مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب

2016/05/26 21:18
أصول استثمار الوقت
يقول عازف البيانو الأمريكي مايكل ليفين: "لو كان لديك بيانو لا يعني أنك تستطيع العزف عليه، و كذلك لو كان لديك أبناء، لا يعني هذا أنك أب أو أم قمة في التربية". هذه المقولة تلخص العلاقة بين الوالدين و الأبناء. مع كل موعد من العطل المدرسية، تبدأ التساؤلات كيفية الاستمتاع بتلك الأوقات ، و كيف تستغل، و هنا لا بد للأسرة أن تعلم أهمية استغلال الفراغ فيما ينفع و يفيد و يزيد من ثقافة الطفل، بفضل اكتشافه و تعلمه أثناء العطلة أشياء لم يتعلمها في المدرسة أو في البيت، فهي بمثابة مجال هام للتربية التطبيقية و التدريب في الواقع الحي، خاصة إذا ما كانت هذه العطلة ممنهجة و منظمة فإنها ستكون مفيدة و جد إيجابية.... فالطفل سواء في الابتدائية أو المتوسطة أو الثانوية، تواق لإطلاق طاقته الجسمانية و البدنية و الفكرية الى ما يتمناه من ممارسة هواية ما، أو رغبة في اللهو و اللعب، أو تعلم مهنة أو القيام بزيارات و سفرات لمدن و مواقع يتمناها.. و لغرض الاطلاع على آراء وأفكار بعض الأسر من مختلف المستويات الثقافية و الاجتماعية حول كيفية قضاء أوقات فراغ أطفالنا في العطلة، و العقبات التي تواجه الكبار في تنفيذ رغبات اطفالهم، و حقهم في قضاء أوقات ممتعة و مفيدة لأعمارهم.. فهل يبقى التلفزيون الوسيلة المثلى لمتابعة البرامج و الافلام التي قد لا تتلاءم مع مستوياتهم العمرية و الفكرية، هذا إلى جانب المخاطر المترتبة على طبيعة أفلام العنف و ما يترتب عن التأثر بها من أثار سلبية على الأمور الحياتية و العلاقات الاجتماعية.. تقول بعض الأمهات أنها تشعر بالفرح الشديد عندما تعد أطفالها بالقيام بجولة، إما للخروج إلى نزهة في الطبيعة، أو الذهاب إلى مدينة الألعاب بعد الامتحانات و الدخول في عطلة لمدة عشرة أو خمسة عشر يوما، للترفيه عن النفس و الابتعاد عن ذلك الازدحام و الاكتظاظ، و حتى إن لم تتسن لهم الفرصة لقضاء جولة سياحية، فلها أن تتدبر كيفية قضاء ساعات يومية أخرى في ممارسة هواية يرغب بها الأطفال، و الذهاب إلى الأماكن الآمنة للتنفيس عن طاقاتهم.. و لكن تبقى الشكوى من الفراغ متواصلة... و تقول أخرى بأن بناتها يساعدنها في الأعمال المنزلية، و بعدها يقضين فراغهن أمام شاشة التلفاز، فضلا عن بعض الزيارات للأقارب و الاصدقاء .. و من مضمون هذا التخطيط ، ندرك أن هناك حرص على الإبقاء على العادات الصالحة، التي سبق لنا أن اكتسبناها في وقت الدراسة، مثل الاستيقاظ باكرا، و جعل وقت لمراجعة الدروس، و كل هذا له الأثر الطيب إن أحسن الأبوان توجيه أبناءهم، كذلك بالنسبة إلى زيارة بعض المكتبات للقراءة، أو لبحث علمي أو أدبي يعود عليهم بالنفع. يتضح مما سبق أن بعض الأسر مجبرة على التوافق مع إمكانياتها المادية في الاستمتاع بالإجازات المدرسية، و أنه ليس في مقدور كل الأسر حسن استغلال هذه العطل الاستغلال الأمثل الذي يرجع بالفوائد الجسمية و النفسية و العقلية على أبنائها لأن ذلك يتطلب إمكانيات مالية و مادية لا تتوفر عليها، و هنا ترتد المسؤولية الأكبر على المنظمات المدنية و المجالس المحلية و النوادي الشبابية الرياضية و إدارات المدارس و الجوامع و دوائر البلدية في توفير الأجواء المناسبة و الخدمات الهادفة لحماية أطفالنا من الفراغ و الضياع و الجنوح، و لن يكلفها ذلك أكثر من تكييف نشاطها مع هذه العطل المدرسية مما يتيح لأبنائنا هياكل آمنة و تأطيرا سليما و برامج هادفة تمكنهم من ممارسة هواياتهم و تنمية قدراتهم...
أضافة تعليق