إن أي مدرسة دعوية أيا كان شكلها تهمل في مناهجها بعدين أساسين لا يكون لها أثر إيجابي في تربية أتباعها فإهمال البعد الروجين الذي أشار إليه القرآن الكريم " قد أفلح من تزكى " و أحسب أن كل الاختلالات مردها لهذا الفراغ الروحي الرهيب الذي نجني ثماره غلظة في الطبع جفاء في السلوك أنانية مفرطة انحلال خلقي فضيع نكران للفضل و رعونة في الذوق وكل سلوك سلبي.
و أن هذا الجانب المهم التي يقوم أساسا على بناء الذات و صقلها لا يكون إلا بعامل التربية التي تؤثر الناحية العملية و من خلال المجاهدة للنفس من خلال التكوين الشمولي الذي يغطي الجوانب المشعة في النفس فتثمر أخلاقا فاضلة و روح صلبة تواجه محن الحياة و نفس تشف بالصدق و الوفاء و نفس ترى السعادة في العيش في دروب أفراح الروح فتحول ملحمة الحياة إلى أغنية جميلة إن هذه التربية الفريدة كانت نتيجة مجاهدة مستمرة نلتمسها في ركعات في جوف الليل و تسبيحات السحر و في تدبر آيات القرآن و في لقاء الإخوان و مجالسة الصالحين و في كل درب من دروب أجواء الإيمان .
أما الجانب الثاني و الذي لا يقل خطورة عند اهماله اهمال البعد الانضباطي في الجوانب العملية في التربية و التي ينتج عنها التفريط و التسيب و اللامبالاة و عدم التقيد بالقوانين و عدم احترام اللوائح و الخروج عن المؤسسات و عدم الالتزام بالشورى الملزمة و لو عدنا لتعريف لفظ كلمة الإسلام لا وجدنا أن من معاني الإسلام الحنيف الإذعان و الطاعة و الانقياد لأمر الله و تنفيذ أوامره و حين نتأمل التوجيه القرآني يتبين لنا البعد الانضباطي في التوجيه : " إذ قال له ربه أسلم قال أسلمت لرب العالمين "( 131 ) " ووصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب يا بني إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون " ( 132 ) من سورة البقرة و تزيد الروعة الانقياد و التسليم عند الأنبياء في تلقي التكاليف واضحة وضوح الشمس في قوله تعالى : " " إذ قال له ربه أسلم قال أسلمت لرب العالمين" أي " أمره الله بالإخلاص له والاستسلام والانقياد ، فأجاب إلى ذلك شرعا وقدرا " تفسير ابن كثير .
و عليه لا يستقيم أي عمل منظم إلا إذا شاعت روح الانضباط بين الفريق انضباط يستوعب ضوابط العمل المزينة برقي العلاقات الإنسانية و التقه المتبادلة بين الفريق و لا يخرج هذا الانضباط و الطاعة في إطار الشرع و في حدود الاستطاعة