مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب
2015/05/02 18:21
الشذوذ في الفتوى وأثره على الأمن الفكري للمجتمعــات الإسلامية وغير الإسلامية
 
بحث مقدم إلى المؤتمر العلمي الدولي حول إشكالية الفتوى بين الضوابط الشرعية وتحديات العولمة، في إطار تلمسان عاصمة الثقافة العربية، كلية الحضارة الإسلامية، قسم الشريعة، جامعة وهران، من 06 إلى 08 جمادى الثانية 1432هـ.
 
تقديم:
د. بن يحي أم كلثوم
أستاذ محاضر بجامعة بشار/ قسم التاريخ
[email protected]
 

مقدمة:
الحمد لله الرقيب على العباد، الهادي إلى سُبُل الرشاد، المقدر لعباده ما فيه الخير والإسعاد، والصلاة والسلام على خير العباد، سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم  الذي أرسله الله ليرشد الخلق إلى السداد، ويفتيهم في أمور الدنيا والمعاد، وأما بعد:
فإن مصطلح الأمن الفكري من المصطلحات المستحدثة، التي ارتبط ظهورها بالتطور الهائل الذي شهده العالم في مجال الإعلام والاتصال، وسهولة انتقال الثقافات وما يعرف بالغزو الفكري.
وقد أولى الإسلام أمن المجتمعات الفكري الاهتمام البالغ، وجعله من أعظم مقاصد الشريعة، إذ به يتحقق حفظها، وهو مفتاح تحقيق العزة للأمة الإسلامية والخيرية التي هي مطالبة باستعادتها بعد أن ضيعتها لقرون، وبه تبنى وتنهض الأمم، وأي إخلال به إخلال بالجانب السلوكي والاجتماعي والسياسي لها، ولعل من أهم مسببات هذا الخلل الفتوى بغير علم.
فالفتوى من أعظم الأمور الشرعية وأخطرها، حيث يجتمع فيها أمران جليلان هما: الاجتهاد، وتلبيغ الأحكام  الشرعية للأمة الإسلامية التي يفترض بها تحقيق الخلافة في الأرض وأعمارها، ومتى شذت الفتوى عن أطرها الشرعية وانسلخت من ضوابطها صارت خطرا يهدد أمن المجتمع واستقراره، كما يهدد الأمن الفكري للأمم المجاورة؛ لأنها ترسم صورة مشوهة عن الإسلام أو ما يعرف بالإسلام فوبيا.   
والفتاوى الشاذة وإن كانت قليلة مقارنة بالفتاوي المنضبطة، وتكاد تكون معدومة في تراثنا الفقهي القديم، فإن ضررها جسيم، وجرحها عظيم في جسد الأمة؛ ذلك أن الأمة تتلقاها بنوع من الفضول والرغبة في معرفة هوية المفتي وأسباب فتواه، وردود العلماء عليها، فتتناولها وسائل الإعلام كصيد ثمين تزيد به نسب المشاهدة، لتصبح الفتوى سلعة رائجة في سوق الفضائيات، دون إدراك للوباء الذي تصًدره للأمة وتنشره فيها  كانتشار النار في الهشيم.
وقد حاولت من خلال هذا البحث الوقوف على حقيقة العلاقة بين الفتوى الشاذة والأمن الفكري، متبعة الخطة التالية:
المبحث الأول: مفهوم الأمن الفكري، ومظاهره
المطلب الأول: مفهوم الأمن الفكري
المطلب الثاني: مظاهر الأمن الفكري
المبحث الثاني:  بيان مفهوم الفتوى الشاذة
المطلب الأول: تعريف الفتوى الشاذة
المطلب الثاني: معايير وصف الفتوى بالشذوذ
المطلب الثالث: أسباب الفتوى الشاذة
المبحث الثالث: دور الفتوى الشاذة في زعزعة الأمن الفكري
المطلب الأول: تأثيرها على الدول الإسلامية
المطلب الثاني: تأثيرها على الدول الغير الإسلامية
المطلب الثالث: التصدي للفتاوى الشاذة 
المبحث الأول: مفهوم الأمن الفكري، ومظاهره
المطلب الأول: مفهوم الأمن الفكري
الأمن لغة:  ضِدُّ الخوف، يُقال: أمِن البلد أي اطمأن به أهله،([1]) أما في الاصطلاح فإنه لا يخرج عن المعنى اللغوي،([2]) ويعرف بأنه: حالة شعور الفرد بالاطمئنان على حياته، وممتلكاته داخل مجتمعه ([3]).
والفكر لغة: يقال: فكَّر في الأمر، أي  أعمل العقل فيه وتأمله، والفِكر: إعمال العقل في المعلوم للوصول إلى معرفة مجهول"، ([4]) وهو أيضاً لا يخرج في الاصطلاح عن هذا المعنى، فهو: "إعمال العقل بالمعلوم للوصول إلى المجهول".([5])
الأمن الفكري اصطلاحا:
تتعد تعريفات الباحثين للأمن الفكري بتعدد المجالات التي يغطيها، إلا أنها تصب كلها في تحقيق الاستقرار في المجتمع، منها:
- تعريف د.عبد الحفيظ المالكي للأمن الفكري بأنه :"سلامة فكر الإنسان من الانحراف أو الخروج عن الوسطية والاعتدال في فهمه للأمور الدينية والسياسية والاجتماعية، مما يؤدي إلى حفظ النظام العام وتحقيق الأمن والطمأنينة والاستقرار في الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية وغيرها من مقومات الأمن الوطني".([6])
- تعريف د. حامد الجدعاني بأنه:"حمايـــة وصيــانة معتقدات الأمة وقيَّـــمها من الانحـــــراف، مما يوفر الطمأنينة وزوال الخوف للفرد والمجتمع".([7])
- تعريف الواعدي بأنه :" سلامة فكر الإنسان وعقله وفهمه من الانحراف والخروج عن الوسطية والاعتدال في فهمه للأمور الدينية والسياسية، وتصوره للكون بما قد يؤول به إلى الغلو أو إلى الإلحاد".([8])
المطلب الثاني: مظاهر الأمن الفكري
يتربع الأَمن الفكري على قمة الهرم الأَمني، ويتطلب تحقيقه تحقيق العدالة السياسية من خلال تحقيق الحريات بدلا من كبتها، والعدالة الاجتماعية من خلال محاولة تقليص الفوارق الاجتماعية بين طبقات المجتمع، والعدالة الاقتصادية من خلال تأمين الحاجيات الأساسية لأفراد المجتمع تكفيهم البحث عن الاستقرار الاقتصادي في حياتهم بشتى الطرق المشروعة وغير المشروعة، وعليه فإن العلاقة بين الأمن الفكري والدين والسياسة والاجتماع علاقة طردية لا يمكن أن يتحقق فيها أحد الأطراف مع انعدام الطرف الآخر، فهو عماد استقرارها، متى أصابه الخلل والانحراف انهارت وانهار معها المجتمع، والأمثلة على ذلك كثيرة كثرة مصائب الأمة.
1- تحقيق الأمن الديني:
لا تتحقق الوسطية والاعتدال البعيدين عن التطرف والإرهاب من جهة، والعلمانية والإلحاد من جهة أخرى إلا بتحقيق أمن فكري يمكنه أن يقف سدا منيعا في وجه الانحراف في التصور العقدي، والآفات التي تطوق العقل وتجعله عرضة للانزلاق في براثن الوهم والخطأ، فمتى غاب الفكر الوسطي، طغى أحد الفكريين إما الفكر التكفيري المنظر للإرهاب، والمستند على التأويل الباطل للنصوص، والقصور في الفهم الصحيح لمبادئ الشريعة الإسلامية الغراء، ومحاولة تقنينه بزعم أن مرجعيته إسلامية.
وإما الفكر الإلحادي الذي يلغي الدين، ولا يؤمن إلا بالمادي والملموس من الأمور، وما ذاك إلا نتيجة لضحالة المعرفة، وتكبيل العقل بأفكار لا تتعدى المرئي والمحسوس.
2- تحقيق الأمن السياسي:
لتحقيق الأمن السياسي والاستقرار للمجتمع لا بد أن يكون الفكر السليم هو المرجعية المعتمدة لديه، فانعدام الأمن الفكري مدعاة لتفشي الفساد الإداري المتمثل في ظهور البيروقراطية والمحسوبية، ولغة الرشوة والكسب الغير مشروع، كما تؤدي الأعمال التخريبية الناتجة عن الانحرافات الفكرية، إلى الإضرار بسمعة الدولة وهيبة قوانينها وأنظمتها، وتهديد الحرية والديمقراطية والاستقرار فيها، وإحداث الضعف في مختلف الأجهزة والجماعات والقوى السياسية فيها مما يؤدي إلى شل حركة الدولة سياسياً.([9])
3- تحقيق الأمن الاجتماعي:
يعتبر تحقيق الأمن الفكري مُدخلاً حقيقيا للحفاظ على هوية المجتمعات واستقرارها، ومنع تفشي الآفات الاجتماعية من فقر وانحلال أخلاقي وتخلف علمي، وانتشار للطبقية في المجتمع،  وهجرات للعلماء والإطارات، فالأَمن الفكري هو الدرع الواقي من جرائم، والحصن المنيع من الأعمال الإرهابية المتعددة؛ فإن كل جريمة-في الغالب- مسبوقة بفكرٍ منحرف.([10])
4- تحقيق الأمن الاقتصادي:
إن اقتصاد أي دولة كانت مرتبط ارتباطاً وثيقاً بفكر شعبها ودرجة نضجه، تتمكن من خلاله من استغلال الموارد البشرية وتحقيق الاستقرار المادي لأفراده، ومن ثم الازدهار الاقتصادي الذي يرقى بهم إلى مصاف الدول المتقدمة، والذي يغنيهم عن التبعية المالية والفكرية، فالبلد الذي يعاني فيه سكانه من بلادة الروح وجمود الفكر والنزعة التخريبية بلد آيل لا محالة إلى الانهيار، والأمثلة كثيرة في البلاد الإسلامية.

المبحث الثاني:  بيان مفهوم الفتوى الشاذة
مقدمة:
التصدر لمقام الإفتاء من أخطر الأعمال وأنبلها في نفس الوقت؛ ويكمن نبله وتشريفه في أنه إخبار وتبليغ وتطبيق لأحكام الشريعة، فالمفتي هو الموقِّع عن رب العالمين كما وصفه قال ابن القيم بقوله:" وإذا كان منصب التوقيع عن الملوك بالمحل الذي لا ينكر فضله، ولا يجهل قدره، وهو من أعلى المراتب السنيات، فكيف بمنصب التوقيع عن رب الأرض والسماوات!"،([11]) وهو ولي الله كما قال الإمام الشافعي رحمه الله تعالى:( إن لم يكن الفقهاء أولياء الله في الآخرة، فما لله من ولي).([12])
أما خطره وتكليفه، فيكمن في أن المفتي هو ملاذ العامة يلجئون إليه عند نزول النوازل؛ لاستجلاء  حكمها الشرعي، فتتعدى فتواه المستفتي ليتخذها العامة شريعة لهم، ما جعل الصحابة رضوان الله عليهم يعون خطورته فيتدافعونه ويحجمون عنه ويشددون في النكير على من استسهله وسارع إليه منهم.
أما وكان هذا ديدن الصحابة رضوان الله عليهم، فما بال أقوام من الأمة اليوم وقعوا في عبث التعالم فخاضوا  في الفتوى متساهلين غير آبهين بحرمة الكذب على الله ورسوله، فزلت أقلامهم وهم الخاصة، وضلت بسببهم أفهام العامة، ولا بخطورة الفتن التي تسببها فتاويهم الخالية من الضوابط الشرعية في وسط المجتمعات الإسلامية. 
المطلب الأول: تعريف الفتوى الشاذة
        
الفتوى في اللغة اسم مصدر يوضع موضع "الإفتاء"، والإفتاء مصدر بمعنى التبيين والإظهار، ويقال: أفتاه في الأمر : إذا أبانه له، وأفتى العالم إذا بيًن الحكم، وأفتى الرجل في مسألته: إذا أجابه عنها، والفَتوى: ما أفتى به الفقيه.([13])
         أما في الاصطلاح فهي:( إخبار عن الله تعالى في إلزام أو إباحة)([14])، أو هي:( الإخبار بحكم شرعي عن دليل لمن سأل عنه من غير إلزام).([15])
والشذوذ في اللغة مصدر شذ يشذ شذوذا إذا انفرد عن غيره، والشَّاذ:  المنفرد عن غيره، أو الخارج عن الجماعة، وعليه فإن الشذوذ في الفتوى هو : "استحداث فتاوى خاطئة في الدين،  تؤدي بالآخذين بها إلى الجرأة على اقتحام حمى الله"،([16]) أو هو كما عرفَّه القرضاوي بــ:" أن يصدر المفتي فتوى لا تقوم على أصل، أو لا تقع موقعها، فلم تستدل بالدليل الصحيح الذي يدل على الحكم الذي يريده، فتكون بذلك قد شذت بطريق وحدها، وليست سائرة على النهج المستقيم الذي يسلكه العلماء"،([17]) وتعرف الفتوى الشاذة على أنها: "الفتوى المخالفة للدليل الشرعي، والمضيعة لمصالح العباد".([18])
المطلب الثاني: معايير وصف الفتوى بالشذوذ
الشذوذ أمر نسبي يتغير بتغير الزمان والمكان، فكم من فتوى اعتبرت في زمانها شاذة؛ لأنها سبقت عصرها، ثم جاء زمن آخر فأقرها، كفتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه الإمام ابن القيم، حول قضايا الأسرة والطلاق، وهذه الفتاوى حوكم من أجلها ابن تيمية، وخالفه علماء عصره، واعتبروا أنه خرق الإجماع، ودخل من أجلها السجن، ومات ابن تيمية - رحمه الله - في السجن من أجل هذا، لكن هذا القول الذي اعتبر شاذا في السابق تبناه أكثر العلماء في عصرنا ولجان الفتوى وقوانين الأحوال الشخصية، واعتبر سفينة الإنقاذ للأسرة المسلمة،([19]) وقد وضع فقهائنا معايير واضحة للفتوى الشاذة تجعلها محل رفض، وتٌوجب على الخاص والعام عدم العمل بها، وهي:
- أن تخالف نصا شرعيا: النص الشرعي قد يكون نصا قرآنيا كالقول بتسوية المرأة للرجل في الميراث، وقد يكون نصاً نبوياً قطعي الثبوت قطعي الدلالة كإنكار حجية السنة، وقد يكون إجماعا متيقنا كالقول بجواز شرب الخمر أو بيعها أو قياسا معتبرا  كالقول بجواز تعاطي المخدرات، وأنها لا تقاس على الخمر.
- أن يكون مستندها رأي مرجوح في المذهب.
- أن يكون مستندها رأيا ضعيفا في المذهب.
- أن يكون مستندها رأيا غريبا في المذهب.
- أن يكون مستندها أمرا متوهما، أو ما لا يصلح دليلا: كالقول بجواز إرضاع الكبير أو بجواز فوائد البنوك الربوية.
- أن ينتج عنها إحداث قول جديد في مسألة قد بحثها العلماء من غير متأهل.
- وأن تصدر في غير محلها: أي في قضايا لا تقبل الاجتهاد كالقول بأن الحجاب ليس فرض.
- أن تصدر من غير أهلها: أي ممن ليس أهلا للفتوى.
- ألا تراعى الفتوى تغير الزمان والمكان والحال: كالقول بوجوب الهجرة على أهل فلسطين. ([20])
المطلب الثالث: أسباب الفتوى الشاذة
الفتوى الشاذة قد تكون زلة من زلات العلماء تتعارض مع نص ثابت، أو مع إجماع مستقر، وقد تكون من باب الجرأة على الفتوى بغير علم، أو صدرت نتيجة تصور خاطئ للواقع العلمي.([21])
1-أسباب صدورها من العالم:
يمكن أن تصدر فتاوى شاذة من عالم مجتهد؛ لأن العالم المجتهد ليس معصومًا، لكنها لا تقلل من منزلته الشرعية، فابن حزم صٌنِف من جهابذة العلماء وآراؤه تملأ الكتب الفقهية رغم شذوذ منهجه الذي تبناه وخالف فيه المتبع عند جميع المذاهب، فهو لا يعلل الأحكام، ويقول إن القياس مرفوض تمامًا، فنتج عن هذا المنهج الظاهري الذي يأخذ بالظاهر، ولا يعترف بأن للشريعة مقاصد أو حكمًا، أو عللا إطلاقًا، ويقول إن الشريعة يمكن أن تجمع بين مفترقين، أو تفرق بين متساويين، وضرب لذلك أمثلة ورد عليه ابن القيم في كل ما ضربه من أمثلة، في كتابه "إعلام الموقعين".([22])
لكن الذي يهمنا في هذا المقام الأسباب التي تجعل العالم يزل عن جادة الصواب، فيصدر فتوى تخالف الشرع، فيعتمدها العامة لمكانة الفقيه عندهم، وهنا يكون خطرها أكبر لأنها تصدر من عالم ذو مصداقية، وفي ذلك يقول  الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه:"يهدم الإسلام زلة عالم، وجدال المنافق بالكتاب، وحكم الأئمة المضلين"([23])، ومن الأسباب:
- عدم معرفة المفتي في بعض الأحيان بألفاظ وكلمات المستفتي لاختلاف اللهجة والأعراف والعادات بينهما: ([24])
ومثل هذه المواقف شائعة جدا في وقتنا مع وجود الفضائيات، حيث يكون المفتي يختلف مع المستفتي من حيث البلد واللهجة والعرف، فيؤدي ذلك إلى عدم تصور المفتي للمسألة المسئول عنها، فتأتي إجابته على غير الحقيقة فيخطئ في جوابه، وقد نبَّه غير واحد من أهل العلم على ذلك، فهذا الإمام النووي رحمه الله يقول:"لا يجوز أن يفتي في الأيمان والإقرار ونحوهما مما يتعلق بالألفاظ إلا أن يكون من أهل بلد اللافظ، أو متنزلاً منزلتهم في الخبرة بمرادهم من ألفاظهم وعرفهم فيها".([25])
- عدم وقوف المفتي على حقيقة واقع بلد المستفتي وما يحدث فيها:
فالمفتي قد يتسرع بالإجابة على سؤال المستفتي دون الوقوف على واقع الحال في بلاد المستفتي ونوازله، والظروف المحيطة به، فيجيبه  فيقع في المحظور حيث يخفف حيث يجب التشديد أو العكس، مسقطا الفتوى على الواقع والظروف التي يعيش فيها المفتي لا المستفتي، وفي ذلك يقول الدكتور أبو زهرة:"الفتوى الصحيحة تتطلب عدا توافر شروط الاجتهاد في المجتهد شروطا أخرى، وهي معرفة واقعة الاستفتاء، ودراسة نفسية المستفتي، والجماعة التي يعيش فيها، وظروف البيئة أو البلد التي حدثت فيها النازلة أو الواقعة أو العمل؛ ليعرف مدى أثر الفتوى سلبا أو إيجابا".([26])
- الضغوط السياسية والاجتماعية وضغوط أعداء الإسلام:
         قد يتعرض الفقيه لمجموعة من الضغوط التي تلبس عليه المسائل الفقهية، وتشتت تركيزه فيقع في المحظور ويشذ بفتواه عن جادة الصواب، وهي إما أن تكون داخلية صادرة من أرباب النفوذ والسلطان يستغلون الفقيه لتحقيق مآربهم السياسية وتمرير قوانينهم بإعطائها الشرعية الدينية.
وقد تكون خارجية وهي كثيرة كثرة الأعداء الذين لا يسأمون من كيل الاتهامات للإسلام في مختلف المجالات، وفي كل المحافل ضاربين به وبأهله المثل في التخلف والإرهاب واضطهاد المرأة وتجميد العقول وفي كل ما هو مخالف للفطرة، فنجد بعض المفتين يقومون بلي أعناق النصوص وتأويلها تأويلا غير مقبول، إما من باب الضعف الشخصي أمام الآخر، وإما من باب حسن النية والرغبة في الانتصار للإسلام.([27])
- غفلة العالم:                        
من الأخطاء التي قد يقع فيها علماء أجلاء، لهم شأن عظيم في العلم، أن لا يستحضروا خطورة وسائل الإعلام خاصة إذا كان لأربابها نوايا مشبوهة قد تخفى على العالم، فنجده يفتي السائل في مسائل خاصة به فتنزل منزلة العموم؛ لسعة انتشار الوسيلة الإعلامية فَتُفهم الفتوى خطأَ على غير الوجه المراد، وكثيرا ما يكابر المفتي فيُصرُّ على صواب فتواه ويرفض التوضيح والبيان، وأنه قد أخطأ في عرضه للفتوى بصيغة العموم. ([28])
- التسرع في الفتيا:
ربما يحمل المفتي على التسرع في الفتيا، توهمه أن الإسراع براعة، والتروي عجز، ولأن يتروى ويبطئ ولا يخطئ أجمل به من أن يتعجل، فيضل ويخل،([29]) وقد كان الحسن البصري يقول: "إن أحدكم ليفتي في المسألة، ولو وردت على عمر بن الخطاب رضي الله عنه،  لجمع لها أهل بدر"،([30]) وكان ابن مسعود رضي الله عنه يسأَل عن المسألة فيتفكر فيها شهرًا، ثم يقول: " اللهم إن كان صوابًا فمن عندك، وإن كان خطأ فمن ابن مسعود".([31])
- عدم اعتبار المآلات والنتائج المترتبة على الفتوى:
وفي إغفال اعتبار هذا الأصل خطر عظيم على الأمة الإسلامية والأمم المجاورة لها، وأمثلة ذلك لا تخفى على أحد أخطرها التطرف والانغلاق
 الذي مسَّ شريحة واسعة من شباب الأمة، فتحوَّل من مقوم بناء إلى وسيلة هدم من ذلك أعمال العنف والتفجيرات التي هزت البلاد الإسلامية بدعوى الجهاد، وهزت الدول الغير الإسلامية بدعوى المعاملة بالمثل.
2- أسباب صدورها من المتعالم:
والمتعالم ديدنه التكلم في المسائل التي يتورع عنها كبار العلماء، ومن الطرائف أن السلف اعتبروا وقتهم وقت ظهور المتعالمين، وأفجعهم ذلك، فها هو ربيعة الرأي يقول:" استفتي من لا علم له، وظهر في الإسلام أمر عظيم، وبعض من يفتي ههنا أحق بالسجن من السراق"([32])، ولو أن شيخنا رأى ما طرأ على الإسلام من بدع لوقع في حب زمانه، ومن الأسباب التي تُزيِّن للمتعالم الفتوى بغير علم ما يلي:
- رقة الدين:
وهي بلوى ابتلي بها كثير من أشباه العلماء، ومعهم قِلَّة من العلماء، فقلَّت تقواهم لله عز وجل، واجترؤوا على مخالفته، فحوَّروا النصوص، مضيعين العبادات ومغلِّبين العادات المخالفة للشرع بدعوى أن الدين يسر، وأنه صالح لكل الأزمان والأمكنة، كما لم يتورعوا في تبَّني الآراء الشاذة والأقوال الضعيفة، التي وجدت لها مريديها من العامة الذين زيَّنت لهم أنفسهم زخرفها، فتقبلوها ودافعوا عنها بدعوى أنها صادرة من علماء اجتهدوا في فهم الواقع المعاصر وحاجات المسلم فيه، كالربا  والمجون والاختلاط وغير ذلك،([33]) وفي هذا النوع من اللامبالاة والتساهل في دين الله يقول الإمام النوَّوي:" يحرم التساهل في الفتوى، ومن عرف به حرم استفتاؤه".([34])
- حب الشهرة والظهور:
حيث صار من فقه له، ولا علم يرفعه بين الناس ويجعله من الخاصة، يختصر الطريق إلى القمة بسياسة خالف تعرف، فيشذُّ في فتاويه بحيث يثير فضول العامة فيتتبَّعون أقواله، وغضب الخاصة فيردُّون عليه، فتشهد الساحة موجة من الفتاوي والفتاوي المضادة، ويحقق المتعالم مراده من خلال الظهور على الفضائيات، وعلى المواقع الإلكترونية.
- الجهل بالضوابط الشرعية للفتوى، واعتماد التأويل والتحريف:
الأصل فيمن يتصدر للفتوى أن يكون أهلا لها بأن تتوفر فيه الشروط التي لا يكاد كتاب فقهي يخلو منها، لكن الملاحظ على الواقع أن بعض تجار الفتوى برعوا في التأويل والتحريف بقدر ما فشلوا بالتقيد بالقيود الشرعية للمفتي، وفهموا النصوص على غير وجهها، إما إتباعا لشهوة، أو إرضاء لنزوة، أو حبا لدنيا، أو تقليدا أعمى للآخرين. 
- إتباع الهوى:
من المزالق الخطرة على المفتي أن يتبع الهوى وبخاصة أهواء الرؤساء وأصحاب السلطة، الذين ترجى هداياهم، ويهاب جانبهم، فيسايرهم أشباه العلماء مسارعين إلى تزييف الحقائق وتحريف الكلم عن مواضعه، في حين يتعين على المفتي إقامة المستفتي على الجادة القويمة فلا يميل به جهة تشدد غال، ولا يجنح به جهة ترخص جاف.([35])
3- أسباب أخرى:
- وسائل الإعلام:
 لعل أخطر الأسباب التي ساعدت في استفحال هذه الظاهرة هي وسائل الإعلام بشتى أنواعها المرئية والسمعية والإلكترونية، وقنوات الإثارة الإعلامية، ولا ينكر أحد الدور الإيجابي للقنوات الملتزمة الشاعرة بعظم الأمانة والمسؤولية الملقاة على عاتقها الإسلام والمسلمين، لكن كثيرا وربما دون قصد يُسأل العالم على الهواء عن مسألة خاصة لا تتعدى بحيثياتها دائرة المستفتي، ثم يجيب إجابة عامة، ما يسبب فوضى شرعية قد لا يتفطن لها العالم ولا القائمون على هذه القنوات. ([36])
- ضعف فعالية المجامع الفقهية ودورها الاجتماعي، وعدم استقلاليتها.
- اعتماد بعض الأحزاب الدينية على الإسلام السياسي كنوع من الضغط على الأتباع والمخالفين من خلال الفتاوى السياسية.
المبحث الثالث: دور الفتوى الشاذة في زعزعة الأمن الفكري
المطلب الأول: تأثيرها على الدول الإسلامية
الشذوذ في الفتوى له مفاسد جسيمة، وأخطار عظيمة لا تقل خطورة عن العولمة، ومما يزيد خطورته، أنه يمس جميع الأبواب الفقهية، فيدلس على المتلقين دينهم، ويهدد أمنهم الفكري من خلال التغرير بهم  وتحريضهم على الإفساد وإعطائه صبغة شرعية في ظل استمرار سكوت العلماء، وتضخيم وسائل الإعلام، ويبين ابن حمدان ذلك فيقول: " عظم أمر الفتوى وخطرها، وقلَّ أهلُها ومن يخاف إثمها وخطرها، وأقدم عليها الحمقى والجهال، ورضوا فيها القيل والقال، واغتروا بالإمهال والإهمال، واكتفوا بزعمهم أنهم من العدد بلا عُدَد، وليس معهم بأهليتهم خطر أحد"،([51]) وإذا كان الصحابة([52]) تهيبوا الإفتاء وتحاشوه قدر المستطاع وكان الواحد منهم يتمنى أن يكفيه صاحبه الفتوى، وحذرو منه فهذا الفاروق عمر بن الخطاب يقول:"إياكم والرأي، فإن أصحاب الرأي أعداء السنن، أعيتهم الأحاديث أن يعوها وتفلتت منهم أن يحفظوها، فقالوا في الدين برأيهم، فضلوا وأضلوا،([53]) وكان سعيد بن المسيب لا يكاد يفتي فتيان ولا يقول شيئان إلا قال: "اللهم سلمني، وسلم مني"،([54]) وكما قال عبد الله بن المبارك وغيره من السلف : "صنفان من الناس إذا صلحا صلح الناس، وإذا فسدا فسد الناس، قيل: من هم؟ قال: الملوك والعلماء"،([55]) فما بال بعض  الخلف يتجرأ على الله ورسوله، ويفتي في كل ما يعرض عليه، وما لا يعرض عليه، والخطير في الأمر أن يعد الشذوذ اجتهادا، والجرأة على الإفتاء تجديدا، فينتج عن هذه الجرأة مخاطر على الأمة هي في غنى عنها، أبرزها:
- صعوبة تداركها بعد انتشارها: من مخاطر البرامج الإفتائية المباشرة، هي صعوبة تدارك زلة العالم، وتجرأ المتعالم حيث تنتشر فتاويهم بين الناس انتشار النار في الهشيم، ولن ينفع آنذاك لا رد العلماء عليها، ولا حتى رجوع العالم عنها.
- تضليل العامة وصرفهم عن القضايا الهامة وتوسيع الجدل بين العلماء: حيث خلقت الفتاوي الشاذة جوا مشحونا بالمهاترات بين العلماء، صَرفهم عن المعضلات الخطيرة التي تمر بها  الأمة، وإذا كان هذا حالهم وهم العلماء فإن أحدا لا يلوم عامة المسلمين حين يراهم يعظمون سفاسف الأمور، ويتجاهلون عظائِمها، منشغلين بالسعي وراء غذاء الجسم ومتجاهلين غذاء الروح، ومن أمثلة ذلك ما حدث بين الدكتور القرضاوي والهيئة العامة للإفتاء بالمغرب، حين أباح القروض البنكية للمواطن المغربي في الحالات الاضطرارية ، قياسا على فتوى صدرت في السابق وتهم المسلمين المقيمين في ديار المهجر، وقد ردت هيئة الإفتاء المغربية بسرعة وبلهجة شديدة  متهمة إياه بالغرور والسعي وراء المناصب حيث جاء في بيانها:" إن الفتوى أصبح يتولاها كل من هبَّ ودبَّ، سيما وقد صار أمرها بيد متنطعين مغرورين أساء بعضهم استخدام العلم في غير ما ينفع الناس، واتخذه سلما لاعتلاء كرسي الرئاسة والزعامة العلمية، فأعطى لنفسه الحق في إصدار فتاواه لأهل المغرب، ونصب نفسه إماما عليهم متجاهلا ما للمغرب من مؤسسات علمية وشيوخ أعلام متخطيا بذلك كل الأعراف والتقاليد التي احتكم إليها العلماء قديما وحديثا". ([56])
وكالذي حدث من مشادات كلامية في برنامج حواري بين الدكتور عبد العزيز الفوزان، والشيخ عادل الكلباني صاحب فتوى إرضاع الكبير، والدكتور أحمد قاسم الذي أجاز الاختلاط .
- زعزعة الثقة بين العلماء والعامة: فلما صارت الفتوى سلعة رخيصة وانتحلها من ليس لها بأهل، فزخرفت القنوات الفضائية بالعديد من الفتاوي التي ضلت طريقها وانحرفت عن جادة الصواب، ففتحوا ثغرات عديدة على الأمة، فكانت أشبه بموجة التسونامي أدت إلى زعزعة الثقة بين المفتي والمستفتي، وكثرت بسببها البدع، ومثل هذه الفتاوي تخدم العلمـانيين الذين ديدنهم التكالب على الإسـلام بتصيد العثرات والأخطاء  لجعل الدعاة تحت مطحنة النقد والتقريع والتشويه، وما يحدث عبر الفضائيات من مناظرات هي أقرب إلى صراع الديوك منه إلى الجلسات العلمية خير شاهد على ذلك.
- تعليم الناس الحيل الغير شرعية: والحيل الغير شرعية: مخارج غير شرعية لم يقرها الشرع ولم يأذن بالعمل بها، منعا لأصحاب الأغراض الفاسدة والنوايا السيئة من التحايل على الأحكام الشرعية، ويقول الإمام النووي:" ومن التساهل أن تحمله الأغراض الفاسدة على تتبع الحيل المحرمة أو المكروهة والتمسك بالشبه طلبا للترخيص  لمن يروم نفعه  أو التغليظ على من يريد ضره". ([57])
- ضرب اقتصاد الدول الإسلامية، من خلال العبث بمواردها: الفتاوى الشاذة سمٌ قاتل ينتشر في جسد الدول ويشلها تمهيدا للقضاء عليها سياسيا واجتماعيا واقتصاديا من خلال العبث بمقدراتها واستغلال مواردها، ويتجلى ذلك في استنزاف ثرواتها في إعادة بناء ما خربه التدمير بدل إنفاقها في مجالات التقدم والتطور، ولعل المثال الواضح  على ذلك هو حمام الدم الذي عرفته الجزائر وخلف آلاف القتلى والثكالى والأيتام والأرامل، إضافة إلى اقتصاد مدمَّر ودولة تجتاز عتبة الألفية الثالثة وهي فاقدة للاستقرار بسبب فتاوى جهادية أقل يقال عنها أنها لا تمت للدين بصلة.([58])
- تشويه صورة الدين الحنيف الذي أساءت له الفتاوي كفتوى إرضاع الكبير: على العلماء والمتعالمين أن يعوا خطورة العبث بالفتوى والتساهل في تناولها، وأن يدركوا أن ديننا الإسلامي العظيم عِظم المصدر، والمُبلِغ والمبَّلَغ، أعظم من أن تنسب إليه فتاوى مشوِّهة الواقع، ملبِّسة على المسلمين دينهم، منفِّرة لغيرهم، وإذا كنا في ما مضى نرى الفتاوي الجهادية أكبر مشوه للإسلام عندما ترجمت إلى مجازر وحمامات دم في حق المسلمين أنفسهم ثم انتقلت لترتكب في حق الذميين الآمنين، فإننا نرى الآن الفتاوي الشاذة التي تفتقد لأدنى الضوابط الشرعية تحل محل الفتاوى الجهادية وتجعل من الإسلام مصدر إلهام لرسامي الكاريكاتير الأجانب ثم المسلمين أنفسهم حينما سخروا برسوماتهم من عدة فتاوى كفتوى إرضاع الكبير، وفتوى التبرك ببول النبي صلى الله عليه وسلم.
- ترويع الآمنين من خلال الفتاوى الجهادية: حين فقد تيار الوسطية الكثير من مريديه الذين تحولوا إلى تيارات الغلو والتشديد، ضُرِب الأمن الفكري للأمة في مقتل، وما ذلك إلا بسبب تخاذل علمائه عن القيام بواجبهم، ونصرة مذهبهم في وقت تهاوى فيه الفكر الديني،  وطغت على عقول الشباب الأمية العقدية التي تمخضت من ضحالة المعرفة، وقصور في الفهم الصحيح للمنهج الرباني، وتشبع  بالأفكار هدامة التي ولدت لديهم مفاهيم خاطئة عن الجهاد، ترجمت إلى جرائم تخرج عن نطاق التصور وتخالف الفطرة الإنسانية السليمة، والتي اتخذت من فتاو التكفير والجهاد مرجعية لها.([59])
وقد تمخض عن هذا العبث بالفتاوى وحرمة الدين، والاجتهادات الدينية الباطلة موجة من المحن والرزايا والفتن ما يفوق التصور، بدأ بما عرف بفتنة الحرم المكي التي ذهب ضحيتها مصلين آمنين دفعوا ثمن هذا الفكر الديني المتطرف؛ وما أثمره من إرهاب وحشي فاق كل تصور، ومرورا بما واجهته الجزائـــر من أزمة خطيرة ذات طابع مركب؛ لكونها أزمة فكر وواقع حيث تحول النقاش السياسي إلى عنف غذته فتاوى منظري الجماعات "الجهادية" في العالم الإسلامي، أشهرها الفتوى بجواز قتل أطفال ونساء قوات الأمن في الجزائر، والتي اعتمدتها "الجماعة الإسلامية المسلحة" كحجة لتبرير أفعالها الوحشية في سنوات التسعينيات، وقد جمع بعض الفتاوى المجرّمة للإرهاب في الجزائر الداعية عبد المالك رمضاني في رسالته "فتاوى العلماء الأكابر فيما أُهدر من دماء في الجزائر" التي نُشرت قبل سنوات. ([60])
المطلب الثاني: تأثيرها على الدول الغير الإسلامية
في وقت يعيش فيه العالم على وقع الطفرات الاقتصادية والعلمية والطبية، التي تزيده تطورا يعيش المسلمون على وقع الفتاوى الشاذة التي تزيد الأمة هما على هم، حيث يتناوب هواة التميـــّز على إحياء الفتاوى المهجورة، وتقوية الآراء الضعيفة، وترجيح الأقـــوال المرجوحة، لا لشيء إلا أن يشار إليهم بالبنان، وقد تعدت فوضاهم المسلمين لتطال الأمم المجاورة بتبنيهم فكراً منحرفاً يسعى إلى التغيير بطرق مرفوضة، من خلال العبث بالعلاقات والقيم الإنسانية، واعتماد أساليب ممقوتة ترفع درجة التوتر الموجود أصلا، ولا بد في هذا الطرح أن نفرق بين نوعين من الفتاوى من حيث تأثيرها على الأمن الفكري للغرب:
أولا: الفتاوى الجهادية
إذا كنا نعيب على الغرب عنجهيته وجبروته وظلمه للإسلام والمسلمين، وعلى مفكريه العنصرية  والمجاهرة بالعداء ومحاربة كل ما هو إسلامي، فإن فقهاء السوء ليسوا بأحسن منهم حالا بل هم الدعامة التي يسند عليها هؤلاء في نشر عدائيتهم مستندين على خطب وفتاوى من يحسبون على الإسلام، ومن تبعهم ممن ضلوا السبيل، وسممت أفكارهم، والتبست عليهم  مفاهيم الجهاد، والموالاة والمداراة والبراء، فرسموا صورة  مشوهة ومقيتة للإسلام لدى شعوب العالم، متناسين أن الأصل في العلاقة بين المسلمين وغيرهم هي علاقة تعايش وسلم لا علاقة عداء وحرب، ما داموا مسالمين، فأكثر من يتبنون الفكر الجهادي يجهلون لماذا شرع الجهاد ومتى، ويتجاهلون النصوص الشرعية التي تقنن الجهاد، وتترك حرية الاختيار وأنه لا إكراه في الدين، ويكابرون في اعتبار فقه التعايش الكفيل الوحيد لصناعة السلام العالمي، وبناء الحضارة الإنسانية المتجاوزة للحساسيات الدينية والثقافية، وغير ذلك من الأمور التي تشعل فتيل الصراع والصدام بين الثقافات. ([61])
وما يبعث على الحزن أن أيديهم وأيدينا ملوثة بدماء من أزهق الغرب أرواحهم بدعوى محاربة الإرهاب وبحجة الضربات الإستباقية، لأننا سوقنا للغرب صورة سوداء عن ماضينا وحاضرنا ومستقبلنا، وساعدنا قادتهم في كسب تأييد شعوبهم الخائفة من الإسلام والمسلمين.
ثانيا: الفتاوى العامة
أثارت فتوى إرضاع الكبير التي أصدرها الشيخ العبيكان، وسبقه إليها الدكتور عزت عطية في حصة أذعيت في التلفزيون المصري ردود فعل سلبية، حيث اكتسحت موجة جديدة من الرسوم الكاريكاتيرية الصحف والمواقع الأجنبية للسخرية من الفتوى ومن الإسلام، والخطر في ذلك أن المسلمون أنفسهم سخروا من هذه الفتوى وصورها في عدة مواقع الكترونية، بل وترجمت إلى مسرحيات كمسرحية" قهوة سادة"التي صورت مشهدا لطابور طويل من الرجال ينتظرون دورهم للرضاعة من زميلتهم.([62])
ففي وقت نلوم الغرب على الصور التي أساءت للرسول والإسلام نجد أنفسنا نهزأ من أنفسنا ونسيء للإسلام بأيدينا، وعلى خلفية هذه الفتوى ذكرت صحيفة الفجر أن مشيخة الأزهر سجلت أعلي نسبة ارتداد عن الإسلام حيث أعلن بعض من أشهروا إسلامهم في دول أجنبية ترك الديانة الإسلامية بعد الفتوى التي أحدثت رد فعل غاضب وعنيف خاصة لدي سيدات من دول أجنبية كن قد أشهرن إسلامهن، حيث اعتبرن الفتوى تحقيرا من شأن المرأة، ومدخلا لانتهاك حرمة جسدها. ([63])
وكما كان لفتوى مفتي الجمهورية بمشروعية التبرك بشرب بول الرسول!! والتي سحبها المفتي من كتابه «فتاوي معاصرة»، بعد رفض مجمع البحوث الإسلامية بالإجماع للفتوى، نفس الضجة التي أحدثتها الفتوى السابقة وسط سؤال المتابعين عن جدوى مثل هذه الفتوى، والمقصود منها.
 
 

 
المطلب الثالث: التصدي للفتاوى الشاذة
أولا: على صعيد العلماء
حاول العلماء وضع ضوابط ومحاذير للفتوى للتقليل من فرص التقَّوُل على الله تعالى بلا علم، ولاستعادة الثقة الضائعة بين المفتي والمستفتي، لعل أهمها:([64])
1- وجوب التحاكم إلى النصوص الشرعية وعدم إتباع الهوى:
فكثير من الفتاوي المتداولة تستند إلى أقوال ضعيفة في بعض المذاهب، أو تجنح إلى شواذ الأفهام، بحجة التخفيف على الناس، يتبع أصحابها الحيل المحظورة للترخيص في الأحكام أو التغليظ حسب منافعهم، ومن المهم جدا اعتبار فهم السلف الصالح للنصوص؛ لورعهم وبعدهم عن الشاذ من الأقوال والأفعال، وتتبع الرخص، واستحضار المفتي خطر الفتوى بغير علم على الأمة كما استحضره سلف الأمة الصالح.
2- اعتبار حجية الإجماع:
فمخالفة الإجماع شذوذ قال تعالى :( وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَين لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا) ، النساء: 115.
3- تجنب التساهل في الفتوى في المسائل التي لا يعرف حكمها ولا يفهم معناها:
وهذا الضابط هو للعلماء الذين يفتون السائل على مرأى ومسمع الملايين في الفضائيات، وقد سئل الشافعيرحمه اللهعن مسألة فسكت فقيل: ألا تجيب؟، فقال: "حتى أدري الفضل في سكوتي، أو في الجواب".([65])
4 - الاحتساب في سرعة الرَّدِّ على بعض الفتاوى الشاذة:
على العلماء أخد موقعهم الإستراتيجي في الدفاع عن دينهم، والرد العلمي السريع على الفتاوى التي تشذ عن جادة الصواب؛ لأن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز ، كما يجب عليهم أن لا يعطوا هؤلاء أية ردود شخصية أو الدخول معهم في جدلات ترفع من حجمهم.
ثانيا: على صعيد المؤسسات الرسمية
1- إيجاد مرجعية جماعية من خلال المجامع الفقهية والندوات والمؤتمرات:
إذ من المسببات الانحراف الفكري لدى الشباب المسلم تعدد المنابر وما تخلفه من تعدد في الفتاوى المتضاربة، وتسويق غير مسبوق للانحرافات السلوكية، خاصة مع ظهور الإعلام الديني الذي ساهم بقصد وبغيره في ذلك، إذ يجب إحالة الاستفتاءات المُشْكِلَة للمجامع الفقهية وهيئات ودور الإفتاء في عالمنا الإسلامي دون تركها للفضائيات تزايد فيها كيف تشاء.
2- إبعاد مجامع البحوث الفقهية عن السيطرة الحكومية:
وذلك حتى لا تفقد المجامع ودور الإفتاء مصداقيتها عند العامة وبالخصوص الشباب، ما يدفعهم إلى البحث عن بدائل وهو ما يوقعهم في أحد الفخين إما التطرف وإما الإلحاد.
3- توعية العامة لمواجهة هذه الظاهرة:
حيث يجب  العمل على نشر العلم الشرعي في أوساط العامة حتى لا يتركوا عرضة للأفكار المنحرفة والآراء الهدامة التي تستغلهم تحت شعار الإسلام والخلافة الإسلامية، والشعارات البراقة، والتشديد على أنه يتعين على المستفتين الرجوع في مسائلهم إلى العلماء الربانين المشهود لهم بالتقوى.
4- تطوير المناهج التعليمية الدينية بما يتماشى ومتطلبات الأمن الديني:
لعل أهم الأسباب التي ساعدت في تنامي الفكر المتطرف، وقبول فتاويه التكفيرية والهدامة، هو قصور المؤسسات التربوية عن أداء دورها في بناء النشء وتحصينه ضد التيارات المغرضة العلمانية الرافضة للدين، والتكفيرية المتنطعة فيه، ولمعالجة هذا القصور لا بد من تطوير المنظومة التربوية من خلال التركيز على التربية الإسلامية ودورها في بناء الشخصية الإسلامية المتكاملة التي تقف سدا منيعا ضد انزلاق التلاميذ والطلاب في مهاوي الانحراف الفكري الذي يؤدي إلى التطرف والإرهاب، وتأكيد قضية أساسية مفادها أن "الجهل بالدين، وليس الدين، هو سبب الإرهاب"، كما لا بد من تشجيع الرسائل الايجابية في الحياة، من خلال فتح باب الحوار الحر والبناء بين الطلاب، والذي يستند على النصوص الشرعية، ما يمنحهم حصانة فكرية تقف حصنا ضد الاستدراج والشحن العاطفي مع فقد أو ضعف التأصيل الشرعي.
5- وضع ميثاق لوسائل الإعلام الإسلامية:
وهي خطوة مهمة لا يمكن للخطوات السابقة أن تنجح ما لم يستوعب القائمون على القنوات الإعلامية خطورة التهاون في مجال الفتوى وفتح المجال لكل من هب ودب للتصدر للإفتاء؛ لذلك يجب وضع ميثاق توافق عليه كل القنوات التي تتبنى برامج الإفتاء تلتزم من خلاله بشروط وضوابط الفتوى والمفتين، والإحالة على المجامع الفقهية في حالة الفتاوى المشكَلَة دون التحرج من ذلك.
الخاتمة:
إننا ونحن نعيش ضمن قرية كونية سقطت فيها حواجز الزمان والمكان، لا مجال فيها للتقوقع ورفض الآخر بحاجة إلى: مشايخ، ورجال دين مفاتيح للخير مغاليق للشر يحثون على قبول الآخر  وعلى التسامح والمحبة، والتراص في صف البناء لا في صف الهدم ، وعلى الاستقامة والوسطية لا التنطع والعنجهية، وقد خلص البحث  إلى مجموعة من النتائج:
1- أن في تحقيق الأمن الفكري في المجتمع، تحقيق تلقائي وفوري للأمن من جميع مجالاته، والذي تتحقق من خلاله أغلب مقومات النهضة البشرية التي هي أساس ازدهار الدول والمجتمعات.
2- لا بد من ضبط الفتوى وتضييق دائرتها، حتى لا يتصدر لها هواة التميُّز والباحثين عن الشهرة وخُدامِ الأنظمة، وحتى نحافظ  على أمن مجتمعاتنا الفكري من العبث.
3- أن ظاهرة التنطع والغلو في  الدين من أكبر التحديات الفكرية التي يواجهها شباب الأمة الذين يجدون أنفسهم بين مطرقة التطرف وسندان الانحلال الديني والخلقي حيث يجب الأخذ بأيديهم إلى بر الأمان، من خلال الاهتمام بهم واحتوائهم.
4- لا بد من الاهتمام بالمناهج التربوية في جميع المراحل الدراسية، وبخاصة التربية الإسلامية من أجل تحصين أفكار طلابنا ضد المفاهيم المنحرفة.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمدٍ، وعلى وآله وصحبه وسلم أجمعين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
 
قائمة المصادر والمراجع:
- أحمد بن حمدان الحراني الحنبلي، صفة الفتوى والمفتي والمستفتي، خرج أحاديثه وعلق عليه محمد ناصر الدين الألباني،ط(3)، 1397م، المكتب الإسلامي، بيروت.
- الخطيب البغدادي، صحيح الفقيه والمتفقه، تحـ: عادل العزازي، ط(1)، 1997م، دار الوطن للنشر، الرياض.
- الذهبي، شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي، سير أعلام النبلاء، تحقيق: شعيب الأرنؤوط وحسين الأسد، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط (9)، 1414 ه .
-  أبو زهرة، محمد، أصول الفقه، دار الفكر العربي، القاهرة، مصر.
- القرافي، شهاب الدين أحمد بن إدريس، الذخيرة" ، تحقيق : محمد حجي، دار الغرب الإسلامي، بيروت، ط(1)، 1994م.
- د. طه عابدين طه، الانحراف الفكري، موقع انترنت.
- الفيومي، أحمد بن محمد بن علي، المصباح المنير، المكتبة العلمية، بيروت.
- ابن قيم الجوزية، أبو عبد الله محمد بن أبي بكر أيوب الزرعي، إعلام الموقعين عن رب العالمين، تحـ: طه عبد الرءوف سعد،  1973م، دار الجيل، بيروت.
- محمد رواس قلع جي، حامد صادق قيني، معجم لغة الفقهاء، ط(2)، دار النفائس، بيروت، 1408ه.
- د. محمد يسري إبراهيم، الفتوى، أهميتها، ضوابطها، أثارها،  بحث مقدم لنيل جائزة نايف بن عبد العزيز آل سعود العالمية للسنة النبوية والدراسات الإسلامية المعاصرة لعام 1428هـ- 2007م، الدورة الثالثة، ط(3).
- مجمع اللغة العربية، المعجم الوسيط، ط ٢، 1985م، دار عمران، مصر.
- المقدسي، ابن مفلح، الآداب الشرعية والمنح المرعية، مؤسسة قرطبة.
- ابن منظور، محمد بن مكرم المشهور، لسان العرب، تحـ أمين محمد عبد الوهاب، ومحمد صادق العبيدي، ط(3)،1419هـ- 1999م، دار إحياء التراث للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت.
- النووي، يحي بن شرف، المجموع شرح المهذب، د.ت، د.ط، مطبعة المنيرية.
- وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية الكويتية، الموسوعة الفقهية، الكويت.
الرسائل الجامعية:
- المالكي: عبد الحفيظ بن عبد الله:نحو بناء إستراتيجية وطنية لتحقيق الأمن الفكري في مواجهة الإرهاب، رسالة دكتوراه بجامعة نايف للعلوم الأمنية، موقع الجامعة.
المجلات العلمية:
- عبد اللطيف بن عبد الله التويجري، تتبع الرخص بين الشرع والواقع، مجلة البيان، ط(1)، 1430هـ - 2009م، الرياض.
- الوادعي،  سعيد بن مسفر، الأمن الفكري الإسلامي، مجلة الأمن والحياة،العدد:187، 1997م،  جامعة نايف العربية، الرياض.
بحوث فردية مقدمة في ندوات مؤتمرات علمية:
- أ.د أحمد محمد هليل، الفتاوى الشاذة، مفهومها، أنواعها، أسبابها، آثارها، بحث مقدم لمؤتمر الفتوى وضوابطها، من 17جانفي 2009م إلى 20 جانفي 2009م، المجمع الفقهي برابطة العالم الإسلامي مكة المكرمة.
- د. حامد بن مدة بن حميدان الجدعاني، السياسة الشرعية في مواجهة الأفكار الهدامة، بحث مقدم للمؤتمر الوطني الأول للأمن الفكري:" المفاهيم والتحديات"، في الفترة من 22- 25 جمادى الأولى 1430هـ، كرسي الأمیر نایف بن عبد العزیز لدراسات الأمن الفكري بجامعة الملك سعود.
- د. سعد بن عبد الله البريك، فتاوي الفضائيات، الضوابط والآثار، مؤتمر الفتوى المجمع الفقهي الإسلامي، موقع انترنت.
- سعود بن سعد محمد البقمي، نحو بناء مشروع تعزيز الأمن الفكري بوزارة التربية والتعليم، بحث مقدم للمؤتمر الوطني الأول للأمن الفكري:" المفاهيم والتحديات"، في الفترة من 22- 25 جمادى الأولى 1430هـ، كرسي الأمیر نایف بن عبد العزیز لدراسات الأمن الفكري بجامعة الملك سعود.
- أ.د علي أحمد السالوس، الفتاوى الشاذة وخطرها، ورقة عمل مقدمة لندوة الفتوى وضوابطها، من 17جانفي 2009م إلى 20 جانفي 2009م، المجمع الفقهي برابطة العالم الإسلامي مكة المكرمة.
- علي بن سلطان محمد القاري، مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المفاتيح، 1422هـ-2002م، دار الفكر:(1/72).
- متعب بن شديد بن محمد الهماش، استراتيجية تعزيز الأمن الفكري ، بحث مقدم للمؤتمر الوطني الأول للأمن الفكري:" المفاهيم والتحديات"، في الفترة من 22- 25 جمادى الأولى 1430هـ، كرسي الأمیر نایف بن عبد العزیز لدراسات الأمن الفكري بجامعة الملك سعود.
- أ.د. محمد بن أحمد بن صالح الصالح، أثر الفتوى في المجتمع ومساوئ الشذوذ في الفتوى، بحث مقدم لمؤتمر الفتوى وضوابطها، من 17جانفي 2009م إلى 20 جانفي 2009م، المجمع الفقهي برابطة العالم الإسلامي مكة المكرمة.
الصحف:
- تركي المطيري، الفتاوى الشاذة تلهي الأمة وتضيع هيبة العلماء ويصعب تداركها في عصر الإعلام المفتوح، جريدة الرأي، العدد:  11484، الجمعة 10 ديسمبر 2010م.
- مصطفى فرحات، دعاة أشعلوا فتيل الفتنة في الجزائر.. وعلماء أطفأوها، الشروق، 2009.04.18.
- الشذوذ في الفتوى وصوره، صحيفة الأيام، العدد7641، الجمعة 26 ربيع الأول 1431هـ.
- جريدة الرياض، العدد: 15310، الثلاثاء 25 ماي 2010م.
- جريدة الفجر، العدد: 105، يوم الإثنين 11جوان 2007م.
- صحيفة السياسة الكويتية، يوم الأحد 23 سبتمبر 2007م.
- جريدة الشرق الأوسط، العدد: 10083، يوم الجمعة 7يوليو 2006م.
- جريدة القبس، العدد 13233، الجمعة 2 أبريل 2010م.
- صحيفة عكاظ، العدد: 3238، 29 أفريل 2010م.
- صحيفة عكاظ، العدد : 2097، 09 ديسمبر 2009م.
- جريدة القبس، 14 ديسمبر 2009م.
- صحيفة الوطن الإلكترونية: http://alwatan.kuwait.tt/ArticleDetails.aspx?id=46344
- صحيفة عكاظ، العدد: 3056، الخميس 29 أكتوبر 2009م.
- يومية الحوار الجزائرية، العدد: 1150، 30 ديسمبر 2010.
 - الرسالة، ملحق أسبوعي يصدر مع صحيفة المدينة، العدد: 17439، الجمعة 21 يناير 2011م.
- جريدة هسبريس الإلكترونية المغربية، منقول عن جريدة المساء العدد:916، 31 أوت 2009.
- جريدة الشرق الأوسط، العدد 10164، الثلاثاء 26سبتمبر 2006م.
- صحيفة البشاير، الأربعاء 28 سبتمبر 2008م.
- جريدة الدستور، 24 جويلية 2009م.
- صحيفة الفجر العدد 105 تاريخ الاثنين 11-6-2007 م.
 
 


([1]) ابن منظور، محمد بن مكرم المشهور، لسان العرب، تحـ: أمين محمد عبد الوهاب، ومحمد صادق العبيدي، ط(3)،1419هـ- 1999م، دار إحياء التراث للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت:(1/223)، الفيومي، أحمد بن محمد بن علي، المصباح المنير، المكتبة العلمية، بيروت، ص:10، مادة أمن.
([2]) الموسوعة الفقهية، وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية الكويتية:(6/270).
([3]) سعود بن سعد محمد البقمي، نحو بناء مشروع تعزيز الأمن الفكري بوزارة التربية والتعليم، بحث مقدم للمؤتمر الوطني الأول للأمن الفكري:" المفاهيم والتحديات"، في الفترة من 22- 25 جمادى الأولى 1430هـ، كرسي الأمیر نایف بن عبد العزیز لدراسات الأمن الفكري بجامعة الملك سعود ، ص: 6.
 ([4]) مجمع اللغة العربية، المعجم الوسيط، ط (2)، 1985م، دار عمران، مصر:( 2/724).
([5])  محمد رواس قلع جي، حامد صادق قيني، معجم لغة الفقهاء، ط(2)، دار النفائس، بيروت، 1408ه، ص: 349 ، مادة فكر.
([6]) المالكي: عبد الحفيظ بن عبد الله:نحو بناء إستراتيجية وطنية لتحقيق الأمن الفكري في مواجهة الإرهاب، رسالة دكتوراه بجامعة نايف للعلوم الأمنية، موقع الجامعة، ص:49.
([7]) د. حامد بن مدة بن حميدان الجدعاني، السياسة الشرعية في مواجهة الأفكار الهدامة، بحث مقدم للمؤتمر الوطني الأول للأمن الفكري:" المفاهيم والتحديات"، في الفترة من 22- 25 جمادى الأولى 1430هـ، كرسي الأمیر نایف بن عبد العزیز لدراسات الأمن الفكري بجامعة الملك سعود،ص:12.
([8]) الوادعي،  سعيد بن مسفر، الأمن الفكري الإسلامي، مجلة الأمن والحياة، العدد:187، 1997م،  جامعة نايف العربية،الرياض ، ص:51.
([9]) سعود بن سعد، نحو بناء مشروع تعزيز الأمن الفكري بوزارة التربية والتعليم، ص: 15.
([10]) د. حامد بن مدة بن حميدان الجدعاني، السياسة الشرعية في مواجهة الأفكار الهدامة،ص:2.
([11]) ابن قيم الجوزية، أبو عبد الله محمد بن أبي بكر أيوب الزرعي، إعلام الموقعين عن رب العالمين، تحـ: طه عبد الرءوف سعد،  1973م، دار الجيل، بيروت:(1/10).
([12])  الخطيب البغدادي، صحيح الفقيه والمتفقه، تحـ: عادل العزازي، ط(1)، 1997م، دار الوطن للنشر، الرياض، ص:21.           
([13]) ابن منظور، لسان العرب:(10/183)، الفيومي، المصباح المنير:(2/462).
([14])  القرافي، شهاب الدين أحمد بن ادريس، الذخيرة" ، تحقيق : محمد حجي، دار الغرب الإسلامي، بيروت، ط(1)، 1994م  :(10/121).
([15]) د. محمد يسري ابراهيم، الفتوى، أهميتها، ضوابطها، أثارها،  بحث مقدم لنيل جائزة نايف بن عبد العزيز آل سعود العالمية للسنة النبوية والدراسات الاسلامية المعاصرة لعام 1428هـ- 2007م، الدورة الثالثة، ط(3)، ص: 30.
([16]) أ.د. محمد بن أحمد بن صالح الصالح، أثر الفتوى في المجتمع ومساوئ الشذوذ في الفتوى، بحث مقدم لمؤتمر الفتوى وضوابطها، من 17جانفي 2009م إلى 20 جانفي 2009م، المجمع الفقهي برابطة العالم الإسلامي مكة المكرمة، ص:37.
([17])  الشذوذ في الفتوى وصوره، صحيفة الأيام، العدد7641، الجمعة 26 ربيع الأول 1431هـ.
([18])  أ.د أحمد محمد هليل، الفتاوى الشاذة، مفهومها، أنواعها، أسبابها، آثارها، بحث مقدم لمؤتمر الفتوى وضوابطها، من 17جانفي 2009م إلى 20 جانفي 2009م، المجمع الفقهي برابطة العالم الإسلامي مكة المكرمة، ، ص: 26.
([19]) د. تركي المطيري، الفتاوى الشاذة تلهي الأمة وتضيع هيبة العلماء ويصعب تداركها في عصر الإعلام المفتوح، جريدة الرأي، العدد:  11484، الجمعة 10 ديسمبر 2010م.
([20]) أ.د أحمد بن محمد الهليل، الفتاوي الشاذة، ص:26.
([21])  أ.د علي أحمد السالوس، الفتاوي الشاذة وخطرها، ورقة عمل مقدمة لندوة الفتوى وضوابطها، من 17جانفي 2009م إلى 20 جانفي 2009م، المجمع الفقهي برابطة العالم الإسلامي مكة المكرمة ، ص:3.
([22])  الشذوذ في الفتوى وصوره، صحيفة الأيام، العدد7641، الجمعة 26 ربيع الأول 1431هـ.
([23]) علي بن سلطان محمد القاري، مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المفاتيح، 1422هـ-2002م، دار الفكر:(1/72).
([24]) د. سعد بن عبد الله البريك، فتاوي الفضائيات، الضوابط والآثار، مؤتمر الفتوى المجمع الفقهي الإسلامي، موقع انترنت، ص: 40.
([25]) أحمد بن حمدان الحراني الحنبلي، صفة الفتوى والمفتي والمستفتي، خرج أحاديثه وعلق عليه محمد ناصر الدين الألباني،ط(3)، 1397م، المكتب الإسلامي، بيروت، ص:36.
([26]) أبو زهرة، محمد، أصول الفقه، دار الفكر العربي، القاهرة، مصر، ص:387.
([27]) أ. د محمد بن أحمد بن صالح الصالح، أثر الفتوى في المجتمع ومساوئ الشذوذ في الفتوى، ص: 44.
([28])  تركي المطيري، الفتاوى الشاذة» تلهي الأمة وتضيع هيبة العلماء ويصعب تداركها في عصر الإعلام المفتوح، جريدة الرأي، العدد:  11484، الجمعة 10 ديسمبر 2010م.
([29]) د. أحمد محمد هليل، الفتاوي الشاذة، ص: 20.
([30]) الذهبي، شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان، سير أعلام النبلاء، للإمام ش الذهبي، تحـ: شعيب الأرنؤوط وحسين الأسد، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط (9)، 1414 ه:(5/416).
([31]) ابن القيم، إعلام الموقعين:(1/9).
([32]) ابن القيم، إعلام الموقعين:(4/159).
([33]) ينظر: عبد اللطيف بن عبد الله التويجري، تتبع الرخص بين الشرع والواقع، مجلة البيان، ط(1)، 1430هـ - 2009م، الرياض، ص: 50، د.محمد يسري، الفتوى ضوابطها، آثارها، ص: 167.
([34]) النووي، يحي بن شرف، المجموع شرح المهذب، د.ت، د.ط، مطبعة المنيرية:(1/80).
([35]) محمد يسري،  الفتوى ضوابطها، آثارها،ص: 167.
([36]) تركي المطيري، الفتاوى الشاذة تلهي الأمة وتضيع هيبة العلماء ويصعب تداركها في عصر الإعلام المفتوح، جريدة الرأي، العدد:  11484، الجمعة 10 ديسمبر 2010م.
 جريدة الرياض، العدد: 15310، الثلاثاء 25 ماي 2010م.([37])
([38]) جريدة الفجر، العدد: 105، يوم الإثنين 11جوان 2007م.
([39]) صحيفة السياسة الكويتية، يوم الأحد 23 سبتمبر 2007م.
([40]) جريدة الشرق الأوسط، العدد: 10083، يوم الجمعة 7يوليو 2006م.
([41]) أ.د علي أحمد سالوس، الفتاوي الشاذة وخطرها، ص: 6.
([42]) نفس المرجع، ص: 9.
 جريدة القبس، العدد 13233، الجمعة 2 أبريل 2010م، صحيفة عكاظ، العدد: 3238، 29 أفريل 2010م.([43])
([44]) صحيفة عكاظ، العدد : 2097، 09 ديسمبر 2009م.
 جريدة القبس، 14 ديسمبر 2009م.([45])
([46]) صحيفة الوطن الإلكترونية: http://alwatan.kuwait.tt/ArticleDetails.aspx?id=46344.
([47]) أ.د علي أحمد سالوس، الفتاوي الشاذة وخطرها، ص: 13، د. محمد يسري ابراهيم، الفتوى، أهميتها، ضوابطها، أثارها، ص: 6.
 يومية الحوار الجزائرية، العدد: 1150، 30 ديسمبر 2010.([48])
([49]) الرسالة، ملحق أسبوعي يصدر مع صحيفة المدينة، العدد: 17439، الجمعة 21 يناير 2011م.
([50]) جريدة هسبريس الإلكترونية المغربية، منقول عن جريدة المساء العدد:916، 31 أوت 2009.
([51]) ابن حمدان، صفة الفتوى:4.
([52]) المقدسي، ابن مفلح، الآداب الشرعية والمنح المرعية، مؤسسة قرطبة: (1/160).
([53]) ابن القيم، اعلام الموقعين:(1/55).
 المقدسي، الآداب الشرعية والمنح المرعية: (2/159).([54])
([55]) ابن القيم، اعلام الموقعين:(1/9).
([56]) جريدة الشرق الأوسط، العدد 10164، الثلاثاء 26سبتمبر 2006م.
([57]) النووي، المجموع شرح المهذب:(1/80).
([58]) مصطفى فرحات، دعاة أشعلوا فتيل الفتنة في الجزائر.. وعلماء أطفأوها، الشروق، 2009.04.18.
([59]) ينظر: متعب بن شديد، استراتيجية تعزيز الأمن الفكري، بحث مقدم للمؤتمر الوطني الأول للأمن الفكري:" المفاهيم والتحديات"، في الفترة من 22- 25 جمادى الأولى 1430هـ، كرسي الأمیر نایف بن عبد العزیز لدراسات الأمن الفكري بجامعة الملك سعود، ص:21.
([60]) مصطفى فرحات، دعاة أشعلوا فتيل الفتنة في الجزائر.. وعلماء أطفأوها، جريدة الشروق، 2009.04.18.
([61]) د. طه عابدين طه، الإنحراف الفكري، موقع انترنت، ص: 14.
([62]) صحيفة البشاير، الأربعاء 28 سبتمبر 2008م، جريدة الدستور، 24 جويلية 2009م.
([63]) صحيفة الفجر العدد 105 تاريخ الاثنين 11-6-2007 م.
([64]) ينظر: د. سعد بن عبد الله البريك، فتاوي الفضائيات، الضوابط والآثار، ص: 33، عبد اللطيف التويجري، تتبع الرخص،  ص: 72.
([65]) ابن حمدان، صفة الفتوى والمفتي، ص: 10.

أضافة تعليق