بسم الله الرحمن الرحيم
لوبا كابيتولينا ويتامى اللجوء!
الفاتح عبد الرحمن محمد*
تحكي الأسطورة الإيطالية القديمة عن الذئبة لوبا كابيتولينا (Lupa capitolina) مرضعة الشقيقين التوأمين اليتيمين مؤسسي إيطاليا "رمولوس" و"روموس" حسب الميثولوجيا الرومانية، واللذيْن تولّت تربيتهما هذ الذئبة بعد أن فقدا والديهما في ظروفٍ غامضةٍ، ويقبع تمثالهما البرونزي اليوم والذي يرجع إلى الحقبة الإتروسكية، ويزن 150 كيلو غراماً في متحف العاصمة روما! وعلى افتراض صحة هذه الأسطورة، تلعب أوروبا اليوم دور الذئبة "لوبا" التي يبدو أنّها قد بدأت في التملمُل والتذمُّر من "الإرضاع" المستمر ليتامى اللاجئين من المسلمين! وبدأت بالتكشير الفعلي عن أنيابها لهم، قبل أن تدوسهم بأقدامها غارزةً أظفارها الحادّة على أجسادهم التي أنهكها مشوار اللجوء القاسي، وهي بصدد المغادرة للبحث عن مخبأ أو مخلب آخر يحول بينها وبين تدفُّق هؤلاء!
إسبانيا وضرب اللاجئين!
أوضاعٌ قاسيةٌ تلك التي يعيشها اللاجئون السوريون وغيرهم من اللاجئين المتدفقين من شتى بلدان العرب والمسلمين صوب أوروبا هرباً من جحيم الحرب، حيث تعرض الشاب السوري (أ/ق) للضرب المبرّح على أيدي الحرس الإسباني لمخيم (السيتي) في مدينة (مليلة) الإسبانية، وقام رئيس الحرس بضربه على رأسه بالعصا الكهربائية قبل أن يتم ركله من قبل باقي أفراد الحرس وسلبه ماله، ولم يكتف رئيس الحرس بضربه، بل أصدر قراراً بطرده خارج المخيم، يتابع الشاب بألم: "هؤلاء نازيين وعنصريين ضربوني فقط لأني سوري فقط كي لا يواجهوا حقيقة أن العالم تركنا نموت في بلادنا... بشار الأسد قتلنا وهدم منازلنا وتوعدنا بالذل الذي يمارس علينا من قبل هؤلاء". ويضيف (أ/ق): "أوروبا التي تتغنى بالدفاع عن حقوق الإنسان، لم تستطع الدفاع عنّا في بلدنا، وها هم يحرمونا في بلادهم حقوقاً وقّعوا عليها عبر اتفاقيات دولية".
أمّا عن خدمات المخيم، يقول (أ/ق): "إنّ الخدمات تفتقر إلى الحد الأدنى من احتياجات الإنسان، فلا توجد حمامات ولا غذاء جيد ولا أسرّة وغرف كافية، ما دفع العديد من السوريين إلى العيش خارج المخيم.
ويعزو البعض إهمال السلطات الإسبانية للاجئين السوريين خوفاً من اليمين المتطرّف، داعين للوقوف يداً واحدة بوجههم، والتصدّي لهم بالاعتصامات السلمية والإضراب عن الطعام تحت شعار (لا نريد طعاماً ولا شراباً، نريد العدالة وحماية أبنائنا السوريين).
عصابات بلغاريا العنصرية!
وإن كنا نتحدث عن سوء الأداء في مخيمات إسبانيا المجاورة للمغرب العربي، فذلك قد يكون مقبولاً مقارنةً بسجون بلغاريا المتاخمة لتركيا، ناهيك عمّن فُقد أثره تماماً بعد دخوله بلغاريا كما حدث مع الشقيقين "عبد الله وزيد قيروز" من سكان مدينة حلب السورية، وناهيك عمّن أكلته الوحوش في غابات بلغاريا أثناء عبوره إلى بلدان أوربية أفضل، كتجسيد حقيقي لافتراس هذه اللوباكابيتولينا لهؤلاء اللاجئين الضعفاء.
وهناك من توفي في المخيمات أو السجون حسب ما يصفها السوريون؛ بسبب سوء الخدمات والإهانات المستمرة بحق الشباب والعوائل على حد سواء، فلم يكن الشاب السوري "خالد وليد" الذي قال أصدقاءه لوكالة أنباء أورينت أنّه توفي كمداً و قهراً بعد إهانته من قبل البوليس البلغاري، وبعد أن رفضت دول أوربية عدة لجوءه إليها.
بيروقراطية فرنسا وجمعياتها الإنسانية الفارغة!
تعتبر فرنسا من الدول الجيدة مقارنةً ببلغاريا وإسبانيا، ولكن يواجه السوريون صعوبة بالغة في تسيير أوراق اللجوء، فحتى الحاصلين فيها على فيزا من نوع (D) وهي فيزا تقدمها السفارات الفرنسية للاجئين في دول جوار سوريا كتركيا ولبنان والأردن؛ حتى هؤلاء يعانون قبل حصولهم على اللجوء، فمثلاً ترفض الحكومة الفرنسية مساعدتهم في دفع إيجار السكن في غالب الحالات، خصوصاً إذا كان اللاجئ أعزباً، إلاَّ بعد ستة أشهر كمدة وسطية، وتشترط بنفس الوقت امتلاكه لعنوان سكن حتى يستطيع تقديم طلب اللجوء!
أيضاً لن يتلقى اللاجئ أية مساعدة من الحكومة الفرنسية قبل أشهر من وصوله لفرنسا، ولا يحق له العمل إلاَّ بعد حصوله على الإقامة المؤقتة! ولا صحة لما يشاع عن أنّه لا أحد ينام في الشارع في فرنسا، فقد نامت إحدى العائلات القادمة من مدينة الرقة السورية في الشارع عدة أيام رغم أنّ البرد القارص في العاصمة باريس يجعل حتى الحيوانات تأوي إلى أنفاق المترو!
هولندا والتجسس على الواتساب!
تقوم السلطات الهولندية بمراقبة اللاجئين السوريين بطريقة قد تثير العجب! يقول اللاجئ السوري في هولندا (هـ/ب) أنّ الأمن الهولندي اعتقل صديقه فقط لأنه ذكر كلمة (تهريب) (وداعش) خلال محادثة على الواتساب مع أصدقائه في تركيا. ودائماً ما تلوِّح السلطات الهولندية بترحيل اللاجئين السوريين في حال توقفت الحرب هناك، خصوصاً وأنها فعلت ذلك قبلاً مع العراقيين!
أمّا رئيس حزب (الحرية) الهولندي (خيرت فيلدرز) فطالب أمام البرلمان
الهولندي بإرغام دول الخليج لا سيما قطر والسعودية والإمارات٬ على استقبال اللاجئين السوريين على أراضيها٬ ومساعدتهم٬ متسائلاً عن "الأسباب التي تدعو هولندا والدول الأوربية لاستقبالهم وإيوائهم، في حين أن لدى دول الخليج العربية٬ القدرة المالية واللوجستية والجغرافية على ذلك!
السويد وعزل اللاجئين!
وحتى السويد إن عرجنا عليها قليلاً، ففيها يشتكي السوريون من أنّ الحكومة هناك تتعمّد وضعهم في منازل بقرى بعيدة عن المدن الرئيسة، وتكاد تكون مقطوعة، وغالبية سكانها من العرب!
استغلال الأطفال اللاجئين جنسياً:
كشف جهاز الشرطة الأوروبية "يوروبول" أنّ نحو 10 آلاف طفل لاجئ اختفوا في أوروبا فعلًا، بينهم 5 آلاف اختفوا في إيطاليا، وألف طفل في السويد. وأبدى رئيس الجهاز "بريان دونالد" تخوّفه من وجود شبكة ضخمة للإتجار بالبشر، تنتشر في عدد من البلدان الأوروبية، وتتخذ من أطفال اللاجئين مادة دسمة لعملها. وقال "دونالد": "ليس كل الأطفال المختفين، والذي وصل عددهم إلى 10 آلاف طفل، وقعوا في أيدي مجرمين أو قتلة، بعضهم سيتم عرضه للتبني وسيعيشون مع عائلات ترعاهم وتنفق عليهم وتعاملهم بالحب الذي يستحقونه، لكننا في الوقت نفسه لا نعرف أين هم الآن، أو ماذا يفعلون، أو مع من".
وأضاف "دونالد": "من الممكن أن يكون هؤلاء الأطفال المختفون قد تم استغلالهم جنسيًا من قبل شبكات الإتجار بالبشر، كاشفًا أنّ الأشهر الـ 18 الأخيرة شهدت وجود بنية تحتية متكاملة لاستغلال ارتفاع أعداد المهاجرين إلى أوروبا من قبل شبكات الجريمة المنظمة". ونوّه "دونالد" إلى وجود سجناء في السجون الألمانية والمجرية مدانين بالتورط في جرائم جنسية طالت الأطفال والقصّر، مبديًا خشيته من أن يكون الأطفال المختفون قد وقعوا في براثن أولئك المجرمين.
يُذكر أنّ عدد الأطفال اللاجئين (أغلبهم من سوريا) الذين وصلوا إلى البلاد الأوروبية بلغ نحو 26 ألف طفل خلال العام المنصرم وحده، بحسب تقديرات منظمة إنقاذ الطفولة الدولية (Save The Children)، بينما قالت "يوروبول" إنّ هنالك نحو 270 ألف طفل لاجئ الآن، ممن هم دون عمر 18 سنة، بدون مرافق عائلي.
إذن هي أوضاعٌ مأساويةٌ يعيشها اللاجئون السوريون في أوروبا، جعلتهم بين مطرقة الحرب المستعرة في بلادهم، وسندان القهر والاستغلال بشتّى صوره في دول أوروبا التي آوتهم (مجازاً)، ولكنها (حقيقةً) تفاقم من معاناتهم وآلامهم، ولكن لا سبيل لهم للتراجع والعودة، فالموت بمخالب (لوباكابيتولينا) الأوروبية، أفضل مائة مرة بالنسبة إليهم من الموت برصاص وصواريخ وقنابل ذوي القربى.
*كاتب وتربوي وباحث بمجمع الفقه الإسلامي السُّـوداني.
مراجع المقال:
[1] ويكبيديا الموسوعة الحرة.
[2] تحقيق بموقع (أورينت نت) بعنوان: سوريون يتحدثون عن تجارب مؤلمة في أوروبا: استثناء أم مصير، منشور بتاريخ: 2/2/2015م.
[3] مقال بموقع (مرآة سوريا الإخباري التجريبي) بعنوان: اليوروبول ترجّح وقوع استغلال جنسي بحق 10 آلاف طفل لاجئ في أوروبا، منشور بتاريخ: 31/1/2016م.
لوبا كابيتولينا ويتامى اللجوء!
الفاتح عبد الرحمن محمد*
تحكي الأسطورة الإيطالية القديمة عن الذئبة لوبا كابيتولينا (Lupa capitolina) مرضعة الشقيقين التوأمين اليتيمين مؤسسي إيطاليا "رمولوس" و"روموس" حسب الميثولوجيا الرومانية، واللذيْن تولّت تربيتهما هذ الذئبة بعد أن فقدا والديهما في ظروفٍ غامضةٍ، ويقبع تمثالهما البرونزي اليوم والذي يرجع إلى الحقبة الإتروسكية، ويزن 150 كيلو غراماً في متحف العاصمة روما! وعلى افتراض صحة هذه الأسطورة، تلعب أوروبا اليوم دور الذئبة "لوبا" التي يبدو أنّها قد بدأت في التملمُل والتذمُّر من "الإرضاع" المستمر ليتامى اللاجئين من المسلمين! وبدأت بالتكشير الفعلي عن أنيابها لهم، قبل أن تدوسهم بأقدامها غارزةً أظفارها الحادّة على أجسادهم التي أنهكها مشوار اللجوء القاسي، وهي بصدد المغادرة للبحث عن مخبأ أو مخلب آخر يحول بينها وبين تدفُّق هؤلاء!
إسبانيا وضرب اللاجئين!
أوضاعٌ قاسيةٌ تلك التي يعيشها اللاجئون السوريون وغيرهم من اللاجئين المتدفقين من شتى بلدان العرب والمسلمين صوب أوروبا هرباً من جحيم الحرب، حيث تعرض الشاب السوري (أ/ق) للضرب المبرّح على أيدي الحرس الإسباني لمخيم (السيتي) في مدينة (مليلة) الإسبانية، وقام رئيس الحرس بضربه على رأسه بالعصا الكهربائية قبل أن يتم ركله من قبل باقي أفراد الحرس وسلبه ماله، ولم يكتف رئيس الحرس بضربه، بل أصدر قراراً بطرده خارج المخيم، يتابع الشاب بألم: "هؤلاء نازيين وعنصريين ضربوني فقط لأني سوري فقط كي لا يواجهوا حقيقة أن العالم تركنا نموت في بلادنا... بشار الأسد قتلنا وهدم منازلنا وتوعدنا بالذل الذي يمارس علينا من قبل هؤلاء". ويضيف (أ/ق): "أوروبا التي تتغنى بالدفاع عن حقوق الإنسان، لم تستطع الدفاع عنّا في بلدنا، وها هم يحرمونا في بلادهم حقوقاً وقّعوا عليها عبر اتفاقيات دولية".
أمّا عن خدمات المخيم، يقول (أ/ق): "إنّ الخدمات تفتقر إلى الحد الأدنى من احتياجات الإنسان، فلا توجد حمامات ولا غذاء جيد ولا أسرّة وغرف كافية، ما دفع العديد من السوريين إلى العيش خارج المخيم.
ويعزو البعض إهمال السلطات الإسبانية للاجئين السوريين خوفاً من اليمين المتطرّف، داعين للوقوف يداً واحدة بوجههم، والتصدّي لهم بالاعتصامات السلمية والإضراب عن الطعام تحت شعار (لا نريد طعاماً ولا شراباً، نريد العدالة وحماية أبنائنا السوريين).
عصابات بلغاريا العنصرية!
وإن كنا نتحدث عن سوء الأداء في مخيمات إسبانيا المجاورة للمغرب العربي، فذلك قد يكون مقبولاً مقارنةً بسجون بلغاريا المتاخمة لتركيا، ناهيك عمّن فُقد أثره تماماً بعد دخوله بلغاريا كما حدث مع الشقيقين "عبد الله وزيد قيروز" من سكان مدينة حلب السورية، وناهيك عمّن أكلته الوحوش في غابات بلغاريا أثناء عبوره إلى بلدان أوربية أفضل، كتجسيد حقيقي لافتراس هذه اللوباكابيتولينا لهؤلاء اللاجئين الضعفاء.
وهناك من توفي في المخيمات أو السجون حسب ما يصفها السوريون؛ بسبب سوء الخدمات والإهانات المستمرة بحق الشباب والعوائل على حد سواء، فلم يكن الشاب السوري "خالد وليد" الذي قال أصدقاءه لوكالة أنباء أورينت أنّه توفي كمداً و قهراً بعد إهانته من قبل البوليس البلغاري، وبعد أن رفضت دول أوربية عدة لجوءه إليها.
بيروقراطية فرنسا وجمعياتها الإنسانية الفارغة!
تعتبر فرنسا من الدول الجيدة مقارنةً ببلغاريا وإسبانيا، ولكن يواجه السوريون صعوبة بالغة في تسيير أوراق اللجوء، فحتى الحاصلين فيها على فيزا من نوع (D) وهي فيزا تقدمها السفارات الفرنسية للاجئين في دول جوار سوريا كتركيا ولبنان والأردن؛ حتى هؤلاء يعانون قبل حصولهم على اللجوء، فمثلاً ترفض الحكومة الفرنسية مساعدتهم في دفع إيجار السكن في غالب الحالات، خصوصاً إذا كان اللاجئ أعزباً، إلاَّ بعد ستة أشهر كمدة وسطية، وتشترط بنفس الوقت امتلاكه لعنوان سكن حتى يستطيع تقديم طلب اللجوء!
أيضاً لن يتلقى اللاجئ أية مساعدة من الحكومة الفرنسية قبل أشهر من وصوله لفرنسا، ولا يحق له العمل إلاَّ بعد حصوله على الإقامة المؤقتة! ولا صحة لما يشاع عن أنّه لا أحد ينام في الشارع في فرنسا، فقد نامت إحدى العائلات القادمة من مدينة الرقة السورية في الشارع عدة أيام رغم أنّ البرد القارص في العاصمة باريس يجعل حتى الحيوانات تأوي إلى أنفاق المترو!
هولندا والتجسس على الواتساب!
تقوم السلطات الهولندية بمراقبة اللاجئين السوريين بطريقة قد تثير العجب! يقول اللاجئ السوري في هولندا (هـ/ب) أنّ الأمن الهولندي اعتقل صديقه فقط لأنه ذكر كلمة (تهريب) (وداعش) خلال محادثة على الواتساب مع أصدقائه في تركيا. ودائماً ما تلوِّح السلطات الهولندية بترحيل اللاجئين السوريين في حال توقفت الحرب هناك، خصوصاً وأنها فعلت ذلك قبلاً مع العراقيين!
أمّا رئيس حزب (الحرية) الهولندي (خيرت فيلدرز) فطالب أمام البرلمان
الهولندي بإرغام دول الخليج لا سيما قطر والسعودية والإمارات٬ على استقبال اللاجئين السوريين على أراضيها٬ ومساعدتهم٬ متسائلاً عن "الأسباب التي تدعو هولندا والدول الأوربية لاستقبالهم وإيوائهم، في حين أن لدى دول الخليج العربية٬ القدرة المالية واللوجستية والجغرافية على ذلك!
السويد وعزل اللاجئين!
وحتى السويد إن عرجنا عليها قليلاً، ففيها يشتكي السوريون من أنّ الحكومة هناك تتعمّد وضعهم في منازل بقرى بعيدة عن المدن الرئيسة، وتكاد تكون مقطوعة، وغالبية سكانها من العرب!
استغلال الأطفال اللاجئين جنسياً:
كشف جهاز الشرطة الأوروبية "يوروبول" أنّ نحو 10 آلاف طفل لاجئ اختفوا في أوروبا فعلًا، بينهم 5 آلاف اختفوا في إيطاليا، وألف طفل في السويد. وأبدى رئيس الجهاز "بريان دونالد" تخوّفه من وجود شبكة ضخمة للإتجار بالبشر، تنتشر في عدد من البلدان الأوروبية، وتتخذ من أطفال اللاجئين مادة دسمة لعملها. وقال "دونالد": "ليس كل الأطفال المختفين، والذي وصل عددهم إلى 10 آلاف طفل، وقعوا في أيدي مجرمين أو قتلة، بعضهم سيتم عرضه للتبني وسيعيشون مع عائلات ترعاهم وتنفق عليهم وتعاملهم بالحب الذي يستحقونه، لكننا في الوقت نفسه لا نعرف أين هم الآن، أو ماذا يفعلون، أو مع من".
وأضاف "دونالد": "من الممكن أن يكون هؤلاء الأطفال المختفون قد تم استغلالهم جنسيًا من قبل شبكات الإتجار بالبشر، كاشفًا أنّ الأشهر الـ 18 الأخيرة شهدت وجود بنية تحتية متكاملة لاستغلال ارتفاع أعداد المهاجرين إلى أوروبا من قبل شبكات الجريمة المنظمة". ونوّه "دونالد" إلى وجود سجناء في السجون الألمانية والمجرية مدانين بالتورط في جرائم جنسية طالت الأطفال والقصّر، مبديًا خشيته من أن يكون الأطفال المختفون قد وقعوا في براثن أولئك المجرمين.
يُذكر أنّ عدد الأطفال اللاجئين (أغلبهم من سوريا) الذين وصلوا إلى البلاد الأوروبية بلغ نحو 26 ألف طفل خلال العام المنصرم وحده، بحسب تقديرات منظمة إنقاذ الطفولة الدولية (Save The Children)، بينما قالت "يوروبول" إنّ هنالك نحو 270 ألف طفل لاجئ الآن، ممن هم دون عمر 18 سنة، بدون مرافق عائلي.
إذن هي أوضاعٌ مأساويةٌ يعيشها اللاجئون السوريون في أوروبا، جعلتهم بين مطرقة الحرب المستعرة في بلادهم، وسندان القهر والاستغلال بشتّى صوره في دول أوروبا التي آوتهم (مجازاً)، ولكنها (حقيقةً) تفاقم من معاناتهم وآلامهم، ولكن لا سبيل لهم للتراجع والعودة، فالموت بمخالب (لوباكابيتولينا) الأوروبية، أفضل مائة مرة بالنسبة إليهم من الموت برصاص وصواريخ وقنابل ذوي القربى.
*كاتب وتربوي وباحث بمجمع الفقه الإسلامي السُّـوداني.
مراجع المقال:
[1] ويكبيديا الموسوعة الحرة.
[2] تحقيق بموقع (أورينت نت) بعنوان: سوريون يتحدثون عن تجارب مؤلمة في أوروبا: استثناء أم مصير، منشور بتاريخ: 2/2/2015م.
[3] مقال بموقع (مرآة سوريا الإخباري التجريبي) بعنوان: اليوروبول ترجّح وقوع استغلال جنسي بحق 10 آلاف طفل لاجئ في أوروبا، منشور بتاريخ: 31/1/2016م.