لزمن ظللت أتابع بإهتمام بالغ إنعكاسات خروج المرأة لسوق العمل...طيلة عقود كنت أبدي نوع من الإحتراز حول الدور المتوقع من المرأة خارج بيتها، نعم لها دور تؤديه في تنمية البلد هذا مما لا شك فيه و ما هو قابل للمناقشة : في اي مجال تعطي المرأة أفضل ما عندها ؟ ثم لماذا جل علماؤنا الكرام ركبوا الموجة و قبلوا بخروجها لتقديم يد العون للزوج و رب البيت و قلة منهم تساءل حول هذا التحول الجذري في وظيفة المرأة لتدفع دفع للإسترزاق في مهن لا يقدر عليها إلا الرجال ؟
ثم ماذا يعني أن تعين رجال العائلة في مهام لم تخلق لها ؟ هذا و كيف تكيف المقدس بالواقع عوض العكس ؟ فالذي يجب ان يخضع للنص القرآني و الحديث النبوي الشريف الواقع بكل حيثياته، لماذا نفرض علي المرأة دور المعيل و النص الشرعي أسند هذا الدور بالذات للقوام أي الرجل ؟
كثيرا ما وقع تسويق عمل المرأة تحت لافتة "الظروف الإقتصادية القاهرة" و "النظام الإقتصادي الغير العادل"و"غلاء المعيشة" و قلة من أقروا الطابع الغير الشرعي للنظام الإقتصادي و سوء التسيير و نبهوا لمعالجة جذور الأزمة و ليس فروعها و نتائجها.
مهمة عالم الدين الحفاظ علي شرائع الدين و ليس إرضاء طرف كان في السلطة ام خارجها، نحن اليوم نعاني من خلط في الأدوار و إجحاف خطير في حق المجتمع، لا يتربي الطفل في حضن ابويه بل أول ما يعرف برد الصبح و هو ينقل إلي مكان غريب يسجن فيه طوال اليوم لتتمكن الأم من أداء عملها و ترتب عن ذلك نمو جيل نموا ناقصا فاقد للحنان و العطف غير قادر علي إستيعاب الفراغ النفسي و العاطفي الذي أحدثه غياب الأم.
فماذا ربحنا إقتصاديا ؟ هل انجزت الدور الحضارية التقدم المنشود أم أننا نراوح مكاننا غير عابئين بتبعات تحريف فطرة المرأة و تحميلها ما لا طاقة لها به ؟
أي قفز عن المقدس مجلبة للكثير من المتاعب و إخلال بالتوازن الإجتماعي و لا مناص من معالجة الوضع إنطلاقا من تصحيح الأوضاع الإقتصادية، فالنظام المتبع إلي حد الساعة تسبب لنا في خسائر و مزيد من التخلف و لم نحصل علي الإزدهار بل نتج عنه تعاسة الفرد و الأسرة و إن كنا نرغب صدقا في التغيير الجذري علينا بنهج نمط جديد في الإبتكار و التصنيع و الإنتاج. المعرفة لوحدها سبب من اسباب الثراء و التطور، لماذا حصرنا أنفسنا في أنموذج سبق و أن اثبت إفلاسه في دول أخري ؟
ربط الإقتصاد بإحتياجات المجتمع و الأسر و تنويع مصادر الدخل و تثبيت الأسعار مع دورة إنتاج بتكاليف منخفضة و حركة تصدير حثيثة نعدها حلول عملية و آنية تمكننا من الإستقلال الحضاري...و في نفس الوقت نحقق مطابقة الواقع بالمقدس...