ثريا الشيباني
٠٨ مارس ٢٠٢٠
كانت المرأة هي أبرز معالم ثورة فبراير ٢٠١١ بخروجها إلى ساحات الاعتصام كثائرة وطبيبة وناشطة، حضورها أدهش الداخل والخارج وأنصف المجتمع اليمني نساءً ورجالاً كما أكد أنه لا يعيق المرأة عن مشاركة الرجل شيء إن هي أرادت ذلك. يومها رفعت ساحات الاعتصام شعار (الشعب يريد ..) فارادت المرأة اليمنية وفعلت ما تريد.
شاركت المرأة في أحداث الثورة وتبعاتها، تهتف وتداوي وتحاور وترفض وتتنازل.
حتى جاء الانقلاب على الثورة بتحالف النظام السابق مع مليشيا الحوثي ومثلما انقسم الرجال انقسمت النساء إلى أيادٍ تصفق للإنقلاب وتبطش بمن يرفضه وأصوات تهتف ضد الانقلاب وممارساته الإرهابية.
ولأن المرأة كانت هي أجمل صور الثورة السلمية فقد كانت أبشع صور الانقلاب هي "ملشنة المرأة اليمنية"، اذ ظهرت المرأة في صورة لم نعرفها من قبل، تهاجم المسيرات و تعتدي على المتظاهرين السلميين في المسيرات النسائية والرجالية أيضاً.. إلى أن وصل الأمر بعد الحرب إلى اقتحامها المنازل وترويع سكانها ونهب الممتلكات.
وبالمقابل تجرعت المرأة أصنافاً من إرهاب الإنقلاب متمثلاً في الاعتداء على مسيراتهن واختطاف أزواجهن وأولادهن واقتحام المؤسسات والدور التي يعملن فيها كدار اليتيمات وغيرها.
حصلت المرأة في حكومة ما بعد الإنقلاب على أكثر من منصب وفي ذلك تجميل لوجه المليشيا التي صادرت مؤسسات الدولة كلها.. وبكل سذاجة احتفى الكثير بهذا المنجز متجاهلين أن هذه الحكومة تشكلت تحت تهديد السلاح الذي نهبته مليشيا الإنقلاب من مؤسسة الجيش.
وعندما انقسم الانقلاب انقسمت النساء أيضاً الى "مناصرات للحوثي" و "مناصرات لصالح" وحتى عندما انتهى صراع طرفي الانقلاب بمقتل صالح لم تقف النساء على الحياد، وفي الوقت الذي استسلمت فيه القبائل المسلحة المناصرة لصالح كانت المرأة هي من خرجت تندد بقتله وتطالب بالإفراج عن جثته وهو مالم يجروء عليه الرجال حتى من عائلة صالح نفسها.
ولكن المرأة المؤمنة بالحوثي لا تقل جرأة هي الأخرى حيث واجهت المسيرات بالعصي والصواعق الكهربائية. وهكذا تعرضت المرأة المناصرة لصالح للخطف والتعذيب والقتل في الوقت الذي تقهقرت فيه رجال القبائل بكل سلاحها وآثرت السلامة وأذعنت للحوثي.
استمرت المرأة في دعمها مليشيا الحوثي مثلها مثل اخيها الرجل بل إنها أكثر حضوراً في المحافل الدولية ولازالت تسعى جاهدة لتجميل المليشيا أمام المجتمع الدولي وإظهاره كأقلية دينية تصارع من أجل البقاء ومثلهن أيضا نساء يناهضن إرهاب مليشيا الحوثي بما يمتلكن من الوسائل، كما اشتغلت أخريات بالعمل الإنساني والاجتماعي والثقافي، فلم يعدن للمنزل و إن آثرن السلامة بعدم مواجهة مليشيا الحوثي.
ظهر للمرأة لون مختلف عن كل ماسبق وهي المرأة التي صنعت مستقبلها وسط الدمار حيث ظهرت مشاريع تجارية نسائية جديدة على المجتمع اليمني، وفي الوقت الذي تعج به العيادات النفسية بالرجال الذين فقدوا أعمالهم أو رواتبهم ظهرت أكثر من صاحبة عمل حر!
أما دولياً فبعد أن كانت المرأة اليمنية تحظى بتعاطف المنظمات لضعفها ومظلوميتها كزوجة صغيرة أو معنفة أصبحت تحصد الجوائز على إنجازاتها الاستثنائية ابتداءً من جائزة نوبل للسلام إلى جوائز التميز و الشجاعة لأكثر من جهة. ففي أول أسبوع فقط من مارس الحالي حصلت ثلاث نساء يمنيات على جوائز قيمة . حيث حصلت" ياسمين القاضي" على جائزة الشجاعة المقدمة من وزارة الخارجية الأمريكية كما اختارت مجلة التايم الامريكية "توكل كرمان" ضمن مائة امرأة مؤثرة خلال مائة عام وحصلت "هدى الصراري" على جائزة "مارتن اينالز" التي تمنحها عشر منظمات حقوقية حول العالم للمدافعين والمدافعات الذين برزوا من خلال التزامهم وشجاعتهم، معرضين حياتهم للخطر.
وحتى على مستوى المرأة البسيطة كان احتماء المرأة ببيتها هو الخيار في الصراعات والحروب، أما في الحرب الحالية لم يعد البيت هو أمان المرأة بعد أن حملت الطائرات والقذائف الموت إلى المنازل و صالات الأفراح فخرجت المرأة من بيتها ولم تعد. خرجت لتواجه الحياة بخيرها وشرها. تأخذ حقوقها وتصنعها، تتخذ قراراتها وتنفذها.
* المقال خاص بـ"المصدر أونلاين"