مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب

2014/08/17 20:10
إنهم لا يحلمون ولكنهم يفكرون
بقلم خالد حسن

24-10-2011

إنهم لا يدمرون وليسوا مخربين، ولكنهم يقظون واعون، وشهود على العقلية الحاكمة التي شاخت وهرمت، والغارقون في سباتهم والحالمون هم من يعتقدون أن الأمور يمكن أن تستمر على هذا النحو إلى ما لا نهاية، مع بعض التغييرات الشكلية فقط. فالاستخلاف والتعيين ومراسيم المناصب لا تعني هذه الأجيال الجديدة في شيء، هي أشبه بطقوس متوارثة، قد تبدو مصيرية داخل البيت العائلي،
مراسيم الاستخلاف والتعيين لا تحتاج إلى عناء كبير، لكن الاختبار الحقيقي لقيمتها هو ما يتحقق للشعب من كرامة ونهوض في اليوم التالي، وكيف تتغير أوضاع البؤس السياسي في المملكة.

لقد استفاق الشباب السعودي على حقيقة الوضع، إنه لا يعيش الممكن المتاح، وإنما دون ذلك بكثير، ليجد نفسه ’’مضطرا’’ لأن يفكر في بدائل.

الطريق طويل أمام جيل الأزمنة الجديدة في المملكة، وقريبا سيكون عليهم الخوض في الأسئلة الصعبة الحقيقية، ولا تتعلق بما لا يريدونه، كما كان حال من سبقهم، بل بما يريدونه، أي عقد اجتماعي وسياسي جديد ينقلهم إلى ما بعد عقلية التأسيس والتصلب والانغلاق في إدارة حكم البلاد؟

إذ تنبه الجيل الإصلاحي الجديد إلى أن الإغراق في لوم الأشخاص الفاسدين وتصرّفاتهم لا يقدم ولا يؤخر من الوضع شيئا، وما عليه إلا التركيز على المنظومة التي تدفع وتشرع الفساد.

لن يعهدوا لآخرين، أيا كانوا، بمتابعة مطالبهم والتحدث باسمهم، لن يتوسط لهم أحد، ومطالبهم وتطلعاتهم لا يصح فيها التوسط وإنما الضغط والإلحاح والتسلح بالوعي والمعرفة، فليسوا أحسن حالا من غيرهم، وما اقتنعوا يوما منذ أن استفاقوا بهذا الوهم.

إنهم لا يدمرون وليسوا مخربين، ولكنهم يقظون واعون، وشهود على العقلية الحاكمة التي شاخت وهرمت، والغارقون في سباتهم والحالمون هم من يعتقدون أن الأمور يمكن أن تستمر على هذا النحو إلى ما لا نهاية، مع بعض التغييرات الشكلية فقط.

إذاً هل التغيير ممكن فعلا؟ يتوزع، في هذه الأيام، الممكن والمستحيل بطريقة غريبة. ففي ميادين الفساد والخراب المؤسسي، يصبح المستحيل ممكناً أكثر فأكثر، إذ ’’لا شيء مستحيل’’، وأما في الجوانب السياسية والاقتصادية والقضايا المصيرية الملحة، يكرّرون على مسامعنا طوال الوقت بأنه لا يمكنكم.

وما فهمه جيل الأزمنة الجديدة، أنه ربما حان الوقت لقلب هذه المفاهيم عن الممكن والمستحيل.

فالاستخلاف والتعيين ومراسيم المناصب لا تعني هذه الأجيال الجديدة في شيء، هي أشبه بطقوس متوارثة، قد تبدو مصيرية داخل البيت العائلي، لكنها مشاهد موغلة في القدم والجمود بالنسبة لمن استفاقوا على حقيقة البؤس السياسي.
*مجلة العصر
أضافة تعليق