فؤاد الصوفي*
مصطلح الهجرة من المصطلحات التي يتكرر الحديث عنها في مطلع كل عامٍ جديد ونتحدث عنها في موسم مطلع العام الهجري
وهي مناسبةٌ تحتل مكانة عظيمة في نفوس جميع المسلمين على هذه البسيطة وتحمل معاني ودلالات كبيرةتسفر عن محبةٍ عميقةٍلأعظم شخصية عرفها التاريخ الإنساني.
أما الشخصية : فهي شخصية المربي الأول نبينا محمد صلى الله عليه وسلم الذي رسم على الهضاب والصحارى الواقعة بين مكة والمدينة تضحيات ودروس رائعة ؛مهما وقفنا على شاطئها وتفيَّئْنا ظلالها فإنه لا ينصب معينها ولا يجف ينبوعها.نبينا محمد صلوات ربي وسلامه عليه الذي بذل وسعا بالغ الأهمية وفداءًمنقطع النظير لدعوته ولأمته.
أنه لنموذج لزعيم فارق عينَه الكرى وهو يتحنَّث لربه ويتذلل بسكينة ووقار بين يدي مولاه سبحانه وتعالى ، فلم تشغله الأحداث السياسية ولا العسكرية عن أن يقوم بين يدي ربه خاشعا خاضعا ، لقد كان عابدا حقا في حله وترحاله، وحضره وسفره وصحته وسقمه ومنشطه ومكرهه.
زعيمٌ شعر بالضيم والظلم له ولأمته فلم يقف مكبل اليد يشاهد كيف تهدر طاقاتها وتنهار قيمها، رأى الظلم فلم يحابيه ولم يستكين له. رأى الإغراء فلم يسقط أمامه، ورأى صعوبة الطريق التي تنتظره فلم يزده ذلك إلا إعدادا لزاد الطريق؛ وإصراراً على موا صلته .
يجاهد في نهاره، ويتهجد في ليله حتى تتفطر قدماه من طول القيام . تعرض عليه ملذات الدنيا وهو في أمس الحاجة للقمة يرطب فاه فيعرض عنها. تعرض عليه المغريات الثلاث، المنصب والمال والجمال، فيأبى ذلك كله بكل شجاعة وتفان. يرى غيره من الملوك قد بسط لهم من النعيم والرفاهية ما جعلهم ملوكا فيعزف عن ذلك ويصوم نهاره اليوم واليومين والثلاث.
يدعو قومه إلى الخير والفضيلة والبعد عن الرذيلة فيردون عليه بأبشع الردود، فلم يكن ذلك صارفاً له عن دينه ودعوته يدعو ويحرص على إيصال الخير والمصلحة لكل الناس.
على أعتاب الحرم يُؤذى فتوضع سلى الجزور على رأسه وهو ساجد بين يدي ربه،ثم ينتهك فيرمى بالتراب ويؤذى بألوان من الإيذاء فيقول لابنته لا تخافي على أبيك غلَبةً ولا ذلاًّ .
وفي الطائف يسيل الدم من قدميه من رمي الأطفال والسفهاء، ومع ذلك يقف جبلا شامخا لا ينحني ولا يستكين، يأتيه جبريل ومعه ملك الجبال ولم يجف الدم من عقبيه بعد فيقول له: إن شئت أطبق عليهم الأخشبين فعلت . فلم يقل: (رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديّاراً إنك إن تذرهم يظلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجراً كفاراً )بل قال صلى الله عليه وسلم: بل قال:( أرجو أن يخرج الله من اصلابهم من يعبد الله ولا يشرك به شيئا).
ثم لم يلاق هذا الإيذاء من أعدائه فحسب، بل هناك مواقف أخرى للإساءة ممن انخرطوا في الصف المسلم مع قصور في الفهم، وضعف في الإيمان، كالأعراب ،والمخالفات التي كانت تحدث من قبل بعض الصحابة الكرام وحادثة الإفك وقصة حاطب، ومع ذلك كان يقف بصبر وتحمُّلٍ ورِضى، وإدراك أن هؤلاء بشر يصيبون ويخطئون، واستمر في التضحية والصبر وتحمل الأذى حتى جاء الإذن بالهجرة وقد بلَّغ رسالة ربه وأوصل كلمة الحق إلى آذان المشركين بأشرف الوسائل واحسن الأساليب.
*المشرف العام على موقع الوفاق الإنمائي للدراسات والبحوث
[email protected]
*بالتزامن مع ينابيع
مصطلح الهجرة من المصطلحات التي يتكرر الحديث عنها في مطلع كل عامٍ جديد ونتحدث عنها في موسم مطلع العام الهجري
وهي مناسبةٌ تحتل مكانة عظيمة في نفوس جميع المسلمين على هذه البسيطة وتحمل معاني ودلالات كبيرةتسفر عن محبةٍ عميقةٍلأعظم شخصية عرفها التاريخ الإنساني.
أما الشخصية : فهي شخصية المربي الأول نبينا محمد صلى الله عليه وسلم الذي رسم على الهضاب والصحارى الواقعة بين مكة والمدينة تضحيات ودروس رائعة ؛مهما وقفنا على شاطئها وتفيَّئْنا ظلالها فإنه لا ينصب معينها ولا يجف ينبوعها.نبينا محمد صلوات ربي وسلامه عليه الذي بذل وسعا بالغ الأهمية وفداءًمنقطع النظير لدعوته ولأمته.
أنه لنموذج لزعيم فارق عينَه الكرى وهو يتحنَّث لربه ويتذلل بسكينة ووقار بين يدي مولاه سبحانه وتعالى ، فلم تشغله الأحداث السياسية ولا العسكرية عن أن يقوم بين يدي ربه خاشعا خاضعا ، لقد كان عابدا حقا في حله وترحاله، وحضره وسفره وصحته وسقمه ومنشطه ومكرهه.
زعيمٌ شعر بالضيم والظلم له ولأمته فلم يقف مكبل اليد يشاهد كيف تهدر طاقاتها وتنهار قيمها، رأى الظلم فلم يحابيه ولم يستكين له. رأى الإغراء فلم يسقط أمامه، ورأى صعوبة الطريق التي تنتظره فلم يزده ذلك إلا إعدادا لزاد الطريق؛ وإصراراً على موا صلته .
يجاهد في نهاره، ويتهجد في ليله حتى تتفطر قدماه من طول القيام . تعرض عليه ملذات الدنيا وهو في أمس الحاجة للقمة يرطب فاه فيعرض عنها. تعرض عليه المغريات الثلاث، المنصب والمال والجمال، فيأبى ذلك كله بكل شجاعة وتفان. يرى غيره من الملوك قد بسط لهم من النعيم والرفاهية ما جعلهم ملوكا فيعزف عن ذلك ويصوم نهاره اليوم واليومين والثلاث.
يدعو قومه إلى الخير والفضيلة والبعد عن الرذيلة فيردون عليه بأبشع الردود، فلم يكن ذلك صارفاً له عن دينه ودعوته يدعو ويحرص على إيصال الخير والمصلحة لكل الناس.
على أعتاب الحرم يُؤذى فتوضع سلى الجزور على رأسه وهو ساجد بين يدي ربه،ثم ينتهك فيرمى بالتراب ويؤذى بألوان من الإيذاء فيقول لابنته لا تخافي على أبيك غلَبةً ولا ذلاًّ .
وفي الطائف يسيل الدم من قدميه من رمي الأطفال والسفهاء، ومع ذلك يقف جبلا شامخا لا ينحني ولا يستكين، يأتيه جبريل ومعه ملك الجبال ولم يجف الدم من عقبيه بعد فيقول له: إن شئت أطبق عليهم الأخشبين فعلت . فلم يقل: (رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديّاراً إنك إن تذرهم يظلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجراً كفاراً )بل قال صلى الله عليه وسلم: بل قال:( أرجو أن يخرج الله من اصلابهم من يعبد الله ولا يشرك به شيئا).
ثم لم يلاق هذا الإيذاء من أعدائه فحسب، بل هناك مواقف أخرى للإساءة ممن انخرطوا في الصف المسلم مع قصور في الفهم، وضعف في الإيمان، كالأعراب ،والمخالفات التي كانت تحدث من قبل بعض الصحابة الكرام وحادثة الإفك وقصة حاطب، ومع ذلك كان يقف بصبر وتحمُّلٍ ورِضى، وإدراك أن هؤلاء بشر يصيبون ويخطئون، واستمر في التضحية والصبر وتحمل الأذى حتى جاء الإذن بالهجرة وقد بلَّغ رسالة ربه وأوصل كلمة الحق إلى آذان المشركين بأشرف الوسائل واحسن الأساليب.
*المشرف العام على موقع الوفاق الإنمائي للدراسات والبحوث
[email protected]
*بالتزامن مع ينابيع