" إن للأشياء وجوداً في عالم الأعيان ووجوداً في الأذهان ووجوداً في اللسان .. اللفظ والعِلم والمعلوم " أبو حامد الغزالي
وموعدي اليوم مع فضول مُلح حول معلوم الشجرة في القرآن الكريم في مسارها التكويني في عالم الأعيان والأذهان واللسان ، تخوم الرمزية الفاصلة واتصالها المباشر بتجليات الخالق سبحانه وتعالى في الكون ، وسدرة المنتهى حيث تنتهي عندها الأعمال والمُكرمين ، وقصة الخلق ومنتهى المقام بين طوبى والزقوم .
والسؤال :
هل الأسماء هي عين المُسمى أو غيره أوهي وغيره ؟
هل لي مع الشجرة أن أرتقي براق النفاذ من أقطار السموات والأرض ؟
أن أخرج من بين غصونها خارج حدود الزمان والمكان ؟
أن أتحسس المطلق معنى يُذاق حين لا تسعفنا العبارة ؟
يقول النِّفَّري : الكلمة حجاب والحرف حجاب .
وأقول : للعقل شهوة ، وشهوته إدراك ما وراء الحجاب ،، وله حد ،، والاعتراف بعدم الإدراك إدراك ، ومن وهبه الله نعمة تذوق العبارة فقد التقط الإشارة .
بوساطة النص القرآني الكريم يمكن أن أمتطي مصطلح الشجرة ، فالمضمر يتستر تارة ويظهر أخرى بين الأخدود التأويلي والسهل الظاهر لساحل هذا الخضم ، في تلازم بين وضع الشجرة في النص القرآني والطباع الإنسانية ولعلي أستطيع أن أدفع تخوم هذه العلاقة إلى الأبعد .
ربما أستطيع .. أن أربط المصطلح ( الشجرة ) بعلاقة مع حقل المعنى في علاقة شبيهة بعلاقة العلة بالمعلول ، فبدلاً من أن يكون ظاهر النص هو المعنى المؤمنين به جميعاً فقط ، يكون هو الرمزية لطباع هذا الإنسان المكلف بعبادة ربه - سبحانه وتعالى – والمكرم بين الخلائق بعمارة الأرض .
والشجرة إحدى أحياءها المكلف بالعناية بها ، الشجرة صفحة الغلاف لحالات تشخيصية لتكوين الإنسان المخلوق من تربة نمت وستنمو بين جزئياتها ، فإيجاز مصطلح الشجرة وتجريده في واقعها الملموس فقط لا يعني أن التفاصيل التي لا يمثلها المصطلح بشكل ملموس ليست من أجزاء الحقل الفعلية وغير المفترضة .
إن استنطاق السياقات التي ذكرت فيها الشجرة في القران الكريم هو استنطاق للذاكرة البشرية ،تحوم فيها قصة تتعدد فصولاً كمن يتلمس منحوتة فنية في خضم ومضة ذهنية خاطفة أحياناً ومترجلة حين .
لن تكون تخوم هذه العلاقة قطعاً للزمان ولا انصرافاً عن المألوف وما هي إلا انفعال بالحياة في عالم أرحب وأفسح ضمن ( البين بين ) فأحتمي بظلال "أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ "﴿١٤﴾ الملك