مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب

2014/08/17 20:10
المخاض العسير لليمن الجديد
د. فؤاد بكرين الصوفي
الخميس 7 نوفمبر 2013 06:51:12 مساءً
عاشت اليمن طوال فترة ما قبل الربيع العربي في معاناة مستمرة فقد توقفت عجلة التنمية واختل الأمن وضعفت الخدمات العامة وزادت الفجوة بين النظام والفرقاء السياسيين وانعدمت الثقة بينهم وفشل النظام السابق في احتواء شركائه في الوطن واستئثاره بكل شيء لعشيرته ومن والاه فانتشر الفقر وشاع الظلم وظل الفساد ينخر في صلب الدولة طوال الفترة المنصرمة حتى غُيِّبت اليمن من مواقع كان من المفروض ان تحتلها منذ أمدٍ بعيد فوصلت إلى آخر الركب في التنمية، وفي الصدارة من حيث الفساد المالي والإداري.
ومنذ اندلاع ثورتها الشبابية في فبراير 2011م ازداد الوضع سوءا وزاد الصراع وتعدى كونه سياسيا إلى مواجهات عسكرية خلقت فضاءً واسعًا من الانقسام أدى إلى تمزيق النسيج السياسي والاجتماعي بل والجغرافي مما جعل اليمن ميدان استقطاب و تدخلات خارجية دوليةٍ وإقليمية.
وبسبب موقع اليمن المتميز حرصت أطراف دولية وإقليمية على أن تضع لنفسها موضع قدم فيه، فكان ذلك الوضع المتدهور والتناحر الشديد بين المكونات السياسية فرصةً ذهبيةً اتاحت لتلك الأطراف التدخل في شؤونه الداخلية والتفصيلية متجاوزةً أي خصوصية من خصوصيات الشعب اليمني ووضع مستقبل اليمن أرضاً وإنسانًا على طاولة التفاهم والحوار.!
اجتهدت هذه الأطراف على أن تدفع بأجندتها إلى واجهة الأحداث اليمنية باعتبارها المنقذ والمصلِح في ظل وصول الصراع اليمني ذروته واحتياج الأطراف المتنازعة إلى وجود طرف آخر يعمل على وقف إراقة الدماء واسكات فوهات البنادق والمدرعات، فكان التدخل الخليجي ذا الخلفية الأممية أو الأمريكية وهو ما سمي بالمبادرة الخليجية.
ولما نجحت تلك الجهود في إسقاط الرئيس السابق كان الثمن هو تسلق الأجندة الخارجية عبر منصة الحوار الوطني وتقاسم الدول الراعية للمبادرة الكعكة اليمنية على حساب الثوابت الوطنية ومصلحة الوطن واستقلاله.
وعلى المستوى المحلي فإن هندسة الحوار هيئت لتكتلات لم تكن تستحق أن تطأ على مسرح الحوار ممن لم يزل يرفع سلاحه ضد الدولة والشعب ويمد يدا للحوار وأخرى يضرب بها السلاح فشاركت بأجندتها الخاصة في صياغة اليمن الجديد كأدعياء الانفصال في الجنوب أو أدعيائه في شمال الشمال أو من يعمل على طمس الهوية الإسلامية للوطن اليمني فكان هؤلاء المستفيدون بالدرجة الأولى من الحوار كما أنهم هم المستفيدون-إلى الآن- من الثورة أيضا، فلم يصل الثوار إلى مطلبهم الكامل ولم يذق الشعب ما لأجله دفع الغالي والرخيص.
ومن ساهم في هذا العبث السياسي هو من لا يريد أن يكون هنالك طرف بعينه قويا سيما الإسلاميين الذين بدت ملامح ريادتهم تلوح في الأفق العربي، وأن عوامل الاختلاف مستقبلا يجب أن تكون مستمرة.
وظلت الأطراف المتحاورة كلٌّ ينظر إلى ما بقي من مسافةٍ للوصول إلى الهدف الذي واضب على الحضور لأجله فتكررت الاعتكافات والاستقالات لأكثر من مرة ؛ وفي ذلك أكبر دلالة على تباين الأجندة بين الفرقاء فكلٌّ ينظر إلى أجندته حسب تخطيطه لا حسب ما يريد الوطن ويطمح إليه الشعب .
وأوشك المتحاورون أن يخرجوا من الحوار بأجندتهم الخاصة كما دخلوه أول مرة ، وما يحدث على مستوى الأرض في دماج وغيرها لأكبر دليل على ذلك .
وكان المؤمل أن يسفر الحوار عن توافق سياسي يضع مصلحة اليمن واستقلاله أرضاً وشعباً وثقافة نصب عينه متناسياً كل جراحات الماضي وسلبياته، ويُتوَّج المؤتمر بتوصيات توافقية تنسجم مع تطلعات الشعب وطموح أجياله مع الحفاظ على الثوابت الوطنية والقيم الدينية.
و يظل مخاض اليمن الجديد عسيرا حتى يخلص له أبناؤه فيخرج إلى بر الأمان وينعم شعبه بحياة تسودها العدالة وتتمتع بالرفاهية وتنعم بالرخاء.
حفظ الله اليمن أرضا وشعبا وحقق له ما يصبو إليه.
* بالتزامن مع موقع المصدر نت
أضافة تعليق