن القانون الأساسي الخاص بالممارسين الطبيين والمتخصصين في الصحة العمومية.
· مرسوم تنفيذي رقم 97-467 مؤرخ في 2 شعبان 1418هـ الموافق 2 ديسمبر 1997م، يحدد قواعد إنشاء المراكز الاستشفائية الجامعية وتنظيمها وسيرها.
· مرسوم رقم 88-204 مؤرخ في 7 ربيع الأول عام 1409هـ الموافق 18 أكتوبر سنة 1988م يحدد شروط انجاز العيادات الخاصة وفتحها وعملها.
· قرار مؤرخ في 11 ربيع الأول عام 1409هـ الموافق 22 أكتوبر سنة 1988م يحدد المقاييس التقنية والصحية للعيادات الخاصة وشروط عملها.
· قرار وزاري مشترك مؤرخ في 11 ربيع الأول عام 1409هـ الموافق 22 أكتوبر سنة 1988م يحدد جزافيا سعر يوم من الاستشفاء وخدمات الفندقة والإطعام في العيادات الخاصة وتعريفه ما يعوضه الضمان الاجتماعي.
· قرار مؤرخ في 17 محرم عام 1423هـ الموافق 31 مارس يحدد الشروط الخاصة بفتح المركز الجواري المخفف لتصفية الدم وعمله وكذا مقاييسه التقنية والصحية.
· قرار مؤرخ في 19 صفر 1414هـ الموافق 8 غشت سنة 1993م يتضمن الاتفاقية النموذجية الواجب إعدادها بين الصندوق الوطني للتأمينات الاجتماعية للعمال الأجراء والمراكز الطبية الاجتماعية التابعة للمؤسسة العمومية أو التعاضدية.
· قرار مؤرخ في 19 صفر 1414هـ الموافق 8 غشت 1993م يتضمن الاتفاقية النموذجية الواجب إعدادها بين الصندوق الوطني للتأمينات الاجتماعية للعمال الأجراء وعيادات الولادة التابعة للقطاع الخاص.
· قرار مؤرخ في أول شعبان عام 1421هـ الموافق 28 أكتوبر 2000م يحدد جدول التلقيح الإجباري المضاد لبعض الأمراض المتنقلة.
· قرار مؤرخ في 4 شوال عام 1414هـ الموافق 16 مارس 1994م يحدد قائمة العلل التي تمنح الحق في عطلة مرضية طويلة الأمد.
· قانون رقم 83-13 مؤرخ في 21 رمضان 1403هـ الموافق 2 يوليو 1983م يتعلق بحوادث العمل والأمراض المهنية.
· قرار وزاري مؤرخ في 11 جمادى الأولى 1404هـ الموافق 13 فبراير 1984م يحدد الجدول الذي يتخذ أساسا لحساب الرأسمال النموذجي لريع حادث العمل أو المرض المهني .
· مرسوم تنفيذي رقم 01-12 مؤرخ في 25 شوال عام 1421هـ الموافق 21 يناير سنة 2001م يحدد كيفيات تسيير نقابات النشاطات العلاجية.
من خلال تفحصنا لهذه النصوص، نجد أن المشرع خص التنظيم الصحي بقوانين ومراسيم لضبط السير الحسن لمختلف المرافق الصحية وتنظيم المعاملات فيما بين الممارسين في مجال الصحة.
المطلب الأول : واجبات الأطباء في المجتمع
إن الطبيب في موقع عمله الخاص هو مجند لخدمة المجتمع من خلال مهنته وبكل إمكانياته وطاقاته وبحسب كل الظروف (السلم، الحرب)، فهو يساهم في دراسة وحل المشكلات الصحية للمجتمع ويتعاون مع أجهزة الدولة الصحية (وزارة، وحدات صحية، نقابات) فيما يطلب منه من بيانات وإحصائيات لتسطير السياسة الصحية للبلاد ولقد نصت المادة 195 من قانون الصحة الجزائري على (يتعين على الأطباء والصيادلة وجراحي الأسنان القيام بما يأتي :
- السهر على حماية صحة السكان بتقديم العلاج الملائم لهم.
- المشاركة في التربية الصحية.
- القيام بتكوين مستخدمي الصحة وتحسين مستواهم وتجديد معلوماتهم والمشاركة في البحث العلمي طبقا للتنظيم الجاري به العمل).
وعلى الطبيب أيضا أن يكون قدوة في مجتمعه في دعم الأفكار والقيم وأمينا على حقوق المواطنين برعايتهم صحيا، بعيدا عن الاستغلال المادي لمرضاه.
المطلب الثاني : واجبات الأطباء نحو مهنتهم
وهذه تنبع من آداب وشرف مهنة الطب على اعتبار أنها من أسمى المهن التي تتعلق بالنفس البشرية والتي تحظى بالرعاية والاهتمام.
لذا فمن أولى تلك الآداب أنه عندما يتعهد الطبيب أمام المريض بميعاد معين أن يلتزم بذلك من بديهيات المحافظة على شرف المهنة الاهتمام بالمريض والتعهد بمراعاة المواعيد التي أخذها الطبيب على نفسه، فانه حين يرتبط بموعد معين في يوم وساعة محددين يكون عليه التزام بنتيجة، فعندما يحدد للمريض ميعادا لعملية جراحية في وقت معين فيجب عليه أن يلتزم بذلك التزاما وثيقا لأنه من أولى ضرورات مهنته الإنسانية والأخلاقية.
فعليه أن يراعي الدقة والأمانة في جميع تصرفاته وأن يحافظ على كرامته وكرامة المهنة، فلا يجوز له أن :
- يحرر شهادة مغايرة للحقيقة أو أن يستعين بوسطاء لاستغلال مهنته سواء كان ذلك بأجر أو بدونه.
- لا يحق له استعمال وسائل غير علمية في مزاولة المهنة.
- لا يمكنه بأي وسيلة من وسائل الإعلام التشهير عن طريقة جديدة للتشخيص بقصد استخدامها إذا لم يكتمل اختبارها و ثبتت صلاحيتها.
- التقيد بالحد المضبوط لأتعاب العلاج وفق ما هو مصرح به قانونا.
ولقد نصت المادة 27 من مدونة أخلاقيات مهنة الطب الجزائري على أنه (يمنع على الطبيب، جراح الأسنان، القيام بإجراء فحوصات في مقرات تجارية أو في أي مكان تباع فيه المواد أو الأجهزة أو الأدوية.
المطلب الثالث : واجبات الأطباء نحو مرضاهم
إن من واجب أي طبيب أن يبذل ما في وسعه نحو مريضه لأجل تخفيف الألم بحيث تكون معاملته ذات مستوى مشبع بالحنان والعطف دون أن يميز في ذلك بين المراكز الأدبية والاجتماعية للمرضى ومدى شعوره نحوهم.
وفي أثناء تأدية واجبه، عليه أن ينبه المريض أو أهله لاتخاذ الوقاية ويدلهم عليها إن استدعت حالة المريض، ويحذرهم في نفس الوقت من المخاطر أو المضاعفات التي قد تحصل إذا أهمل هذا الجانب.
كما يجب على الطبيب عدم إفشاء أسرار مريضه التي اطلع عليه هو بحكم مهنته ولا يجوز له استغلال معرفته بالمريض أو أهله لأغراض تتنافى مع كرامة المهنة.
وهو ما نصت عليه المادة 51 من قانون الصحة الجزائري (يمكن إخفاء تشخيص مرض خطير عن المريض لأسباب مشروعة يقدرها الطبيب أو جراح الأسنان بكل صدق وإخلاص، غير أن الأسرة يجب إخبارها إلا إذا كان المريض قد منع مسبقا عملية الإفشاء هذه، أو عين الأطراف التي يجب إبلاغها بالأمر، ولا يمكن كشف هذا التشخيص الخطير أو التنبؤ الحاسم إلا بمنتهى الحذر والاحتراز).
كما أن على الطبيب الذي يقوم بعلاج قاصر أو مريض فاقد الوعي في حالة خطرة أن يبذل ما في استطاعته ولو لم يحصل على موافقة وليه أو القيم عليه في إنقاذ حياته وهو ما ورد شرحه في نص المادة -52 فقرة 2- من قانون الصحة الجزائري على أنه (يجب على الطبيب وجراح الأسنان في حالة الاستعجال أو تعذر الاتصال بهم أن يقدم العلاج الضروري للمريض، وعلى الطبيب أو جراح الأسنان أن يأخذ في حدود الإمكان رأي العاجز البالغ بعين الاعتبار إذا كان قادرا على إبداء رأيه).
فالالتزام المفروض على الطبيب بالصمت بخصوص كل ما يصل إلى علمه أو يكتشفه خلال ممارسته لمهنته، يقوم على المصلحة العامة التي تحتم على الطبيب ضرورة أن يقوم بمهمته الاجتماعية على نحو أفضل من أجل الصالح العام، كذلك يقوم على المصلحة الخاصة للمريض الذي يرغب في عدم إفشاء الطبيب لأسراره التي أفضى بها إليه، فالالتزام بالسرية يقوم على أساسين : المصلحة العامة والمصلحة الخاصة(1).
المطلب الرابع : واجبات الأطباء نحو زملائهم
لقد نصت المادة 59 من قانون الصحة الجزائري على أنه (تعتبر الزمالة واجبا أساسيا في العلاقة التي تربط بين الأطباء وجراحي الأسنان، وينبغي ممارستها تحقيقا لمصلحة المرضى والمهنة، ويجب على الأطباء وجراحي الأسنان أن يقيموا فيما بينهم، علاقات حسن زمالة و أن يحدثوا فيما بينهم مشاعر الصدق و المودة والثقة).
يبدو أن طابع الزمالة بين الأطباء هو مركب ممزوج بالمودة و الاحترام المتبادل في شتى الظروف،إذ لا يجوز للطبيب أن يسعى لمزاحمة زميل له بطريقة غير كريمة في أي عمل متعلق بالمهنة أو علاج مريضه،كما لا يجوز لها الإقلال من قدرات زملائه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) - سمير عبد السميع الأودن، المرجع السابق الذكر، ص 319.
وإذا حل طبيب محل زميل له في عيادته فعليه ألا يحاول استغلال هذا الوضع لصالحه الشخصي، ولا يجوز له كذلك أن يتقاضى أتعابا عن علاج زميل له أو علاج زوجته أو أولاده.
وإذا دعي طبيب لعيادة مريض يتولى علاجه طبيب آخر استحالت دعوته، فعليه أن يترك إتمام العلاج لزميله بمجرد عودته وأن يبلغه ما اتخذه من إجراءات ما لم ير المريض أو أهله استمراره في العلاج.
هذا من جهة، من جهة أخرى لا يجوز للطبيب المعالج أن يرفض طلب المريض أو أهله دعوة طبيب آخر ينضم إليه على سبيل الاستشارة، إنما له أن يستجيب إذا أصر المريض أو أهله على استشارة طبيب معين لا يقبله بدون إبداء أسباب ذلك)، وفق ما نصت عليه المادة 67 من قانون الصحة الجزائري على أنه (يجب على الطبيب أو جراح الأسنان المدعو لفحص مريض يعالجه زميل آخر،أن يحترم القواعد التالية :
· يقدم العلاج إذا كان المريض يريد تغيير الطبيب أو جراح الأسنان.
· يقترح فحصا مشتركا إذا أراد المريض طلب رأي دون تغيير الطبيب أو جراح الأسنان المعالج، إذا رفض الاقتراح يقدم له رأيه والعلاج الضروري عند الاقتضاء، وبالاتفاق مع المريض، يخبر الطبيب المعالج أو جراح الأسنان المعالج.
· إذا طلب المريض زميلا آخر بسبب غياب طبيبه المعالج أو جراح الأسنان المعالج، فعلى هذا الزميل أن يكفل العلاج طيلة الغياب، ويكف عنه فورعودة الطبيب أو جراح الأسنان المعالج، وأن يقدم لهذا الأخير بالاتفاق مع المريض كل المعلومات الضرورية.
وفي حالة رفض المريض، يجب أن يحيطه علما بالآثار السلبية التي قد تترتب على مثل هذا الرفض.
وفيما يخص مبدأ الاحترام المتبادل جسدته نص المادة 76 من قانون الصحة الجزائري على أنه (يجب على الأطباء وجراحي الأسنان ضمانا لمصلحة المرضى أن يقيموا فيما بينهم علاقات ود واحترام تجاه المساعدين الطبيين وأعضاء المهن الصحية الأخرى ، ويجب عليهم احترام استقلالهم المهني.
أما المادة 60 من مدونة أخلاقيات الطب الجزائري فقد نصت على أن (الأطباء وجراحي الأسنان عليهم إثبات تضامنهم بمثابة مساعدة معنوية، ويجب من باب الزمالة إظهار الدفاع عن زميل مظلوم.
والمادة 61 من نفس المدونة نصت على أنه (لأجل زمالة أفضل، على الطبيب وجراح الأسنان الذين تعينوا حديثا، القيام بزيارة مجاملة لزملائه العاملين في الهيكل نفسه أو المقيمين على مقربة.
نستخلص من هذا العرض الوجيز لواجبات الأطباء نحو زملائهم أن الجانب الإنساني والأخلاقي عنصرين مهمين لأجل توطيد العلاقة الاجتماعية بين فردين أو أكثر، خاصة في المجال المهني وبالأخص مهنة الطب التي تستلزم جانبا إنسانيا أكثر من أي شيء وقبل كل شيء، وهو متعارف عليه منذ أقدم العصور والحضارات، مما يقر الحرية اللازمة للأطباء لعلاج مرضاهم في ظروف ملائمة.
الخـــاتمـــة :
لقد تناولت في هذه الدراسة المتواضعة موضوع الخطأ الطبي والمسؤولية الطبية وحاولت قدر الإمكان عرض دراستي في إطار منهجي ومرتب للأفكار، محاولة في نفس الوقت التقيد بالخطة الموضوعة وكتابة ما هو أقرب للضمير الإنساني بالدرجة الأولى، لأنه وفق تصوري واعتقادي، فان مخاطبة العقل البشري النزيه تبدأ بمخاطبة الضمير، فإذا كان هناك تجاوب في كيفية إثبات الخطأ الطبي وكيفية تحميل المسؤولية وعلى من تقع؟، عد هذا الضمير حيا، خاصة وأن المجتمع المعاصر يتداول وبشكل يومي بين أفراده آهات ومعاناة من هم ضحايا الأخطاء الطبية، والذين يعانون وبصفة دائمة عجزا أوعاهة مستديمة، وان سألتهم كيف حدث ذلك؟، ما على الضحية إلا أن تجيبك وفي غالب الأحوال:قدر الله ما شاء فعل، فلا العدالة افتكت من إدارة المستشفى حقوق الضحايا، ولا الذين أصبحوا عاجزين معنويا ووظيفيا استعادة ما فقدوه، والعلم لله،هل الحادثة هي بسبب خطأ طبي أم أنها قضاء وقدر، أم أن النتيجة المتوصل إليها هي حتمية لا جدال فيها لأن حالة المريض كانت ستؤول إلى ما آلت إليه.
على كل أنا لا أوجه أصابع الاتهام إلى أصحاب المآزر البيضاء،مع كل احترامي لهم، فلولاهم لقضت علينا الأمراض، ولا لأصحاب الجبب السوداء، فهم أحرص ما يكون عليه الفرد العادي في استظهار الحقيقة والكشف عن الملابسات، هذه الأخيرة إن لم يكشف عليها، عد ملف القضية في طي النسيان على ركن من أركان الأرشيف، ليتم غلق الملف وللأبد، أما الذين يصرون على معرفة الحقيقة فإنهم يلجأون إلى صفحة من صفحات الجريدة، لينقلوا فيها صرخاتهم ومعاناتهم إلى شخصية بارزة في المجتمع ومعظمها توجه إلى وزير الصحة، في انتظار أن يفتح تحقيق حول خيوط القضية إن لم أقل الشائكة.
وتبقى مثل هذه الأطروحات تثير نوعا من الحساسية من جهة، و تجذب إليها فضول المتطلعين لإلقاء النظرة على شريحة، خانها الحظ في أن تعيش حياة مستقرة إن لم يكن لهم الموت بالمرصاد.
لذا جاءت الأفكار مرتبة حسب ترتيب فصول البحث، إذ نجد أن الخطأ الطبي كقاعدة أساسية لإثارة المسؤولية يتحدد وفق معاييره، درجاته وكذا عناصره لتثور المسؤولية الطبية باختلاف أنواعها حسب طبيعتها القانونية ومن ثم ومطالبة للحقوق لابد من رفع دعوى المسؤولية الطبية للمطالبة بالتعريف بحسب درجة الخطأ المرتكب.
ولقد قصدت عدم التوسع في هذه الدراسة، لأن مجالها واسع وتخصصها ذو طابعين في مجمله،تقني وقانوني وفضلت أن أترك المجال للمتخصصين من قانونيين وأطباء.
وما أتمناه من المولى عز وجل أن يكون عملي هذا خالصا لوجهه الكريم، خدمة للعلم والمتعلم.
قائمة المراجع :
أولا : الكتب باللغة العربية
1 - معوض عبد التواب، الوسيط في شرح جرائم القتل والإصابة الخطأ، توزيع منشأة المعارف -الإسكندرية- الطبعة الثامنة، طبعة 1995م.
2 - محمد صبحي محمد نجم، رضاء المجني عليه وأثره على المسؤولية الجنائية (دراسة مقارنة)، الجزائر : ديوان المطبوعات الجامعية، 1983م.
3 - عبد الله حنفي، قضاء التعويض (مسؤولية الدولة عن أعمالها غير التعاقدية)، القاهرة : دار النهضة العربية، 2000م.
4 - سمير عبد السميع الأودن، مسؤولية الطبيب الجراح وطبيب التخدير ومساعديهم -مدنيا وجنائيا وإداريا- الإسكندرية : منشأة المعارف، 2004م.
5 - أمين مصطفى محمد، الحماية الجنائية للدم من عدوى الايدز والالتهاب الكبدي الوبائي، الإسكندرية : دراسة الجامعة الجديدة للنشر، 1999م.
6 - محمد حسين منصور، المسؤولية الطبية، دار الجامعة الجديدة للنشر، الإسكندرية : 2001م.
7 - أحمد شوقي محمد عبد الرحمان، مدى التعويض عن تغير الضرر في جسم المضرور وماله في المسؤولية المدنية العقدية والتقصيرية، منشأة المعارف، الإسكندرية، 2000م.
8 - طاهري حسين، الخطأ الطبي والخطأ العلاجي في المستشفيات العامة، دار هومة للطباعة والنشر، الجزائر، 2004م.
9 - سليمان مرقس، الوافي في شرح القانون المدني، في الالتزامات ،في الفعل الضار والمسؤولية المدنية، المسؤوليات المفترضة، الجزء الرابع، المنشورات الحقوقية صادر، بيروت، الطبعة الخامسة، 1989م.
10 - محمد سامي الشوا، مسؤولية الأطباء وتطبيقاتها في قانون العقوبات، دار النهضة العربية، القاهرة : 2002-2003م .
11 - مقدم سعيد، نظرية التعويض عن الضرر المعنوي، المؤسسة الوطنية للكتاب، الجزائر : ب. ت.
12 - محمد عبد الوهاب الخولي، المسؤولية الجنائية للأطباء عن استخدام الأساليب المستحدثة في الطب والجراحة (دراسة مقارنة)، دار الفكر العربي، القاهرة : 1997م.
13 - محمد يوسف ياسين، المسؤولية الطبية، منشورات الحلبي الحقوقية، دمشق، طبعة 2003م.
14 - عايش شريف، المسؤولية الجزائية للطبيب في المستشفيات العامة، دراسة حالة بالقطاع الصحي بالحر وش، مذكرة تخرج لنيل شهادة ما بعد التدرج المتخصص، تخصص إدارة أعمال منظمات الصحة، المدرسة الوطنية للصحة العمومية، الجزائر: 2005م .
15 - عيادي عبد الرحمان، نوعية المسؤولية الطبية في الطب النفسي، مذكرة تخرج الممارسين المفتشين،المدرسة الوطنية للصحة العمومية، الجزائر: 2005م.
16 - مور محمد، مسؤولية المرافق الصحية في القانون الجزائري، مذكرة تخرج الممارسين المفتشين، المدرسة الوطنية للصحة العمومية، الجزائر: 2005م.
17 - مكسح حياة وشرفي دليلة، المسؤولية الجنائية للأطباء، مذكرة تخرج لنيل شهادة الليسانس في العلوم القانونية، جامعة باتنة : السنة الجامعية، 2002-2003م.
ثانيـا : بالفرنسـيــة II – En Français
18 - M.M.Hannouz et A.R. hakem,précis de droit médical a l'usage des praticiens de la médecine et du droit, Alger : o.p.u, 1992
الوثائق الحكومية
1 - المرسوم التنفيذي رقم 92/276 المؤرخ في 06 جوان 1992م المتضمن مدونة أخلاقيات مهنة الطب.
2 - القانون رقم 85/05 المؤرخ في 16 فيفري المتعلق بحماية الصحة وترقيتها، المعدل والمتمم.
3 - الأمر رقم 75-58 المؤرخ في سبتمبر 1975م المتضمن القانون المدني.
4 - الأمر رقم 66-156 المؤرخ في 8 يونيو 1966م المتضمن قانون العقوبات.
سميرة بيطام
الفصل الثالث : دعوى المسؤولية الطبية
المبحث الأول : نطاق المسؤولية الطبية (مدنيا، جنائيا)
كان الطبيب في العصر الفرعوني يلتزم بدفع التعويضات المناسبة إذا ما تسبب بإهماله في وفاة أحد مرضاه وهذا لأنه قضى على حياة فرد من أفراد المجتمع.
وقد أعطانا أرسطو مثلا لمدى مسؤولية الأطباء في العصر الفرعوني (لا يسمح للأطباء المصريين بأن يصرحوا للمريض بأن يتحرك من فراشه ثلاثة أيام متوالية فإذا أباح له أحدهم بذلك فعليه أن يتحمل مسؤولية المخاطرة)(1).
وأن التقدم العلمي يستلزم معاقبة الطبيب أو الجراح الذي ثبت إهماله في أصول المهنة أو جهله بها، وهذا لأن مسؤوليته تتحدد بإتباعه أصول المهنة فهو لا يسأل إلا عن إهماله فيما استقر عليه الطب وتعارف عليه الأطباء، بمعنى أن إباحة عمل الطبيب أو الصيدلي مشروطة بأن يكون ما يجريه مطابقا للأصول العلمية المقررة،فإذا فرط أحدهما في إتباع هذه الأصول أو خالفها حقت عليه المسؤولية الجنائية بحسب تعمده الفعل ونتيجته أو تقصيره وعدم تحرزه في أداء عمله.
ولقد ثار خلاف في الفقه حول مسؤولية الطبيب عن أخطاء يرتكبها ومدى إمكانية نسبة تلك الأخطاء إليه ونشير إلى رأي كل منهم مبينين الأساليب التي يستند إليها كل فريق على حده(2) :
أولا : الشهادة التي حصل عليها الطبيب، والتي رخصت له من الدولة على أساسها بمزاولة عمله، فإن الطبيب عندما يتم دراسته في الجامعة التي يدرس فيها يمتحن امتحانا دقيقا، فإذا نجح في هذا الامتحان ترخص له الدولة بمزاولة الطب هو وزملاؤه على سبيل الاحتكار دون سائر الناس.
ثانيا : حرية المريض في اختيار طبيبه، فان من واجب المريض أن يحسن اختيار الطبيب الذي يقوم بالعلاج، ولكن نظرا لأنه يندر أن يحصل الطبيب من المريض على إقرار كتابي برضائه، فإن المحاكم تستخلص هذا الرضاء من القرائن والظروف المحيطة، كطلب المريض من الأطباء تحويله إلى أخصائي، فإن ذلك يعني ضمنا قبوله لتدخل هذا الأخير وعلاجه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) - معوض عبد التواب، الوسيط في شرح جرائم القتل والإصابة الخطأ، الإسكندرية : منشأة المعارف، 1995م، الطبعة الثامنة، ص449.
(2) - معوض عبد التواب، المرجع السابق الذكر، ص451.
ثالثا : أن مهنة الطب لا تصلح ولا تتقدم إلا إذا منح الطبيب تفويضا مطلقا في أمر المريض لا يحده في ذلك غير ضميره. فان الطب علم غير ثابت، يقوم التشخيص فيه أكثر ما يقوم على الحدس والاستنتاج، مما يؤدي إلى سهولة حصول الخطأ فيه.
رأي يرى أن الطبيب يسأل مدنيا عن أخطائه و لا يسأل جنائيا(1) :
هناك رأي يتجه إلى مسؤولية الأطباء مدنيا عن نتائج أخطائهم ولكن لا يسأل عنها جنائيا، فقد ذهب بعض الباحثين إلى أنه لا يجوز مساءلة الإنسان عموما جنائيا عن نتائج أخطائه، لأن العقوبة في جرائم الخطأ تتوقف على النتيجة التي تنصرف إليها إرادة الجاني .
ولكن هذا القول مردود بأنه إذا كان الجاني لم يقصد الضرر فان هذا الضرر قد وقع بإهماله والنفس البشرية تثور على الإهمال الذي يترتب عليه مثل هذا الضرر، ومن شأن العقاب أن يهدئ هذه الثورة وأن يحمل الناس على الاحتياط والحذر، وهو ما لا تكفي المسؤولية المدنية وحدها لتحقيقه مع الأثرياء، ومع انتشار التأمين ضد الحوادث، مما يجعل المؤمن لا يحس بأي عبء مالي من جراء إهماله وعدم احتياطه.
المطلب الأول : مدى مسؤولية الطبيب الجراح
إن آراء كل من الفقه والقضاء في غالبية التشريعات الأجنبية والعربية اتفقت على أن أعمال الطب والجراحة تتصل مباشرة بجسم المريض وتتعرض له بالإصابة والجرح وإعطاء مواد مخدرة وضارة، هي في الحقيقة مواد تدخل تحت طائلة المسؤولية والعقاب، ولكن بسبب مشروعيتها هو ترخيص القانون، وترخيص القانون هو أساس إباحة الأعمال الطبية.
ولكن سبب الإباحة هذه يقتضي لقيامه أن تتوافر ثلاثة شروط إذا تخلف أحدهم اعتبر الفعل غير مشروع وأصبح جريمة معاقب عليها جنائيا طبقا لكل حالة، وهذه الشروط هي(2) :
* أن يكون الشخص الذي يقوم بالعمل الطبي مرخصا له قانونا.
* أي يكون تدخل الطبيب بقصد العلاج وشفاء المريض وتخليصه من المرض والآلام التي يشكو منها، لأن علاج المريض هو الغاية التي يقوم عليها حق الأطباء في التطبيب والجراحة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) - معوض عبد التواب، المرجع السابق الذكر، ص452.
(2) - محمد صبحي محمد نجم ، المرجع السابق الذكر، ص 181.
* أن يرضى المريض بالعلاج،و لكن هذا الرضا وحده لا يبرر المساس بسلامة جسم المريض أو حياته، بل هو شرط من شروط الإباحة.
ومن صور الخطأ الإهمال أن يقوم الطبيب بإجراء عملية جراحية وهو في حالة سكر او تحت تأثير أي مخدر أو قام باستعمال أدوات غير صحيحة وغير معقمة طبيا، أو إذا ضاعف الطبيب من كمية المادة المخدرة أو قللها فأصاب المريض بآلام مبرحة أدت إلى وفاته، أو إذا أهمل الطبيب قفل الجرح مما أدى إلى وفاة المريض(1).
أشرت سابقا إلى أن الأعمال الطبية يباشرها ذوي الإجازات العلمية والمرخص لهم قانونا بمزاولة مهنة الطب،لكن في الوقت الحالي فالوضع متغير، إذ يمارس أعمال الجراحة والتطبيب أشخاص لا يحملون مؤهلات علمية متذرعين في ذلك برضا المريض، لكن هذا الرضا لا يعتبر سببا عاما للإباحة أو مانعا من موانع المسؤولية الجنائية، بالإضافة إلى أن الرضا لا يسمح بارتكاب أفعال تعتبر جرائم في وجهة نظر المشرع.
كأن يقوم الممرض بإبداء مشورة طبية وعلاجه للمريض على خلاف ما أوصى به الطبيب، يكون بمثابة جريمة ممارسة مهنة الطب بدون رخصة، إظافة إلى أن تقدير خطأ الطبيب في التشخيص ينظر فيه إلى مستواه من جهة وتخصصه من جهة أخرى، فمن البديهي أن خطأ الطبيب الأخصائي يعتبر أدق في التقدير من الطبيب العام ولا يسأل الأخصائي عن خطأه في معرفة مرض لا يدخل في دائرة اختصاصه.
ففي فرنسا يرفضون الاعتراف بالرضا الصادر من المريض كسبب مانع من العقاب وقد لمس الفقه والقضاء الفرنسي أن أسباب شرعية العمليات الجراحية تثير الصعوبات والمناقشات الفقهية خاصة بالنسبة لأثر رضا المجني عليه.
ونتيجة لما سبق، نستنتج أن الفقه والقضاء الفرنسي يرى أن الأساس الحقيقي لشرعية العمليات الجراحية هو ترخيص القانون وليس رضا المريض.
ففي حكم لمحكمة النقض الفرنسية عام 1938م، أدين جراح طبقا لنص المادة 309 من قانون العقوبات الفرنسي الخاصة بالإصابات والجراح العمدية، لأن هذا الجراح قام بإجراء عملية تعقيم في القناة الدافقة تمنع النسل(2).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) - محمد صبحي محمد نجم ، المرجع السابق الذكر، ص 184.
(2) - نفس المرجع، ص 192.
وفي كثير من القضايا نجد أن مصلحة المريض تبرر شرعية سلوك الأطباء الجراحين، لكن ذلك لا يجوز إلا في حالة الضرورة، غير أن هناك رأي آخر نادى بأن مصلحة المجتمع تتوقف على تضحية الفرد، وهو مبدأ سائد في المجتمعات ذات النزعة الفردية.
ولتجنب مخاطر العمل الجراحي بقدرالامكان هناك بعض الاحتياطات التي يتعين على الطبيب مراعاتها قبل مباشرة العملية الجراحية، ومن بينها فحص المريض فحصا بيولوجيا شاملا قبل إجراء أي عملية جراحية، ويستثنى من ذلك حالات الاستعجال، وينبغي على الجراح أن يتأكد قبل إجراء العملية، ما إذا كان المريض أو المصاب قد تناول الحقنة المضادة للتيتانوس من عدمه، وفي هذا الشأن أسندت إحدى المحاكم تهمة قتل بإهمال إلى جراح لإهماله في إجراء مثل هذا الفحص، حيث توفي المريض بعد إجراء العملية متأثرا بمرض التيتانوس لعدم تناوله العلاج المضاد(1).
المطلب الثاني : مدى مسؤولية طبيب التخدير
يعتبر التخدير مجالا هاما من مجالات الطب ومن الأمور التي يعتمد عليها في تسهيل إجراء العمليات الجراحية وغيرها من القواعد المقررة، أنه يجب في التخدير كما في غيره من وسائل العلاج أن لا يعرض الطبيب المريض إلى الخطر، ويمكن أن يستخلص من مجموع الأحكام القضائية التي صدرت بشأن استعمال المخدر.
إن استعماله لا خطأ فيه إذا اتخذت فيه الاحتياطات العلمية،كما يجب أن يراقب الطبيب حالة المريض أثناء إجراء العملية وتأثير المخدر عليه.
ومع التقدم العلمي، تتزايد أهمية طب التخدير في مراعاته للمريض خلالها، ثم بعد الانتهاء من العملية يحرص على الاطمئنان على صحوته.
ويعتبر الطبيب مسؤولا عن الأخطاء التي تصدر من الطبيب المخدر إذا كان قد التجأ إليه من نفسه -دون الحصول على رضا المريض بذلك- ليحل محله في عملية التخدير فهو في هذه الحالة يعد تابعا للطبيب و يقوم بعمل يشكل جزءا رئيسيا من التزامات الأخير(2).
أما إذا قام المريض باختيار طبيبه المخدر، فهنا يقوم عقد بينهما إلى جانب ذلك العقد القائم بين الجراح والمريض، لذلك فكل واحد يسأل عن عقده مع المريض (مسؤولية عقدية)، وفي حالة ارتكاب خطأ من الجراح وطبيب التخدير، فكلاهما مشترك (مسؤولية تضامنية).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) - سمير عبد السميع الأودن، المرجع السابق الذكر، ص 305.
(2) - محمد صبحي محمد نجم، المرجع السابق الذكر، ص 467.
ولا يسأل الطبيب المخدر عن الاضطرابات التي حدثت للمريض عقب عملية التخدير، فهو حر في اختيار طريقة التخــــدير والتي يراها ملائمة، طالما أن تلك الطريقة قد أصبح من المتعارف استعمالها ولم تعد محلا للتجارب، وعملية التخدير بذاتها تتحمل قدرا من المخاطر لا بد منها(1).
ومن هذا يتضح مدى أهمية طبيب التخدير عند إجراء العمليات الجراحية، ومدى التخصص اللازم فيمن يقوم بهذا الفن الطبي في كافة مراحل العملية،فان مجرد اختيار الجراح لطبيب التخدير لا يجعل من هذا الجراح متبوعا، وإن كان ذلك لا يمنع بالضرورة من مسؤولية الجراح متى نسب إليه خطأ عن فعله الشخصي(2).
فالمتعارف عليه أن الجراح هو الذي يتعاقد مع المريض، لكن نادرا أن يكون طبيب التخدير كذلك، لذلك فان مسؤولية من يقوم بالتخدير تتم طبقا لقواعد المسؤولية عن الفعل الشخصي.
المطلب الثالث : مدى مسؤولية هيئة التمريض.
أدى التطور الطبي والفني إلى الالتجاء المتزايد إلى فريق من المتخصصين، كل في ميدان تخصصه. فإذا اقتضت حالة المريض على ضوء الظروف العلمية القائمة الالتجاء إلى مجموعة من المتخصصين، كان على الطبيب القيام بذلك وإلا كان مخطئا(3).
فإذا حوكم ممرض لتسببه بإهماله في وفاة مريض وحكم عليه نهائيا بالعقوبة،فالمتبوع يسأل عن هذا الإهمال سواء أكان هو الذي أقام الطبيب في المستشفى في وظيفته وهذا الأخير هو الذي عين الممرض ومن حكمه، أم كان المتبوع هو الذي عين الجميع مباشرة(4).
ولقد نصت المادة 221 من قانون الصحة الجزائري على أنه (يمارس المساعدون الطبيون أعمالهم باسم هويتهم القانونية وتسميتهم، وحسب تأهيلهم وفي حدود اختصاصهم)
ويمكن اعتبار الطبيب مسؤولا عن إهمال الممرضة عهد إليها متابعة حالة أم قبل حدوث الولادة لمعرفة مدى انتظام نبضات قلب الجنين، هذا الأخير توفي بسبب نقص في الأوكسجين، حيث كان ينبغي التدخل السريع لإجراء العملية القيصرية لإنقاذ حياة الجنين.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) - محمد صبحي محمد نجم، المرجع السابق الذكر، ص 468.
(2) - سمير عبد السميع الأودن المرجع السابق الذكر، ص 362.
(3) - محمد حسين منصور، المرجع السابق الذكر، ص 91.
(4) - نفس المرجع، ص95.
المبحث الثاني : عنصر التعويض في المسؤولية الطبية
محل الالتزام بالتعويض قيام المدين به (المسؤول عن الفعل الضار) بآداء للدائن (المضرور) يجبر به الضرر الذي لحقه بسبب الفعل الضار، وقد يكون هذا الآداء آداءا عينيا، أي بعمل يزيل به المسؤول الضرر الذي لحق المصاب، فيرد الشيء الذي أتلفه له، وقد يكون إعطاؤه مبلغا من النقود يعوض الضرر الذي أحدثه، ويوصف التعويض في الحالة الأولى بأنه تعويض عيني وفي الحالة الثانية بأنه تعويض نقدي، وقد نصت على ذلك المادة 132 من القانون المدني الجزائري (يعين القاضي طريقة التعويض تبعا للظروف، ويصح أن يكون التعويض مقسطا، كما يصح أن يكون إيرادا مرتبا، ويجوز في هاته الحالتين إلزام المدين أن يقدم تأمينا، ويقدر التعويض بالنقد على أن يجوز للقاضي تبعا للظروف، وبناءا على طلب المضرور أن يأمر بإعادة الحالة إلى ما كانت عليه أو أن يحكم على سبيل التعويض بآداء بعض الإعانات تتصل بالعمل غير المشروع).
والأصل في الشريعة الإسلامية أن يكون التعويض عينيا، فإذا كان الشيء الذي أتلف أو أعدم مثليا وجب تعويضه بمثله، ولا يصار إلى التعويض النقدي إلا إذا كان الشيء الذي أتلف أو اعدم شيئا قيميا،لتعذر تعويضه بمثله(1).
المطلب الأول : تقدير التعويض
المقصود من التعويض هو إعادة التوازن الذي اختل بسبب الضرر،و إعادة المضرور إلى حالته التي سيكون عليها بفرض عدم تعرضه للفعل الضار، بحيث لا تبقى خسارة بدون تعويض و لا كسب يزيد عن قيمة الضرر(2).
من هنا نستنتج أن المضرور الذي يسعى لإصلاح الضرر الذي أصابه، فانه يتحمل خسارة تتحدد بنفقات ضرورية لذلك الإصلاح، لذلك يتعين أن يتحدد التعويض بالقدر اللازم لجبر هذه الخسارة، لأن المضرور قبل حدوث الضرر تولى مسؤولية دفع نفقات علاجه الطبي، ويدخل في ذلك ثمن الأدوية، نفقات العمليات الجراحية والإقامة في المستشفى فضلا عن أجور الأطباء والجراحين اظافة إلى نفقات التأهيل المهني، ففي هذه الحالة فان تعويض المضرور يتحدد بقدر ما دفعه من نفقات، شريطة أن يكون بالقدر المعقول.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) - سليمان مرقس ، المرجع السابق الذكر، ص 527.
(2) - أحمد شوقي محمد عبد الرحمن، مدى التعويض عن تغير الضرر في جسم المضرور وما له في المسؤولية المدنية العقدية والتقصيرية، القاهرة : منشأة المعارف، 2000م، ص 65.
ويشمل التعويض ما لحق المريض من خسارة وما فاته من كسب وكذلك الأضرار الأدبية التي لحقته، إلا أن الضرر الذي يؤخذ في الحسبان هو الضرر المباشر(1).
تفاقم الضرر بسبب إصابة المضرور في موضع آخر من جسده بسبب الخطأ اللاحق للغير :
في هذه الفرضية يلحق بالمضرور إصابة أولى ناتجة عن خطأ المسؤول، ويتعرض المضرور لإصابة أخرى في موضع آخر من جسده نتيجة خطأ منسوب للغير مما يستفحل معه النتائج الضارة للإصابة الأولى، كاد يفقد المضرور أحد عينيه نتيجة خطأ أولي، ثم يتعرض لفقد عينه الأخرى في وقت لاحق نتيجة لخطأ صادر من الغير، الأمر الذي نتج عنه العمى الكلي، فهنا يثور التساؤل حول مدى مسؤولية كل من المسؤولين الأول والثاني عن العمى الكلي الذي تعرض له المضرور.
بناءا على ذلك، فقد ذهب اتجاه في القضاء الفرنسي إلى عدم تحمل المسؤول عن الإصابة الأخيرة التعويض عن عجزه الكامل، حيث ينبغي من هذا التعويض ما يوازي قدر العجز الذي يسأل عنه المتسبب في الإصابة الأولى، لتحقق علاقة السببية بين الخطأ الأول والعمى الكامل(2).
لكن محكمة النقض الفرنسية لها رأي مخالف حيث قضت بالتعويض عن العجز الكامل في مواجهة المخطئ الثاني الذي ترتب على خطئه إصابة المضرور بالعمى الكامل، دون الأخذ بالاعتبار أصل العجز السابق.
لكن ما هي الإجراءات المتبعة في حالة موت المضرور؟
ســواء كان الموت بسبب خطأ المسؤول أو بسبب أجنبي عنه، يتحدد ذلك في الوجه الآتية :
* باعتبار الورثة خلفا عاما، فان حق التعويض ينتقل إلى الورثة، بحيث تنتقل إليهم الذمة المالية، ويدخل في ذلك حق التعويض عن الأضرار المادية والمعنوية التي أصابت المورث.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) - محمد حسين منصور، المرجع السابق الذكر، ص 188.
(2) - أحمد شوقي عبد الرحمن، المرجع السابق الذكر، ص 158.
* إن الحكم القضائي الصادر بالتعويض يعتبر كاشفا وليس منشئا، لأنه يكشف عن حق المورث في التعويض وقت إصابته بالضرر، ويصبح داخلا في ذمته في هذا الوقت وينتقل إلى ورثته بعد الموت.
* إن تأثير موت المضرور على قدر الضرر الذي أصابه، من ذلك المعانات الجسدية ونفقات العلاج، والعجز الكلي أو الجزئي، ويمكن إدراج الأضرار الأدبية الناتجة عن الإصابة مثل التشوه الجمالي، كل ذلك يتوقف احتسابه ضمن الأضرار المستحق عنها التعويض.
* يبدأ احتساب استحقاق التعويض من وقت وفاة المورث،لكن يستثنى من هذا كله ضرر الحرمان من الحياة وهذا بتعجيل الموت، فهنا لا يستحق المضرور تعويضا عن ذلك، لأن موته غير راجع إلى خطأ وبالتالي فلا مجال لأن ينتقل إلى الورثة.
بالنسبة لمصروفات الجنازة، فان حق التعويض يتقرر لمن دفعها من الورثة، باعتبارها خسارة تنشئ له حق التعويض بما يغطي هذه الخسارة، ولا يعتبر بالتالي تعويضا مستحقا للمضرور ينتقل إلى ورثته، إذ أن استحقاقه ينبني على سبب لاحق على الموت(1).
المطلب الثاني : وقت تقدير التعويض
إذا كان الحق في التعويض أي الحق في الإصلاح ينشأ منذ استكمال أركان المسؤولية وبصفة خاصة منذ وقوع الضرر، إلا أن هذا الحق لا يتحدد إلا بصدور حكم القاضي،فهذا الحكم لا ينشىء الحق بل يكشف عنه(2).
ويثير تقدير التعويض عن الضرر صعوبات خاصة فيما يتعلق بالوقت الذي يتم فيه هذا التقدير، إذ أن الضرر الذي يصيب المريض قد يتغير ولا يتيسر تعيين مداه تعيينا نهائيا وقت النطق بالحكم، وهنا تيسر للقاضي أن يعين مدى التعويض تعيينا نهائيا، وله أن يحتفظ بالحق خلال مدة بإعادة النظر في التقدير.
أما إذا كان الضرر متغيرا، فان محكمة النقض تقضي بأنه يتعين على القاضي النظر فيه لا كما كان عندما وقع، بل كما صار إليه عند الحكم،مراعيا التغير في الضرر ذاته، من زيادة راجع أصلها إلى خطأ المسؤول أو نقص كائنا ما كان سببه، ومراعيا كذلك التغير في قيمة الضرر بارتفاع ثمن النقد وانخفاضه وبزيادة أسعار المواد اللازمة لإصلاح الضرر أو نقصها(3).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) - أحمد شوقي عبد الرحمن، المرجع السابق الذكر، ص 163.
(2) - محمد حسين منصور، المرجع السابق الذكر، ص189.
(3) - نفس المرجع، ص189.
فحق المضرور يتجسد في حق دائنيه مقدرا بالنقد تقديرا دقيقا لا يتم إلا من يوم الحكم.
إن مبدأ التعويض الشامل للضرر يقودنا إلى إعطاء أهمية بالغة لتحديد تاريخ الضرر وإمكانية تحديد التعويض، إذ رفع الدعوى على تاريخ وقوع الضرر في مدة طويلة، لا يسمح للقاضي أن يتبين ما أصاب الضحية من الضرر، كما لا يستطيع الضحية أن يثبت ما لحقه من ضرر كامل(1).
لكن متى تتقادم دعوى التعويض في القانون الجزائري؟
من المتعارف عليه أن الحقوق والواجبات في الأنظمة القانونية ليست بالأبدية،و لقد حددها المشرع الجزائري في نص المادة 133 من القانون المدني الجزائري بنصه (تسقط دعوى التعويض بانقضاء 15 سنة من يوم وقو ع العمل الضار).
والمدة تحسب بالأيام ، وتحسب كاملة ولا يحسب اليوم الأول، وتكتمل المدة بانقضاء آخر يوم منها حسب ما ورد في نص المادة 314 من القانون المدني الجزائري.
وإذا وجد سبب إداري أو قضائي أو قوة قاهرة، فإنها تقطع مواعيد التقادم، وتبدأ هذه المدة من جديد، وبالتالي فان تقادم الحقوق يترتب عنه تقادم الدعوى القضائية التي تتصل بها.
المبحث الثالث : التشريع الطبي
في الجزائر اعتمدت مراسيم وقوانين للتنظيم الصحي في شتى الفروع والمرافق ولكل الاختصاصات الصحية فنجد :
· قانون رقم 85-05 المؤرخ في 26 جمادى الأولى عام 1405هـ الموافق فبراير، يتعلق بحماية الصحة و ترقيتها.
· مرسوم رئاسي رقم 99-236 مؤرخ في 9 رجب عام 1420هـ الموافق 19 أكتوبر سنة 1999م، يحدد تطبيق المادة 201 من القانون رقم 85-05 المؤرخ في 26 جمادى الأولى عام 1405هـ الموافق 16 فبراير ستة 1985م والمتعلق بحماية الصحة وترقيتها المعدل والمتمم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) - مور محمد ، المرجع السابق الذكر، ص 123.
· مرسوم تنفيذي رقم 92-276 مؤرخ في 5 محرم عام 1413هـ الموافق 6 يوليو سنة 1992م نيتضمن مدونة أخلاقيات الطب.
· مرسوم تنفيذي رقم 91-106 مؤرخ في 12 شوال عام 1411هـ الموافق 27 أفريل سنة 1991م يتضمن القانون الأساسي الخاص بالممارسين الطبيين والمتخصصين في الصحة العمومية.
· مرسوم تنفيذي رقم 97-467 مؤرخ في 2 شعبان 1418هـ الموافق 2 ديسمبر 1997م، يحدد قواعد إنشاء المراكز الاستشفائية الجامعية وتنظيمها وسيرها.
· مرسوم رقم 88-204 مؤرخ في 7 ربيع الأول عام 1409هـ الموافق 18 أكتوبر سنة 1988م يحدد شروط انجاز العيادات الخاصة وفتحها وعملها.
· قرار مؤرخ في 11 ربيع الأول عام 1409هـ الموافق 22 أكتوبر سنة 1988م يحدد المقاييس التقنية والصحية للعيادات الخاصة وشروط عملها.
· قرار وزاري مشترك مؤرخ في 11 ربيع الأول عام 1409هـ الموافق 22 أكتوبر سنة 1988م يحدد جزافيا سعر يوم من الاستشفاء وخدمات الفندقة والإطعام في العيادات الخاصة وتعريفه ما يعوضه الضمان الاجتماعي.
· قرار مؤرخ في 17 محرم عام 1423هـ الموافق 31 مارس يحدد الشروط الخاصة بفتح المركز الجواري المخفف لتصفية الدم وعمله وكذا مقاييسه التقنية والصحية.
· قرار مؤرخ في 19 صفر 1414هـ الموافق 8 غشت سنة 1993م يتضمن الاتفاقية النموذجية الواجب إعدادها بين الصندوق الوطني للتأمينات الاجتماعية للعمال الأجراء والمراكز الطبية الاجتماعية التابعة للمؤسسة العمومية أو التعاضدية.
· قرار مؤرخ في 19 صفر 1414هـ الموافق 8 غشت 1993م يتضمن الاتفاقية النموذجية الواجب إعدادها بين الصندوق الوطني للتأمينات الاجتماعية للعمال الأجراء وعيادات الولادة التابعة للقطاع الخاص.
· قرار مؤرخ في أول شعبان عام 1421هـ الموافق 28 أكتوبر 2000م يحدد جدول التلقيح الإجباري المضاد لبعض الأمراض المتنقلة.
· قرار مؤرخ في 4 شوال عام 1414هـ الموافق 16 مارس 1994م يحدد قائمة العلل التي تمنح الحق في عطلة مرضية طويلة الأمد.
· قانون رقم 83-13 مؤرخ في 21 رمضان 1403هـ الموافق 2 يوليو 1983م يتعلق بحوادث العمل والأمراض المهنية.
· قرار وزاري مؤرخ في 11 جمادى الأولى 1404هـ الموافق 13 فبراير 1984م يحدد الجدول الذي يتخذ أساسا لحساب الرأسمال النموذجي لريع حادث العمل أو المرض المهني .
· مرسوم تنفيذي رقم 01-12 مؤرخ في 25 شوال عام 1421هـ الموافق 21 يناير سنة 2001م يحدد كيفيات تسيير نقابات النشاطات العلاجية.
من خلال تفحصنا لهذه النصوص، نجد أن المشرع خص التنظيم الصحي بقوانين ومراسيم لضبط السير الحسن لمختلف المرافق الصحية وتنظيم المعاملات فيما بين الممارسين في مجال الصحة.
المطلب الأول : واجبات الأطباء في المجتمع
إن الطبيب في موقع عمله الخاص هو مجند لخدمة المجتمع من خلال مهنته وبكل إمكانياته وطاقاته وبحسب كل الظروف (السلم، الحرب)، فهو يساهم في دراسة وحل المشكلات الصحية للمجتمع ويتعاون مع أجهزة الدولة الصحية (وزارة، وحدات صحية، نقابات) فيما يطلب منه من بيانات وإحصائيات لتسطير السياسة الصحية للبلاد ولقد نصت المادة 195 من قانون الصحة الجزائري على (يتعين على الأطباء والصيادلة وجراحي الأسنان القيام بما يأتي :
- السهر على حماية صحة السكان بتقديم العلاج الملائم لهم.
- المشاركة في التربية الصحية.
- القيام بتكوين مستخدمي الصحة وتحسين مستواهم وتجديد معلوماتهم والمشاركة في البحث العلمي طبقا للتنظيم الجاري به العمل).
وعلى الطبيب أيضا أن يكون قدوة في مجتمعه في دعم الأفكار والقيم وأمينا على حقوق المواطنين برعايتهم صحيا، بعيدا عن الاستغلال المادي لمرضاه.
المطلب الثاني : واجبات الأطباء نحو مهنتهم
وهذه تنبع من آداب وشرف مهنة الطب على اعتبار أنها من أسمى المهن التي تتعلق بالنفس البشرية والتي تحظى بالرعاية والاهتمام.
لذا فمن أولى تلك الآداب أنه عندما يتعهد الطبيب أمام المريض بميعاد معين أن يلتزم بذلك من بديهيات المحافظة على شرف المهنة الاهتمام بالمريض والتعهد بمراعاة المواعيد التي أخذها الطبيب على نفسه، فانه حين يرتبط بموعد معين في يوم وساعة محددين يكون عليه التزام بنتيجة، فعندما يحدد للمريض ميعادا لعملية جراحية في وقت معين فيجب عليه أن يلتزم بذلك التزاما وثيقا لأنه من أولى ضرورات مهنته الإنسانية والأخلاقية.
فعليه أن يراعي الدقة والأمانة في جميع تصرفاته وأن يحافظ على كرامته وكرامة المهنة، فلا يجوز له أن :
- يحرر شهادة مغايرة للحقيقة أو أن يستعين بوسطاء لاستغلال مهنته سواء كان ذلك بأجر أو بدونه.
- لا يحق له استعمال وسائل غير علمية في مزاولة المهنة.
- لا يمكنه بأي وسيلة من وسائل الإعلام التشهير عن طريقة جديدة للتشخيص بقصد استخدامها إذا لم يكتمل اختبارها و ثبتت صلاحيتها.
- التقيد بالحد المضبوط لأتعاب العلاج وفق ما هو مصرح به قانونا.
ولقد نصت المادة 27 من مدونة أخلاقيات مهنة الطب الجزائري على أنه (يمنع على الطبيب، جراح الأسنان، القيام بإجراء فحوصات في مقرات تجارية أو في أي مكان تباع فيه المواد أو الأجهزة أو الأدوية.
المطلب الثالث : واجبات الأطباء نحو مرضاهم
إن من واجب أي طبيب أن يبذل ما في وسعه نحو مريضه لأجل تخفيف الألم بحيث تكون معاملته ذات مستوى مشبع بالحنان والعطف دون أن يميز في ذلك بين المراكز الأدبية والاجتماعية للمرضى ومدى شعوره نحوهم.
وفي أثناء تأدية واجبه، عليه أن ينبه المريض أو أهله لاتخاذ الوقاية ويدلهم عليها إن استدعت حالة المريض، ويحذرهم في نفس الوقت من المخاطر أو المضاعفات التي قد تحصل إذا أهمل هذا الجانب.
كما يجب على الطبيب عدم إفشاء أسرار مريضه التي اطلع عليه هو بحكم مهنته ولا يجوز له استغلال معرفته بالمريض أو أهله لأغراض تتنافى مع كرامة المهنة.
وهو ما نصت عليه المادة 51 من قانون الصحة الجزائري (يمكن إخفاء تشخيص مرض خطير عن المريض لأسباب مشروعة يقدرها الطبيب أو جراح الأسنان بكل صدق وإخلاص، غير أن الأسرة يجب إخبارها إلا إذا كان المريض قد منع مسبقا عملية الإفشاء هذه، أو عين الأطراف التي يجب إبلاغها بالأمر، ولا يمكن كشف هذا التشخيص الخطير أو التنبؤ الحاسم إلا بمنتهى الحذر والاحتراز).
كما أن على الطبيب الذي يقوم بعلاج قاصر أو مريض فاقد الوعي في حالة خطرة أن يبذل ما في استطاعته ولو لم يحصل على موافقة وليه أو القيم عليه في إنقاذ حياته وهو ما ورد شرحه في نص المادة -52 فقرة 2- من قانون الصحة الجزائري على أنه (يجب على الطبيب وجراح الأسنان في حالة الاستعجال أو تعذر الاتصال بهم أن يقدم العلاج الضروري للمريض، وعلى الطبيب أو جراح الأسنان أن يأخذ في حدود الإمكان رأي العاجز البالغ بعين الاعتبار إذا كان قادرا على إبداء رأيه).
فالالتزام المفروض على الطبيب بالصمت بخصوص كل ما يصل إلى علمه أو يكتشفه خلال ممارسته لمهنته، يقوم على المصلحة العامة التي تحتم على الطبيب ضرورة أن يقوم بمهمته الاجتماعية على نحو أفضل من أجل الصالح العام، كذلك يقوم على المصلحة الخاصة للمريض الذي يرغب في عدم إفشاء الطبيب لأسراره التي أفضى بها إليه، فالالتزام بالسرية يقوم على أساسين : المصلحة العامة والمصلحة الخاصة(1).
المطلب الرابع : واجبات الأطباء نحو زملائهم
لقد نصت المادة 59 من قانون الصحة الجزائري على أنه (تعتبر الزمالة واجبا أساسيا في العلاقة التي تربط بين الأطباء وجراحي الأسنان، وينبغي ممارستها تحقيقا لمصلحة المرضى والمهنة، ويجب على الأطباء وجراحي الأسنان أن يقيموا فيما بينهم، علاقات حسن زمالة و أن يحدثوا فيما بينهم مشاعر الصدق و المودة والثقة).
يبدو أن طابع الزمالة بين الأطباء هو مركب ممزوج بالمودة و الاحترام المتبادل في شتى الظروف،إذ لا يجوز للطبيب أن يسعى لمزاحمة زميل له بطريقة غير كريمة في أي عمل متعلق بالمهنة أو علاج مريضه،كما لا يجوز لها الإقلال من قدرات زملائه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) - سمير عبد السميع الأودن، المرجع السابق الذكر، ص 319.
وإذا حل طبيب محل زميل له في عيادته فعليه ألا يحاول استغلال هذا الوضع لصالحه الشخصي، ولا يجوز له كذلك أن يتقاضى أتعابا عن علاج زميل له أو علاج زوجته أو أولاده.
وإذا دعي طبيب لعيادة مريض يتولى علاجه طبيب آخر استحالت دعوته، فعليه أن يترك إتمام العلاج لزميله بمجرد عودته وأن يبلغه ما اتخذه من إجراءات ما لم ير المريض أو أهله استمراره في العلاج.
هذا من جهة، من جهة أخرى لا يجوز للطبيب المعالج أن يرفض طلب المريض أو أهله دعوة طبيب آخر ينضم إليه على سبيل الاستشارة، إنما له أن يستجيب إذا أصر المريض أو أهله على استشارة طبيب معين لا يقبله بدون إبداء أسباب ذلك)، وفق ما نصت عليه المادة 67 من قانون الصحة الجزائري على أنه (يجب على الطبيب أو جراح الأسنان المدعو لفحص مريض يعالجه زميل آخر،أن يحترم القواعد التالية :
· يقدم العلاج إذا كان المريض يريد تغيير الطبيب أو جراح الأسنان.
· يقترح فحصا مشتركا إذا أراد المريض طلب رأي دون تغيير الطبيب أو جراح الأسنان المعالج، إذا رفض الاقتراح يقدم له رأيه والعلاج الضروري عند الاقتضاء، وبالاتفاق مع المريض، يخبر الطبيب المعالج أو جراح الأسنان المعالج.
· إذا طلب المريض زميلا آخر بسبب غياب طبيبه المعالج أو جراح الأسنان المعالج، فعلى هذا الزميل أن يكفل العلاج طيلة الغياب، ويكف عنه فورعودة الطبيب أو جراح الأسنان المعالج، وأن يقدم لهذا الأخير بالاتفاق مع المريض كل المعلومات الضرورية.
وفي حالة رفض المريض، يجب أن يحيطه علما بالآثار السلبية التي قد تترتب على مثل هذا الرفض.
وفيما يخص مبدأ الاحترام المتبادل جسدته نص المادة 76 من قانون الصحة الجزائري على أنه (يجب على الأطباء وجراحي الأسنان ضمانا لمصلحة المرضى أن يقيموا فيما بينهم علاقات ود واحترام تجاه المساعدين الطبيين وأعضاء المهن الصحية الأخرى ، ويجب عليهم احترام استقلالهم المهني.
أما المادة 60 من مدونة أخلاقيات الطب الجزائري فقد نصت على أن (الأطباء وجراحي الأسنان عليهم إثبات تضامنهم بمثابة مساعدة معنوية، ويجب من باب الزمالة إظهار الدفاع عن زميل مظلوم.
والمادة 61 من نفس المدونة نصت على أنه (لأجل زمالة أفضل، على الطبيب وجراح الأسنان الذين تعينوا حديثا، القيام بزيارة مجاملة لزملائه العاملين في الهيكل نفسه أو المقيمين على مقربة.
نستخلص من هذا العرض الوجيز لواجبات الأطباء نحو زملائهم أن الجانب الإنساني والأخلاقي عنصرين مهمين لأجل توطيد العلاقة الاجتماعية بين فردين أو أكثر، خاصة في المجال المهني وبالأخص مهنة الطب التي تستلزم جانبا إنسانيا أكثر من أي شيء وقبل كل شيء، وهو متعارف عليه منذ أقدم العصور والحضارات، مما يقر الحرية اللازمة للأطباء لعلاج مرضاهم في ظروف ملائمة.
الخـــاتمـــة :
لقد تناولت في هذه الدراسة المتواضعة موضوع الخطأ الطبي والمسؤولية الطبية وحاولت قدر الإمكان عرض دراستي في إطار منهجي ومرتب للأفكار، محاولة في نفس الوقت التقيد بالخطة الموضوعة وكتابة ما هو أقرب للضمير الإنساني بالدرجة الأولى، لأنه وفق تصوري واعتقادي، فان مخاطبة العقل البشري النزيه تبدأ بمخاطبة الضمير، فإذا كان هناك تجاوب في كيفية إثبات الخطأ الطبي وكيفية تحميل المسؤولية وعلى من تقع؟، عد هذا الضمير حيا، خاصة وأن المجتمع المعاصر يتداول وبشكل يومي بين أفراده آهات ومعاناة من هم ضحايا الأخطاء الطبية، والذين يعانون وبصفة دائمة عجزا أوعاهة مستديمة، وان سألتهم كيف حدث ذلك؟، ما على الضحية إلا أن تجيبك وفي غالب الأحوال:قدر الله ما شاء فعل، فلا العدالة افتكت من إدارة المستشفى حقوق الضحايا، ولا الذين أصبحوا عاجزين معنويا ووظيفيا استعادة ما فقدوه، والعلم لله،هل الحادثة هي بسبب خطأ طبي أم أنها قضاء وقدر، أم أن النتيجة المتوصل إليها هي حتمية لا جدال فيها لأن حالة المريض كانت ستؤول إلى ما آلت إليه.
على كل أنا لا أوجه أصابع الاتهام إلى أصحاب المآزر البيضاء،مع كل احترامي لهم، فلولاهم لقضت علينا الأمراض، ولا لأصحاب الجبب السوداء، فهم أحرص ما يكون عليه الفرد العادي في استظهار الحقيقة والكشف عن الملابسات، هذه الأخيرة إن لم يكشف عليها، عد ملف القضية في طي النسيان على ركن من أركان الأرشيف، ليتم غلق الملف وللأبد، أما الذين يصرون على معرفة الحقيقة فإنهم يلجأون إلى صفحة من صفحات الجريدة، لينقلوا فيها صرخاتهم ومعاناتهم إلى شخصية بارزة في المجتمع ومعظمها توجه إلى وزير الصحة، في انتظار أن يفتح تحقيق حول خيوط القضية إن لم أقل الشائكة.
وتبقى مثل هذه الأطروحات تثير نوعا من الحساسية من جهة، و تجذب إليها فضول المتطلعين لإلقاء النظرة على شريحة، خانها الحظ في أن تعيش حياة مستقرة إن لم يكن لهم الموت بالمرصاد.
لذا جاءت الأفكار مرتبة حسب ترتيب فصول البحث، إذ نجد أن الخطأ الطبي كقاعدة أساسية لإثارة المسؤولية يتحدد وفق معاييره، درجاته وكذا عناصره لتثور المسؤولية الطبية باختلاف أنواعها حسب طبيعتها القانونية ومن ثم ومطالبة للحقوق لابد من رفع دعوى المسؤولية الطبية للمطالبة بالتعريف بحسب درجة الخطأ المرتكب.
ولقد قصدت عدم التوسع في هذه الدراسة، لأن مجالها واسع وتخصصها ذو طابعين في مجمله،تقني وقانوني وفضلت أن أترك المجال للمتخصصين من قانونيين وأطباء.
وما أتمناه من المولى عز وجل أن يكون عملي هذا خالصا لوجهه الكريم، خدمة للعلم والمتعلم.
قائمة المراجع :
أولا : الكتب باللغة العربية
1 - معوض عبد التواب، الوسيط في شرح جرائم القتل والإصابة الخطأ، توزيع منشأة المعارف -الإسكندرية- الطبعة الثامنة، طبعة 1995م.
2 - محمد صبحي محمد نجم، رضاء المجني عليه وأثره على المسؤولية الجنائية (دراسة مقارنة)، الجزائر : ديوان المطبوعات الجامعية، 1983م.
3 - عبد الله حنفي، قضاء التعويض (مسؤولية الدولة عن أعمالها غير التعاقدية)، القاهرة : دار النهضة العربية، 2000م.
4 - سمير عبد السميع الأودن، مسؤولية الطبيب الجراح وطبيب التخدير ومساعديهم -مدنيا وجنائيا وإداريا- الإسكندرية : منشأة المعارف، 2004م.
5 - أمين مصطفى محمد، الحماية الجنائية للدم من عدوى الايدز والالتهاب الكبدي الوبائي، الإسكندرية : دراسة الجامعة الجديدة للنشر، 1999م.
6 - محمد حسين منصور، المسؤولية الطبية، دار الجامعة الجديدة للنشر، الإسكندرية : 2001م.
7 - أحمد شوقي محمد عبد الرحمان، مدى التعويض عن تغير الضرر في جسم المضرور وماله في المسؤولية المدنية العقدية والتقصيرية، منشأة المعارف، الإسكندرية، 2000م.
8 - طاهري حسين، الخطأ الطبي والخطأ العلاجي في المستشفيات العامة، دار هومة للطباعة والنشر، الجزائر، 2004م.
9 - سليمان مرقس، الوافي في شرح القانون المدني، في الالتزامات ،في الفعل الضار والمسؤولية المدنية، المسؤوليات المفترضة، الجزء الرابع، المنشورات الحقوقية صادر، بيروت، الطبعة الخامسة، 1989م.
10 - محمد سامي الشوا، مسؤولية الأطباء وتطبيقاتها في قانون العقوبات، دار النهضة العربية، القاهرة : 2002-2003م .
11 - مقدم سعيد، نظرية التعويض عن الضرر المعنوي، المؤسسة الوطنية للكتاب، الجزائر : ب. ت.
12 - محمد عبد الوهاب الخولي، المسؤولية الجنائية للأطباء عن استخدام الأساليب المستحدثة في الطب والجراحة (دراسة مقارنة)، دار الفكر العربي، القاهرة : 1997م.
13 - محمد يوسف ياسين، المسؤولية الطبية، منشورات الحلبي الحقوقية، دمشق، طبعة 2003م.
14 - عايش شريف، المسؤولية الجزائية للطبيب في المستشفيات العامة، دراسة حالة بالقطاع الصحي بالحر وش، مذكرة تخرج لنيل شهادة ما بعد التدرج المتخصص، تخصص إدارة أعمال منظمات الصحة، المدرسة الوطنية للصحة العمومية، الجزائر: 2005م .
15 - عيادي عبد الرحمان، نوعية المسؤولية الطبية في الطب النفسي، مذكرة تخرج الممارسين المفتشين،المدرسة الوطنية للصحة العمومية، الجزائر: 2005م.
16 - مور محمد، مسؤولية المرافق الصحية في القانون الجزائري، مذكرة تخرج الممارسين المفتشين، المدرسة الوطنية للصحة العمومية، الجزائر: 2005م.
17 - مكسح حياة وشرفي دليلة، المسؤولية الجنائية للأطباء، مذكرة تخرج لنيل شهادة الليسانس في العلوم القانونية، جامعة باتنة : السنة الجامعية، 2002-2003م.
ثانيـا : بالفرنسـيــة II – En Français
18 - M.M.Hannouz et A.R. hakem,précis de droit médical a l'usage des praticiens de la médecine et du droit, Alger : o.p.u, 1992
الوثائق الحكومية
1 - المرسوم التنفيذي رقم 92/276 المؤرخ في 06 جوان 1992م المتضمن مدونة أخلاقيات مهنة الطب.
2 - القانون رقم 85/05 المؤرخ في 16 فيفري المتعلق بحماية الصحة وترقيتها، المعدل والمتمم.
3 - الأمر رقم 75-58 المؤرخ في سبتمبر 1975م المتضمن القانون المدني.
4 - الأمر رقم 66-156 المؤرخ في 8 يونيو 1966م المتضمن قانون العقوبات.