مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب

2014/08/17 20:10
أزمة الجنوب والدور المفقود
أزمة الجنوب والدور المفقود

فؤاد الصوفي
ليس هناك من فئة ولا شريحة تضررت وأُلْحِق بها الضرر من الحكم الشمولي السابق في الجنوب اليمني كما تضرر العلماء والدعاة والفئات المحافظة حينها، وذلك للثقافة التي فرضت على الجنوب بعد انسحاب الاستعمار البريطاني من قبل النظام الاشتراكي.
فقد تضرر علماء كثيرون من الظلم وتجرع الشعب الكبت والاستبداد والسحب والقتل والتشريد، ومُنِع العلماء من الحديث حتى عن أبسط أنواع الأحكام، ثم قُتِل علماء مشهورون يُقَدّر عددهم بأكثر من 150 عالماً فمنهم من فرَّ بدينه وعاش في شمال اليمن، ومنهم من هاجر إلى خارج اليمن وظل بعيدا عن أهله ووطنه، كما أُغلقت كافة أربطة العلم والهِجر التالدة في ’’سيئون وتريم وشبام حضرموت’’والمعهد العلمي الذي أسسه الإمام البيحاني -رحمه الله- في عدن.
تلك الجراحات المؤلمة أوقفت حضارة دعوية ودورا رِياديًّا كان ممتدا من تاريخ طويل للعلماء في تلك المناطق؛ بظلم من النظام الشمولي لم يفعله الاستعمار البريطاني طوال عمره في الجنوب اليمني! .
إلى أن تمَّت الوحدة بفضل الله تعالى، ففُتِحت تلك الأربطة وبدأت تستعيد حياتها ودورها وعاد علماء كانوا في شمال اليمن، وآخرون في المملكة العربية السعودية وغيرها، وبدءوا يمارسون حياتهم الدعوية ويستعيدون مجد بلادهم الدعوي، وصار لهم انتشارا واسعا في تلك المناطق وفي غيرها من مناطق اليمن.
ساهموا من خلال هذا الانتشار بنشر العلم والمعرفة والدعوة وإعادة تأسيس أربطة جديدة في أماكن مختلفة في جنوب اليمن وشماله، ولديهم شعبية واسعة وأثر لا يُتجاهل ولا ينكر، فانتشرت الصحوة الإسلامية مما أسهم في إقبال الناس على الالتزام الديني وعلى طلب العلم الشرعي وأصبحت الصحوة في المناطق الجنوبية والشرقية تفوق المناطق الشمالية والغربية.
لكن المتأمل في الحالة المتأزمة والأحداث الحالية والتي أوصلت الحال إلى التمايز المناطقي مما أدى إلى إراقة دماء بريئة وسلب أموال معصومة والمطالبة بعودة الانفصال ليس من قبل اشتراكيي الداخل ، بل ممن شعروا بالظلم وربما ممن استغِلوا من قبل اشتراكيي الخارج الذين يحلمون بالعودة على الدبابات التي أرجعت أحمد جلبي...، متجاهلين أن التشطير بات مستحيلا وأن الحلول الوحيدة للمشاكل القائمة هو النضال السلمي والمطالبة بالحقوق بطريقة حضارية وقانونية ودستورية.
والأمر الغريب هو الدور المفقود للعلماء والدعاة الذين أشرنا إلى أنهم كانوا الضحية في الماضي، وإلى أثرهم في الحاضر، فهم أول من يشعر بأهمية الوحدة والتلاحم الاجتماعي ،وهم أعلم بحرمة سفك الدماء وسلب الأموال على أساس مناطقي ؛ و أقدر على التأثير وبذل الجهد في سبيل الحفاظ على الوحدة وتعميق روح التآخي بين المواطنين، مهما كانت الظروف وكانت الأسباب.
فأين دورهم المفقود وتذكيرهم للنظام بضرورة نشر العدل باعتباره الضمان الأساسي للوحدة الوطنية؛ وتوعيتهم للناس بكيفية المطالبة بحقوقهم دون مساس بالثوابت الوطنية والأخلاقية المجمع عليها والتي تأتي في مقدمتها وحدة التراب اليمني أرضا وتلاحمه إنسانا.
فعلماء الجنوب يجب أن يقوموا بدورهم الكبير في توعية الناس أن العودة إلى الماضي المظلم أمر ليس لصالح الجميع وثمنه غالٍ،وأن رفض ظلم الظالمين أمر كفلته الديانات السماوية والنظم الوضعية وأن لهم الحق في التعبير عن ذلك بكل الوسائل المشروعة والمكفولة بالدستور والقانون وأما الوحدة فهي بحق فريضة شرعية وضرورة قومية .

*المدير العام لموقع الوفاق الإنمائي
*نيوزيمن


أضافة تعليق