مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب

2016/02/27 09:55
أن نحلم

 

و أنا طفلة، الحلم كان جزءا جميلا من يومياتي و صار عند كبري رغبة أكيدة في الطموح إلي الأفضل. التوق إلي الحلم، هو الخلاص في ذاته، نعبر به عن نيتنا في الذهاب إلي أقصي ما نقدر عليه و هذا ما ينبغي أن نكون عليه مع الأطفال.

تمكين الصغير من حلمه، أي توفير له مساحة حرة للعب و العمل و الإبداع و مساعدة الطفل علي تحقيق ذاته من خلال أمنية بسيطة. كانت أحلامنا سطحية في بداياتها، كنت أحلم بإعتلاء دراجة كبيرة و التجوال في شوارع حديقة شاسعة علي أطراف العاصمة الأندونيسية جاكرطا و تجسد الحلم يوما ما. إجتهدت لفصلين متتالين فحصلت علي مبتغاي، أهداني والدي رحمه الله دراجة رائعة ذات صباح مشرق قائلا لي : "الآن من حقك التجوال في شوارع حينا و سآخذك إلي الحديقة الكبري العامة لتتمكني من التنزه علي درجاتك كما يحلو لك!" و منذ ذلك الوقت، أدركت قيمة أن أرسم لنفسي حلما علي شاكلة هدف صغير أو متوسط الحجم أسعي إليه بكل ما أملك من إرادة و خيال و ذكاء و التوفيق من الله عز و جل.

جرب و أحلم و ستري العالم يتسع أمامك و تزداد تصميما علي بلوغ غايتك و صاحب النفس الطويل هو المنتصر في النهاية. كيف لا نجد في حديثنا و سلوكنا مساحة مفتوحة للحلم ؟ كيف تمر حياتنا بأطوار كثيرة و لا ننتبه إلي مفعول الحلم و إنعكاساته الإيجابية علي الوجود ؟ كيف نمضي الوقت علي التحسر علي ما فات و لا نفسح مجالا شاسعا للحلم ؟

فعل الحلم، تحرير لذات محبوسة. قلما نمهل أنفسنا بعض الوقت لنعتني بها، و مثل هذا الإهمال قلص  من طاقة الحلم، فأصبح التطلع إلي غد أفضل، مطلب ثقيل لا نقوي عليه، أليس هذا تقصير لا يحتمل أي تبرير ؟

سعة المدي أمامنا دافع قوي لنبذل أقصي ما نقدر عليه و من يتوكل علي الواحد الأحد و ينهض مع الفجر، مرددا سأفعل كذا و كذا بعون الله، هو من نعقد عليه الأمل. ليس بإمكاننا الإستمرار في السقوط، خاصة أولئك الواعين بضرورة الإنتقال من النية إلي الفعل، فأي حركة، تبدأ في مخيلتنا مرسومة، تتحول بفعل عملنا إلي حقيقة شامخة في واقعنا.

 

أن ندرك باكرا بأن لا شيء مستحيل في دنيا الممكنات، هكذا نظرت لسلسلة من الأحداث التي أثرت في حياتي.  فأن نهزم  النفس الأمارة بالسوء التي هي وراء كل إحباط و تخاذل و يأس، إنتصار لإيمان الفرد بل تطلعنا إلي الأفضل، نعده خطوة حاسمة نحو النجاح.

و أن يتمكن المرء عمليا من ملامسة ما راود خياله، هذا مؤشر هام، فما تتعلمه حينها يفوق الخيال! بينما ما جنيناه من أحكام مسبقة، حرمنا من الكثير، الكثير.

فهلا رفعنا التحفظ علي الحلم ؟

لم يفيدنا قصر النظر و لم نري تعاطي جاد مع الواقع المنهار، و ليس بإمكاننا الإستمرار علي هذا النحو. فثمة أشياء كثيرة نحن قادرين علي القيام بها، و أولها الإيمان بأنفسنا، كل شيء واضح، و المطلوب التوكل، فهم معني أن نعول علي الرب عز و جل بإستغلال أي منفذ للخروج من عنق الزجاجة و هذا حلم في متناولنا، لا شيء يكبر علي الحق و كل شيء قابل للحل. هذا ما تعلمته علي مر السنين و الحمد لله لم تكذبني التجربة و لا يخذل الله تعالي عبده، و المرجو الكثير من الإيمان و الكثير من الصبر و الكثير الكثير من العزم و الإنجاز آت لا محالة و هذا هو الإيمان بالله الواحد الأحد الذي لا يرد أبدا عبدا مخلصا، جاءه ساجدا.

فأن نحلم، أجمل ما نهديه لغيرنا و لأطفالنا و أن نحقق أحلامنا، أروع و أبهي جائزة لمن آمن حقا بلا إله إلا الله محمد رسول الله.

أضافة تعليق