عبد العزيز كحيل- خاص الوفاق
العلم سمة الإنسان الأولى ، والعمل برهان ذلك ودليله ، به تتحقّّق الإنجازات في دنيا الإنسان - مادية ومعنوية - وكأنها معجزات محكومة بظروف الزمان والمكان، وبالتالي ليس العمل المأمور به في قوله تعالى ’’ وقل اعملو ا’’ أيّ عمل أو تحرّك ولو كان هزيلا لا جدوى منه ، إنّما هي الحركة الفعّالة المنتجة التي يقوّمها الملأ الأعلى والرأي العام : ’’ وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون ’’ – سورة التوبة 105، فهل العمل في مجال العلاقة بالله تعالى هو بعض الفرائض والنوافل فحسب ؟ وهل هو في مجال العلاقة بالناس الحدّ الأدنى من الجهد؟ إنّ العمل الذي يرضي الله ثمّ المجتمع ليس الانشغال باللهو واللعب ولا الإنجازات الضحلة الهزيلة لكنّه فعل إنتاجي خلاّق في مجالات التربية وتوظيف الأموال وتنمية الثروة وتنشيط التجارة والارتقاء بالأدب والفنّ والإعلام وغيرها من ميادين البناء الحضاري ، وهو قبل كلّ هذا إعداد النفوس لوراثة الجنة : ’’ ونودوا أن تلكم الجنة التي أورثتموها بما كنتم تعملون’’ – سورة الأعراف 43.
إنّ العمل بالمفهوم المقاصدي هو كلّ تحرّك صالح يلازمه القصد النبيل الواعي ، ويشمل الشرعيات والإنسانيات والكونيات ، وبديهي أن القبول يستدعي الإتقان والجودة ، وهذه هي درجة الإحسان المشار إليه في الحديث النبوي المشهور، فالإنسان الذي يشعر برسالته في الحياة الدنيا ويحمل همّها مطالب بالمثابرة على العمل الصالح سواء كان دنيويا أو أخرويا ، وسواء من حيث المظهر(أي الصحة والمشروعية حتى يتفادى الوقوع تحت طائلة الآية :’’ الذين ضلّ سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا’’ – سورة الكهف 104 )‘ أومن حيث الباطن(أي القبول لأنّه ليس كل عمل صحيح مقبولا ، فقد تخالطه مفسدات نفسية تحبطه : ’’ إنّما يتقبل الله من المتقين ’’ – سورة المائدة 27 )،وذلك ليؤدي عن جدارة وظيفة الشهود الحضاري ، وكيف يتأتّى له ذلك إذا كان عالة على الغير لا ينتج أفكارا ولا ثروة ولا يبني علميا و اقتصاديا واجتماعيا؟ أو يقنع بصغائر الأعمال وجهد المقلّ ؟
ومن المؤسف حقّا أنّ لدى المسلمين طاقات ضخمة معطّلة هي – من جهة - موارد أو رؤوس أموال شرعية مثل :
- سورة الحديد : التي تنبّههم إلى الصناعات الحربية والمدنية : ’’ وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس ’’ – آية 25
- حديث : ’’ إذا قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فاستطاع ألا تقوم حتى يغرسها فليغرسها......’’ - رواه أحمد ، وهذه قمّة الإيجابية والاشتغال بالعمل مهما كانت الظروف المحيطة والأخطار المحدقة ، لأن العمل الصالح في حدّ ذاته عبادة سواء قطف فاعله الثمرة بنفسه أم فعل الله بها ما يشاء .
- قصص داود وسليمان وذي القرنين وسبأ: وكلّها إشارات جليّة باهرة على امتزاج التقوى في أبهى صورها بالعمل المادّي والتقدّم والرخاء، وليس قصصهم عبرة في الجانب الروحي التعبّدي وحده بل يمتدّ إلى النشاط الدنيوي وإقامة الحضارة : ’’ أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده ’’ – سورة الأنعام 90 .
ولديهم من جهة ثانية موارد بشرية تتمثّل في ملايين البشر ونسبة نموّ ديمغرافي مرتفعة وأجيال شابّة ، لكنّ استغلالها في العمل المطلوب ضعيف جدّا بسبب السياسات المتّبعة التي أورثت التكاسل وبذل أدنى جهد وهجرة الأدمغة والكفاءات إلى الغرب ،إلى جانب نسبة الأمية والإحباطات النفسية التي تشابكت فيها الانتكاسات الكبرى وضعف الإيمان ، كما لدينا موارد مادية نحسد عليها هي كنوز حقيقية جديرة بوضعنا على طريق الإقلاع الحضاري لو كان للعمل في تصوّرنا معالم واضحة ، لكن سرت إلينا بعض أدواء الأمم المخطئة كعقلية المعجزة الموروثة عن بني إسرائيل الذين ألفوا الخمول حتى أصبحوا عالة على السماء حتى في التزوّد بالخضر والفواكه : ’’ وإذ قلتم يا موسى لن نصبر على طعام واحد فادع لنا ربّك يخرج لنا ممّا تنبت الأرض من بقلها وقثّائها وفومها وعدسها وبصلها ...’’ – سورة البقرة 61، وفي تحرير الأرض المغتصبة : ’’ إنّا لن ندخلها أبدا ما داموا فيها فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون ’’ – سورة المائدة 24، بالإضافة إلى العقلية الاستهلاكية الموروثة عن الدول الاستعمارية الغبيّة مثل اسبانيا والبرتغال اللّتين كانتا عالة على ما يجلب إليهما من الذهب والفضة والخيرات من مستعمرات إفريقيا وأمريكا الجنوبية ، فلما ذهب النفوذ الاستعماري وجدتا نفسيهما أقرب إلى التخلّف ، وفق معايير الإتحاد الأوروبي .
ما العبرة من كلّ هذا؟؟ إنّ العمل هو منبع الثروات الحقيقي على مستوى المادة والنفس والحضارة ، من أجل الدنيا ومن أجل الآخرة معا .
وهو بهذا المفهوم المقاصدي لا يمكن أن تتبنّاه عقلية قطع الغيار المفكّكة التي تتعامل مع جزئيات الدين والدنيا ، فلا تكاد تستسيغ الرؤية الشمولية المتكاملة ، وإنما تتبنّاه العقلية الأصولية المقاصدية التي تصهر النشاط الحياتي والأخروي في بوتقة العبودية لله والخلافة عنه ، فلا ترضى في أي مجال بأقلّ من النتائج الطيبة المرجوّة المناسبة لكتلة الجهد الكبير المبذول : ’’ الذي خلق الموت والحياة ليبلوّكم أيّكم أحسن عملا ’’ - سورة الملك 2، فالأمر أمر تنافس حول الأحسن وليس مجرّد العمل،وهذا العمل المقبول هو ما كان يسنده العلم الغزير والمعرفة المتبحّرة ،لأن العمل يمكن أن تقوم به أدنى الكائنات أمّا العلم فهو سمة الإنسان الأولى،فإذا التحما واتجها إلى الإبداع وفق السنن كان الخير وكان الإسلام .
ويعتبر تصحيح الوضع على مستوى المفاهيم – أوّلا - من أؤكد مهامّ أصحاب المشروع الإسلامي - والحركات الإسلامية بالدرجة الأولى – لتحرير العقول ممّا أصابها من عهود التخلّف ، وإخراج جيل النصر المنشود من دوائر الوهم التي تشمل عقلية المعجزات ، والاعتماد على الغرب ’’ الذي سخّره الله لخدمتنا ’’ !!!،وحصر معاني العمل الصالح في حيّز ضيّق لا يتجاوز العبادات الفردية .
هذا، وقد يكون حمل السلاح وخوض غمار المعارك الحربية هو عين العمل المطلوب كما هو الشأن في قضيانا الملتهبة في فلسطين وأفغانستان وكشمير والشيشان ،
وهذه مسائل تتحرّر في ضوء واجب الوقت الذي يفتي فيه العلماء الراسخون وتبصره الفراسات المؤمنة بلا عناء .
العلم سمة الإنسان الأولى ، والعمل برهان ذلك ودليله ، به تتحقّّق الإنجازات في دنيا الإنسان - مادية ومعنوية - وكأنها معجزات محكومة بظروف الزمان والمكان، وبالتالي ليس العمل المأمور به في قوله تعالى ’’ وقل اعملو ا’’ أيّ عمل أو تحرّك ولو كان هزيلا لا جدوى منه ، إنّما هي الحركة الفعّالة المنتجة التي يقوّمها الملأ الأعلى والرأي العام : ’’ وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون ’’ – سورة التوبة 105، فهل العمل في مجال العلاقة بالله تعالى هو بعض الفرائض والنوافل فحسب ؟ وهل هو في مجال العلاقة بالناس الحدّ الأدنى من الجهد؟ إنّ العمل الذي يرضي الله ثمّ المجتمع ليس الانشغال باللهو واللعب ولا الإنجازات الضحلة الهزيلة لكنّه فعل إنتاجي خلاّق في مجالات التربية وتوظيف الأموال وتنمية الثروة وتنشيط التجارة والارتقاء بالأدب والفنّ والإعلام وغيرها من ميادين البناء الحضاري ، وهو قبل كلّ هذا إعداد النفوس لوراثة الجنة : ’’ ونودوا أن تلكم الجنة التي أورثتموها بما كنتم تعملون’’ – سورة الأعراف 43.
إنّ العمل بالمفهوم المقاصدي هو كلّ تحرّك صالح يلازمه القصد النبيل الواعي ، ويشمل الشرعيات والإنسانيات والكونيات ، وبديهي أن القبول يستدعي الإتقان والجودة ، وهذه هي درجة الإحسان المشار إليه في الحديث النبوي المشهور، فالإنسان الذي يشعر برسالته في الحياة الدنيا ويحمل همّها مطالب بالمثابرة على العمل الصالح سواء كان دنيويا أو أخرويا ، وسواء من حيث المظهر(أي الصحة والمشروعية حتى يتفادى الوقوع تحت طائلة الآية :’’ الذين ضلّ سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا’’ – سورة الكهف 104 )‘ أومن حيث الباطن(أي القبول لأنّه ليس كل عمل صحيح مقبولا ، فقد تخالطه مفسدات نفسية تحبطه : ’’ إنّما يتقبل الله من المتقين ’’ – سورة المائدة 27 )،وذلك ليؤدي عن جدارة وظيفة الشهود الحضاري ، وكيف يتأتّى له ذلك إذا كان عالة على الغير لا ينتج أفكارا ولا ثروة ولا يبني علميا و اقتصاديا واجتماعيا؟ أو يقنع بصغائر الأعمال وجهد المقلّ ؟
ومن المؤسف حقّا أنّ لدى المسلمين طاقات ضخمة معطّلة هي – من جهة - موارد أو رؤوس أموال شرعية مثل :
- سورة الحديد : التي تنبّههم إلى الصناعات الحربية والمدنية : ’’ وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس ’’ – آية 25
- حديث : ’’ إذا قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فاستطاع ألا تقوم حتى يغرسها فليغرسها......’’ - رواه أحمد ، وهذه قمّة الإيجابية والاشتغال بالعمل مهما كانت الظروف المحيطة والأخطار المحدقة ، لأن العمل الصالح في حدّ ذاته عبادة سواء قطف فاعله الثمرة بنفسه أم فعل الله بها ما يشاء .
- قصص داود وسليمان وذي القرنين وسبأ: وكلّها إشارات جليّة باهرة على امتزاج التقوى في أبهى صورها بالعمل المادّي والتقدّم والرخاء، وليس قصصهم عبرة في الجانب الروحي التعبّدي وحده بل يمتدّ إلى النشاط الدنيوي وإقامة الحضارة : ’’ أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده ’’ – سورة الأنعام 90 .
ولديهم من جهة ثانية موارد بشرية تتمثّل في ملايين البشر ونسبة نموّ ديمغرافي مرتفعة وأجيال شابّة ، لكنّ استغلالها في العمل المطلوب ضعيف جدّا بسبب السياسات المتّبعة التي أورثت التكاسل وبذل أدنى جهد وهجرة الأدمغة والكفاءات إلى الغرب ،إلى جانب نسبة الأمية والإحباطات النفسية التي تشابكت فيها الانتكاسات الكبرى وضعف الإيمان ، كما لدينا موارد مادية نحسد عليها هي كنوز حقيقية جديرة بوضعنا على طريق الإقلاع الحضاري لو كان للعمل في تصوّرنا معالم واضحة ، لكن سرت إلينا بعض أدواء الأمم المخطئة كعقلية المعجزة الموروثة عن بني إسرائيل الذين ألفوا الخمول حتى أصبحوا عالة على السماء حتى في التزوّد بالخضر والفواكه : ’’ وإذ قلتم يا موسى لن نصبر على طعام واحد فادع لنا ربّك يخرج لنا ممّا تنبت الأرض من بقلها وقثّائها وفومها وعدسها وبصلها ...’’ – سورة البقرة 61، وفي تحرير الأرض المغتصبة : ’’ إنّا لن ندخلها أبدا ما داموا فيها فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون ’’ – سورة المائدة 24، بالإضافة إلى العقلية الاستهلاكية الموروثة عن الدول الاستعمارية الغبيّة مثل اسبانيا والبرتغال اللّتين كانتا عالة على ما يجلب إليهما من الذهب والفضة والخيرات من مستعمرات إفريقيا وأمريكا الجنوبية ، فلما ذهب النفوذ الاستعماري وجدتا نفسيهما أقرب إلى التخلّف ، وفق معايير الإتحاد الأوروبي .
ما العبرة من كلّ هذا؟؟ إنّ العمل هو منبع الثروات الحقيقي على مستوى المادة والنفس والحضارة ، من أجل الدنيا ومن أجل الآخرة معا .
وهو بهذا المفهوم المقاصدي لا يمكن أن تتبنّاه عقلية قطع الغيار المفكّكة التي تتعامل مع جزئيات الدين والدنيا ، فلا تكاد تستسيغ الرؤية الشمولية المتكاملة ، وإنما تتبنّاه العقلية الأصولية المقاصدية التي تصهر النشاط الحياتي والأخروي في بوتقة العبودية لله والخلافة عنه ، فلا ترضى في أي مجال بأقلّ من النتائج الطيبة المرجوّة المناسبة لكتلة الجهد الكبير المبذول : ’’ الذي خلق الموت والحياة ليبلوّكم أيّكم أحسن عملا ’’ - سورة الملك 2، فالأمر أمر تنافس حول الأحسن وليس مجرّد العمل،وهذا العمل المقبول هو ما كان يسنده العلم الغزير والمعرفة المتبحّرة ،لأن العمل يمكن أن تقوم به أدنى الكائنات أمّا العلم فهو سمة الإنسان الأولى،فإذا التحما واتجها إلى الإبداع وفق السنن كان الخير وكان الإسلام .
ويعتبر تصحيح الوضع على مستوى المفاهيم – أوّلا - من أؤكد مهامّ أصحاب المشروع الإسلامي - والحركات الإسلامية بالدرجة الأولى – لتحرير العقول ممّا أصابها من عهود التخلّف ، وإخراج جيل النصر المنشود من دوائر الوهم التي تشمل عقلية المعجزات ، والاعتماد على الغرب ’’ الذي سخّره الله لخدمتنا ’’ !!!،وحصر معاني العمل الصالح في حيّز ضيّق لا يتجاوز العبادات الفردية .
هذا، وقد يكون حمل السلاح وخوض غمار المعارك الحربية هو عين العمل المطلوب كما هو الشأن في قضيانا الملتهبة في فلسطين وأفغانستان وكشمير والشيشان ،
وهذه مسائل تتحرّر في ضوء واجب الوقت الذي يفتي فيه العلماء الراسخون وتبصره الفراسات المؤمنة بلا عناء .