ككل عام في مثل هذا الوقت بالتحديد أواخر شهر ماي وبداية شهر جوان، تمر على كل بيت من البيوت أيام جد جميلة تحمل في طياتها النجاح الذي حققته الدراسة الجادة من سهر وتعب ومثابرة وصبر، على رزنامة الامتحانات، التي ما تكاد تطل حتى تجد البيت كله في حالة تأهب كامل ليقوم الوالدان والتلميذ مع بعض بالتغييرات التي لا بد منها أن تكون إيجابية. ومن جهة أخرى تجد بعض البيوت ينتابها الحزن والأسى، لما فرطت من انضباطها في أيام الدراسة أو الامتحانات التي كان لزاما عليها أن تقوم ببعض الترتيبات التي تجعل كلا الوالدين والتلميذ في مستوى واحد لتقديم بعض التضحيات من أجل التفوق نهاية السنة المدرسية...أو في امتحانات الابتدائية أو التكميلية أو الثانوية... ويأتي في الأخير كشف النقاط المدرسي، وما يحمله من مُعدلات جيدة أو دون ذلك، وما يحمل من ملاحظات قيمة أو توبيخية فمن المسؤول هنا عن هذه النتيجة؟ بعض الوالدين هداهم الله، تجدهم يلقون بالمسؤولية كلها على أبناءهم لكونهم لم يتحصلوا على النتيجة التي تشرفهم أمام الأهل والأحباب والجيران، أما كان الأولى بهؤلاء الوالدين أن يكونوا هم في المستوى المطلوب مع أبناءهم؟ وقدموا لهم الرعاية التامة و حملوهما على لانضباط أيام الدراسة؟ وهل راقبوا أبناءهم وبناتهم أثناء ترددهم على المدرسة، وهل كانوا فعلا يذهبون حقا إلى المدرسة؟ أم أنهم يخرجون من البيت ويتوجهون حيث ما يريد أصدقاؤهم؟ ويعودون آخر النهار حاملين كتب وكراريس أتعبوا بها أبدانهم فقط....أم أنهم يدخلون المدرسة ويخرجون منها كما دخلوها...؟ وكانت أوقاتهم كلها تمر في اللعب، أو الشغب، أو الاستهزاء بالأستاذ... قبل أن تغضب الأم أو الأب من كشف النقاط الذي لا يروق لهما، ويهددا أولادهما بأنهما سيحرمانهم من أي مكافأة أو نزهة وتوبيخهم بقسوة، على الوالدين أن يعودا بذاكرتهما إلى ما قبل الامتحان ويعرفا أن خطأ الأبناء من خطأهما هم أساسا... وهنا تحضرني قصص حية عن أمهات يحكين تجربتهم مع أبنائهم طيلة عام الدراسة – وخصوصا العاملات – اللاتي يذكرن أنهن لم يجدن حتى الوقت الكافي ليذهبن لمعرفة نتائج أبنائهن، وبعضهن سهَون حتى عن أيام الاختبارات فمرت بسرعة وهن عنها غافلات، والبعض الآخر يقول بأنه مشغول جدا ، ولم ير حتى ولديه كيف توجهوا إلى المدرسة صباحا.. وأخرى تقول بأنها قد خصصت مبلغا للدروس الخصوصية وذاك بحسبها كاف.... وفي اعتقادي أن الأمر عندما يتعلق بمستقبل أمهات وآباء المستقبل، أظن أن نوعية التفكير هذه يجب أن تكون مغايرة تماما لهذا النمط من التفكير، وعلينا أن نستشعر مسؤولياتنا قبل أبنائنا وبناتنا، لأن المال لا يستعيد مستقبل ابنك أو ابنتك، و الوقت الضائع لا يسترجع ما فات منه، فكلنا راع وكلنا مسؤول عن رعيته كما قال النبي صلى الله عليه وسلم، فالكل يسأل عن هذه الأمانة، وأي أمانة إنها أمانة جيل المستقبل.