د.محمد إبراهيم العشماوي
الأستاذ في جامعة الأزهر
إنما نزل القرآن على سبعة أحرف؛ ليستوعب ألسنة الناس ولهجاتهم!
وجاءت معظم دلالاته على الأحكام ظنية؛ لتستوعب أفهام الناس وأحوالهم!
فلا يضيق بالخلاف إلا من عجز عن فهم مراد الله من كلامه!
وبهذا تعلم أن في الاختلاف سعة ورحمة لهذه الأمة، وأن مراعاة هذا الاختلاف هي إحدى حكم نزول القرآن على سبعة أحرف، وكون أكثر دلالاته على الأحكام ظنية!
والاختلاف لا يعني تمزق الأمة، وإنما يعني توحدها تحت راية الاجتهاد المنضبط بقواعد الشريعة التي ما جاءت إلا للتيسير ورفع الحرج عن الناس!
وقد كان الإمام العلامة المحقق عبد الوهاب الشعراني يتبنى المذهب الأصولي القائل بتصويب جميع المجتهدين، ويرى أن أحكام الشريعة تتنزل على مراتب ثلاث: عزيمة، ورخصة، وتوسط، وهذه المراتب هي أحوال المكلفين، ولا تخرج عنها أقوال الأئمة المجتهدين، ومن ثم فلا يمكن تخطئة واحد منهم؛ لأن كل قول من هذه الأقوال؛ مراع لحالة من الأحوال!
ذكر ذلك في سفره القيم(الميزان الكبرى)، وهو من أعظم ما كتب في فلسفة الفقه الإسلامي، وقد دلني عليه، وأرشدني إليه شيخنا العلامة الفقيه المجتهد الدكتور محمد عامر رحمه الله، وهو حقيق بألا تخلو منه مكتبة عالم، فضلا عن فقيه!