مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب

2014/08/17 20:10
المنجز العظيم لصالح!

فؤاد بن عبده محمد الصوفي
4/4/2011م
كان الشعب اليمني حسب رؤية الكثيرين؛ من الشعوب المحافظة أخلاقيا والمتماسكة اجتماعياً ، وقد كان كذلك إلى زمن قريب، فنظرًا لتأخُّر اللحاق بركب المدنيَّة الحديثة و كثرة الزهد بها و بقاء كثير من الناس على بساطتهم كان ذلك.
إضافةً الى المناهج الدراسية التي كانت تغذِّي الجانب الديني في الشعب لا سيما المعاهد الدينية التي كان لها دور كبير في إحياء روح التدين على نهجٍ صحيح و فكرٍ سليم. علاوة على ذلك المحاضن التربوية في المراكز الشرعية و دور القرآن الكريم التي يجد الطالب فيها وجبة جيدة من التربية البعيدة عن التخلف والمجانِبة للتشدد والتطرف المَقيتين.
وقد كان الأمر من الناحية الاجتماعية إيجابيًّا أيضا فنجد الفرد اليمني يضرب أروع أنواع الأمثلة في التضحية و الكرم والعطاء و التكافل الاقتصادي بين أفراد المجتمع أفرادًا و أسرًا و جماعات.
يدفع الناس إلى ذلك الجانب الديني و الروح الاجتماعية العالية ، فمثلا كنتَ تجد الأسرة ذات الدخل المتواضع تستفيد بشكل كبير من الميسورين داخل الوطن وخارجه. الأمر الذي لم يعد اليوم بنفس الحجم، وروح التدين و الروح الاجتماعية دعامتان أساسيتان لرقيِّ أي مجتمع و تطوره.
و بعد ذلك بدأ الأمر بالانحسار وبدأت الأوضاع تتغير و توجه نظام صالح حينها نحو إضعاف منابع التربية والتعليم بإضعاف تلك المعاهد تمهيدا إلى وأدها وإغلاقها.
ثم أقدم النظام على إلغاء المعاهد العلمية و دمج التعليم بذريعة توحيده فكان القضاء على المنهج الشرعي الذي أخرج نماذج مميَّزةً من الشباب تربويًّا و فكريًّا وثقافياًّ، والاقتصار على مناهج المدارس الذي لا يساوي شيئا من حيث الموضوع والمحتوى قياسا على مناهج المعاهد.
تم تلا ذلك إقصاء الإداريِّين والمعلمين المؤثرين الذين كانوا يشغلون أماكن مهمة في الهيكل الإداري للهيئة العامة للمعاهد العلمية والذين أثبتوا نجاحهم في تلك المؤسسة إضافة إلى طول خبرتهم ، ثم عمد إلى تهميشهم بوضعهم في مواقع غير حيوية ولا مؤثرة ، بل وصل به الحال إلى إقصاء كثير من هذه الكفاءات وإقعادها في بيوتها حتى ظهر للعيان جمعٌ من المعلمين والموجهين عُرِفوا في صنعاء وتعز وغيرهما ب( المُبعَدين).
ثم توالت الصفعات المتتالية لمناهج التعليم بذريعة التطوير فرغم قلته واختصاره إلا أنه تعرض لحذف مرارًا وتكرارًا حتى أصبح لا يخرج الطالب منه بقدرٍ يمكِّنُه من استيعاب أساسيات دينه ومتطلبات عصره .
ورغم أن الحزبية والتعصب السياسي كان مخيفا من تمزيق المجتمع إلا أن ذلك لم يكن بالصورة المتوقعة ولم يبدأ التفكك الاجتماعي إلا من بعد ما قرر النظام الاستئثار بالسلطة عبر الانتخابات المزوَّرة فبدأ يمزق النسيج الاجتماعي ويذكي التعصب الحزبي تارةً والقبلي تارة أخرى، ومنح ومنع الوظائف بسبب الولاء وبدعم الفرقاء ضد بعضهم وتحريض القبائل ضد بعضها كما وأدَ المنجز الوحدوي بتسليط أعوانه على مقدرات الشعب في الجنوب فظلموا ونهبوا واستبدوا باسم الشرعية.
واليوم وهو يعيش فترته الأخيرة رُفِع الستار عن عقلية دموية محرضة الشعب ضد بعضه ليس باللافتات الإعلامية بل بالسلاح وأصبح هناك جزء من الشعب أُعِدَّ لحماية الشعب يحرضه رئيس الدولة بنفسه على إراقة دم أخيه دون أي ذريعة.
وبهذه التحركات والتوجهات والتصريحات كان قد أعلن عن خاتمة سيئةٍ يدعو فيها المغرر بهم من المعجبين به إلى القضاء على ما تبقى من النسيج الاجتماعي لهذا الشعب الذي ظل يرقص على رأسه33 عاما، ليبقى يقتات ومن معه على رفات الفتن وأشلاء قتلى الحروب التي افتعلها هنا وهناك.
فهل هناك من يقظة للعقلاء ولمن بقي من المجاملين له من يأخذ بيده ليقف عن بقية تمزيق الجسد اليمني ويرحل بسلام؟
أضافة تعليق