د.محمد إبراهيم العشماوي
الأستاذ في جامعة الأزهر
القضاء على فوضى الفتاوى لا يحتاج إلى تشريع خاص، حتى تتأخر الدولة في إصداره كل هذا الوقت، رغم المخازي والمآسي التي نجنيها من وراء ذلك!
مادة واحدة فقط تضاف إلى قانون العقوبات تكفي لتنظيم الفتوى، والقضاء على الفوضى، وإخراس الجاهلين!
((يعاقب بنفس عقوبة الفاعل الأصلي: كل من أفتى غيره - بغير رخصة تؤهله للفتوى في أمور الدين - إذا ترتب على فتواه ضرر في نفس أو عضو أو مال أو غير ذلك.
فإذا لم يترتب على فتواه ضرر فإنه يعزر بعقوبة مناسبة يترك تقديرها للقاضي؛ زجرا له عن معاودة الفتوى!
وأما من أفتى برخصة، فترتب على فتواه ضرر، فإنه لا يلزمه شيء، ما دامت فتواه صادرة عن اجتهاد معتبر، ومنضبطة بالضوابط الشرعية والعلمية للفتوى، وما دام المفتي معروفا عنه استقامة الدين، وعدم التتبع لرخص المذاهب وشواذ الآراء)).
وقد يستأنس لمعاقبة المفتي الجاهل بقوله صلى الله عليه وسلم لمن أفتى غيره بالغسل وهو لا يحتمله، فمات:(( قتلوه! قتلهم الله!)).
وقياسا على قوله صلى الله عليه وسلم:(( من تطبب ولم يعلم منه طب فهو ضامن)).
بل هذا أولى بالعقوبة؛ لأن ضرره في الأديان، والآخر ضرره في الأبدان!
وأما عدم معاقبة المفتي العالم المجتهد حتى ولو أدت فتواه إلى ضرر؛ فإنه لو فعلنا ذلك لامتنع الناس من الفتوى خوفا من العقوبة، فينسد باب العلم والعمل، فوجب ألا يعاقب العالم المجتهد، ولأنه كما يجب سد الذريعة؛ فإنه يجب أيضا فتحها، كما يقول الأصوليون، والله أعلم.