مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب

2016/04/01 18:01
الروس والصهاينة يرسمون خريطة سوريا

  	الروس والصهاينة يرسمون خريطة سوريا

في الوقت الذي ينتظر فيه العالم انتخاب رئيس جديد للولايات المتحدة، تتصرف روسيا اليوم كما لو أنها الدولة العظمى الوحيدة المؤثرة في دول المنطقة، حتى إن انسحابها العسكري الجزئي من سوريا أحدث ضجة كبيرة وشغل العالم وأربك اللاعبين وأعادت خلط الأوراق السياسية من جديد.

وقد يكون الاندفاع الإسرائيلي الأخير تجاه روسيا أحد المؤشرات الدالة على التأثير المتعاظم لروسيا في مستقبل المنطقة، ولعل الزيارة الأخيرة للرئيس الصهيوني، رئوفين ريفلين، لموسكو واجتماعه مع بوتين، للتنسيق والتفاهم معه على مرحلة ما بعد الانسحاب الروسي، تندرج في هذا السياق، تماما مثلما سارع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، قبل خمسة أشهر إلى لقاء بوتين عشية التدخل العسكري الروسي في سوريا.

ولم يأت "ريفلين" لمجاملة بوتين، بل حمل لائحة واضحة بالمطالب الإسرائيلية أو ما أسماه مراقبون بالخطوط الحمر التي رسمها الكيان الصهيوني لمرحلة ما بعد الانسحاب.

لقد طلب "ريفلين" مساعدة روسيا في منع إيران و"حزب الله" من الاقتراب من الحدود السورية الإسرائيلية، غير أن الأهم هو سعيه للتفاهم مع روسيا حول رسم المستقبل السياسي لسوريا، مستغلا الكلام الروسي عن "الفيدرالية".

والبعض يرى في التوجه نحو روسيا تحولا في السياسة الخارجية الإسرائيلية، قد يعكس قناعة مستجدة بأن من يضمن مصالح إسرائيل وأمنها في هذه المرحلة هو التفاهم مع الروس، وأكثر من ذلك: من يرسم مستقبل المنطقة هي موسكو وليست واشنطن، على الأقل فيما تبقى من رئاسة أوباما.

فبوتين أعاد رسم خريطة سوريا -بسط سلطة المكون العلوي على مناطق إستراتيجبة وهيأ لقيام حكم ذاتي للأكراد- وأمَنها بقاعدتين، ولهذا أبقى على القوة الروسية الجوية والصاروخية في قاعدتي طرطوس وحميميم، وهي "عماد الإستراتيجية العسكرية الروسية في المنطقة"، وفقا لتعبير أحد المراقبين، فيما لم يخرج أردوغان ومعه بعض العرب من سرداب الضوء الأخضر الأمريكي.

ورمى الرئيس الروسي بثقله العسكري وغامر باقتصاده الهش، ولكنه في الأخير حقق هدفه، وهو القدرة على تحديد مصير سوريا، على الأقل في هذا الوقت، ولا يبدو بوتين متهورا ومغامرا إلى الحدَ الذي ينتحر فيه من أجل الأسد، وما كان مستعدا لذلك منذ اليوم الأول من تدخله العسكري، لهذا مكَنه من السيطرة على الخط الصاعد من درعا في الجنوب حتى دمشق ومن دمشق حتى حلب، وبدأت قواته كل هذا بتعزيز خطوط الدفاع لمدن الشاطئ، اللاذقية وطرطوس، ثم انسحب جزئيا مع استعداد باستئناف الحسم العسكري في أي وقت.

وقد ضمن أنه لن يكون هناك أي حل في سوريا من دون روسيا، وأكثر من ذلك من يرسم الخريطة اليوم في سوريا هم الروس بتنسيق مع الصهاينة، تاركين لتركيا الشجب واستصراخ العالم، خصوصا وأن "التفاهم الروسي الإسرائيلي" مرتاح لوضع فصائل الثورة السورية أكثر من أي وقت مضى بسبب الخطوط الحمراء والخرائط الجديدة وتحكم الداعمين عن بعد، حيث ربط كثير منها، مع ضعفها وانقسامها، مصيره بالداعمين ووضع قراره تحت تصرفهم، لتبدو اليوم أشبه بالتابع الوكيل.

أضافة تعليق