بمناسبة حلول شهر رمضان المعظم، أرغب في وقفة قصيرة نتمكن من خلالها النظر إلي علاقتنا بالله عز و جل و ما شابها من تقصير و سوء فهم و عدم تقدير لنعمة الوجود و تخلينا عن القيام بدورنا الرسالي و الحضاري المناط إلينا بمقتضي إسلامنا.
نكون قد لاحظنا في هذا العصر الخلل الذي أصاب في مقتل علاقة العبد بخالقه، فالناس في أيامنا ينظرون إلي دور الدين في حياتهم من خلفية براغماتية محضة و لسان حالهم هو : لا بد أن أنتفع بشيء ملموس من توحيدي بالله و إلا ما الفائدة من الإيمان به ؟
فصفة الإحتيال الممجوجة و التي طبعت معاملات الإنسان المسلم، زحفت إلي علاقته مع الله العلي و القدير و يا للعجب...
هذا و تقوي الله صفة يمجها ضعاف النفوس لم تتطلبه من صبر علي المكاره و المثير للكرب مجتمعاتنا يغلب عليها هؤلاء. لهذا لم ننهض من كبوتنا و لم نلحق بركب الأمم المتحضرة الفاعلة، بل نظهر فعالية كبيرة في إرتكاب المعصية و الكبيرة متجاهلين عين الرقيب جل جلاله و عندما ينكشف أمرنا نتحجج بحجج واهية ك" لا يزال لدي الوقت للتوبة" و كأن العبد الضعيف يملك التصرف في الوقت كيفما شاء و هو من يختار أجله...
هذا القدر من الغباء و العناد في الباطل ينذر بسوء الخاتمة و العياذ بالله.
متي نفهم و متي نعي أن درب الصلاح علي مشقته مجلبة لمرضاة الله و من رضي الله عنه، فقد فاز. فاز في الدنيا و الآخرة.
متي ندرك بأن النجاح الحقيقي ليس أن نفتك متاع من متاع الدنيا الزائلة بطرق ملتوية و إنما النجاح الحقيقي هو الإنتصار علي النفس الأمارة بالسوء.
و أما الفئة التي تتصف بقدر من التدين نقول لهم ما قاله الله عز و جل في سورة الإنسان الآية 3 (إنا هديناه السبيل إما شاكرا و إما كفورا)لا بد لكم أن تتبعوا الهداية بالشكر و الحمد و إخلاص النية لله و صفاء السريرة و هذا ما يفتقده بعض المتدينين، فنراهم يبجلون المظهر علي حساب الجوهر و يثقلون مسامع الناس بخطاب عريض طويل حول الإسلام و محاسنه بينما كان الأحري بهم أن يكون سلوكهم ترجمانا للدين الحنيف. فالعوام، ضعاف الإيمان منهم خاصة، في حاجة إلي نماذج إنسانية راقية تتحرك فعليا في واقعهم وفق نواميس الله و غير ذلك لا يجدي نفعا.
المسلم المؤمن ينزل لحكم ربه دون مكابرة منه أو عناد لكن معظمنا نحب العاجلة و ننقاد إلي الهوي و نستكثر علي الله طاعته و ما دامت علاقتنا بالله جل جلاله علي هذا النحو فلا عزة لنا و لا حسن مآل و لا إنبعاث من الرماد و تتحول وقفتنا علي عتبات شهر الرحمة إلي مجرد طقس من الطقوس التي دأب عليها السلف بتتبعهم للأجداد البعيدين في تعاطيهم مع الوثن ممن لم تصلهم رسالة الرحمن الرحيم.