طيب أردوغان والعهد الجديد
بقلم :أ.د.فؤاد عبده محمد الصوفي
أغلقت مكاتب اقتراع الانتخابات التركية في جولتها الثانية أبوابها مساء اليوم الأحد، وسط إقبال كبير جدا على التصويت من جانب الناخبين لاسيما كبار السن الذين بثت صور لهم محمولين أو على سيارات الإسعاف -وإن كانت أقل من الجولة الأولى- .
وبعد متابعة نشطةٍ وقلقٍ كبيٍر عاشه العالم الإسلامي وترقب العالم الغربي ترصُدًا لنتائج انتخابات تركيا والتي وُصِفت بأنها أهم انتخابات في هذا العام يحصل رجب طيب أردوغان على الثقة من جديد من شعبه العظيم بأغلبية برلمانية مريحة وانتزاع أصوات الجولة الرئاسية الثانية من بين أنياب المعارضة الشرسة.
وفي هذه اللحظات نهنئ الشعب التركي بمناسبة نجاح الانتخابات الرئاسية والبرلمانية والتي تمت بكل سلامة وسلاسة مما يدل على مستوى وعي هذا الشعب العظيم وحسن إدارة الدولة لها.
فنهنئ حزب العدالة والتنمية وتحالفه المتماسك بمناسبة تجديد العهد وإعادة الثقة رغم التشويه والحرب الضروس التي جيشت له عدد من الدول الغربية إعلاميا وقد تعرت الديموقراطية الغربية هذه المرة فساندت المعارضة ولأول مرة يعارض الإعلام الرسمي الغربي رئيسا علنا، ولكن كلمات لابد منها في مطلع هذا العهد الجديد.
تكْمنُ أهمية الانتخابات التركية من ناحيتين الناحية الأولى هي ما كشفه الإعلام الغربي المتشدق بالديموقراطية والحرية واستقلال الدول وسياداتها حسب القانون الدولي؛ حيث كشف الإعلام الغربي عن الوجه القبيح للقيم الديموقراطية التي يدعيها ويلزم غيره بها، فقد ارتفعت تركيا على يد الطيب أردوغان لاسيما وأنه أطلق عددًا من الإنجازات التي أثبتت توجهَ الدولة التركيَّة بقيادتها الإسلامية نحو البناء العسكري مما يجعل تركيا دولةً مصنعةً للعتاد العسكري مستغنية عن التقنية العسكرية الغربية إلى حد كبير وهو ما سينتقل عدواه -حسب تخوف الغرب- إلى الدول الإسلامية، فالبعد العسكري والاقتصادي والثقافي من دوافع تفسخ الغرب وانهيار قيمه الديموقراطية.
الأمر الآخر هو وجود تيارٍ تركيٍّ قادر على أن يبيع كل شيء مقابل إرضاء أسياده الغربيين وأن يحول البوصلة التركية نحو الغرب مستعدا لتقدم أي تنازلات في سبيل ذلك وأن يمكنهم مما يريدون وأن يعيد اجتثاث القيم الإسلامية التي كان قد أحياها نظام العدالة والتنمية منذ صعوده إلى سدة الحكم وعلى استعداد أن يتجاهل أو يصادر كل الإنجازات التي حققها أردوغان للدولة التركية وقد صرح لأكثر من مرة محاولاً تطمين الغرب أنه البديل المخلص إلى إعلانه مؤخرا بأنه سيغلق وزارة الشئون الدينية.
هذه العداوة السافرة محليا وغربيا لم يكن بحاجتها أردوغان ولا شعبه التركي الذي بدأ بالنهوض لينافس الدول الكبرى، ورغم التحديات إلا أنه تمكن من العمل الداخلي الدؤوب والتقدم الذي لم يكن متوقعا، وصاحب ذلك مواقفه النبيلة تجاه قضايا الأمة الكبرى وهذه إنجازات كبيرة والمحافظة عليها من أهم حقوق الشعب.
لذا كان لابد أن يخلق الزعيم التركي وئامًا داخليًا وأن يصنع بأي وجهٍ من الوجوه مصالح للغرب تجعل الغرب يخاف على مصالحه ويحرص على استقرار تركيا وديمومة حزب العدالة والتنمية فإذا كان هناك من إخفاقات للسيد أردوغان فهذه أبرز وأخطر إخفاقاته صناعة العداوة وغياب الدبلوماسية العميقة والسباحة في بحيرة مليئة بالأشواك وصناعة الأعداء.
لا ننكر مقدار الحنكة التي يتمتع بها هذا البطل الإسلامي؛ والتكتيك المنظم الذي انتهجه حزبه العريق والذي وصل إلى الحكم عبر صناديق الاقتراع لعدة جولات مارس فيها قيادة الدولة وأدار فيها ملفات ساخنة محليا وإقليميا ودوليا بأشكال متعددة وصور مختلفة قلَّ ما أخفق فيها كما تخطى منعطفات خطيرة نجى منها كزعيم وكحزب.
واليوم نجده بكل ثقة يسلم نفسه للشعب ليقيِّم أداءَه من خلال صناديق الاقتراع، تلك الصناديق التي لديها قوة حقيقية تهدد مستقبل أردوغان كرئيس والعدالة كحزب يتمتع بالأغلبية لعقدين من الزمن تقريبا، وقد تجلت تلك المخاوف من خلال الخطابات الساخنة والوعود التي كان ينثرها منها ما هو بمبادرة ومنها ما هو رد فعل على المعارضة.
وعليه فإنه يتوجب على حزب العدالة وزعيمه التوجه نحو صناعة ثقافة الوئام والتفاهمات مهما كان الخلاف والاختلاف وأن منطق السياسة والعقلانية مهمان في عالم لم يعد يمتلك ثوابت من القيم السياسية.
دمت زعيما محليا ودوليا طيب أردوغان وكان الله في عونك وفريقك.
بقلم :أ.د.فؤاد عبده محمد الصوفي
أغلقت مكاتب اقتراع الانتخابات التركية في جولتها الثانية أبوابها مساء اليوم الأحد، وسط إقبال كبير جدا على التصويت من جانب الناخبين لاسيما كبار السن الذين بثت صور لهم محمولين أو على سيارات الإسعاف -وإن كانت أقل من الجولة الأولى- .
وبعد متابعة نشطةٍ وقلقٍ كبيٍر عاشه العالم الإسلامي وترقب العالم الغربي ترصُدًا لنتائج انتخابات تركيا والتي وُصِفت بأنها أهم انتخابات في هذا العام يحصل رجب طيب أردوغان على الثقة من جديد من شعبه العظيم بأغلبية برلمانية مريحة وانتزاع أصوات الجولة الرئاسية الثانية من بين أنياب المعارضة الشرسة.
وفي هذه اللحظات نهنئ الشعب التركي بمناسبة نجاح الانتخابات الرئاسية والبرلمانية والتي تمت بكل سلامة وسلاسة مما يدل على مستوى وعي هذا الشعب العظيم وحسن إدارة الدولة لها.
فنهنئ حزب العدالة والتنمية وتحالفه المتماسك بمناسبة تجديد العهد وإعادة الثقة رغم التشويه والحرب الضروس التي جيشت له عدد من الدول الغربية إعلاميا وقد تعرت الديموقراطية الغربية هذه المرة فساندت المعارضة ولأول مرة يعارض الإعلام الرسمي الغربي رئيسا علنا، ولكن كلمات لابد منها في مطلع هذا العهد الجديد.
تكْمنُ أهمية الانتخابات التركية من ناحيتين الناحية الأولى هي ما كشفه الإعلام الغربي المتشدق بالديموقراطية والحرية واستقلال الدول وسياداتها حسب القانون الدولي؛ حيث كشف الإعلام الغربي عن الوجه القبيح للقيم الديموقراطية التي يدعيها ويلزم غيره بها، فقد ارتفعت تركيا على يد الطيب أردوغان لاسيما وأنه أطلق عددًا من الإنجازات التي أثبتت توجهَ الدولة التركيَّة بقيادتها الإسلامية نحو البناء العسكري مما يجعل تركيا دولةً مصنعةً للعتاد العسكري مستغنية عن التقنية العسكرية الغربية إلى حد كبير وهو ما سينتقل عدواه -حسب تخوف الغرب- إلى الدول الإسلامية، فالبعد العسكري والاقتصادي والثقافي من دوافع تفسخ الغرب وانهيار قيمه الديموقراطية.
الأمر الآخر هو وجود تيارٍ تركيٍّ قادر على أن يبيع كل شيء مقابل إرضاء أسياده الغربيين وأن يحول البوصلة التركية نحو الغرب مستعدا لتقدم أي تنازلات في سبيل ذلك وأن يمكنهم مما يريدون وأن يعيد اجتثاث القيم الإسلامية التي كان قد أحياها نظام العدالة والتنمية منذ صعوده إلى سدة الحكم وعلى استعداد أن يتجاهل أو يصادر كل الإنجازات التي حققها أردوغان للدولة التركية وقد صرح لأكثر من مرة محاولاً تطمين الغرب أنه البديل المخلص إلى إعلانه مؤخرا بأنه سيغلق وزارة الشئون الدينية.
هذه العداوة السافرة محليا وغربيا لم يكن بحاجتها أردوغان ولا شعبه التركي الذي بدأ بالنهوض لينافس الدول الكبرى، ورغم التحديات إلا أنه تمكن من العمل الداخلي الدؤوب والتقدم الذي لم يكن متوقعا، وصاحب ذلك مواقفه النبيلة تجاه قضايا الأمة الكبرى وهذه إنجازات كبيرة والمحافظة عليها من أهم حقوق الشعب.
لذا كان لابد أن يخلق الزعيم التركي وئامًا داخليًا وأن يصنع بأي وجهٍ من الوجوه مصالح للغرب تجعل الغرب يخاف على مصالحه ويحرص على استقرار تركيا وديمومة حزب العدالة والتنمية فإذا كان هناك من إخفاقات للسيد أردوغان فهذه أبرز وأخطر إخفاقاته صناعة العداوة وغياب الدبلوماسية العميقة والسباحة في بحيرة مليئة بالأشواك وصناعة الأعداء.
لا ننكر مقدار الحنكة التي يتمتع بها هذا البطل الإسلامي؛ والتكتيك المنظم الذي انتهجه حزبه العريق والذي وصل إلى الحكم عبر صناديق الاقتراع لعدة جولات مارس فيها قيادة الدولة وأدار فيها ملفات ساخنة محليا وإقليميا ودوليا بأشكال متعددة وصور مختلفة قلَّ ما أخفق فيها كما تخطى منعطفات خطيرة نجى منها كزعيم وكحزب.
واليوم نجده بكل ثقة يسلم نفسه للشعب ليقيِّم أداءَه من خلال صناديق الاقتراع، تلك الصناديق التي لديها قوة حقيقية تهدد مستقبل أردوغان كرئيس والعدالة كحزب يتمتع بالأغلبية لعقدين من الزمن تقريبا، وقد تجلت تلك المخاوف من خلال الخطابات الساخنة والوعود التي كان ينثرها منها ما هو بمبادرة ومنها ما هو رد فعل على المعارضة.
وعليه فإنه يتوجب على حزب العدالة وزعيمه التوجه نحو صناعة ثقافة الوئام والتفاهمات مهما كان الخلاف والاختلاف وأن منطق السياسة والعقلانية مهمان في عالم لم يعد يمتلك ثوابت من القيم السياسية.
دمت زعيما محليا ودوليا طيب أردوغان وكان الله في عونك وفريقك.