مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب

2014/08/17 20:10
فتحي يكن ... سلام عليك
فتحي يكن ... سلام عليك


واليوم، وأمام تكاثر عدد من يزعم الغيرة على الإسلام وأهله، باطراد، ما أحوجنا لمعرفة الصادق من المدعي والعارف ببواطن الأمور من أولئك الذين تستنزفهم العواطف وتجرفهم المشاعر الهوجاء، فيبالغوا في إظهار المشاعر على حساب الحقيقة والرأي النزيه. نحن بحاجة إلى إعادة قراءة ما تركه المفكر الراحل الدكتور فتحي يكن، لكي نعيد من جديد الصورة إلى وضعها الطبيعي، ونسمي الأشياء بأسمائها، وننزل الناس منازلهم، فلا يتقدم الصفوف إلا الصفوة، ولا يتصدى لتعليم الناس إلا من أحسن قيادة نفسه وألزمها بأدب الأخوة الإسلامية وبأخلاق الإسلام الرفيعة، وهكذا كان فارس الدعوة الإسلامية المعاصرة وأحد أبنائها البررة، الشيخ فتحي يكن رحمه الله.

بقلم مريم عبدالله النعيمي

يشكل رحيل الداعية الإسلامية الكبير فتحي يكن حدثا مهما في ضمير ووجدان كل من عرفه من خلال كتبه وطروحاته وميراثه الفكري الذي تركه وراءه إرثا جميلا يستحق البقاء.

رحل داعية من الوزن الثقيل في زمن يعد فيه كل داعية صادق أحد الشواهد الدالة على قدرة هذه الأمة على الاستمرار والصمود والبقاء مهما علاها الزبد واستنسر عليها البغاث.

فالراحل الكبير كتب وألف في مجال الدعوة الإسلامية ما جعل من تلك الكتابات في الوقت الذي ظهرت فيه في منتصف السبعينيات والثمانينيات نافذة حيوية تنشر دفء المعرفة الدعوية في عقل كل باحث عن هويته الاجتماعية وفق ميزان دقيق.

كتبه البارزة التي نالت حظها من الانتشار، مثل مشكلات الدعوة والداعية، كيف ندعو إلى الإسلام؟ نحو حركة إسلامية عالمية واحدة، الموسوعة الحركية، ماذا يعني انتمائي للإسلام؟ حركات ومذاهب في ميزان الإسلام، الاستيعاب في حياة الدعوة والدعاة، نحو صحوة إسلامية في مستوى العصر وكتب أخرى غيرها زادت عن الخمسة والثلاثين مؤلفا، هي المرآة التي نظر مِن خلالها المهتمون، والمنتمون لحقل الفكر الإسلامي إلى أنفسهم، وقارنوا ووازنوا بين ما يملكون من معرفة وبين آلاف الصفحات الهادفة التي خطها يراع المعلم الناجح المفكر فتحي يكن.

لغة الراحل الكبير رحمه الله وسلاسة عرضة وحسن استشهاده بالآيات والأحاديث وقدرته على استثمار مواقف الحياة التي يمر بها بعض العاملين للإسلام، بهدف التعليم والبيان، كانت أنموذجا رائعا، شكل فكرا متزنا في عقول أولئك القراء، الذين ارتبطوا بمنهج وبطريقة فتحي يكن في معالجة الموضوعات الإسلامية المعاصرة.

جمع في أسلوبه رحمه الله بين قوة الحجة وصفاء الذهن واعتدال العرض وقوة الفكرة التي يعالجها ما نتج عن ذلك كله مدرسة متكاملة تخرج منها عشرات الألوف ممن تتلمذوا على فكره وارتبطوا بمؤلفاته الرصينة.

في منتصف السبعينيات وما تلاها من زمن، تدفقت كتابات فتحي يكن، الذي جعل من نفسه معلما في مدرسة كبيرة، اسمها مدرسة الاعتدال والوسط والتوازن في التعامل مع وجهات النظر، الأمر الذي عزز من دور الفكر الناضج في حياة المجتمع الإسلامي الذي استفاد من رسالة القلم ودوره في بناء الأمم.

نعم ما أكثر الكتاب وما أقل المؤثرين منهم القادرين على إعادة تشكيل الفكر الإسلامي ووضع النقاط فوق الحروف والإجابة والتحفيز على إثارة الأسئلة الجادة ووقف فتحي يكن رحمه الله بإنتاجه الرصين في الصف الأول من بين أولئك الأعلام الذين خدموا الدعوة الإسلامية ووهبوا لها حياتهم.

واليوم، وأمام تكاثر عدد من يزعم الغيرة على الإسلام وأهله، باطراد، ما أحوجنا لمعرفة الصادق من المدعي والعارف ببواطن الأمور من أولئك الذين تستنزفهم العواطف وتجرفهم المشاعر الهوجاء، فيبالغوا في إظهار المشاعر على حساب الحقيقة والرأي النزيه.

نحن بحاجة إلى إعادة قراءة ما تركه المفكر الراحل الدكتور فتحي يكن، لكي نعيد من جديد الصورة إلى وضعها الطبيعي، ونسمي الأشياء بأسمائها، وننزل الناس منازلهم، فلا يتقدم الصفوف إلا الصفوة، ولا يتصدى لتعليم الناس إلا من أحسن قيادة نفسه وألزمها بأدب الأخوة الإسلامية وبأخلاق الإسلام الرفيعة، وهكذا كان فارس الدعوة الإسلامية المعاصرة وأحد أبنائها البررة، الشيخ فتحي يكن رحمه الله.

اللهم أسكنه منازل الصالحين واخلفنا في فقده خيرا وأكثر من أمثاله فينا إلى يوم الدين.
العصر
أضافة تعليق