انصهارنا في الغرب لن يصنع أمة، ولن يعزز هوية، ولن يبني مجدًا، ولن يشيد حضارة، ولن يراعي خصوصية، ولن يحافظ على مكتسبات، مهما حقق من مكاسب آنية في موضع أو مرحلة من المراحل.
وهذا لا يعني أن خط الاستقلال سهل أو قصير أو بلا كلفة باهظة وضريبة شديدة الإجهاد والاستنزاف، ولكنه -مع عِظَم مشقته، وطول فترته، وكثرة متطلباته، وتكاليفه الباهظة- لا بد من سلوكه، والإصرار على المضي فيه، ووضع الخطط الكفيلة بتقوية الإرادة، وتجسير المفاوز، وتضييق المخاطر، وتوسيع دوائر الفرص.
والحث على عدم الانصهار ليس بدعوة لحرق المراحل، ولا استثارة الخصوم، ولا استدعاء الصدام أو الاستنكار على سياسات تجنبه، ولا الخروج عن حد الواقعية، ولا معاملة الخصوم بحسب الحب والبغض لا بحسب القدرة والمتاح وتحقيق المصلحة، ونحو ذلك من مظاهر التهور والعجلة.
بل هو دعوة لامتلاك رؤية إصلاحية طموحة، وحمل رسالة محفزة، وتقوية إرادة، وتمتين عزيمة، وجمع كلمة، ورص صف، ومشاركة للشباب، وتجديد في القيادة، وصناعة مشاريع بانية، وبناء مؤسسات قوية، وتخطيط جاد، وتأهيل وتدريب، وتوسيع دوائر التفاؤل والأمل، ورفع مستوى الشعور بالمسؤولية، وتشجيع كل قادر على الفعل بحسب القدرة والإمكانية، ومن دون التفات إلى صوتين: صوت العجز والهوان، وصراخ المصفقين للمشهد، وجماعة "ليس بالإمكان أحسن مما كان". وصوت دعاة الانعزال بالمطلق عن عامة الأمة، وأولئك الحالمين في اليقظة، الجارين للأمة مرة بعد أخرى -بلا فقه راسخ وعميق نظر، مهما صلحت النية- إلى ساحات وغى لا قِبل لها بخوضها، ولا قدرة لديها على تحمل تبعات المضي فيها.
ومن رحمة الله بهذه الأمة أنه نمذج لهم خط الإصلاح النبوي من أوله إلى آخره، ودرج لهم مراحله: ضعيفها ومتوسطها وقويها، وأبقى لهم متطلبات كل مرحلة واضحة محفوظة، إذ تنزل الوحي والبشرية مطبقة على الجهالة والظلم والكبر والكفر، إلا بقايا منزوية يائسة منثورة من أهل الكتاب هنا وهناك، إلى أن تُوفي النبي صلى الله عليه وسلم وقد قامت للمسلمين دولة، وأصبحت أنوار التوحيد وتعظيم الله وتحكيم شرعته مشعة في جميع أرجاء جزيرة الإسلام. وما بين هذه وتلك، فرص متاحة ، وتحديات ضخمة، ومراحل دعوية تربوية متفاوتة، وخطوات بناء وإصلاح شامل كثيرة متدرجة.
وإن كنت أخاف على أمتي من شيء -غير عظم التحديات الخارجية، والمكر الكبار، والاستنزاف الضخم والاختراق الواضح الذي تعاني منه الأمة- فإني خائف عليها من جماعة التدجين، والمبادرين إلى تقليم كل ظفر نابت، وليّ كل ذراع اشتد، وحجب كل تبيين واضح بدعوى الحكمة.
وخائف عليها من جماعة التهور، والتغرير، والتعجل، والطيش، باسم ضرورة العزة، واستجلاب القوة، وطرد الخوف من النفوس، ونحو ذلك.
فاللهم استعملنا في طاعتك، ووفقنا لمراضيك، وانصر على أيدينا أمة الحق والدين، يا جواد يا كريم.
والله الهادي
وهذا لا يعني أن خط الاستقلال سهل أو قصير أو بلا كلفة باهظة وضريبة شديدة الإجهاد والاستنزاف، ولكنه -مع عِظَم مشقته، وطول فترته، وكثرة متطلباته، وتكاليفه الباهظة- لا بد من سلوكه، والإصرار على المضي فيه، ووضع الخطط الكفيلة بتقوية الإرادة، وتجسير المفاوز، وتضييق المخاطر، وتوسيع دوائر الفرص.
والحث على عدم الانصهار ليس بدعوة لحرق المراحل، ولا استثارة الخصوم، ولا استدعاء الصدام أو الاستنكار على سياسات تجنبه، ولا الخروج عن حد الواقعية، ولا معاملة الخصوم بحسب الحب والبغض لا بحسب القدرة والمتاح وتحقيق المصلحة، ونحو ذلك من مظاهر التهور والعجلة.
بل هو دعوة لامتلاك رؤية إصلاحية طموحة، وحمل رسالة محفزة، وتقوية إرادة، وتمتين عزيمة، وجمع كلمة، ورص صف، ومشاركة للشباب، وتجديد في القيادة، وصناعة مشاريع بانية، وبناء مؤسسات قوية، وتخطيط جاد، وتأهيل وتدريب، وتوسيع دوائر التفاؤل والأمل، ورفع مستوى الشعور بالمسؤولية، وتشجيع كل قادر على الفعل بحسب القدرة والإمكانية، ومن دون التفات إلى صوتين: صوت العجز والهوان، وصراخ المصفقين للمشهد، وجماعة "ليس بالإمكان أحسن مما كان". وصوت دعاة الانعزال بالمطلق عن عامة الأمة، وأولئك الحالمين في اليقظة، الجارين للأمة مرة بعد أخرى -بلا فقه راسخ وعميق نظر، مهما صلحت النية- إلى ساحات وغى لا قِبل لها بخوضها، ولا قدرة لديها على تحمل تبعات المضي فيها.
ومن رحمة الله بهذه الأمة أنه نمذج لهم خط الإصلاح النبوي من أوله إلى آخره، ودرج لهم مراحله: ضعيفها ومتوسطها وقويها، وأبقى لهم متطلبات كل مرحلة واضحة محفوظة، إذ تنزل الوحي والبشرية مطبقة على الجهالة والظلم والكبر والكفر، إلا بقايا منزوية يائسة منثورة من أهل الكتاب هنا وهناك، إلى أن تُوفي النبي صلى الله عليه وسلم وقد قامت للمسلمين دولة، وأصبحت أنوار التوحيد وتعظيم الله وتحكيم شرعته مشعة في جميع أرجاء جزيرة الإسلام. وما بين هذه وتلك، فرص متاحة ، وتحديات ضخمة، ومراحل دعوية تربوية متفاوتة، وخطوات بناء وإصلاح شامل كثيرة متدرجة.
وإن كنت أخاف على أمتي من شيء -غير عظم التحديات الخارجية، والمكر الكبار، والاستنزاف الضخم والاختراق الواضح الذي تعاني منه الأمة- فإني خائف عليها من جماعة التدجين، والمبادرين إلى تقليم كل ظفر نابت، وليّ كل ذراع اشتد، وحجب كل تبيين واضح بدعوى الحكمة.
وخائف عليها من جماعة التهور، والتغرير، والتعجل، والطيش، باسم ضرورة العزة، واستجلاب القوة، وطرد الخوف من النفوس، ونحو ذلك.
فاللهم استعملنا في طاعتك، ووفقنا لمراضيك، وانصر على أيدينا أمة الحق والدين، يا جواد يا كريم.
والله الهادي