لقد مضينا في كتابات سابقة مع قوله تعالى «إن فرعون علا في الأرض وجعل أهلها شيعا يستضعف طائفة منهم يذبح أبناءهم ويستحيي نساءهم إنه كان من المفسدين»، «ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين» ونمكن لهم في الأرض ونري فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون».
فتحدثنا عن سياسة فرعون بداية مرحلة وعن الحراك الشعبي منة إلهية، وعن مفردات الإنقاذ: ومرة أخرى نعود هنا إلى القوانين السياسية المبثوثة خلال حركة حياة سياسية حية عاشتها أجيال وشعوب تناورت وتحاورت فيها القيم وتدافعت لتنتج بقانون المدافعة الحفظ والأمن والتوازن على الأقل.
نعم إن هذه الحياة الجماهيرية والسياسية وصفت بنقل محفوظ محفوف بدقائق وتفاصيل تهدف إلى صياغة تجربة أولئك لهؤلاء، لنا، وللبشرية إلى اليوم الممدود.
وهذا النقل كان بنقل صور الحياة الثابتة لا المتغيرة، نقل لنا كل ما نستفيد منه لأنه يتكرر ويحصل لأن مصدره هو أمر داخلي مغروس في النفوس، لقد نقل الله لنا في كتابه صور العدل والظلم والحرية والاستبداد، والملك والشورى والشعب بشرائحه وطبقاته والقيل والقال من أطراف تعد هي صور الحياة المتكررة، ماذا قال العامة، وماذا قال المرجفون، وماذا قال المجاهدون، وغير ذلك كثير إلا أن هذا النقل المحفوظ المراد منه تقنين الأحكام وأخذها من خلال هذا الخضم الهائل من الحياة البشرية وأحوالها، وليس المراد مجرد الترفيه المعلوماتي أو القصصي أو الفكري.
صدقوني: إن هذا المصدر المعصوم الذي هو الكتاب العزيز كمصدر أول للتشريع والسنة كمصدر ثان في الاستدلال، هو العروة الوثقى للإنقاذ السياسي والاجتماعي والمدني.
نريد اليوم أن نتكلم عن منظومة ثلاثية: ذكر الله تعالى في كتابه مرارا ذكرا ثلاثيا في سياق دسترة الاستبداد وشرعنته وحمايته.
قال تعالى «إن فرعون وهامان وجنودهما كانوا خاطئين» إن فرعون يمثل الرقم الدستوري وهامان كوزير له يمثل المشروعية الاستشارية، والقوات المسلحة لهما تمثل أداة الحماية لذلك، والقمع للمعارضين. هذه التي أستطيع أن أسميها «ثلاثية الاستبداد».. إن الفرد الواحد لا تعدو قوته قوة فرد، ولو كان يحمل بسطة في العلم والجسم إلا أن ميزان الفردية البطشي يظل هو هو بتذبذب صعودي أو نزولي لا يخرجه عن معقولية قوة الفرد. إذاً فكيف يتحول هذا الفرد إلى غلاب لأمة من الناس!؟ يا للوقفة العقلية التي توقظ سلطان الحقيقة في النفس!!
نعم إنه فرد واحد، كيف يستبد؟! كيف يقتل ويسجن ويفتك ويعلو؟ كيف تخاف منه الجماعة؟ كيف يبطش بالمناوئين والمخالفين أحزابا وقيادات؟! لا أدري كيف.. لقد أمسكتني الحيرة والدهشة.
أيها الطيبون: إن الله تبارك وتعالى في كتابه أعطى الجماعة للأمة للشعب الحكم ووعد أهل الإيمان بالتمكين ونادى الشعب ككل أن يقيم الشريعة، أن يقيم العدل والحب والسلام والرحمة، وهذه التشريعات الجماعية ترك معها للأمة آلية اختيار من ينوب عنها في إقامتها وممن يستقل عن كل نظرة إلا نظرة الجماعة والصالح العام. وهذا الفرد إنما صعدته قوة الجماعة، فالسلطان الذي بيده مستمد من سلطة الجماعة الكلية وقوتها، وطاعته تجب لأنه أصلا منبثق عن مشورة الجماعة ورأيها وحريتها، معبر وناطق بلسانها فمن عصى فقد عصى المجموع، وحكَّم عقول الكل الشعبي بسائر ألوانه واتجاهاته إلى عقل واحد، ومنفذ تفكيري واحد وأسلوب واحد وهو عقله. ولهذا حرم الخروج عليه، لأن الخارج على من هذا شأنه على من صعد سلطانه سلطة المجموع الجمهوري الخارج عليه في الحقيقة خارج عن رأي الجماعة ووحدتها شاق لعصا قوتها. إذا هذا هو السبب الحقيقي للنهي الشديد عن الخروج عن السلطان، لا ما يراه بعض قراء التقليد الفقهي بلا نظر في العلل والحقائق والمآلات إنه لمجرد كونه سلطاناً.
يا أهل العقول النيرة.. أستطيع الآن أن أرتاح لفهمكم لهذا المعنى الدستوري الهام والعام. وأستطيع أن ألخص ذلك قائلا: إن قوة السلطان مستمدة من قوة المجموع الجماهيري والشعبي للكل، لا لنسب ولا لغيره، ويحرم الخروج عليه حينئذ لأنه خروج عن الجماعة حقيقة عن رأيها وخيرتها وحريتها وشوراها.
إذا فالتوجيه الآمن والأمين لهذه القوة، أن تكون لخدمة الكل وهو ما يعبر عنه الفقهاء بقولهم «تصرفات الأئمة منوطة بالمصلحة» أي بالمصلحة العامة.. هذا هو الأصل والقاعدة المنطقية والعقلية والسليمة والشرعية والدستورية.
أما المنطقية العقلية فلأن الجزء أصغر من الكل، ولا يكون أكبر من الكل ولا أنفع من الكل بل إذا انكسر جزء من الكتلة أصبح هباء بلا قيمة ولا وزن يضطر عامل النظافة أن يجمعه مع مرميات الفتات، وهكذا الحاكم جزء من كل قوته بالمجموع لا بنفسه ولا بذاته حتى إذا شذ حملته الهليوكبتر إلى المنفى، وبين المنفى والنفايات توحد مصدر.
أما الشرعية: فهذا أوضح فيها من شمس طالعة، رغم ظلمات الاستبداد.
وأما الدستورية: فهذه نصوصه التي صاغها قلم عملاق هو قلم الأمة الواحد الذي لا يقوى على حمله شخص لوحده، ولا يقوى فرد على طمس أو تحريف ما كتب هذا القلم إلا باتفاق شعبي عام لأن من كتب هو من يعدل.
أما أن يعدل فرد ما سمه سلطانا سمه ملكا سمه رئيسا، فهو ليس ذاك الدستور الموضوع بقلم الجماعة بل هو مذكرة شخصية في جيبه يصنع فيها ما يشاء، يحرف ويبدل ويغير بلا مبرر أو رجوع أو استشارة، وهنا يبدأ الشذوذ لكنه في الحقيقة ينتهي هنا لأن الشرعية حقيقة قد انتهت.
وهنا أستأذنكم ولا أود.. لكن أواصل الثلاثية معكم إن شاء الله في عدد قادم.*عن الأهالي نت
فتحدثنا عن سياسة فرعون بداية مرحلة وعن الحراك الشعبي منة إلهية، وعن مفردات الإنقاذ: ومرة أخرى نعود هنا إلى القوانين السياسية المبثوثة خلال حركة حياة سياسية حية عاشتها أجيال وشعوب تناورت وتحاورت فيها القيم وتدافعت لتنتج بقانون المدافعة الحفظ والأمن والتوازن على الأقل.
نعم إن هذه الحياة الجماهيرية والسياسية وصفت بنقل محفوظ محفوف بدقائق وتفاصيل تهدف إلى صياغة تجربة أولئك لهؤلاء، لنا، وللبشرية إلى اليوم الممدود.
وهذا النقل كان بنقل صور الحياة الثابتة لا المتغيرة، نقل لنا كل ما نستفيد منه لأنه يتكرر ويحصل لأن مصدره هو أمر داخلي مغروس في النفوس، لقد نقل الله لنا في كتابه صور العدل والظلم والحرية والاستبداد، والملك والشورى والشعب بشرائحه وطبقاته والقيل والقال من أطراف تعد هي صور الحياة المتكررة، ماذا قال العامة، وماذا قال المرجفون، وماذا قال المجاهدون، وغير ذلك كثير إلا أن هذا النقل المحفوظ المراد منه تقنين الأحكام وأخذها من خلال هذا الخضم الهائل من الحياة البشرية وأحوالها، وليس المراد مجرد الترفيه المعلوماتي أو القصصي أو الفكري.
صدقوني: إن هذا المصدر المعصوم الذي هو الكتاب العزيز كمصدر أول للتشريع والسنة كمصدر ثان في الاستدلال، هو العروة الوثقى للإنقاذ السياسي والاجتماعي والمدني.
نريد اليوم أن نتكلم عن منظومة ثلاثية: ذكر الله تعالى في كتابه مرارا ذكرا ثلاثيا في سياق دسترة الاستبداد وشرعنته وحمايته.
قال تعالى «إن فرعون وهامان وجنودهما كانوا خاطئين» إن فرعون يمثل الرقم الدستوري وهامان كوزير له يمثل المشروعية الاستشارية، والقوات المسلحة لهما تمثل أداة الحماية لذلك، والقمع للمعارضين. هذه التي أستطيع أن أسميها «ثلاثية الاستبداد».. إن الفرد الواحد لا تعدو قوته قوة فرد، ولو كان يحمل بسطة في العلم والجسم إلا أن ميزان الفردية البطشي يظل هو هو بتذبذب صعودي أو نزولي لا يخرجه عن معقولية قوة الفرد. إذاً فكيف يتحول هذا الفرد إلى غلاب لأمة من الناس!؟ يا للوقفة العقلية التي توقظ سلطان الحقيقة في النفس!!
نعم إنه فرد واحد، كيف يستبد؟! كيف يقتل ويسجن ويفتك ويعلو؟ كيف تخاف منه الجماعة؟ كيف يبطش بالمناوئين والمخالفين أحزابا وقيادات؟! لا أدري كيف.. لقد أمسكتني الحيرة والدهشة.
أيها الطيبون: إن الله تبارك وتعالى في كتابه أعطى الجماعة للأمة للشعب الحكم ووعد أهل الإيمان بالتمكين ونادى الشعب ككل أن يقيم الشريعة، أن يقيم العدل والحب والسلام والرحمة، وهذه التشريعات الجماعية ترك معها للأمة آلية اختيار من ينوب عنها في إقامتها وممن يستقل عن كل نظرة إلا نظرة الجماعة والصالح العام. وهذا الفرد إنما صعدته قوة الجماعة، فالسلطان الذي بيده مستمد من سلطة الجماعة الكلية وقوتها، وطاعته تجب لأنه أصلا منبثق عن مشورة الجماعة ورأيها وحريتها، معبر وناطق بلسانها فمن عصى فقد عصى المجموع، وحكَّم عقول الكل الشعبي بسائر ألوانه واتجاهاته إلى عقل واحد، ومنفذ تفكيري واحد وأسلوب واحد وهو عقله. ولهذا حرم الخروج عليه، لأن الخارج على من هذا شأنه على من صعد سلطانه سلطة المجموع الجمهوري الخارج عليه في الحقيقة خارج عن رأي الجماعة ووحدتها شاق لعصا قوتها. إذا هذا هو السبب الحقيقي للنهي الشديد عن الخروج عن السلطان، لا ما يراه بعض قراء التقليد الفقهي بلا نظر في العلل والحقائق والمآلات إنه لمجرد كونه سلطاناً.
يا أهل العقول النيرة.. أستطيع الآن أن أرتاح لفهمكم لهذا المعنى الدستوري الهام والعام. وأستطيع أن ألخص ذلك قائلا: إن قوة السلطان مستمدة من قوة المجموع الجماهيري والشعبي للكل، لا لنسب ولا لغيره، ويحرم الخروج عليه حينئذ لأنه خروج عن الجماعة حقيقة عن رأيها وخيرتها وحريتها وشوراها.
إذا فالتوجيه الآمن والأمين لهذه القوة، أن تكون لخدمة الكل وهو ما يعبر عنه الفقهاء بقولهم «تصرفات الأئمة منوطة بالمصلحة» أي بالمصلحة العامة.. هذا هو الأصل والقاعدة المنطقية والعقلية والسليمة والشرعية والدستورية.
أما المنطقية العقلية فلأن الجزء أصغر من الكل، ولا يكون أكبر من الكل ولا أنفع من الكل بل إذا انكسر جزء من الكتلة أصبح هباء بلا قيمة ولا وزن يضطر عامل النظافة أن يجمعه مع مرميات الفتات، وهكذا الحاكم جزء من كل قوته بالمجموع لا بنفسه ولا بذاته حتى إذا شذ حملته الهليوكبتر إلى المنفى، وبين المنفى والنفايات توحد مصدر.
أما الشرعية: فهذا أوضح فيها من شمس طالعة، رغم ظلمات الاستبداد.
وأما الدستورية: فهذه نصوصه التي صاغها قلم عملاق هو قلم الأمة الواحد الذي لا يقوى على حمله شخص لوحده، ولا يقوى فرد على طمس أو تحريف ما كتب هذا القلم إلا باتفاق شعبي عام لأن من كتب هو من يعدل.
أما أن يعدل فرد ما سمه سلطانا سمه ملكا سمه رئيسا، فهو ليس ذاك الدستور الموضوع بقلم الجماعة بل هو مذكرة شخصية في جيبه يصنع فيها ما يشاء، يحرف ويبدل ويغير بلا مبرر أو رجوع أو استشارة، وهنا يبدأ الشذوذ لكنه في الحقيقة ينتهي هنا لأن الشرعية حقيقة قد انتهت.
وهنا أستأذنكم ولا أود.. لكن أواصل الثلاثية معكم إن شاء الله في عدد قادم.*عن الأهالي نت