خالد حسن
كشف الصحفي صموئيل أوكفورد أنه "بعد أشهر من النفي، اعترفت القيادة المركزية الأمريكية أن الولايات المتحدة استخدمت اليورانيوم المنضب ضد داعش في سوريا". وهكذا كل "قوة سنية متمردة"، أيا كانت، رافضة للخضوع لا تلتزم بالتفاهمات والصفقات، ستواجه باليورانيوم والتحالف العالمي لمنع العدوى واتساع نطاق التمرد.
هناك تفاهمات من خضع لها وتكيف مع مقتضياتها فهو "آمن" أو يمكن التعامل معه حتى ولو كانت "داعش"، ومن تمرد عليها فهو "محارب" حتى ولو كانت قوة لا تحمل فكر داعش.
حتى لو لم تدخل "داعش" الموصل ولا الرقة وتاهت في صحراء الأنبار لقُصفت وحوربت، ليس لأنها "داعش"، وإنما لأنها "متمردة في بيئة سنية".
وبدا أن أكثر وضع مُحارب مُرعب مُفزع يجتمع على محاربته أسياد العالم: "التمرد السني"، ذلك أن "الأسياد" أغلقوا لعبة الأمم ولن يسمحوا بأي "تمرد سني"، أيا كان، على قواعد وأصول وتفاهمات معادلة السيطرة والهيمنة.
وكل الثورات العربية حتى الآن لم تتجاوز السقف و"الأسياد" لها بالمرصاد محاربة أو ركوبا وتمييعا أو تبنيا وتوظيفا.
وتتنافس أمريكا وروسيا لتوثيق العلاقة مع إيران لاستخدامها في سياسات الإخضاع والمحاربة للمناطق السنية "المتمردة"، وقائمة الوكلاء ممتدة. وتجربة الصحوات "السنية" كانت صناعة أمريكية بدعم خليجي لإجهاض "التمرد" من داخل البيئة السنية نفسها.
إذ الكيان القوي المستقل الناهض مُحرَم على العرب، فهم ليسوا أكثر من قبائل متناحرة متناثرة، هكذا يُنظر إليهم وعلى هذا الأساس يُعاملون.
وربما، بعد كل هذا الإرث من الصراع والقصف والتحطيم، يبدو أنه لا خيار للسنة إلا التمرد، قبل داعش وأثناءها وبعدها، وربط التمرد بداعش هذا ما تسوق له الدعاية الأمريكية والغربية.
ليس أمام السنة إلا التمرد، والقول بالتصالح والتكيف مع لعبة الأمم، أو ما يسمى بقواعد النظام العالمي، وهم وبخس وسطحية.
وفكرة "الراعي" هي نوع من السيطرة على "التمرد" حتى لا يمضي بعيدا في اندفاعه فيتجاوز السقف ويقترب من دائرة "المحظور"، و"الراعي"، المُكبل المُقيد، لا يملك أن يتجاوز الخطوط الحمراء ولا أن يتحركا بعيدا عن "التفاهمات" والحسابات القومية.
ليس شرط "التمرد" أن يكون دفعة واحدة، بل ربما يكون في هذا هلاكه واستنزافه، وإنما على مراحل، والتسلح بالوعي والنضج والقوة والتخطيط والرؤية المُلمة العميقة أساس نهوضه، وهذا على امتداد المكان والزمان.
*العصر