فضل الإسلام على المرأة أنه أعاد إليها كرامتها، و حفظ عليها ماء وجهها من أن تبذله، و حماها من أن تستذل استذلالا مقيتا، و جعلها مصونة في بيت أبيها، تُحْتَرم و يعطف عليها لأنها امرأة، و جعلها مكرّمة معززة في بيت زوجها تبدي رأيها، و تزور أهلها، و وتصل رحمها، نراها و مكنها من أن تصبح كنفا للابن و ينبوع سعادة، يتدفق بأغلى عاطفة إنسانية، فمن هي المرأة التي نريد اليوم، و ماذا نريد منها؟!
لقد هاجم الشيخ عبد الحميد بن باديس رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين –رحمه الله - بشدة الآراء الجامدة التي حاولت إبقاء المرأة متاعا مهملا، و كذلك الآراء المتطرفة التي حاولت سلخ المرأة المسلمة من مقوماتها و تجريدها، من خصوصياتها.
و نبه العلماء و أولياء أمور البنات إلى أهمية تعليم البنت، ضمن الإطار الحضاري الإسلامي، لأن البنت المتعلمة، تستطيع أن تبني أسرة منسجمة و متماسكة، كما تستطيع أن تصون نفسها، و تحفظ كرامتها، و تضطلع بوظيفتها التربوية داخل الأسرة، و في المجتمع اضطلاعا كاملا.
و قد بين في رده على دعاة تحرير المرأة حيث قال :" إن التحرير الحقيقي الذي يجب أن نسعى إليه، هو تحريرها من الجهل، فقال : " و إذا أردتم إصلاحها الحقيقي، فارفعوا حجاب الجهل عن عقلها، قبل أن ترفعوا حجاب الستر عن وجهها، فإن حجاب الجهل هو الذي أخرها، و أما حجاب الستر فإنه ما ضرها في زمان تقدمها، فقد بلغت بنات بغداد، و بنات قرطبة، و بنات بجاية، مكانة عالية في العلم، و هنّ متحجبات" الشهاب, ج : 10, م 5 نوفمبر 1929.
فالمرأة التي نريد اليوم، أن تكون بنتا و أختا و أما، نريدها أن تهذب عقلها، أكثر مما تهذب شعرها، و أن تجمل سلوكها كما تجتهد الاجتهاد الكبير في تجميل مظهرها، و ألا تقف كثيرا أمام المرآة، و أن تكتفي من الزينة و الجمال بما يحفظ لها حياءها و يصون عفتها، و بما يسر عين زوجها و يحببها إلى صغارها.
نريد من امرأة اليوم أن تتجاوز عن الأمور التافهة، و أن تسمو من الاهتمامات الضيقة، إلى الاهتمامات الأنفع و الأرقى، و أن تكون مُصلحة متعاونة مع شقيقها الرجل، في إطار ما رسمته لها العقيدة الإسلامية و بينته شريعتها السمحاء، واثقة من الله و من نفسها، أنها تؤدي مهامها على أكمل وجه، بتواضع و عقل متزن، و في تدبر يقيها الزلل و العثار، و قيامها بالمهام المنوطة بها هو الذي يمنحها مكانتها المصونة أينما ذهبت و أينما حلت ...
نريد من المرأة المسلمة اليوم، أن لا تلهث وراء صيحات التحرر و المساواة، و أن تكون فخورة بدينها، معتزة بجنسها، عصرية دون انسلاخ من الهوية، تتمتع بنظرة مستقبلية طموحة، لتصل النجاح بالنجاح و تراكم المكاسب على توالي الأيام و الشهور ...لا نريد تلك البنت، أو الأخت، أو الأم، التي انشغلت عن طموحها بالثرثرة مع جاراتها او صديقاتها، بأحاديث تفسد الدين، و لا تنفع في الدنيا، أو المنشغلة بالأفراح و الحفلات، و لا الأمهات اللواتي أصبح شغلهن الشاغل مجلات الأزياء، و نسين كتاب ربهن.
ليس في الدنيا خير من نساء تمَّسْكن بحجابهن و حافظن على آدابهن، و تقيدن بأخلاق و أحكام إسلامهن، و تابعن خطا ذلك المجتمع الفاضل الذي أخرج خديجة و أسماء و الخنساء، و سكينة بنت الحسين، و العالية بنت شريك، و المجاهدة الجزائرية فاطمة لالة نسومر، و مئات من المربيات الفضليات، و العالمات الأديبات، و الأمهات الديّنات الورعات، اللاتي وَلدن أولئك الرجال الذين كانوا قواد الميادين، و فرسان المنابر، و أبطال الفكر، و سادة الدنيا، هذه هي المرأة التي نريد.