بسم الله الرحمن الرحيم
الفرص السياسية والاقتصادية للمجتمعات الضعيفة والواقعة تحت تأثير العنف والتطرُّف
إعداد: أ. الفاتح عبد الرحمن محمد*
توطئة:
أصبح (التطرُّف) يمثِّل واقعاً مُعاشاً في كثيرٍ من المجتمعات، وبالتالي أصطبغت الحياة في تلك المجتمعات بصبغةٍ بها كثير من القتامة وعدم وضوح الرؤية؛ فأصبحت حياة الناس هناك لا تخرج عن ثقافة العنف والدماء وتشييع جثامين القتلى الذين يقعون ضحية هذه الموجة من التطرُّف كل يوم، بل إنَّ هذه الثقافة ألقت بظلالٍ كثيفةٍ على حياة الأطفال الذين يعيشون في كنف مجتمعات العنف هذه؛ فأصبحت طريقة لعبهم ولهوهم لا تخرج عن العنف ومحاولة تقليد ما يرونه من مشاهد يومية، أمَّا ما يتعلق بالناحية السياسية وما ينبغي أن يكون فيها من تقدُّمٍ ومشاركةٍ في استقرار الحياة في تلك المجتمعات، فقد أثَّرت موجة العنف فيها في تحجيم دورها في الاستقرار والتنمية، أضف إلى ذلك توقُّف عجلة الاقتصاد لذات الأسباب، فما بين توقُّف المصانع وورش الصيانة وماكينات الإنتاج، يترنَّح اقتصاد تلك الدول ما بين الإفلاس والاعتماد على الهبات والإعانات الدولية التي تأتي مرةً بعد مرة.
تناقش هذه الورقة، بمشيئة الله تعالى، موضوع الفرص السياسية والاقتصادية للمجتمعات الضعيفة والواقعة تحت تأثير العنف والتطرُّف، في مقدمة أبيِّن فيها أهميّة تناول الموضوع وسبب اختياره والهدف من دراسته وتحليله، وتتضمن خمسة محاور على النحو الآتي:
المحور الأول: مفهوم التطرُّف لغةً واصطلاحاً وما يرادفه من مصطلحات.
المحور الثاني: تأثير العنف والتطرُّف على سير العملية السياسية في المجتمعات.
المحور الثالث: أثر العنف والتطرُّف على الاستقرار الاقتصادي والتنمية.
المحور الرابع: كيفية النهوض ومواجهة التحدِّيات.
المحور الخامس: استغلال الفرص المتاحة سياسياً واقتصادياً للخروج من أزمتي العنف والتطرُّف.
وتختتم الورقة الموضوع بإيراد أهمّ النتائج التي توصّل إليها الباحث، يعقب ذلك جملة من التوصيات، ثم إيراد ثبت بأهم المصادر والمراجع التي اعتمدها لإعداد الورقة.
والله من وراء القصد، وهو الهادي إلى سواء السبيل،،،
الباحث
مقدِّمة:
تُعدّ مشكلة التطرف من أكثر القضايا إثارةً للجدل والاهتمام من قبل النخب الفكرية، فنمو الظاهرة وانتقالها إلى أطوار وأشكال جديدة، ربما لم تكن موجودة من قبل، يدعونا إلى قراءة أكثر عمقاً، بعيداً عن التبسيط الذى قد يخل بالتحليل الدقيق لتلك الظاهرة.
ويقدِّم الباحث من خلال هذه الورقة محاولة لفهم الظاهرة بأبعادها الاقتصادية والسياسية على وجه الخصوص، وتشخيص المشكلة بصورتها الحقيقية في هذين المحورين، ودراسة المتغيرات والأبعاد الجديدة التي بدأت تأخذها فيهما، كما يحاول الباحث أيضاً إلقاء الضوء على مدى أثر تلك الظاهرة في توسيع الهوَّة الحضارية بين الشعوب.
والتطرُّف يرتبط عادةً بالانغلاق والتعصُّب للرأي، ورفض الآخر وكراهيته وازدرائه وتسفيه آرائه وأفكاره. والمتطرف فرداً كان أم جماعة، ينظر إلى المجتمع نظرة سلبية، فلا يؤمن بتعدُّد الآراء والأفكار ووجهات النظر، ويرفض الحوار مع الآخر أو التعايش معه ومع أفكاره، ولا يبدي استعداداً لتغيير آرائه وقناعاته، وقد يصل به الأمر إلى تخوين الآخرين وتكفيرهم دينياً أو سياسياً، وربما إباحة دمهم.
ويزداد خطر التطرُّف حين ينتقل من طور الفكر والاعتقاد والتصوُّر النظري، إلى طور الممارسة والتطرُّف السلوكي، الذي يعبّر عن نفسه بأشكال مادية من أعمال قتل، وتفجيرات، وتصفيات، واستخدام لوسائل العنف المادي المختلفة لتحقيق بعض الأهداف، وعادةً ما يكون التطرُّف السلوكي والمادي نتيجة وانعكاساً للتشبُّع بتطرُّف سابق في الفكر والقناعات والاعتقاد.
المحور الأول: مفهوم التطرُّف لغةً واصطلاحاً وما يرادفه من مصطلحات:
أولاً: مفهوم التطرُّف لغةً:
"تطرَّفَ، يَتطرّفُ، تطرُّفًا، فهو مُتطرِّف، والمفعول مُتطرَّف؛ أي رَأَى خِصَاماً فِي الشَّارِعِ فَتَطَرَّفَ جَانِباً أو اِبْتَعَدَ إِلَى الطَّرَفِ أو الجَانِبِ الآخَرِ.
ويُقال: تَطَرَّفَتِ الْمَاشِيَةُ جَوَانِبَ الْمَرْعَى أي صَارَتْ بِأَطْرَافِهِ.
ويُقال أيضاً: تَطَرَّفَتِ الشَّمْسُ أي دَنَتْ إِلَى الغُرُوبِ.
وتَطَرَّفَ الحَدِيثَ أي عَدَّهُ طَرِيفاً.
ويَتَطَرَّفُ فِي أَفْكَارِهِ أي يَتَجَاوَزُ حَدَّ الاعْتِدَالِ وَالحُدُودِ الْمَعْقُولَةِ، ويُبَالِغُ فِيهَا.
وتَطَرَّفَ منه أي تنحَّى.
وتَطَرَّفَ الشيء أي أَخَذَ من أَطرافِهِ"([1]).
كذلك قيل هو: حَدِّ الشَّيْءِ وَحَرْفِهِ، وعدم الثبات في الأمر، والابتعاد عن الوسطية، والخروج عن المألوف ومجاوزة الحَدِّ، والبُعد عما عليه الجماعة([2]).
ثانياً: مفهوم التطرُّف اصطلاحاً:
يبدو أنَّ المتقدِّمين لم يستعملوا في كتبهم لفظة (تطرُّف) المستخدمة اليوم، بيد أنّ هناك لفظة أخرى كَثُرَ استخدامها في كتبهم للدلالة على هذا المعنى، وهي كلمة (الغلوّ)([3])، التي وردتْ في القرآن الكريم، ووردت على لسان النبي (صلى الله عليه وسلم). لكن من خلال المفهوم السائد اليوم، يمكننا القول أنّ التطرُّف يعني: تجاوز حدّ الاعتدال، سواء كان في العقيدة، أو في الفكر، أو في السلوك.
وجاء في مجلة البحوث الإسلامية: الغلوّ في الحقيقة أعلى مراتب الإفراط في الجملة، فالغلوّ في الكفن هو المغالاة في ثمنه والإفراط فيه([4]).
والغلوّ أخصّ من التطرُّف، إذ إنّ التطرُّف هو مجاوزة الحد، والبعد عن التوسط والاعتدال إفراطاً أو تفريطاً، أو بعبارة أخرى: سلبًا أو إيجابًا، زيادة أو نقصًا، سواء كان غُلوّاً أم لا، إذ العبرة ببلوغ طرفي الأمر، وسبق الغلوّ في قول القائل:
لا تَغْلُ في شيءٍ مِنَ الأمرِ واقْتَصِدْ *** كِلا طرفيِّ قَصْدِ الأمورِ ذميمُ
فالغُلُوّ أخصُّ من التطرُّف بحسبان أنّه مجاوزة الحد الطبيعي في الزيادة والنقص. ففي حال النقص يسمى غُلوّاً إذا بالغ في النقص، فيقال: غلا في النقص، وكذلك في الزيادة إذا بالغ فيها كقول النصارى في المسيح ابن مريم أنّه الله وابن الله والروح القدس، تعالى الله عمّا يقولون علواً كبيراً.
والتطرُّف اصطلاحاً أيضاً يعني: الانحياز إلى طرفي الأمر، فيشمل الغُلوّ، ولكنّ الغلوّ أخصّ منه في الزيادة والمجاوزة، ليس فقط بمجرد البعد عن الوسط إلى الأطراف، أو بمعنى آخر: كل غُلوّ فهو تطرُّف، وليس كل تطرُّفٍ غُلوّ. فالذي يتطرّف في حكمه في الدماء، ربما يحكم بكفر بعض الناس من أهل القبلة، فإذا غالى في تطرُّفه، فربما يستبيح قتله، ويرى في هذا أجراً من الله تعالى، وهذا لا شكّ أنه أشدّ وأخطر، لأنه يقتل باسم الدين.
ثالثاً: مرادفات مفهوم التطرُّف:
هناك بعض الكلمات التي يستعملها كثيرٌ من الناس، وهي تحمل في طَيَّاتها معنى التطرُّف، وإن كانت تختلف معها من حيث اللفظ، إلا أنّ معناها يكاد يكون واحداً في أذهانهم، ومن هذه الكلمات:
[1] الغلوّ:
نلاحظ أنّه في الأعم الأغلب أنّ كلمة (الغلوّ) تكون مصاحبةً غالباً لكلمة (التطرُّف)، فهما متلازمتان، حتى كأنهما مترادفتان، معناهما واحد، فالذي ينظر في المعاجم لا يكاد يدرك أن هناك فرقاً كبيراً بين معنى الكلمتين.
قال أبو بكر بن دُرَيْد([5]): الغلوّ: الارتفاع في الشيء، ومجاوزة الحدّ فيه، ومنه قوله عزّ وجلّ: (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلاَّ الْحَقَّ)([6])، أي لا تجاوزوا المقدار.
وقال ابن الأثير: "إيَّاكُمْ وَالْغُلُوَّ فِي الدِّينِ". أي التشدُّد فيه، ومجاوزة الحد، كحديثه الآخر: "إنَّ هَذَا الدِّينَ مَتِينٌ فَأَوْغِلْ فِيهِ بِرِفْقٍ".
وقيل: معناه البحث عن بواطن الأشياء، والكشف عن عللها وغوامض متعبداتها، وَمِنْهُ الْحَدِيثُ: (وحامِل القُرآنِ غَيْر الغَالِي فِيهِ، وَلا الْجافي عَنْهُ)([7]). إنّما قال ذلك لأنّ من أخلاقه وآدابه التي أمر بها القصد في الأمور، وخير الأمور أوسطها، وكِلا طرفي قَصْدِ الأمور ذميم، ومنه حديث عمر بن الخطاب (رضي الله عنه): "لا تُغَالُوا صُدُقَ النِّساء"([8]). وفي رِوَايَةٍ: "لا تُغْلُوا فِي صَدُقات النِّساءِ"، أي لا تبالغوا في كثرة الصداق.
يتّضح مما سبق صحة ما قررناه، وهو أن هاتين اللفظتين (التطرُّف والغلوّ) متقاربتان في المعنى، بدرجة تكاد تصل إلى حد التَّرَادُف.
[2] الإرهاب:
شاعت كلمة (الإرهاب) في العديد من الأوساط والمحافل الدولية، دون تحديدٍ لمعناها بشكلٍ واضحٍ، مما يجعل من الصعوبة التفرُقة بين الدفاع الشرعي عن النفس، ودفع المعتدي بالإرهاب.
تعريف الإرهاب لغةً:
يدور معنى كلمة (الإرهاب) في المعاجم حول الإزعاج والإخافة([9]).
تعريف الإرهاب اصطلاحًا:
يقول الدكتور أحمد مختار عبد الحميد عمر في تعريف الإرهاب: هو مجموع أعمال العنف التي تقوم بها منظّمة، أو أفراد قَصْدَ الإخلال بأمن الدَّولة، وتحقيق أهداف سياسيَّة، أو خاصَّة، أو محاولة قلب نظام الحكم([10]).
فيتّضح مما سبق أنّ كلمة (الإرهاب) تدلُّ على التخويف والإفزاع، ويكون الأمر سيئاً جداً إذا كان إرهاباً للضعفاء والأطفال والنساء وكبار السن والمرضى. لكنّ الذي يجب أن نؤكِّد عليه هو أنّ الدفاع الشرعي عن النفس، وردّ المعتدي والغاصب، ليس إرهابًا، ولا تطرُّفًا، بل هو في حق المسلمين جهاد في سبيل الله، إذا كان خاضعاً للضوابط الشرعية التي قررها علماء الأمة.
المحور الثاني: تأثير العنف والتطرُّف على سير العملية السياسية في المجتمعات:
يؤثر العنف والتطرُّف على سير العمليات السياسية والتبادل السلمي للسلطة في البلدان التي تقع تحت تأثيره بصورة مباشرة أو غير مباشرة، فمن تأثيرات التطرُّف المباشرة على العملية السياسية ما يأتي:
[1] سيطرة المنظمات المتطرِّفة على مقاليد الحكم بصورة مباشرة، وتوجيه دفَّة القيادة بها حسب الآيدولوجيا التي تحملها، وبالتالي تعطُّل العملية السياسية بصورة مباشرة.
[2] انقطاع الصلة بالعالم الخارجي وما يربط هذه الدولة من علاقات سياسية أو دبلوماسية نتيجة التغيير الكبير للسياسة الخارجية للدولة الواقعة تحت سيطرة المنظمات المتطرِّفة.
[3] اختلال معايير التقييم السياسي في هذه الدول، والتي يغلب عليها الطابع الفكري وضرورة تـنزيله في صورة أوامر غير قابلة للنقاش، مما يعطِّل معه الدور السلمي الذي كانت تلعبه العملية السياسية في تلك الدول.
[4] تعطيل الانتخابات والدوائر السياسية والمجالس البلدية وغيرها من مسمَّيات التنظيم السياسي في البلد، وتركُّز السلطة والقوة في يد المنظمات المتطرِّفة.
[5] تصاعد الشعور بالغبن والإحساس بالظلم نتيجة تركُّز السلطة السياسية في أيدي قادة المنظمات المتطرِّفة، مما ينشأ عنه نوع من المعارضة الخفية أو المعلنة، والتي بدورها تؤدِّي إلى عدم الاستقرار السياسي نتيجة التنازع المستمر حول السلطة.
المحور الثالث: أثر العنف والتطرُّف على الاستقرار الاقتصادي والتنمية:
كما أوضحنا في المحور الثاني ما للعنف والتطرُّف من أثرٍ واضحٍ على العملية السياسية والتبادل السلمي الآمن للسلطة بين مكوِّنات المجتمع المختلفة، نوضِّح في هذا المحور الثالث ما لهما أيضاً من أثرٍ كبيرٍ على الاقتصاد والتنمية الاقتصادية في البلدان التي تقع تحت قبضة أو تأثير المنظمات المتطرفة، فقد أكَّدت وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل بدولة "اليمن" بحسبانها إحدى الدول المتأثِّرة بموجة العنف والتطرُّف من خلال سيطرة الحوثيين على السلطة هناك قبل أن تتم الإطاحة بهم بواسطة ما عُرف بتحالف "عاصفة الحزم" الذي تبنَّته المملكة العربية السعودية بمشاركة دول عديدة عربية وإسلامية، فقد أكَّدت الدكتورة/ أمة الرزَّاق علي حمد أنَّ ظاهرتي التطرُّف والإرهاب باتتا تشكلان همَّاً عالمياً يجب محاربتهما والتصدِّي لهما بكل الوسائل والأساليب المختلفة.
وقالت الوزيرة أمة الرزَّاق في الندوة الوطنية الخاصة التي نظمها الاتحاد العام لشباب اليمن بالتعاون مع مجلس شورى الشباب بصنعاء بعنوان "أثر التطرُّف والإرهاب على الاقتصاد الوطني" أنَّ على المجتمع الدولي إدراك مدى خطورة ظاهرتي التطرُّف والإرهاب بين الشباب خصوصاً مع تزايد نسبة البطالة فيما بينهم، ونوَّهت بدور الشباب في التصدِّي لهذه الظاهرة لما لها من أثرٍ على البناء والتنمية الاقتصادية والسياسية الشاملة.
كذلك أشار وكيل أول وزارة الشباب والرياضة رئيس اتحاد شباب اليمن "معمر الأرياني" إلى ضرورة تعزيز قيم الانتماء الوطني للشباب، والمشاركة بفعالية في مسيرة البناء والتنمية الوطنية، مؤكداً على أهمية دور الشباب في التصدي لكل من تسوِّل له نفسه المساس بأمن الوطن واستقراره.
ودعا الوكيل الأرياني الهيئات، والمنظمات الشبابية، والمؤسسات التربوية والتعليمية، للقيام بدورها في محاربة ظاهرتي التطرف والإرهاب، وتكثيف البرامج والمواد العلمية التي تعزِّز من قيم الانتماء الوطني لدى الشباب والمجتمعات.
مما سبق نجد أنَّ التطرُّف العنيف تظهر آثاره على الاقتصاد في أي بلد، من خلال الآتي:
[1] توقُّف التنمية الاقتصادية نتيجةً لتوقُّف المصانع والمزارع وحقول النفط "البترول" وغيرها، وذلك إمَّا بسبب تدميرها الكامل خلال عمليات عسكرية قامت بها المنظمات المتطرِّفة، أو بسبب هجر العُمَّال والمزارعين والصُنَّاع لها، خوفاً على حياتهم، أو بسبب انعدام المادة الخام التي تشكِّل الأساس الذي تدور به عجلات وماكينات هذه المصانع.
[2] ومباشرةً ترتفع نسبة البطالة بين الشباب وغيرهم من قطاعات المجتمع، ممن كانوا يعملون في هذه المصانع والمزارع وأماكن الإنتاج الأخرى.
[3] الارتفاع المباشر في أسعار السلع والخدمات نتيجةً لقلة العملات الأجنبية، بسبب توقُّف الاستثمارات الخارجية الناتج عن الحروب والأوضاع الأمنية المتوترة.
[4] توقُّف التبادل التجاري بين هذه البلدان الواقعة تحت تأثير وسيطرة المنظمات المتطرِّفة، وبين الدول التي كانت لها معها تعاملات تجارية واقتصادية واستثمارية قبل ذلك، مما ينتج عنه ضعف اقتصاديات هذه الدول، ودخولها في موجة من الفقر والمجاعات ونقص العلاج بانواعه المختلفة.
[5] الحصار الاقتصادي الذي تفرضه الدول الكبرى في العالم على هذه الدول الواقعة تحت تأثير المنظمات المتطرِّفة، يؤدِّي إلى تفاقهم أزمات هذه الدول بصورة كبيرة، بل وتتعطَّل بسببه كثير من الأنشطة الاقتصادية بسبب توقُّف دخول معينات الإنتاج والتنمية، كقطع غيار السيارات، والمصانع، والآليات الزراعية والصناعية الأخرى، بل وحتى المواد والسلع الغذائية، والأدوية، وغير ذلك.
المحور الرابع: كيفية النهوض ومواجهة التحدِّيات:
قبل أن ندلف مباشرةً في اقتراح الحلول لمواجهة التحدِّيات التي تواجه الدول الواقعة تحت تأثير وسيطرة العنف والتطرُّف، لا بُدَّ أولاً من التأكيد على النقاط التالية:
[1] ضرورة العمل على معالجة الأسباب التي تؤدِّي إلى تطرُّف الشباب، ودخولهم في موجات العنف، وذلك من خلال تبنِّي الفكر الوسطي المعتدل الذي دعا إليه الإسلام من خلال كثير من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة.
[2] إيصال المفاهيم الصحيحة للشباب وغيرهم من قطاعات المجتمع، بشتى الوسائل التثقيفية والتعليمية، كالندوات، والمحاضرات، والمؤتمرات، وكتابة البحوث، بل وحتى الأعمال الدرامية التمثيلية الهادفة.
[3] ترسيخ مفهوم أنَّ الجامعات هي مكان للعلم والبحث والدراسة والنشاط والإبداع، وليست مكاناً للعنف والإرهاب والأعمال المتطرفة.
[4] ضرورة الاستفادة القصوى من طاقات الشباب فيما يحقق الصالح العام، ويعود بالنفع عليهم أولاً، وعلى أمتهم ومجتمعاتهم في المقام الثاني.
[5] إزالة الحواجز المصطنعة بين الشباب والعلماء، بحسبان أنّ العلماء يمثّلون صمام الأمان الذي يحول دون وقوع هؤلاء الشباب في براثن المنظمات المتطرِّفة، وذلك بتبنّي الدولة لجلسات حوار مفتوحة بين الشباب والعلماء، يتم فيها طرح كافّة القضايا والإجابة على كل تساؤلات هؤلاء الشباب.
المحور الخامس: استغلال الفرص المتاحة سياسياً واقتصادياً للخروج من أزمتي العنف والتطرُّف:
في هذا المحور الخامس والأخير من هذه الورقة البحثية، يوضِّح الباحث كيفية استغلال الدول الواقعة تحت تأثير العنف والتطرُّف، للفرص السياسية والاقتصادية للخروج من هذه الأزمة، وذلك من خلال النقاط التالية:
[1] في المجال السياسي، على هذه الدول أن تعمل على إشاعة التبادل السلمي للسلطة بين جميع قطاعات المجتمع، دون حجر أو تضييق أو استئثار فئة من الناس بالسلطة دون الفئات الأخرى.
[2] بسط الحريات للتعبير، والمشاركة الفاعلة في رسم السياسات العامّة للدولة، والمشاركة كذلك في إدارة شؤون البلاد عبر مجالس الشورى وتبادل الآراء، وتولية القوي الأمين.
[3] تعزيز الحقوق الاجتماعية، والسياسية، وسيادة الشريعة الإسلامية، والعمل على انهاء حالات الاحتلال، ومعالجة المظالم السياسية الرئيسية، ومكافحة الجريمة المنظمة، والحد من الفقر والبطالة.
[4] في المجال الاقتصادي، فعلى الدول الواقعة تحت تأثير العنف والتطرُّف أن تعمل على تأمين الحماية للمنشآت الاقتصادية كالمصانع والمزراع والشركات التجارية وغيرها، وذلك حتى تضمن عدم تأثُّر القطاع الاقتصادي بالعنف والتطرُّف.
[5] العمل على معالجة مشكلات البطالة، ونقص التعليم، وتوفير الحماية اللازمة لأماكن الدِّراسة، كالمدارس والجامعات، حتى لا تكون عُرضةً لتفجُّر الأوضاع الأمنية فيها، وبالتالي إغلاقها مما يؤثِّر على عملية التنمية الاقتصادية بطريقة غير مباشرة.
خاتمة:
في خاتمة هذه الورقة كان لزاماً على الباحث أن يورد جملةً من النتائج التي توصّل إليها، والتي بدورها تقوده لإيراد عددٍ من التوصيات التي يرى أنّها من الأهميّة بمكان، بحيث يؤدِّي إيرادها إلى تلمُّس بعض خُطى الطريق المفضي للاستغلال الأمثل للفرص السياسية والاقتصادية في الدول الواقعة تحت تأثير العنف والتطرُّف. فمن النتائج التي توصّل إليها الباحث:
[1] يؤثِّر العنف والتطرُّف بدرجة كبيرة جداً على الاستقرار السياسي والاقتصادي في البلدان التي تقع تحت تأثيره.
[2] يؤدِّي عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي هذا إلى توتُّر واحتقان سياسي، وتوقُّف عجلة التنمية الاقتصادية في تلك الدول.
[3] لا يكون هناك استغلالاً أمثلاً للفرص السياسية والاقتصادية في الدول الواقعة تحت تأثير العنف والتطرُّف، إلاَّ بالقضاء تماماً على مصادر هذا العنف، ثم بعد ذلك تبدأ عجلة التنمية الاقتصادية والوعي السياسي في الدوران من جديد.
[4] لا يتم الاستغلال الأمثل لهذه الفرص، إلاَّ بتفعيل شريحة الشباب، بحسبان أنَّه يقع عليها العبء الأكبر في النهوض الاقتصادي، والاستقرار السياسي.
[5] ضرورة بسط سلطان الدولة على كافة أراضيها، والتعامل بحسم مع محاولات زعزعة أمنها واستقرارها، وذلك حتى تتم عملية الاستقرار واستغلال الفرص المتاحة "اقتصادياً وسياسياً" على الوجه الأكمل.
أهمّ التوصيات:
يرى الباحث أنّ أهمّ التوصيات التي يمكن أن تخرج بها هذه الورقة، تتمثَّل في الآتي:
[1] العمل على معالجة الضغوط الاجتماعية والنفسية التي يمر بها الشباب، والتي تؤدِّي بهم إلى التطرُّف العنيف، ومن ثم تأثر المناحي السياسية والاقتصادية في الدولة.
[2] إتاحة فرص العمل للخريجين من الشباب، ومشاركتهم في توجيه سياسة الدول عن طريق دمجهم واستيعابهم في مجالس الشورى والمجالس النيابية وغير ذلك من الأجهزة السياسية، وأماكن اتخاذ القرار.
[3] توفير قدر من الحرية والكرامة للشعوب.
[4] الاهتمام بالثقافة المتوازنة للشباب.
[5] الاهتمام بشريحة الشباب (من قبل الحكومات) تثقيفاً وتدريباً وتنمية قدرات، أو بصورة أخرى: ملء فراغ الشباب.
[6] توضيح مفهوم التطرُّف عبر وسائل الإعلام المختلفة.
[7] رصد المخططات الغربية ومكائد الأعداء لإضعاف الأمة الإسلامية، وتشويه هويتها وصورتها، وذلك بالتصدِّي لها، وكشف برامجها، ومواجهة تحدِّيات العولمة الفكرية والثقافية والإعلامية، والتصدِّي لها بفعالية، والمشاركة والحضور في الساحات الإقليمية والعالمية، بما يحقِّق الخير والطمأنينة للأمة.
[8] تفعيل دور العمل الجماعي على المستويات المحلية والإقليمية والدولية، بين المؤسسات العاملة في مجال العنف، واستحداث برامج وتوفير خدمات قادرة على مواجهة أشكال العنف المتجدِّدة.
[9] الاستغلال الأمثل للفرص السياسية والاقتصادية للدول الواقعة تحت تأثير العنف والتطرُّف، وذلك باستحداث وسائل جديدة تحول دون تأثُّر هذين القطاعين بالمتغيِّرات مهما كانت الأسباب، ومن ذلك مثلاً: تأمين المنشآت الاقتصادية، والمشاركة الفاعلة من الجميع في إدارة شؤون البلاد، منعاً للتذمُّر، وسدَّاً لأي ذريعة للعنف والتطرُّف.
* كاتب وباحث بمجمع الفقه الإسلامي السُّـوداني.
أهمّ المراجع والمصادر:
[1] القرآن الكريم.
[2] معجم المعاني الجامع، والمعجم الوسيط.
[3] تاج العروس من جواهر القاموس، لمحمّد بن محمّد بن عبد الرزّاق الحسيني، أبو الفيض، الملقّب بمرتضى، الزَّبيدي (المتوفى: 1205هـ)، تحقيق مجموعة من المحققين، الناشر: دار الهداية.
[4] تفسير الطبري (جامع البيان عن تأويل آي القرآن)، لمحمد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب الآملي، أبو جعفر الطبري (المتوفى: 310هـ)، تحقيق: الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي، بالتعاون مع مركز البحوث والدراسات الإسلامية بدار هجر، والدكتور عبد السند حسن يمامة، الناشر: دار هجر للطباعة والنشر والتوزيع والإعلان.
[5] تفسير القرآن العظيم، لأبي الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي البصري ثم الدمشقي (المتوفى: 774هـ)، تحقيق سامي بن محمد سلامة، الناشر: دار طيبة للنشر والتوزيع.
[6] جمهرة اللغة، لأبي بكر محمد بن الحسن بن دريد الأزدي (المتوفى: 321هـ)، تحقيق رمزي منير بعلبكي، الناشر: دار العلم للملايين، بيروت، لبنان.
[7] سلسلة الأحاديث الصحيحة وشيء من فقهها وفوائدها، لأبي عبد الرحمن محمد ناصر الدين، بن الحاج نوح بن نجاتي بن آدم، الأشقودري الألباني (المتوفى: 1420هـ)، الناشر: مكتبة المعارف للنشر والتوزيع، الرياض.
[8] سنن ابن ماجه، لابن ماجه أبي عبد الله محمد بن يزيد القزويني، (المتوفى: 273هـ)، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، الناشر: دار إحياء الكتب العربية، فيصل عيسى البابي الحلبي.
[9] الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية، لأبي نصر إسماعيل بن حماد الجوهري الفارابي (المتوفى: 393هـ)، تحقيق: أحمد عبد الغفور عطار، الناشر: دار العلم للملايين، بيروت، لبنان.
[10] مجلة البحوث الإسلامية، العدد (74).
الفرص السياسية والاقتصادية للمجتمعات الضعيفة والواقعة تحت تأثير العنف والتطرُّف
إعداد: أ. الفاتح عبد الرحمن محمد*
توطئة:
أصبح (التطرُّف) يمثِّل واقعاً مُعاشاً في كثيرٍ من المجتمعات، وبالتالي أصطبغت الحياة في تلك المجتمعات بصبغةٍ بها كثير من القتامة وعدم وضوح الرؤية؛ فأصبحت حياة الناس هناك لا تخرج عن ثقافة العنف والدماء وتشييع جثامين القتلى الذين يقعون ضحية هذه الموجة من التطرُّف كل يوم، بل إنَّ هذه الثقافة ألقت بظلالٍ كثيفةٍ على حياة الأطفال الذين يعيشون في كنف مجتمعات العنف هذه؛ فأصبحت طريقة لعبهم ولهوهم لا تخرج عن العنف ومحاولة تقليد ما يرونه من مشاهد يومية، أمَّا ما يتعلق بالناحية السياسية وما ينبغي أن يكون فيها من تقدُّمٍ ومشاركةٍ في استقرار الحياة في تلك المجتمعات، فقد أثَّرت موجة العنف فيها في تحجيم دورها في الاستقرار والتنمية، أضف إلى ذلك توقُّف عجلة الاقتصاد لذات الأسباب، فما بين توقُّف المصانع وورش الصيانة وماكينات الإنتاج، يترنَّح اقتصاد تلك الدول ما بين الإفلاس والاعتماد على الهبات والإعانات الدولية التي تأتي مرةً بعد مرة.
تناقش هذه الورقة، بمشيئة الله تعالى، موضوع الفرص السياسية والاقتصادية للمجتمعات الضعيفة والواقعة تحت تأثير العنف والتطرُّف، في مقدمة أبيِّن فيها أهميّة تناول الموضوع وسبب اختياره والهدف من دراسته وتحليله، وتتضمن خمسة محاور على النحو الآتي:
المحور الأول: مفهوم التطرُّف لغةً واصطلاحاً وما يرادفه من مصطلحات.
المحور الثاني: تأثير العنف والتطرُّف على سير العملية السياسية في المجتمعات.
المحور الثالث: أثر العنف والتطرُّف على الاستقرار الاقتصادي والتنمية.
المحور الرابع: كيفية النهوض ومواجهة التحدِّيات.
المحور الخامس: استغلال الفرص المتاحة سياسياً واقتصادياً للخروج من أزمتي العنف والتطرُّف.
وتختتم الورقة الموضوع بإيراد أهمّ النتائج التي توصّل إليها الباحث، يعقب ذلك جملة من التوصيات، ثم إيراد ثبت بأهم المصادر والمراجع التي اعتمدها لإعداد الورقة.
والله من وراء القصد، وهو الهادي إلى سواء السبيل،،،
الباحث
مقدِّمة:
تُعدّ مشكلة التطرف من أكثر القضايا إثارةً للجدل والاهتمام من قبل النخب الفكرية، فنمو الظاهرة وانتقالها إلى أطوار وأشكال جديدة، ربما لم تكن موجودة من قبل، يدعونا إلى قراءة أكثر عمقاً، بعيداً عن التبسيط الذى قد يخل بالتحليل الدقيق لتلك الظاهرة.
ويقدِّم الباحث من خلال هذه الورقة محاولة لفهم الظاهرة بأبعادها الاقتصادية والسياسية على وجه الخصوص، وتشخيص المشكلة بصورتها الحقيقية في هذين المحورين، ودراسة المتغيرات والأبعاد الجديدة التي بدأت تأخذها فيهما، كما يحاول الباحث أيضاً إلقاء الضوء على مدى أثر تلك الظاهرة في توسيع الهوَّة الحضارية بين الشعوب.
والتطرُّف يرتبط عادةً بالانغلاق والتعصُّب للرأي، ورفض الآخر وكراهيته وازدرائه وتسفيه آرائه وأفكاره. والمتطرف فرداً كان أم جماعة، ينظر إلى المجتمع نظرة سلبية، فلا يؤمن بتعدُّد الآراء والأفكار ووجهات النظر، ويرفض الحوار مع الآخر أو التعايش معه ومع أفكاره، ولا يبدي استعداداً لتغيير آرائه وقناعاته، وقد يصل به الأمر إلى تخوين الآخرين وتكفيرهم دينياً أو سياسياً، وربما إباحة دمهم.
ويزداد خطر التطرُّف حين ينتقل من طور الفكر والاعتقاد والتصوُّر النظري، إلى طور الممارسة والتطرُّف السلوكي، الذي يعبّر عن نفسه بأشكال مادية من أعمال قتل، وتفجيرات، وتصفيات، واستخدام لوسائل العنف المادي المختلفة لتحقيق بعض الأهداف، وعادةً ما يكون التطرُّف السلوكي والمادي نتيجة وانعكاساً للتشبُّع بتطرُّف سابق في الفكر والقناعات والاعتقاد.
المحور الأول: مفهوم التطرُّف لغةً واصطلاحاً وما يرادفه من مصطلحات:
أولاً: مفهوم التطرُّف لغةً:
"تطرَّفَ، يَتطرّفُ، تطرُّفًا، فهو مُتطرِّف، والمفعول مُتطرَّف؛ أي رَأَى خِصَاماً فِي الشَّارِعِ فَتَطَرَّفَ جَانِباً أو اِبْتَعَدَ إِلَى الطَّرَفِ أو الجَانِبِ الآخَرِ.
ويُقال: تَطَرَّفَتِ الْمَاشِيَةُ جَوَانِبَ الْمَرْعَى أي صَارَتْ بِأَطْرَافِهِ.
ويُقال أيضاً: تَطَرَّفَتِ الشَّمْسُ أي دَنَتْ إِلَى الغُرُوبِ.
وتَطَرَّفَ الحَدِيثَ أي عَدَّهُ طَرِيفاً.
ويَتَطَرَّفُ فِي أَفْكَارِهِ أي يَتَجَاوَزُ حَدَّ الاعْتِدَالِ وَالحُدُودِ الْمَعْقُولَةِ، ويُبَالِغُ فِيهَا.
وتَطَرَّفَ منه أي تنحَّى.
وتَطَرَّفَ الشيء أي أَخَذَ من أَطرافِهِ"([1]).
كذلك قيل هو: حَدِّ الشَّيْءِ وَحَرْفِهِ، وعدم الثبات في الأمر، والابتعاد عن الوسطية، والخروج عن المألوف ومجاوزة الحَدِّ، والبُعد عما عليه الجماعة([2]).
ثانياً: مفهوم التطرُّف اصطلاحاً:
يبدو أنَّ المتقدِّمين لم يستعملوا في كتبهم لفظة (تطرُّف) المستخدمة اليوم، بيد أنّ هناك لفظة أخرى كَثُرَ استخدامها في كتبهم للدلالة على هذا المعنى، وهي كلمة (الغلوّ)([3])، التي وردتْ في القرآن الكريم، ووردت على لسان النبي (صلى الله عليه وسلم). لكن من خلال المفهوم السائد اليوم، يمكننا القول أنّ التطرُّف يعني: تجاوز حدّ الاعتدال، سواء كان في العقيدة، أو في الفكر، أو في السلوك.
وجاء في مجلة البحوث الإسلامية: الغلوّ في الحقيقة أعلى مراتب الإفراط في الجملة، فالغلوّ في الكفن هو المغالاة في ثمنه والإفراط فيه([4]).
والغلوّ أخصّ من التطرُّف، إذ إنّ التطرُّف هو مجاوزة الحد، والبعد عن التوسط والاعتدال إفراطاً أو تفريطاً، أو بعبارة أخرى: سلبًا أو إيجابًا، زيادة أو نقصًا، سواء كان غُلوّاً أم لا، إذ العبرة ببلوغ طرفي الأمر، وسبق الغلوّ في قول القائل:
لا تَغْلُ في شيءٍ مِنَ الأمرِ واقْتَصِدْ *** كِلا طرفيِّ قَصْدِ الأمورِ ذميمُ
فالغُلُوّ أخصُّ من التطرُّف بحسبان أنّه مجاوزة الحد الطبيعي في الزيادة والنقص. ففي حال النقص يسمى غُلوّاً إذا بالغ في النقص، فيقال: غلا في النقص، وكذلك في الزيادة إذا بالغ فيها كقول النصارى في المسيح ابن مريم أنّه الله وابن الله والروح القدس، تعالى الله عمّا يقولون علواً كبيراً.
والتطرُّف اصطلاحاً أيضاً يعني: الانحياز إلى طرفي الأمر، فيشمل الغُلوّ، ولكنّ الغلوّ أخصّ منه في الزيادة والمجاوزة، ليس فقط بمجرد البعد عن الوسط إلى الأطراف، أو بمعنى آخر: كل غُلوّ فهو تطرُّف، وليس كل تطرُّفٍ غُلوّ. فالذي يتطرّف في حكمه في الدماء، ربما يحكم بكفر بعض الناس من أهل القبلة، فإذا غالى في تطرُّفه، فربما يستبيح قتله، ويرى في هذا أجراً من الله تعالى، وهذا لا شكّ أنه أشدّ وأخطر، لأنه يقتل باسم الدين.
ثالثاً: مرادفات مفهوم التطرُّف:
هناك بعض الكلمات التي يستعملها كثيرٌ من الناس، وهي تحمل في طَيَّاتها معنى التطرُّف، وإن كانت تختلف معها من حيث اللفظ، إلا أنّ معناها يكاد يكون واحداً في أذهانهم، ومن هذه الكلمات:
[1] الغلوّ:
نلاحظ أنّه في الأعم الأغلب أنّ كلمة (الغلوّ) تكون مصاحبةً غالباً لكلمة (التطرُّف)، فهما متلازمتان، حتى كأنهما مترادفتان، معناهما واحد، فالذي ينظر في المعاجم لا يكاد يدرك أن هناك فرقاً كبيراً بين معنى الكلمتين.
قال أبو بكر بن دُرَيْد([5]): الغلوّ: الارتفاع في الشيء، ومجاوزة الحدّ فيه، ومنه قوله عزّ وجلّ: (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلاَّ الْحَقَّ)([6])، أي لا تجاوزوا المقدار.
وقال ابن الأثير: "إيَّاكُمْ وَالْغُلُوَّ فِي الدِّينِ". أي التشدُّد فيه، ومجاوزة الحد، كحديثه الآخر: "إنَّ هَذَا الدِّينَ مَتِينٌ فَأَوْغِلْ فِيهِ بِرِفْقٍ".
وقيل: معناه البحث عن بواطن الأشياء، والكشف عن عللها وغوامض متعبداتها، وَمِنْهُ الْحَدِيثُ: (وحامِل القُرآنِ غَيْر الغَالِي فِيهِ، وَلا الْجافي عَنْهُ)([7]). إنّما قال ذلك لأنّ من أخلاقه وآدابه التي أمر بها القصد في الأمور، وخير الأمور أوسطها، وكِلا طرفي قَصْدِ الأمور ذميم، ومنه حديث عمر بن الخطاب (رضي الله عنه): "لا تُغَالُوا صُدُقَ النِّساء"([8]). وفي رِوَايَةٍ: "لا تُغْلُوا فِي صَدُقات النِّساءِ"، أي لا تبالغوا في كثرة الصداق.
يتّضح مما سبق صحة ما قررناه، وهو أن هاتين اللفظتين (التطرُّف والغلوّ) متقاربتان في المعنى، بدرجة تكاد تصل إلى حد التَّرَادُف.
[2] الإرهاب:
شاعت كلمة (الإرهاب) في العديد من الأوساط والمحافل الدولية، دون تحديدٍ لمعناها بشكلٍ واضحٍ، مما يجعل من الصعوبة التفرُقة بين الدفاع الشرعي عن النفس، ودفع المعتدي بالإرهاب.
تعريف الإرهاب لغةً:
يدور معنى كلمة (الإرهاب) في المعاجم حول الإزعاج والإخافة([9]).
تعريف الإرهاب اصطلاحًا:
يقول الدكتور أحمد مختار عبد الحميد عمر في تعريف الإرهاب: هو مجموع أعمال العنف التي تقوم بها منظّمة، أو أفراد قَصْدَ الإخلال بأمن الدَّولة، وتحقيق أهداف سياسيَّة، أو خاصَّة، أو محاولة قلب نظام الحكم([10]).
فيتّضح مما سبق أنّ كلمة (الإرهاب) تدلُّ على التخويف والإفزاع، ويكون الأمر سيئاً جداً إذا كان إرهاباً للضعفاء والأطفال والنساء وكبار السن والمرضى. لكنّ الذي يجب أن نؤكِّد عليه هو أنّ الدفاع الشرعي عن النفس، وردّ المعتدي والغاصب، ليس إرهابًا، ولا تطرُّفًا، بل هو في حق المسلمين جهاد في سبيل الله، إذا كان خاضعاً للضوابط الشرعية التي قررها علماء الأمة.
المحور الثاني: تأثير العنف والتطرُّف على سير العملية السياسية في المجتمعات:
يؤثر العنف والتطرُّف على سير العمليات السياسية والتبادل السلمي للسلطة في البلدان التي تقع تحت تأثيره بصورة مباشرة أو غير مباشرة، فمن تأثيرات التطرُّف المباشرة على العملية السياسية ما يأتي:
[1] سيطرة المنظمات المتطرِّفة على مقاليد الحكم بصورة مباشرة، وتوجيه دفَّة القيادة بها حسب الآيدولوجيا التي تحملها، وبالتالي تعطُّل العملية السياسية بصورة مباشرة.
[2] انقطاع الصلة بالعالم الخارجي وما يربط هذه الدولة من علاقات سياسية أو دبلوماسية نتيجة التغيير الكبير للسياسة الخارجية للدولة الواقعة تحت سيطرة المنظمات المتطرِّفة.
[3] اختلال معايير التقييم السياسي في هذه الدول، والتي يغلب عليها الطابع الفكري وضرورة تـنزيله في صورة أوامر غير قابلة للنقاش، مما يعطِّل معه الدور السلمي الذي كانت تلعبه العملية السياسية في تلك الدول.
[4] تعطيل الانتخابات والدوائر السياسية والمجالس البلدية وغيرها من مسمَّيات التنظيم السياسي في البلد، وتركُّز السلطة والقوة في يد المنظمات المتطرِّفة.
[5] تصاعد الشعور بالغبن والإحساس بالظلم نتيجة تركُّز السلطة السياسية في أيدي قادة المنظمات المتطرِّفة، مما ينشأ عنه نوع من المعارضة الخفية أو المعلنة، والتي بدورها تؤدِّي إلى عدم الاستقرار السياسي نتيجة التنازع المستمر حول السلطة.
المحور الثالث: أثر العنف والتطرُّف على الاستقرار الاقتصادي والتنمية:
كما أوضحنا في المحور الثاني ما للعنف والتطرُّف من أثرٍ واضحٍ على العملية السياسية والتبادل السلمي الآمن للسلطة بين مكوِّنات المجتمع المختلفة، نوضِّح في هذا المحور الثالث ما لهما أيضاً من أثرٍ كبيرٍ على الاقتصاد والتنمية الاقتصادية في البلدان التي تقع تحت قبضة أو تأثير المنظمات المتطرفة، فقد أكَّدت وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل بدولة "اليمن" بحسبانها إحدى الدول المتأثِّرة بموجة العنف والتطرُّف من خلال سيطرة الحوثيين على السلطة هناك قبل أن تتم الإطاحة بهم بواسطة ما عُرف بتحالف "عاصفة الحزم" الذي تبنَّته المملكة العربية السعودية بمشاركة دول عديدة عربية وإسلامية، فقد أكَّدت الدكتورة/ أمة الرزَّاق علي حمد أنَّ ظاهرتي التطرُّف والإرهاب باتتا تشكلان همَّاً عالمياً يجب محاربتهما والتصدِّي لهما بكل الوسائل والأساليب المختلفة.
وقالت الوزيرة أمة الرزَّاق في الندوة الوطنية الخاصة التي نظمها الاتحاد العام لشباب اليمن بالتعاون مع مجلس شورى الشباب بصنعاء بعنوان "أثر التطرُّف والإرهاب على الاقتصاد الوطني" أنَّ على المجتمع الدولي إدراك مدى خطورة ظاهرتي التطرُّف والإرهاب بين الشباب خصوصاً مع تزايد نسبة البطالة فيما بينهم، ونوَّهت بدور الشباب في التصدِّي لهذه الظاهرة لما لها من أثرٍ على البناء والتنمية الاقتصادية والسياسية الشاملة.
كذلك أشار وكيل أول وزارة الشباب والرياضة رئيس اتحاد شباب اليمن "معمر الأرياني" إلى ضرورة تعزيز قيم الانتماء الوطني للشباب، والمشاركة بفعالية في مسيرة البناء والتنمية الوطنية، مؤكداً على أهمية دور الشباب في التصدي لكل من تسوِّل له نفسه المساس بأمن الوطن واستقراره.
ودعا الوكيل الأرياني الهيئات، والمنظمات الشبابية، والمؤسسات التربوية والتعليمية، للقيام بدورها في محاربة ظاهرتي التطرف والإرهاب، وتكثيف البرامج والمواد العلمية التي تعزِّز من قيم الانتماء الوطني لدى الشباب والمجتمعات.
مما سبق نجد أنَّ التطرُّف العنيف تظهر آثاره على الاقتصاد في أي بلد، من خلال الآتي:
[1] توقُّف التنمية الاقتصادية نتيجةً لتوقُّف المصانع والمزارع وحقول النفط "البترول" وغيرها، وذلك إمَّا بسبب تدميرها الكامل خلال عمليات عسكرية قامت بها المنظمات المتطرِّفة، أو بسبب هجر العُمَّال والمزارعين والصُنَّاع لها، خوفاً على حياتهم، أو بسبب انعدام المادة الخام التي تشكِّل الأساس الذي تدور به عجلات وماكينات هذه المصانع.
[2] ومباشرةً ترتفع نسبة البطالة بين الشباب وغيرهم من قطاعات المجتمع، ممن كانوا يعملون في هذه المصانع والمزارع وأماكن الإنتاج الأخرى.
[3] الارتفاع المباشر في أسعار السلع والخدمات نتيجةً لقلة العملات الأجنبية، بسبب توقُّف الاستثمارات الخارجية الناتج عن الحروب والأوضاع الأمنية المتوترة.
[4] توقُّف التبادل التجاري بين هذه البلدان الواقعة تحت تأثير وسيطرة المنظمات المتطرِّفة، وبين الدول التي كانت لها معها تعاملات تجارية واقتصادية واستثمارية قبل ذلك، مما ينتج عنه ضعف اقتصاديات هذه الدول، ودخولها في موجة من الفقر والمجاعات ونقص العلاج بانواعه المختلفة.
[5] الحصار الاقتصادي الذي تفرضه الدول الكبرى في العالم على هذه الدول الواقعة تحت تأثير المنظمات المتطرِّفة، يؤدِّي إلى تفاقهم أزمات هذه الدول بصورة كبيرة، بل وتتعطَّل بسببه كثير من الأنشطة الاقتصادية بسبب توقُّف دخول معينات الإنتاج والتنمية، كقطع غيار السيارات، والمصانع، والآليات الزراعية والصناعية الأخرى، بل وحتى المواد والسلع الغذائية، والأدوية، وغير ذلك.
المحور الرابع: كيفية النهوض ومواجهة التحدِّيات:
قبل أن ندلف مباشرةً في اقتراح الحلول لمواجهة التحدِّيات التي تواجه الدول الواقعة تحت تأثير وسيطرة العنف والتطرُّف، لا بُدَّ أولاً من التأكيد على النقاط التالية:
[1] ضرورة العمل على معالجة الأسباب التي تؤدِّي إلى تطرُّف الشباب، ودخولهم في موجات العنف، وذلك من خلال تبنِّي الفكر الوسطي المعتدل الذي دعا إليه الإسلام من خلال كثير من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة.
[2] إيصال المفاهيم الصحيحة للشباب وغيرهم من قطاعات المجتمع، بشتى الوسائل التثقيفية والتعليمية، كالندوات، والمحاضرات، والمؤتمرات، وكتابة البحوث، بل وحتى الأعمال الدرامية التمثيلية الهادفة.
[3] ترسيخ مفهوم أنَّ الجامعات هي مكان للعلم والبحث والدراسة والنشاط والإبداع، وليست مكاناً للعنف والإرهاب والأعمال المتطرفة.
[4] ضرورة الاستفادة القصوى من طاقات الشباب فيما يحقق الصالح العام، ويعود بالنفع عليهم أولاً، وعلى أمتهم ومجتمعاتهم في المقام الثاني.
[5] إزالة الحواجز المصطنعة بين الشباب والعلماء، بحسبان أنّ العلماء يمثّلون صمام الأمان الذي يحول دون وقوع هؤلاء الشباب في براثن المنظمات المتطرِّفة، وذلك بتبنّي الدولة لجلسات حوار مفتوحة بين الشباب والعلماء، يتم فيها طرح كافّة القضايا والإجابة على كل تساؤلات هؤلاء الشباب.
المحور الخامس: استغلال الفرص المتاحة سياسياً واقتصادياً للخروج من أزمتي العنف والتطرُّف:
في هذا المحور الخامس والأخير من هذه الورقة البحثية، يوضِّح الباحث كيفية استغلال الدول الواقعة تحت تأثير العنف والتطرُّف، للفرص السياسية والاقتصادية للخروج من هذه الأزمة، وذلك من خلال النقاط التالية:
[1] في المجال السياسي، على هذه الدول أن تعمل على إشاعة التبادل السلمي للسلطة بين جميع قطاعات المجتمع، دون حجر أو تضييق أو استئثار فئة من الناس بالسلطة دون الفئات الأخرى.
[2] بسط الحريات للتعبير، والمشاركة الفاعلة في رسم السياسات العامّة للدولة، والمشاركة كذلك في إدارة شؤون البلاد عبر مجالس الشورى وتبادل الآراء، وتولية القوي الأمين.
[3] تعزيز الحقوق الاجتماعية، والسياسية، وسيادة الشريعة الإسلامية، والعمل على انهاء حالات الاحتلال، ومعالجة المظالم السياسية الرئيسية، ومكافحة الجريمة المنظمة، والحد من الفقر والبطالة.
[4] في المجال الاقتصادي، فعلى الدول الواقعة تحت تأثير العنف والتطرُّف أن تعمل على تأمين الحماية للمنشآت الاقتصادية كالمصانع والمزراع والشركات التجارية وغيرها، وذلك حتى تضمن عدم تأثُّر القطاع الاقتصادي بالعنف والتطرُّف.
[5] العمل على معالجة مشكلات البطالة، ونقص التعليم، وتوفير الحماية اللازمة لأماكن الدِّراسة، كالمدارس والجامعات، حتى لا تكون عُرضةً لتفجُّر الأوضاع الأمنية فيها، وبالتالي إغلاقها مما يؤثِّر على عملية التنمية الاقتصادية بطريقة غير مباشرة.
خاتمة:
في خاتمة هذه الورقة كان لزاماً على الباحث أن يورد جملةً من النتائج التي توصّل إليها، والتي بدورها تقوده لإيراد عددٍ من التوصيات التي يرى أنّها من الأهميّة بمكان، بحيث يؤدِّي إيرادها إلى تلمُّس بعض خُطى الطريق المفضي للاستغلال الأمثل للفرص السياسية والاقتصادية في الدول الواقعة تحت تأثير العنف والتطرُّف. فمن النتائج التي توصّل إليها الباحث:
[1] يؤثِّر العنف والتطرُّف بدرجة كبيرة جداً على الاستقرار السياسي والاقتصادي في البلدان التي تقع تحت تأثيره.
[2] يؤدِّي عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي هذا إلى توتُّر واحتقان سياسي، وتوقُّف عجلة التنمية الاقتصادية في تلك الدول.
[3] لا يكون هناك استغلالاً أمثلاً للفرص السياسية والاقتصادية في الدول الواقعة تحت تأثير العنف والتطرُّف، إلاَّ بالقضاء تماماً على مصادر هذا العنف، ثم بعد ذلك تبدأ عجلة التنمية الاقتصادية والوعي السياسي في الدوران من جديد.
[4] لا يتم الاستغلال الأمثل لهذه الفرص، إلاَّ بتفعيل شريحة الشباب، بحسبان أنَّه يقع عليها العبء الأكبر في النهوض الاقتصادي، والاستقرار السياسي.
[5] ضرورة بسط سلطان الدولة على كافة أراضيها، والتعامل بحسم مع محاولات زعزعة أمنها واستقرارها، وذلك حتى تتم عملية الاستقرار واستغلال الفرص المتاحة "اقتصادياً وسياسياً" على الوجه الأكمل.
أهمّ التوصيات:
يرى الباحث أنّ أهمّ التوصيات التي يمكن أن تخرج بها هذه الورقة، تتمثَّل في الآتي:
[1] العمل على معالجة الضغوط الاجتماعية والنفسية التي يمر بها الشباب، والتي تؤدِّي بهم إلى التطرُّف العنيف، ومن ثم تأثر المناحي السياسية والاقتصادية في الدولة.
[2] إتاحة فرص العمل للخريجين من الشباب، ومشاركتهم في توجيه سياسة الدول عن طريق دمجهم واستيعابهم في مجالس الشورى والمجالس النيابية وغير ذلك من الأجهزة السياسية، وأماكن اتخاذ القرار.
[3] توفير قدر من الحرية والكرامة للشعوب.
[4] الاهتمام بالثقافة المتوازنة للشباب.
[5] الاهتمام بشريحة الشباب (من قبل الحكومات) تثقيفاً وتدريباً وتنمية قدرات، أو بصورة أخرى: ملء فراغ الشباب.
[6] توضيح مفهوم التطرُّف عبر وسائل الإعلام المختلفة.
[7] رصد المخططات الغربية ومكائد الأعداء لإضعاف الأمة الإسلامية، وتشويه هويتها وصورتها، وذلك بالتصدِّي لها، وكشف برامجها، ومواجهة تحدِّيات العولمة الفكرية والثقافية والإعلامية، والتصدِّي لها بفعالية، والمشاركة والحضور في الساحات الإقليمية والعالمية، بما يحقِّق الخير والطمأنينة للأمة.
[8] تفعيل دور العمل الجماعي على المستويات المحلية والإقليمية والدولية، بين المؤسسات العاملة في مجال العنف، واستحداث برامج وتوفير خدمات قادرة على مواجهة أشكال العنف المتجدِّدة.
[9] الاستغلال الأمثل للفرص السياسية والاقتصادية للدول الواقعة تحت تأثير العنف والتطرُّف، وذلك باستحداث وسائل جديدة تحول دون تأثُّر هذين القطاعين بالمتغيِّرات مهما كانت الأسباب، ومن ذلك مثلاً: تأمين المنشآت الاقتصادية، والمشاركة الفاعلة من الجميع في إدارة شؤون البلاد، منعاً للتذمُّر، وسدَّاً لأي ذريعة للعنف والتطرُّف.
* كاتب وباحث بمجمع الفقه الإسلامي السُّـوداني.
أهمّ المراجع والمصادر:
[1] القرآن الكريم.
[2] معجم المعاني الجامع، والمعجم الوسيط.
[3] تاج العروس من جواهر القاموس، لمحمّد بن محمّد بن عبد الرزّاق الحسيني، أبو الفيض، الملقّب بمرتضى، الزَّبيدي (المتوفى: 1205هـ)، تحقيق مجموعة من المحققين، الناشر: دار الهداية.
[4] تفسير الطبري (جامع البيان عن تأويل آي القرآن)، لمحمد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب الآملي، أبو جعفر الطبري (المتوفى: 310هـ)، تحقيق: الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي، بالتعاون مع مركز البحوث والدراسات الإسلامية بدار هجر، والدكتور عبد السند حسن يمامة، الناشر: دار هجر للطباعة والنشر والتوزيع والإعلان.
[5] تفسير القرآن العظيم، لأبي الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي البصري ثم الدمشقي (المتوفى: 774هـ)، تحقيق سامي بن محمد سلامة، الناشر: دار طيبة للنشر والتوزيع.
[6] جمهرة اللغة، لأبي بكر محمد بن الحسن بن دريد الأزدي (المتوفى: 321هـ)، تحقيق رمزي منير بعلبكي، الناشر: دار العلم للملايين، بيروت، لبنان.
[7] سلسلة الأحاديث الصحيحة وشيء من فقهها وفوائدها، لأبي عبد الرحمن محمد ناصر الدين، بن الحاج نوح بن نجاتي بن آدم، الأشقودري الألباني (المتوفى: 1420هـ)، الناشر: مكتبة المعارف للنشر والتوزيع، الرياض.
[8] سنن ابن ماجه، لابن ماجه أبي عبد الله محمد بن يزيد القزويني، (المتوفى: 273هـ)، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، الناشر: دار إحياء الكتب العربية، فيصل عيسى البابي الحلبي.
[9] الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية، لأبي نصر إسماعيل بن حماد الجوهري الفارابي (المتوفى: 393هـ)، تحقيق: أحمد عبد الغفور عطار، الناشر: دار العلم للملايين، بيروت، لبنان.
[10] مجلة البحوث الإسلامية، العدد (74).
([1]) معجم المعاني الجامع، والمعجم الوسيط.
([2]) تاج العروس من جواهر القاموس، لمحمّد بن محمّد بن عبد الرزّاق الحسيني، أبو الفيض، الملقّب بمرتضى، الزَّبيدي (المتوفى: 1205هـ)، تحقيق مجموعة من المحققين، الناشر: دار الهداية.
([3]) تفسير الطبري (جامع البيان عن تأويل آي القرآن)، لمحمد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب الآملي، أبو جعفر الطبري (المتوفى: 310هـ)، تحقيق: الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي، بالتعاون مع مركز البحوث والدراسات الإسلامية بدار هجر، والدكتور عبد السند حسن يمامة، الناشر: دار هجر للطباعة والنشر والتوزيع والإعلان.
([4]) تفسير القرآن العظيم، لأبي الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي البصري ثم الدمشقي (المتوفى: 774هـ)، تحقيق سامي بن محمد سلامة، الناشر: دار طيبة للنشر والتوزيع.
([5]) جمهرة اللغة، لأبي بكر محمد بن الحسن بن دريد الأزدي (المتوفى: 321هـ)، تحقيق رمزي منير بعلبكي، الناشر: دار العلم للملايين، بيروت، لبنان.
([6]) سورة النساء، الآية (171).
([7]) سلسلة الأحاديث الصحيحة وشيء من فقهها وفوائدها، لأبي عبد الرحمن محمد ناصر الدين، بن الحاج نوح بن نجاتي بن آدم، الأشقودري الألباني (المتوفى: 1420هـ)، الناشر: مكتبة المعارف للنشر والتوزيع، الرياض.
([8]) سنن ابن ماجه، لابن ماجه أبي عبد الله محمد بن يزيد القزويني، (المتوفى: 273هـ)، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، الناشر: دار إحياء الكتب العربية، فيصل عيسى البابي الحلبي.
([9]) الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية، لأبي نصر إسماعيل بن حماد الجوهري الفارابي (المتوفى: 393هـ)، تحقيق: أحمد عبد الغفور عطار، الناشر: دار العلم للملايين، بيروت، لبنان.
([10]) مجلة البحوث الإسلامية، العدد (74).