من سنين، إستقبلت سيدة مهاجرة تقيم في بلاد غربية و أستمعت لبوحها بتركيز شديد :
-زوجي منذ إستقرارنا في الغرب و قبل يغاضبني و يسمعني كلام جد قاس فأثور بدوري عليه و قد وصل بنا الأمر إلي التفكير جديا في الطلاق لكننا كنا نتراجع عندما نري أطفالنا، فبماذا تنصحينني أختي عفاف ؟
-لا بد لغضب زوجك أسباب موضوعية، أولا أذكريها لي ؟
-كل مرة سبب مختلف، ردت علي.
-أعطيني مثال لسبب واحد، ألححت عليها.
-يتركني أحيانا لوحدي أواجه مرض أحد الأبناء أو فشله في فصل دراسي، و عند مناقشتي له لا يعجبه الحال و سرعان ما يشتعل غضبا متهما إياي بعدم فهم ما يواجهه من مشاق في عمله و الغربة.
-جيد، عليك بإختيار أوقات الحديث معه في هذه المواضيع، هذا و عند كل خلاف بينكما أحرصي علي إبعاد الأطفال من الغرفة المتواجدة أنت فيها و زوجك. هذا و بمجرد ما يرتفع صوته، تبني هذه الإستراتيجية.
-أي إستراتيجية ؟ سألتني مندهشة السيدة.
-إجلسي بهدوء و أتركيه يعبر عن غضبه، أتركيه يقول كلامه القاس و نعته لك بنعوت لا تعجبك، عليه بإخراج ثورته و أنت في حالة عدم إنفعال تام، سبحي أثناءها الله عز و جل و ادعيه لتبقين علي حالة الهدوء هذه و سترين بعدها ردة فعل زوجك الكريم.
فنظرت لي السيدة و علامات الدهشة الكاملة مرتسمة علي وجهها:
-لكن عفاف من أين لي ببرودة الأعصاب هذه و أنا لا أقوي علي سماع صراخه في وجهي ؟ إعترضت.
-كل ما لدي أقوله لك قلته، جربي نصيحتي و سترين النتيجة و بلغيني بها من فضلك.
تغادر السيدة المهاجرة البلاد بعدها بأيام و في يوم ما تلقيت مكالمتها التي لم تدوم أكثر من خمسة دقائق :
-ياه صدقي أو لا تصدقي طبقت نصيحتك و تصوري ما الذي حصل ؟ زوجي إحتار في هدوئي و لامبالاتي و بعد أسابيع تكرر الخلاف و وجد مني نفس البرود فتغير تماما و صار يمزح معي قائلا :
-هل يعقل أنك نفس المرأة التي تزوجت و التي كنت أختلف و أتخاصم معها فيسمع صوتي و صوتها من الطابق الأول للعمارة ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
بدون تعليق.