د.محمد إبراهيم العشماوي
الأستاذ في جامعة الأزهر
إذا أردنا إقرار العدل في الناس، ووقف العبث بالقوانين، والحد من التعسف في استعمال السلطة، وإساءة استخدامها؛ فينبغي أن يكون هناك تشريع يقضي بأن كل من كانت وظيفته حماية القانون وإنفاذه، فقام بتجاوزه وتعطيله؛ أن تشدد عليه العقوبة، بخلاف غيره من عامة الناس، زجرا له ولأمثاله عن مواقعة هذا الفعل!
ويدخل في هذا: رجال الشرطة، والقضاء، والوزراء، والمحافظون، والإدارة المحلية، ومن على شاكلتهم من رجال السلطتين القضائية والتنفيذية، وقبلهم جميعا رئيس الدولة!
ولنا في التشريع الإلهي أسوة حسنة، قال الله تعالى:(( يا نساء النبي من يأت منكن بفاحشة مبينة يضاعف لها العذاب ضعفين!)).
وقد كان عمر - رضي الله عنه - ينكل تنكيلا شديدا بمن يجاوز الحدود الشرعية، من عماله ورجال إدارته المسؤولين عن إمضاء الأحكام وإنفاذ القوانين، بمضاعفة العقوبة عليهم إلى حد الجمع بين العزل من الوظيفة، ومصادرة الأموال، والمنع من تولي الوظائف العامة، وربما الحبس والضرب، فلم تجد في عهده منهم راشيا ولا مرتشيا، ولا فاسدا ولا مفسدا إلا جعله عبرة ونكالا في الغابرين!
ومن ثم ضرب المثل بعدله، حتى قيل: مات العدل بموت عمر!
والظالمون على مدار التاريخ لا يحبون ذكر عمر؛ لأن ذكره يفضح ظلمهم، ويثبت للناس أن العدل ممكن، إذا صح العزم، وصلحت النية!