مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب

2014/08/17 20:10
ماذا بقي في مصر بعد الجدار النازي؟
ماذا بقي في مصر بعد الجدار النازي؟
بقلم خالد حسن

يا قوم، نظامكم موغل في دماء الفلسطينيين، نظامكم يبني جدار الإبادة الجماعية، ولم تؤثر الكتابة والحفظ والرواية والدراية في ردعه، فماذا أنتم فاعلون؟ سيخرج علينا الكثيرون على الشاشات والفضائيات يبكون ويتباكون على مصير غزة بعد الحائط النازي، لكن كل هذا وغيره لم يحدث ثقبا في جدار النازيين الجدد؟ فماذا أنتم فاعلون؟ هل تبرأ ذمتكم بالقول والصياح والعويل؟ يا أحرار مصر، لا تخذلوا الأمة في ساعة نصرة ووفاء، يا أحرار مصر، مقالاتكم قُرئت وخطبكم سُجلت وكلماتكم أثرت، لكن لم يردع هذا نظامكم، فهل من خطوة سلمية أبلغ تأثيرا وأشد وطئا؟

أعترف أني لم أجد ما أكتبه عن الجدار الفولاذي أو الساتر الحديدي، على طول محور صلاح الدين بقطاع غزة المحاذي للحدود المصرية، بإشراف أمريكي فرنسي إسرائيلي.. عن ماذا أتحدث؟ عن نظام حكم ـ مصري ـ أوغلنا في سبه وشتمه وتعليق مصائبنا عليه، وأبدعنا في توصيفه وتحليله وتشريحه، لكن لم يغير من جلده ولا قلم أظافره ولا تغير عقله؟ أم عن مجتمع مغلوب على أمره، ألهبت السياط ظهره؟ أم عن كيانات ودكاكين مشغولة بانتخابات واهتمامات ومسائل قتلت بحثا وجدلا، أسهمت في عزل المجتمع وتجريده، ليس ثمة ما نتحدث عنه؟

أليس في مصر علماء ومفكرون وفقهاء ومحدثون، أين هم؟ أشبعوا الأمة رواية وحفظا؟ والعجيب أنهم لم ينقلوا لنا من الأوائل إلا ما كتبوا وما حفظوا، كأنهم آلات تسجيل، لا هم لهم إلا الحفظ والإملاء، ألم يسجل التاريخ جوانب أخرى مشرقة ومؤثرة في حياة هؤلاء العلماء السياسية والعلمية؟

يا قوم، دعونا من هذا النظام البئيس التعيس الحقير المستعبد، أليس في مصر أحياء آخرون؟ يا علماء مصر ومفكريها وأحرارها، نظامكم يقترف جريمة نازية نكراء بأهل غزة، فما قولكم؟ وماذا أنتم فاعلون؟ ربما كتب الكثيرون، وفي مصر أقلام حرة مؤثرة، ربما خطب الكثيرون، وفي مصر خطباء مؤثرون، ربما تكلم بعض أهل العلم، وفي مصر علماء مؤثرون، ربما اعترض من أهل الفكر، الكثيرون، لكن أين الأثر؟

يا قوم، نظامكم موغل في دماء الفلسطينيين، نظامكم يبني جدار الإبادة الجماعية، ولم تؤثر الكتابة والحفظ والرواية والدراية في ردعه، فماذا أنتم فاعلون؟ سيخرج علينا الكثيرون على الشاشات والفضائيات يبكون ويتباكون على مصير غزة بعد الحائط النازي، لكن كل هذا وغيره لم يحدث ثقبا في جدار النازيين الجدد؟ فماذا أنتم فاعلون؟

هل تبرأ ذمتكم بالقول والصياح والعويل؟ نعم بعض الأحرار في مصر أشبع سجنا وتشريعا وتقييدا، لكنها الضريبة التي لم يسلم منها حر في هذا الكون؟ ماذا يضير الأحرار في مصر، من علماء وكتاب ومفكرين ومثقفين وغيرهم الكثير، أن يلتحموا في مثل هذه المواقف، ويقودون مظاهرات واحتجاجات ودروعا بشرية، وأن يتجهوا إلى رفح، فيعسكرون هناك ويعتصمون، كم سيقتل منكم النظام؟ كم سيشرد منكم؟ كم سيغيب منكم؟

وسيخرج علينا من يُحرم المظاهرات، وأنها من التهييج، وأنها بداية فتنة ولا طائل من ورائها، وهل هناك فتنة أكبر من إبادة جماعية لشعب أعزل؟ وسيحملون الشعوب أنواع الفشل والعجز والقهر، ويحشرونهم في زاوية التحذير والوعظ والترهيب والوعيد.. وصوروا لنا الأمر إما خروجا على النظام الحاكم وإما طاعة مذلة، يعني قطعوا علينا كل خيار سلمي مؤثر..

يا أحرار مصر، لا تخذلوا الأمة في ساعة نصرة ووفاء، يا أحرار مصر، مقالاتكم قُرئت وخطبكم سُجلت وكلماتكم أثرت، لكن لم يردع هذا نظامكم، فهل من خطوة سلمية أبلغ تأثيرا وأشد وطئا؟
*العصر
أضافة تعليق