مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب
2014/09/01 13:14
موقف الإسلام من الخلاف والغلو في الدين
موقف الإسلام
من الخلاف والغلو في الدين
 
ورقة ألقيت في دورة الأئمة والدعاة والخطباء التي نظمها اتحاد طلبة جنوب غربي نيجيريا- بجامعة الملك سعود بالمملكة العربية السعودية يوم الخميس 14-08-2014م الموافق 18-شوال -1435هـ.وذلك في المسجد الجامع بلاييني أجيغنلي، لاغوس نيجيريا .
 
إعداد
الأستاذ عبد الواسع إدريس أكنني
محاضر في جامعة أبومي كالافي
قسم اللغة العربية والثقافة الإسلامية
بجمهورية بنين .
 
ﭽ ﭑ       ﭒ  ﭓ  ﭔ    ﭼ

مقدمة
            الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله،وعلى آله وصحبه ومن والاه.
وبعد :
فإن قضية الخلاف بين المسلمين، ومسألة الغلو في الدين من قضايا الأمة المعاصرة التي عمت بها البلوى، وأدت إلى تمزّق وحدة المسلمين وتشتتهم في أرجاء المعمورة فرقا شتى، فأصبحت كلّ فرقة تنتسب إلى رؤية خاصة  تراها متوافقة لأجنداتها الفكرية دون النظر إلى تحكيم شرع الله وحكمه.
من هنا تظهر أهمية دراسة الخلاف والغلو  في الدين من خلال بيان موقف الإسلام منهما،والموقف المنشود من المسلم نحوهما في حياته العلمية والعملية على اختلاف المستويات.
وقد حاولت دراسة الموضوع المتكون من شقين:شق الخلاف،وشق الغلو، وذلك بتناول الشق الأول تعريفاً وشرحاً للقواسم المشتركة بينه وبين الاختلاف، كاشفا عن أسباب اختلاف الفقهاء في المسائل الاجتهادية،مع ذكر المثال الواقعي للخلاف الدائر في الديار النيجيرية المتمثل في ثبوت رؤية الهلال،موضّحا الحلّ الجذري للخروج منه بتوحيد الصفوف، وإسناد مقاليد الدين إلى أولي العلم القائمين بالقسط.
أما الشق الآخر فهو معقود للغلو من حيث التعريف لغة واصطلاحا، وتحديد مفهوم التطرّف الذي هو من المصطلحات ذات الصلة الوثيقة به،معرّجا بالقول إلى مفاهيم المسلمين الخاطئة تجاه الغلو في الدين،وإدخالهم فيه ما ليس منه، مع عرض الأدلة الشرعية كتاباً وسنة تحذّر من الغلو في الدين.
بالإضافة إلى رصد أنواع الغلو،وأسبابه،وآثاره،ومظاهره،متناولاً الموقف المطلوب من المسلم تجاه الغلو في الدين،ضارباً النماذج الحيّة من مظاهر الغلو من الجهر بالنية في الصلاة، وعدم تغيير مواقيت الصلوات المفروضة،والانتظار الممل بين الأذان والإقامة بصورة تدعو إلى الملل، وتنفّر من العبادة،واستعمال المسبحة،علاوة على ظاهرة شدّ الرحال إلى السنغال سنوياً للعبادة.
أسأل الله تعالى أن ينفع به المسلمين من الأئمة والدعاة والخطباء وطلاب العلم ، إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت،وما توفيقي إلا بالله،عليه توكلت وإليه أنيب.

أولاً : الخلاف في الدين
تحديد مصطلح الاختلاف
            إن مصطلح"الاختلاف"في المدلول اللغوي مشتق من اختلف،وهو الاتجاه المعاكس،يقال:اختلفوا:إذا ذهب كل واحد إلى خلاف ما ذهب إليه الآخر، والاختلاف ضدّ الاتفاق([i]).
            وفي الاصطلاح:هو أن يأخذ كل واحد طريقاً غير طريق الآخر في حاله أو قوله من غير تنازع ولا شقاق ([ii]) .
            ويستشفّ من هذا العرض التعريفي أن الأصل في الاختلاف أن لا يحمل معنى المنازعة ومفهوم الصراع،وإنما واقع الناس المرير،ونفوسهم المريضة، وصدورهم الضيّقة يجعل هذا الاختلاف سبباً إلى المنازعة ونشوب الحروب الطائفية بين أوساط المسلمين في كثير من الحالات.
            وعليه تستوجب وقفة علمية رسم خارطة الفروق بين هذا المصطلح "الاختلاف"ومصطلح"الخلاف"من حيث بيان القواسم المشتركة والفارقة بينهما على النحو التالي:
الاختلاف هو:أ[1]ن يكون الطريق مختلفاً والمقصود واحد.أما الخلاف فهو أن يكون كلاهما مختلفاً. الاختلاف:ما يستند إلى دليل.والخلاف:ما لا يستند إلى دليل. الاختلاف من آثار الرحمة،كما في الأثر المشهور:"اختلاف أمتي رحمة"([iii]). والمراد به الاجتهاد لا اختلاف الناس في الهمم بدليل"أمتي".أما الخلاف فهو من آثار البدعة ([iv]). أنه لو حكم القاضي بالخلاف ورفع الحكم لغيره يجوز فسخه،أما الاختلاف فلا يجوز فيه ذلك. أن الخلاف:هو ما وقع في محل لا يجوز فيه الاجتهاد،وهو ما كان مخالفاً للكتاب والسنة والإجماع. أن الاختلاف:ما كان في الوسائل مع الاتحاد بين المختلفين في الغاية،أما الخلاف فهو خلاف بينهم في الوسائل والغايات. أن الاختلاف ما يحمل التغاير اللفظي لا الحقيقي،والخلاف ما يحمل في مضمونه النزاع والشقاق والتباين الحقيقي([v]). يلاحظ أنه قد أسيء استعمال هذين المصطلحين أحدهما مكان الآخر نتيجة غياب الدقة في الاستعمال،ويعتبر بعض الناس المصطلحين مصطلحاً واحداً؛بيد أن الخواص الذين يفهمون دقائق اللغة العربية وحقائقها، ويقفون عند أسرارها ومغازيها فهموا هذه الفروق الدقيقة،كما هو الحال عند اتحاد طلبة جنوب غربي نيجيريا بجامعة الملك سعود، فقد آثروا الخلاف على الاختلاف،تحقيقاً للأهداف المتوخاة من دراسة هذا الموضوع.
وللبرهنة على أن اختلاف الأمة الإسلامية رحمة،وأن المقصد منه التيسير وجودُ مبدأ سعة منطقة العفو المتروكة في كثير من الأحكام الشرعية،ليبذل المجتهدون قصارى جهودهم في استنباط الأحكام،ووضع الحلول المناسبة لقضاياهم المتجددة.
وقد ثبت في التراث أن عبد الله بن عباس كان يأخذ بالرخص،وأن عبد الله بن عمر كان يأخذ بالعزائم،ويصدق عليهما الأثر:"إن الله يحبّ أن تؤتى رخصه كما يحبّ أن تؤتى عزائمه"([vi]) .
استكمالاً للحقائق المرصودة،ودعماً للبيانات السابقة أعرض بعض أقوال الفقهاء في الثناء على البعض.
قال الإمام الشافعي في شأن الإمام أبي حنيفة:"الناس في الفقه عيال على أبي حنيفة".وفي شأن الإمام مالك قال:"مالك بن أنس معلّمي،وعنه أخذت العلم،وإذا ذكر العلماء فمالك النجم". روي عن عبد الله بن أحمد بن حنبل أنه قال:قلت لأبي،أي رجل كان الشافعي،فإني أسمعك تكثر الدعاء له،فقال:"كان الشافعي– رحمه الله– كالشمس للدنيا،وكالعافية للناس،فانظر هل لهذين من خلف أو عرض؟ كان الإمام الشافعي لما خرج من العراق متوجهاً إلى مصر قال مقولته الطيّبة التي زكّى فيها فقه الإمام أحمد بن حنبل:"خرجت من بغداد،فما خلفت بالعراق رجلاً أفضل،ولا أعلم ولا أتقى من أحمد بن حنبل"([vii]). وإذا كان هذا هو طبيعة الأئمة المجتهدين بعضهم لبعض فإن الاختلافات الفقهية الواردة بينهم لم يكن مردّها الانتصار للنفس ولا للمذهب،وإنما مردّها إلى طبيعة الفكر الذي يحملونه،وبدافع الإنصاف إلى الدين الذي يحفز دائماً إلى استعمال العقل،وإمعان الفكر،والهدف منها هو الوصول إلى الحقيقة والصواب في الشريعة الإسلامية الغراء.
الجدير بالذكر أنه:"لا خلاف بين المسلمين في العقديات،وإنما الخلاف في الفقهيات،ويمكن أن يحمل هذا الإطلاق في القول على أسلوب التغليب في الحكم، فلا يراد به كمال إطلاقه،فإنه لما كان معظم اختلاف علماء المسلمين في الفقهيات،وكان اختلافهم في العقديات قليلاً نسبياً أطلق العلماء هذا القول تغليباً،وهو  أسلوب مألوف معتاد في اللغة والشرع"([viii]).
مجالات الاختلاف
إن مجالات الاختلاف من حيث التفصيل ثلاثة:
الاختلاف في الأديان كما في الإسلام واليهودية والنصرانية،والتديّن بعدم الدين كالإباحية. الاختلاف في أمور العقائد:كالقدرية والجبرية والجهمية والخوارج. الاختلاف في الفروع الفقهية:كالمذاهب الأربعة وغيرها. ويمكن إجمال هذه الأقسام الثلاثة في قسمين:
الاختلاف في أصول الإسلام – ما لم يخرج عن الملة. الاختلاف في فروع الإسلام ([ix]). من أسباب اختلاف الفقهاء
 اختلاف القراءات كما في قوله تعالىﭽ ﮠ   ﮡ  ﮢﮣ  ﮤ  ﮥ  ﮦ  ﮧ  ﮨ  ﮩ  ﮪﮫ   ﮬ  ﮭ  ﮮ  ﮯﮰ  ﮱ  ﯓ  ﯔ  ﯕ  ﯖ   ﯗ  ﯘﯙ  ﯚ  ﯛ  ﯜ  ﯝ  ﯞ   ﯟ     ﯠ   ﭼ([x])،فقد وردت قراءة (يطهُرْنَ) بسكون الطاء وضم الهاء،كما وردت قراءة (يطّهّرْنَ) بتشديد الطاء والهاء وفتحهما،لذلك يرى بعض الفقهاء أن طهر المرأة من عادتها الشهرية يتم بالاغتسال أخذاً بقراءة (يطّهّرن)،ويرى الآخرون أن طهرها يتمّ بمجرد انقطاع الدم عنها، وغسل محلها الاستراتيجي بالماء([xi]). عدم الاطلاع على الحديث:بحيث يغيب عن بعض الفقهاء حديث وارد في المسألة،ويطلع عليه البعض،فيأخذ به المطلع عليه،ولم يأخذ به الآخر. الشك في ثبوت الحديث:وذلك بأن يتفق الفقهاء على ورود الحديث في المسألة،لكن الإشكال في تطرّق الشكّ إلى ثبوته،فيستدلّ به البعض، ويهجره الآخرون. الاختلاف في فهم النص وتفسيره من حيث الدلالات اللغوية. الاشتراك في اللفظ:وذلك في حالة احتمال اللفظ أكثر من معنى،فيفسّره البعض على معنى،ويفسّره البعض الآخر على معنى آخر. تعارض الأدلة:وذلك بورود مجموعة من الأدلة الشرعية في إطار واحد، يوحي ظاهر بعضها التعارض مع الأخرى،فيسلك زيد مسلك النسخ، وعمرو مسلك الترجيح، والبعض يسلك مسلك الجمع عملاً بقاعدة:" إعمال الدليلين أولى من إهمال أحدهما" . فقدان النص في المسألة:وهذا موطن الاجتهاد،والاتجاهات الفكرية تختلف من مذهب إلى آخر،فيجتهد في المسألة الواردة كلّ من الفقهاء،ولكلّ وجهة هو موليها. الاختلاف في القواعد الأصولية والمبادئ المقاصدية([xii]). النظر إلى اللفظ دون المعنى:كما في قصة بني قريظة،وذلك سرايا بعثها الرسول– صلى الله عليه وسلم- إلى بني قريظة وقال لهم:"من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يصليّن العصر إلا في بني قريظة" فأدركتهم صلاة العصر وهم في الطريق،فصلّى بعضهم العصر بناء على دخول وقت الصلاة،وأن مقصد الرسول– صلى الله عليه وسلم- من النص هو سرعة الوصول لتبليغ الرسالة لا غير،ولم يصلّ الآخرون حتى وصلوا إلى بني قريظة فصلّوا هناك أخذاً بظاهر النص وحرفيته،فعاب بعضهم البعض،ولما رجعوا إلى الرسول– صلى الله عليه وسلم- وقصّوا عليه القصص لم يعب أحداً،بل أقرّهم جميعاً على صحة أفعالهم الاجتهادية([xiii]). يتجلى مما سبق إيراده أن اختلاف الأمة رحمة،وأن الهدف السامي منه عند العلماء هو الوصول إلى الفحوى الصحيح للنص،وتقرير مصداقية العمل بالنصوص على معيار الوضوح والشفافية.
أما الخلاف الذي يؤدي إلى التناحر والشقاق بين الأطراف المتصارعة فمن أسابه ما يلي:
الحسد والكبر:قال- صلى الله عليه وسلم-:"لا حسد إلا في اثنتين:رجل آتاه الله القرآن فهو يقوم به آناء الليل وآناء النهار،ورجل آتاه الله مالاً فهو ينفقه آناء الليل وآناء النهار"([xiv])وقال تعالىﭽ ...ﰁ  ﰂ  ﰃ  ﰄ  ﰅ          ﰆ  ﰇ  ﰈ  ﭼ([xv]).فنشوء الحسد بين العلماء،وانتشار الكبر من العوامل الحساسة لتوليد الخلاف في المجتمعات الإسلامية. فساد التصوّر وضعفه:إذا كان منطقة التفكير لدى الإنسان ضيّقة،وكان نظره قصيراً، وتصوّره فاسداً،وتأمله ضعيفا نجم عنه الخلاف نتيجة قصور العقل،وعدم رجحان الفكر. غلبة العاطفة على العقل:إن عاطفة البشر قابلة للصواب والخطأ، فلا بدّ من وضع العواطف على معايير المصداقية،ومقاييس الصحة،ولا يقبل سيطرة العاطفة على العقل الذي هو المرشد إلى الصراط المستقيم شريطة أن يكون صحيحاً ؛ إذ إن النص الصحيح يتوافق والعقل الصحيح. عدم التثبت في الأقوال والأفعال:إن فكر"قيل وقال"وظاهرة"الإشاعات"في المجتمعات الإسلامية،وروح التقديس المطلقة،والاستسلام التام لأفعال الشيوخ وأقوالهم دون تفحيص وتمحيص لثبوتها يؤدي غالباً إلى وجود ظاهرة الخلاف بين الأطراف المتحاورة في كافة المسائل المطروحة على الساحة،قال تعالىﭽ ﭟ  ﭠ  ﭡ  ﭢ     ﭣ  ﭤ  ﭥ  ﭦ   ﭧ  ﭨ  ﭩ  ﭪ     ﭫ  ﭬ  ﭭ  ﭮ  ﭯ ﭼ([xvi]). اختلال التوازن المعرفي والعلمي:إن المعضلة الكبرى،والعامل الأكبر فعالية لنشوب الخلاف هو اختلال التوازن المعرفي؛حيث إن كثيراً من الدعاة والأئمة يتمتعون بمعرفة أقلّ وصفاً،وأضعف ميزاناً،ونصف العلم يؤدي إلى القول بالجهالة،فينتج عنه الخلاف([xvii]). موقف المسلم من الخلاف
إن موقف المسلم من الاختلاف الذي مآله الرحمة،ومغزاه الوصول إلى الحقيقة هو الأخذ بأرجح الأقوال الفقهية،وأكثر الآراء التفسيرية وجاهة،والعمل بالرأي الأنسب الموافق للكتاب والسنة وإجماع الأمة من الأدلة الشرعية المتفق عليها.أما الأدلة المختلف فيها التي مردّها الاجتهاد ، فيأخذ المسلم بالرأي الأكثر صرامة، والأكبر أجراً،والأيسر ممارسة،والأفضل عبادة.
والموقف المنشود من المسلم جراء الخلاف هو التحلّي بآداب الخلاف، والتسلّح بسلاح العدالة والانضباط، وذلك من خلال النقاط التالية:
الإخلاص والمتابعة:إن رأس العبادات والأعمال الصالحة هو الإخلاص، فإذا كان الطرف المحاور مع المخالف مخلصاً في حواره فإنهما سيصلان إلى نقاط اتفاق في النهاية، ويكون ذلك بمتابعة النصوص الشرعية الواردة في المسألة التي ورد فيها الخلاف من خلال جمعها وسبرها،والوقوف عند دقائقها قصد الوصول إلى الحقيقة. ذكر جوانب الاتفاق قبل الاختلاف:ويكون ذلك بتحرير محل الاتفاق بين الأطراف المتحاورة،وتقرير المسائل المختلف فيها،ثم البدء بالقواسم المشتركة مع احترام قواعد الحوار البناء عملاً بقاعدة دعوية:"نتعاون فيما اتفقنا عليه،ونتسامح فيما اختلفنا فيه".وتفعيل العمل بهذه القاعدة في واقع الإنسان المعاصر على كافة المستويات والأصعدة. تجنّب النيل من شخصية المحاور حفاظاً على العرض،وفراراً من الطعن فيه،فالحوار البناء في المسائل لا في الأشخاص([xviii]). الإنصاف مع المخالف ولو كان عدواً :ويكون ذلك بعدم تبني الأحكام المسبقة حول المخالف لكونه عدواً للشخص المحاور،فقد يكون معه الحق فيما يدعو إليه،وبالإنصاف يتوصّل الأطراف المشتركة في الحوار إلى حقائق علمية،وقناعات فكرية،ونتائج ملموسة ترتقي بها المجتمعات الإسلامية على اختلاف مجالات الحياة البشرية. وضع المحاور نفسه موضع المخالف في تبادل الآراء،واحترام الأفكار، وفتح المجالات الواسعة لدراسة المسائل المتحاور فيها([xix]). وصفوة القول:إن هذه المواقف الإسلامية،وهذه الآداب الحوارية، ومناهج الدعوة المعاصرة ينبغي أن يبني المسلم موقفه الوسطي عليه في اتخاذ القرارات الفردية والجماعية تجاه المخالف في أية قضية من القضايا الإسلامية المطروحة على الساحة في كافة المجالات،شريطة أن تنصبّ في فروع الإسلام لا في أصوله؛ إذ إن الأصول غير قابلة للحوار.

نموذج واقعي للخلاف في الدين:
ثبوت هلال رمضان:حيث يدعي البعض ثبوت الهلال وينفيه الآخرون،مع أن ظواهر النصوص الشرعية واضحة في المسألة،قال تعالى             ﭽ .......ﮥ  ﮦ  ﮧ  ﮨ   ﮩﮪ  ﮫ  ﮬ  ﮭ  ﮮ      ﮯ  ﮰ    ﮱ  ﯓ   ﯔ  ﯕﯖ  ...ﭼ([xx])، وقوله– صلى الله عليه وسلم-:"صوموا لرؤيته،وأفطروا لرؤيته،فإن غمّ عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثيين يوما"([xxi]).
اختلف الأصوليون في الخطاب الوارد في هذه النصوص هل هو خطاب لمجموع الأمة؟وعليه إذا ثبتت الرؤية في بلد من البلدان الإسلامية لزم جميعها أم هو موجه إلى أهل كل بلد على حدة؟.
والراجح عند جماهير العلماء هو عموم الرؤية،فإذا ثبتت رؤية الهلال في أي بلد إسلامي لزم جميع البلاد الإسلامية الصوم،شريطة أن يبلغهم الخبر بالرؤية في وقت مفيد غير متأخر.
لكن المسلمين في الديار النيجيرية من العلماء والأمراء جعلوا أهواءهم مطية يركبونها في ثبوت هلال رمضان وشوال،فيتصدى من ليس أهلاً للفتوى بفتاوى ما أنزل الله بها من سلطان،ثم يعلنون الرؤية في وقت متأخر من الليل،أغلب الظن أنها عارية من الصحة؛إذ إن الهلال في يومه الأول يرى بعد غروب الشمس في مدة زمنية قصيرة تختفي بعدها،وتستعبد رؤيته في منتصف الليل،لكن الكل مجتهد،ومن اجتهد فأصاب فله أجران،وإذا أخطأ المجتهد فله أجر واحد.
والحل الجذري لهذه المسألة الرجوع إلى الله،وتحكيم شريعته،وهجر الهوى والتعصّب الديني،وعدم إسناد الأمور إلى غير أهلها،وتشكيل لجنة متخصصة في متابعة رؤية الهلال طيلة العام  أو تفعيل تلك اللجنة إن كانت مشكلّة لتقوم بدور فعال نحو رفع حدة النزاع والخلاف بين أوساط مسلمي نيجيريا شمالاً وجنوباً([xxii]).
ومن الغرابة أن بعض الدول الإسلامية تتبنى فكرة"لكلّ بلد رؤيته"في صيام رمضان، لكنها تستسلم لرؤية المملكة السعودية في ثبوت هلال ذي الحجة لتحديد أيام مناسك الحج من يوم التروية،ويوم وعرفة،ويوم النحر،فهل من العدالة أن تفرّق هذه الدول بين هاتين الحالتين في اتخاذ القرارات الحاسمة في ثبوت الأهلة الشرعية؟؟؟.
 
ثانياً:الغلو في الدين
إن مسألة الغلو مسألة قديمة قدم الأديان نفسها،ترجع أسبابها إما إلى الرغبة في تحقيق العبودية المطلقة الخالصة لله عزّ وجلّ في غياب تام لفقه النصوص الشرعية،وإما بسبب الاتباع والتقليد الأعمى لأناس قد ضلّوا وأضلّوا كثيرا من الناس،يستغلّون فرص جهل العوام بدينهم،وبعدهم عن تعاليم الإسلام السمحة بذريعة أنهم النموذج الأفضل للتديّن الصحيح.
وهذه الظاهرة ليست خاصة بالإسلام،وإنما هي عامة وعالمية تعاني منها الأديان كلّها،وهي تهدّد الإنسانية،ومستقبل الإسلام،وأمن المجتمعات وسلمها.
تحديد مفهوم الغلو
الغلو لغة:من مادة غلا،يقال:غلا غلاء فهو غالٍ،وغلا في الأمر غلواً أي تجاوز حدّه،وغلت القدر تغلي غلياناً،وغلوتُ بالسهم غلواً:إذا رميتُ به أبعدَ مما تقدر عليه.
فالغلو:هو مجاوزة الحدّ،يقال:غلا في الدين غلواً:إذا تشدّد وتصلّب حتى تجاوز الحدّ([xxiii]).قال ابن فارس:"العين واللام والحرف المعتل أصبح صحيح يدلّ على ارتفاع ومجاوزة قدر"([xxiv]).
أما مفهوم الغلو اصطلاحاً فقد تعددت تعريفاته نتيجة الرؤى المتباعدة، والاتجاهات المختلفة ، منها ما يأتي:
"أن يجمد المرء على فكرة وصلت إليه بطريقة ما،فلا يقبل مناقشته،ويرفض أن ينظر في رأي آخر يعرض عليه"([xxv]). "هو مجاوزة الاعتدال في السلوك الديني فكراً وعملا"([xxvi]). "هو الوقوع في الحرص على الأمور الخلافية كالتنطع في مكان وضع اليدين، أو طريقة وضع الرجلين خلال الصلاة"([xxvii]). هو مجاوزة الحدّ المشروع في أمر من الأمور بأن يزاد فيه،أو ينقص عن الحالة التي شرع عليها،ولا يدخل في الغلو طلب الكمال في العبادة إذا لم يجاوز الحدّ فإنه من الأمور المحمودة. ويكون الغلو تارة بمجاوزة الحدّ في الإفراط والإشطاط،وتارة بمجاوزة الحدّ في الترك والتفريط،وذلك كما في قوله تعالىﭽ ﭑ  ﭒ  ﭓ  ﭔ  ﭕ  ﭖ  ﭗ  ﭘ  ﭙ   ﭚ  ﭛ  ﭜ  ﭝ  ﭞ  ﭟ  ﭠ  ﭡ  ﭢ   ﭣ  ﭤ  ﭥ  ﭦ  ﭧ  ﭨ  ﭼ([xxviii])أي لا تجاوزوا الحدّ في اتباع الحق،ولا تطروا من أمرتم بتعظيمه فترفعوه عن منزلة النبوة إلى مقام الألوهية كما فعلتم بالمسيح([xxix]).
تعريف شيخ الإسلام ابن تيمية:"مجاوزة الحدّ بأن يزاد في الشيء في حمده أو ذمّه على ما يستحق ونحو ذلك"([xxx]). تعريف ابن حجر:"المبالغة في الشيء والتشديد فيه بتجاوز الحدّ"([xxxi]). تعقيباً على هذه التعريفات التي تتفق ألفاظها في مجاوزة الحدّ المشروع، وتكليف النفوس ما لا تطيق فإنه من الفهم الخاطئ للغلو المحافظة على المشروع من التكاليف على وجه القصد دون إفراط وتفريط بفقه وبصيرة،وإن كان العرف الشائع في زماننا الحاضر اتهام المسلم بالغلو لمجرد التزامه بالشعائر،والمحافظة على السنن والواجبات دون تنطع.
وليس من العدالة تصنيف من يحافظ على الصلاة في المسجد،أو من يرفع يديه في الصلاة عند الركوع،وعند الرفع من الركوع،أو من يقبض يديه عند القيام لها، أو يرفع إزاره، أو يطلق لحيته.
وليس من الإنصاف وصف المرأة بالغلو لكونها محتجبة،أو أنها لا تختلط بالرجال،وترفض مصافحة الرجال وملامستهم([xxxii]).
ومما ينوّه عليه في هذا الإطار استخدام بعض المصطلحات ذات الصلة بالغلو مثل التطرّف،والعنف والتشدّد والتنطع؛بيد أن المصطلح الأول"التطرّف" أكثر استعمالاً،وأكبر شيوعاً من الأخريات؛لذلك أرى من المناسبة تحديد مفهوم التطرّف .
التطرّف لغة:الوقوف في الطرف،ويقابل التوسّط والاعتدال،قال الشاعر:
كانت هي الوسط المحمى فاكتفيت
                                                بها الحوادثُ حتى أصبحت طرفا ([xxxiii]).
وعلى هذا يصدق مصطلح"التطرّف"على التسيّب،كما يصدق على المغالاة، وينتظم في سلكه الإفراط والتفريط على حدّ سواء؛لأن في كلّ منهما جنوحاً إلى الطرف،وبعداً عن الوسط.
إلا أن المفكرين المعاصرين دأبوا على الحديث عن التطرّف في أحد شقيه، وهو تطرّف المغالاة والإفراط،وتجاهلوا الحديث عن الشق الآخر،وهو تطرّف التسيّب والتفريط،ربما أن هذا الأخير لا يثير قلق المجتمع كثيرا،ولا حساسية البيئات كما هو الشأن في الشق الأول.
ويقصد بالتطرّف:"التنطع في أداء العبادات الشرعية،أو مصادرة اجتهادات الآخرين في المسائل الاجتهادية،أو تجاوز الحدود الشرعية في التعامل مع المخالف،ويدخل فيه الزيادة على المشروع،والتزام ما لم يلزم به الشارع،والورع الفاسد ونحوه"([xxxiv]).
وبهذا التحديد الاصطلاحي لمصطلح التطرّف يظهر أن بين الغلو والتطرّف علاقة عموم وخصوص،فالتطرّف يشمل جانبي المغالاة والقصور،أما الغلو فهو خاص بجانب المغالاة والإفراط فقط.
وزبدة القول:إن الغلو في الدين آفة اجتماعية مخالفة لمقاصد الشريعة الإسلامية الغراء التي أرسيت على دعائم اليسر والسماحة،ومعالم رفع الحرج،وإن الغلو من أسباب الهلاك لكلّ من الأفراد والجماعات،ولا يمكن تبريره في الإسلام بأية الذرائع،بل يجب تطهير حياة المسلمين منها،تحسيناً لصورة الإسلام،وإسهاماً في التنفير منه.
مشروعية التحذير من الغلو في الدين
ثمة مجموعة من النصوص الشرعية كتاباً وسنة تحذر من الغلو في الدين منها ما يأتي:
ﭽ ﭑ  ﭒ  ﭓ  ﭔ  ﭕ  ﭖ  ﭗ  ﭘ   ﭙ  ﭚ  ﭛ  ﭜﭝ  ﭞ  ﭟ  ﭠ  ﭡ  ﭢ  ﭣ   ﭤ  ﭥ  ﭦ  ﭧ  ﭨ  ﭩ  ﭪﭫ  ﭬ  ﭭ   ﭮﭯ  ﭰ  ﭱ  ﭲﭳ  ﭴ  ﭵ  ﭶﭷ  ﭸ  ﭹ  ﭺ       ﭻﭼ  ﭽ  ﭾ  ﭿ  ﮀ  ﮁﮂ  ﮃ  ﮄ  ﮅ  ﮆ    ﮇ  ﮈ  ﮉﮊ  ﮋ  ﮌ  ﮍ  ﮎ  ﭼ([xxxv]). ﭽ ﭑ  ﭒ  ﭓ  ﭔ  ﭕ  ﭖ  ﭗ  ﭘ  ﭙ   ﭚ  ﭛ  ﭜ  ﭝ  ﭞ  ﭟ  ﭠ  ﭡ  ﭢ   ﭣ  ﭤ  ﭥ  ﭦ  ﭧ  ﭨ  ﭼ([xxxvi]). ﭽ ...ﯗ  ﯘ  ﯙ  ﯚ   ﯛ  ﯜ  ﯝ   ﯞ ...ﭼ([xxxvii]). ﭽ ...ﮂ  ﮃ  ﮄ   ﮅ  ﮆ  ﮇ  ﮈ  ﮉ  ﮊ  ﮋ    ﮌ  ﮍ  ﮎ  ﮏ  ﮐ  ﮑ   ﭼ ([xxxviii]). ﭽ ...  ﮪ  ﮫ   ﮬ   ﮭ  ﮮ   ﮯ  ﮰﮱ  ...ﭼ ([xxxix]). ﭽ ﭪ  ﭫ  ﭬ  ﭭ  ﭮ    ﭯ  ﭰ  ﭱ  ﭲ  ﭳ  ﭴ  ﭵﭶ  ...ﭼ([xl]). ثانياً : من السنة
قوله – صلى الله عليه وسلم-:"إياكم والغلو في الدين،فإنما أهلك من قبلكم الغلو في الدين"([xli]). عن إسماعيل بن حكيم أنه بلغه أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم- سمع امرأة تصلّي من الليل،فقال:من هذه؟فقيل:الحولاء بنت تويت،لا تنام الليل،فكره ذلك رسول الله حتى عرفنا الكراهة في وجهه،ثم قال:"إن الله لا يملّ حتى تملّوا، اكلفوا من العمل ما لكم به طاقة"([xlii]). قوله- صلى الله عليه وسلم-:"أحبّ الدين إلى الله الحنيفية السمحة ([xliii]). قوله – صلى الله عليه وسلم- :"إن الدين يسر،ولن يشاد أحد هذا الدين إلا غلبه"([xliv]). قوله – صلى الله عليه وسلم-لعليّ ومعاذ  - رضي الله عنهما – حين بعثهما إلى اليمن:"يسّرا ولا تعسّرا وبشّرا ولا تنفّرا"([xlv]). قوله – صلى الله عليه وسلم-:"إنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين"([xlvi]). قوله –صلى الله عليه وسلم-:"إن هذا الدين متين فأوغلوا فيه برفق،ولا تبغضوا إلى أنفسكم عبادة الله"([xlvii]). عن عائشة- رضي الله عنها- قالت:"ما خير رسول الله– صلى الله عليه وسلم- بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثم"([xlviii]). قوله – صلى الله عليه وسلم-:"إن الله رفيق يحبّ الرفق،ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف"([xlix]). أنواع الغلو في الدين
للغلو في الدين نوعان أساسيان:
النوع الأول:الغلو الاعتقادي:
وهو مجاوزة حدود الشرع في المسائل العقدية كالغلو في الأنبياء والصالحين، وسؤالهم تفريج الكربات،وإجابة الدعوات،وكذلك الغلو في تكفير المسلمين بغير برهان من الله،ولا من رسوله المصطفى.
النوع الآخر:الغلو العملي:
وهو الزيادة في العبادة طلباً للتقرّب إلى الله،كأن يقول شخص أنه يصوم ولا يفطر،أو يقوم الليل كلّه ولا يرقد، أو يعتزل النساء والزوجات،كما في قصة ثلاثة رهط(علي بن أبي طالب،عثمان بن مظعون،عبد الله بن عمرو بن العاص) الذين جاءوا إلى بيوت النبي– صلى الله عليه وسلم- يسألون عن عبادته السرية، فلما أخبروا بها،قالوا:وأين نحن من الرسول-صلى الله عليه وسلم-وقد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر... إني أخشاكم لله،وأتقاكم له،لكني أصلّي وأرقد، وأصوم وأفطر،وأتزوج النساء،فمن رغب عن سنتي فليس مني"([l]).
أسباب الغلو في الدين
عند تتبع التاريخ الإسلامي بمقارنة مع الواقع المعاش ندرك أن هناك الكم الهائل من الأسباب التي أدت إلى بروز ظاهرة الغلو في الدين،وانتشار رقعتها بين المسلمين،فمن هذه الأسباب:

الجهل بالكتاب والسنة واللغة ومقاصد الشريعة. إن هذه الآليات الأساسية لفهم الدين،وفقه الشريعة على وجهها الصحيح قد جهلها ثلة من الأوائل وثلة من الأواخر؛حيث اتخذوا الجهل مطية يركبونها، جهلوا الكتاب فهماً وتفسيراً،وتغافلوا عن فنون القرآن وعلومه من مطلق ومقيّد، وخاص وعام،ونسخ وتشابه وإحكام،وغير ذلك من الآليات الضرورية للتصدي لتفسير آيات القرآن،والوقوف على مفاهيمها.
ولم تكتف معرفة كتاب الله لتفادي الغلو في الدين،بل لا بدّ من فهم السنن النبوية من القولية والفعلية والتقريرية،ومنها الصحيحة والحسنة والضعيفة،ولها معطيات خاصة للوقوف عند الفهم الصحيح لمغزى خطابات الرسول – صلى الله عليه وسلم- وفحوى أحاديثه.
أما اللغة فهي وسيلة قصوى لفهم الشريعة؛إذ إن للألفاظ دلالاتها اللغوية المختلفة من حيث الاشتراك والتضاد وغيرهما،وقد اختارها الله عزّ وجلّ لغة القرآن لسعة مفرداتها،وقوة سياقها،وطراوة تراكيبها.
لمقاصد الشريعة أهميتها الكبرى لم يفهمها إلا حذاق الشريعة،وأرباب أهداف الإسلام،فعندما يجهل المسلم هذه الحقائق بدقائقها يغلو في الدين،ويقول في الإسلام ما ليس منه،ويفتي بفتاوى ما أنزل الله بها من سلطان.
التأويل والتحريف إن غياب الإحاطة بالشريعة الإسلامية ومقاصدها ينجم عنه اتخاذ التأويل مسلك التفسير،وركب التحريف،فيفسّرون الآيات القرآنية عن مرادها الحقيقي، ويبيّنون الأحاديث النبوية بنوع من الجمود الفكري والتحجر الديني.
وقد نتج عن هذا كلّه ظهور كثير من الفرق العقدية في الإسلام،كالقدرية والجبرية والمعتزلة والأشعرية والجهمية وغيرها من الفرق الضالة.
عدم الجمع بين الأدلة قد ترد في مسألة واحدة آيات كثيرة يتعارض ظاهرها عند الناس، أو ترد أحاديث نبوية يستعصي فهم مرادها من خلال ظاهرها فتدعو الحاجة إلى مقارنة مفهومها مع أحاديث أخرى وردت في الإطار نفسه قصد الجمع بين الأدلة،وبغية التوفيق بين المفاهيم المتعارضة.
وعدم معرفة كثير من الناس هذه الحقيقة يجعلهم يغلون في الدين،فيأخذون بحديث واحد دون التفاف إلى حديث آخر يخصّص عمومه، أو يقيّد مطلقه،أو يبيّن مجمله وهكذا.
التعصّب وعدم تقدير ظروف الناس وأعذارهم. بنيت الشريعة الإسلامية على مبدأ مراعاة الظروف بأنواعها،واعتبار الأعذار المبيحة للتخفيف،ولذلك وجد مبدأ التدرّج في تشريع كثير من الأحكام الشرعية مثل الربا والخمر والصلاة والزكاة وغير ذلك،لكن للأسف الشديد قد غابت هذه الرؤية الدعوية عن غالبية الأئمة والدعاة والخطباء المعاصرين،فنشأت فيهم فكرة التعصّب لمذهب أو فرقة أو جماعة أو فكرة،وعدم تقدير ظروف الناس المخاطبين،وعدم مراعاة أعذارهم المشروعة،فيؤدي الأمر إلى ظهور أشكال مختلفة من مظاهر الغلو المنتشرة في مشارق الأرض ومغاربها.
اتباع الهوى والجدال الجافّ، وذلك من خلال نصب الأهواء حاكماً يتحكم فيهم،ويجادلون الناس بالجدال العقيم،ولا يصلون إلى الحوار المثمر([li]). قلة التفقه في الدين . الابتعاد عن العلماء الحقيقيين، والتلقي عن دعاة السوء والفتنة. حداثة السنّ،وقلة التجارب والغيرة غير المتزنة. الظروف الاقتصادية والأوضاع السياسية في معظم بلاد المسلمين. قلّة الصبر،وضعف الحكمة في الدعوة([lii]). من آثار الغلو في الدين ومظاهره في هذا العصر
الضلالة عن الهدى،وتفرّق صفوف المسلمين . تشويه صورة الإسلام والمسلمين في كافة المجالات،وفي كلّ قطر من الأقطار. البعد عن الله والانقطاع عن العمل. غياب الوسطية والاعتدال في العمل الدعوي. تضييع حقوق الناس والهلاك([liii]).
ومن مظاهر هذا الغلو في هذا العصر الراهن
الغلو في الأنبياء والأولياء والصالحين:وذلك باتخاذ قبورهم مساجد، والاستغاثة بأضرحتهم،والإطراء بهم إلى حدّ القداسة،واتخاذهم إلهاً، والعمل بأقوالهم دون الرجوع إلى الكتاب والسنة، وأقوال السلف الصالح. الغلو في المتبوعين والأحزاب والجماعات:من أكبر مظاهر الغلو في هذا العصر كثرة الأحزاب والجماعات التي تدعي أغلبها الانتماء إلى الإسلام، وإن كانت أجنداتها تخالف أصول الإسلام، ومبادئ حكمه وشريعته. الغلو في إنكار المنكر:لم يمتثل الأغلبية الساحقة من الدعاة بخارطة الدعوة الناجحة التي رسمها الرسول – صلى الله عليه وسلم- في إنكار المنكر؛ حيث قال:"من رأى منكم منكراً فليغيّره بيده،وإن لم يستطع فبلسانه، وإن لم يستطع فبقلبه،وذلك أضعف الإيمان"([liv]).فنجد بعض الدعاة في موقف يتناسب معه إنكار المنكر باللسان يحاول إنكاره باليد،وموقف الإنكار بالقلب،يريد إنكاره باليد واللسان،فينتج عنه عموم البلوى في المجتمع الإسلامي. الغلو في الجهاد:أسيء فهم الجهاد،وأصبح يطلق على جميع الممارسات الإجرامية،فتعدّ التفجيرات والانتحارات بسيارات مفخخة من الجهاد، ونشأت جماعات إرهابية مختلفة بأجنداتها السياسية،وأيديولوجياتها الفكرية،وفي الديار النيجيرية جماعة بوكو حرام تدعي الانتساب إلى الإسلام، والإسلام بريء منها براءة الذئب من دم يوسف – عليه السلام. الغلو في الولاء والبراء:إن الولاء والبراء لله عزّ وجلّ،فلا ولاء دون كتاب وسنة،ولا براء دون قرآن وحديث. نماذج من الغلو والتطرّف في الدين
 الجهر بالنية:من العادات المنتشرة في المجتمعات الإسلامية الجهر بالنية عند افتتاح الصلاة،مع أنه لم يثبت عن أحد من أهل العلم القول بمشروعية الجهر بالنية،رغم وجود الاختلاف بين الفقهاء في التلفظ بالنية سراً. عدم تغيير مواقيت الصلاة ؛ حيث أصبح من العرف الشائع تسمية الصلوات المفروضة الخمس بأوقات محسوبة على الناس،فيقال لصلاة الظهر صلاة الساعة الثانية ظهراً،وصلاة العصر صلاة الرابعة مساء وهكذا،مع أن أوقات الصلاة تتغيّر بتغيّر فصول السنة،والصحيح إعلام العوام وإشعارهم بتغيّر هذه الأوقات،وذلك بكتابتها على الألواح أو الجدار الملصق بالمسجد،أو عن طريق التقنيات الحديثة المعمول بها في أنحاء العالم. الانتظار المملّ بين الأذان والإقامة بصورة تدعو إلى الملل،وتنفّر من العبادة،مع أن المقياس الشرعي العدل بين الأذان والإقامة هو المدة التي يقضي فيها الرجل حاجته ويتوضأ،ويذهب إلى المسجد. استعمال المسبحة:حيث يشنّ المتطرفون الهجوم على استعمال المسبحة في الذكر،ويعدّونه نوعاً من البدعة،مع أنه  ثبت عن الرسول– صلى الله عليه وسلم – التسبيح بالأصابع،وأقرّ صحابته الكرام على التسبيح بالحصى والنوى([lv]). أما المسبحة على الشكل المعاصر فقد اختلفت فيها وجهات نظر أهل العلم،منهم من كرهها،ومنهم من أجازها.والصحيح:إجازتها شريطة أن تدعو الحاجة إليها،وألا تكون من أجل الرياء. قال الإمام ابن تيمية:"وأما التسبيح بما يجعل في نظام من الخرز ونحوه،فمن الناس من كرهه،ومنهم من لم يكرهه،وإذا أحسنت فيها النية فهو حسن غير مكروه،وأما اتخاذه من غير حاجة،أو إظهاره للناس مثل تعليقه في العنق،أو جعله كالسوار في اليد،أو نحو ذلك،فهذا إما رياء للناس،أو مظنة المراءاة ومشابهة المرائين من غير حاجة:الأول:حرام،والثاني أقلّ أحواله الكراهة ([lvi]).
شد الرحال إلى السنغال سنويا:إن شدّ الرحال إلى قبر النبي– صلى الله عليه وسلم- حرام([lvii])،فضلاً عن شدّ الرحال إلى السنغال؛لأن ذلك يدخل في الغلو في الدين،وقد قال الرسول- صلى الله عليه وسلم-:"لا تشدّ الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد:المسجد الحرام والمسجد الأقصى ومسجدي هذا"([lviii]) فلا تشد الرحال إلى أي مكان قصد التعبّد غير هذه المساجد المحدّدة،لذلك ورد النهي عن جعل قبر النبي– صلى الله عليه وسلم- عيداً([lix]). الموقف المنشود من المسلم تجاه الغلو في الدين
في ظلّ ما سبق رصده من آثار الغلو في الدين ومظاهره في هذا العصر الحاضر ينبغي أن يكون للمسلم الواعي لدينه،والفاهم لشريعته بكلّ بصيرة ويقظة أن يتخذ المواقف التالية:
التفقه في الدين، وإسناد الأمر الديني إلى أهله. الرجوع إلى الحق عند الاختلاف، والقول بــ(لا أدري) في المسائل الاجتهادية ليس عيباً،فقد ثبت في التراث أن كثيراً من الأئمة الأفاضل قد أجابوا بذلك،كما هو الحال عند الإمام مالك وغيره. الإصلاح العام بالإخلاص التام لرفع رأية الإسلام،وانتشار آفاقه في المجتمع([lx]). الاعتصام بحبل الله جميعا:قال تعالىﭽ ﭱ  ﭲ  ﭳ  ﭴ  ﭵ  ﭶﭷ   ﭸ  ﭹ  ﭺ  ﭻ  ﭼ  ﭽﭾ  ﭿ  ﮀ   ﮁ   ﮂ  ﮃ  ﮄ  ﮅ  ﮆ  ﮇ  ﮈ  ﮉ  ﮊ      ﮋ  ﮌﮍ  ﮎ  ﮏ  ﮐ  ﮑ  ﮒ  ﮓ  ﮔ     ﮕ  ﭼ([lxi]). طلب فهم اللغة العربية ودلالاتها وأسرارها . الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتي هي أحسن. نبذ التعصّب وفتح مجالات الانفتاح الدعوي على المجتمع([lxii]). ضرورة الوضوح والشفافية والصراحة في طرح قضايا المسلمين في الساحات . عدم الخلط بين القضايا الأصولية العقدية الجوهرية والقضايا الفقهية الاجتهادية. كشف مواطن الإشكال والغموض في القضايا الحساسة ([lxiii]). وخلاصة القول:إن الوضوء للصلاة شرط لصحتها،فلو غلا شخص في الوضوء،وزاد على الحدّ المشروع،وهو مرة مرة،أو مرتين مرتين،أو ثلاثا ثلاثا فقد أساء في الوضوء وغلا فيه.
والصلوات الخمس تؤدى بكمال أركانها وواجباتها، لكنه لو غلا شخص فيها أتعب نفسه وأتعب الآخرين،قال الرسول – صلى الله عليه وسلم– لمعاذ بن جبل – رضي الله عنه -:"فأيكم أمّ الناس فليوجز،فإن من ورائه الكبير والضعيف وذا الحاجة"([lxiv]).وقال في رواية أخرى لمعاذ نفسه:"يا معاذ أفتّان أنت؟([lxv])؛لأنه أطال كثيراً في الصلاة.
وعلى العموم فإن وسطية الدعوة الإسلامية ضرورية للخروج من أزمات الغلو والتطرّف في الدين؛حيث إن هناك مجموعة من الشباب المسلمين المتشبثين بالنصوص الشرعية،المطبّقين لها دون بحث عن هدف شرعي أو علة شرعية وراءها، فيفتون الناس بما جاءت به النصوص دون الإحاطة بالملابسات والظروف التي ورد النص في سياقها،ودون معرفة دلالات النصوص في الشريعة الإسلامية.
نجد بعضهم يفتي بحرمة استخدام وسائل الإعلام الحديثة،كالتلفزيون والقنوات الفضائية،والانترنت،بدعوى أن الرسول-صلى الله عليه وسلم- لم يستخدم هذه الوسائل في حياته،وأنها مليئة بما يعارض حكم الله وشريعته،مع أنه يركب السيارات والحافلات،والقطارات والطائرات في قضاء حوائجه الضرورية، وهل استخدمها الرسول- صلى الله عليه وسلم؟.
قد يبرّر بعض المنتسبين إلى الاجتهاد المتشددين حالتهم التشبثية في تنفيذ أحكام الشرع دون مراعاة مآلات الأفعال،ومقتضيات العصر،ومسايرة حوادث الزمن بأن هذه الوسائل الحديثة مصنوعة من أوربا وهم كفار،فكيف يستفيد المسلمون مما صنعه الكفار،وهدف الغرب الأول والأخير إطفاء نور الله،وإظهار الفساد في البر،وأمركة المجتمعات الإسلامية تحت غطاء العولمة والثقافة والتقدم العلمي،بإضافة إلى أن كثيراً من هذه الوسائل أسلحة ذات حدّين،وفسادها حسب رأيهم أكبر بكثير من منافعها.
لكن الحقيقة التي لا تقبل شكّ أن صناعة الوسائل الحديثة من أوربا ليست مانعة من استخدامها،فقد ثبت تاريخياً أن الرسول- صلى الله عليه وسلم-استفاد من اليهود والكفار والفرس مما معهم من العلم،والمسلمون عنه جاهلون،وأكثر من مواقفه تؤيّد ذلك.
وعليه لا يمكن أن نعوّل على رأيهم في منع استخدام هذه الوسائل قولاً واحداً، ولا إجازة استخدامها دون تقييد شرعي،وإنما الوسطية الشرعية تقتضي جواز استخدامها بكلّ حذر،واستغلالها فيما ينفع الأمة، مع مراقبة الأولاد،وتوجيه اهتمامهم إلى المواقع الإسلامية التي تزوّدهم بمعارف جليلة تنفعهم في الدنيا والآخرة، هكذا علمتنا الشريعة الابتعاد عن التشبث ومراعاة الواقع المعاش في الفتاوى والاجتهادات الحديثة، مما يجلب المنافع للأمة بدلاً من المفاسد،والشريعة الإسلامية جاءت لجلب المنافع ودرء المفاسد لا العكس.

الخاتمة
بعد هذه الجولة السريعة في تسليط الضوء على موقف الإسلام من الخلاف والمخالفين،ومن الغلو والغلاة في الدين،فقد توصلت إلى نتائج ملموسة مرصودة في النقاط التالية:
أنه تمّ رسم خارطة الفروق بين مصطلحي:"الخلاف والاختلاف"؛ حيث ينبئ الأول عن معنى المنازعة والشقاق السلبي،والآخر يومئ إلى معنى الانفتاح والسعة والرحمة الإيجابي. أن ما حدث بين الفقهاء في مسائل الفروع اختلاف لا خلاف،والهدف منه التيسير على العباد في البلاد . أنه من ضوابط الاختلاف:احترام آراء الآخرين،وعدم إصدار أحكام مسبقة منبثقة من إيحاءات أخلاقية أو إيماءات سلوكية. أن مجالات الاختلاف لا تخلو من مجالين من حيث الإجمال،وهما: الاختلاف في أصول الإسلام – ما لم يخرج عن الملة،والاختلاف في فروع الإسلام. أن من عوامل نشوب الخلاف:فساد التصوّر وضعفه،وغلبة العاطفة على العقل،وعدم التثبت في الأقوال والأفعال،بالإضافة إلى اختلال التوازن المعرفي والعلمي. الموقف المنشود من المسلم نحو الخلاف:الإخلاص والمتابعة،والبدء بتحرير محل الاتفاق،مع تجنب النيل من الشخص المحاور،والإنصاف مع المخالف ولو كان عدواً. أن الغلو في الاصطلاح هو المبالغة في الشيء،والتشديد فيه بتجاوز الحدّ. أنه من المفاهيم الخاطئة اعتبار المحافظة على المشروعات الإلهية من التكاليف غلواً على وجه القصد دون إفراط وتفريط بفقه وبصيرة. أنه ليس من العدالة  تصنيف من يحافظ على الصلاة في المسجد،أو من يرفع يديه في الصلاة عند الركوع، وعند الرفع من الركوع،أو من يقبض يديه عند القيام لها من الغلاة في الدين. أنه ليس من الإنصاف اعتداد رفع الإزار،وإعفاء اللحية،وحجاب المرأة المسلمة،واجتناب الاختلاط ومجانبة مصافحة الرجال من الغلو في الدين. أن التطرّف من الألفاظ ذات الصلة الوثيقة بمصطلح الغلو؛ بيد أن المفكرين دأبوا على الحديث عن التطرّف من جانب المغالاة والإفراط، وتجاهلوا الحديث عن جانب التسيّب والتفريط. أن الغلو في الدين نوعان:الغلو الاعتقادي،وذلك في باب العقديات، والغلو العملي، وذلك في العبادات. من أسباب الغلو في الدين:الجهل بالكتاب والسنة واللغة ومقاصد الشريعة،عدم الجمع بين الأدلة المتعارضة في الظاهر،والتعصّب وعدم تقدير ظروف الآخر وأعذاره. من آثار الغلو:الضلالة عن الهدى،وتشويه صورة الإسلام في كافة المجالات، والبعد عن الله، والانقطاع عن العمل. وغير ذلك من النتائج المهمة التي يستنتجها القارئ من هذا البحث العلمي، وأوصي للخروج من هذه المعضلة بالآتي:
التفقه في الدين، وإسناد الأمر الديني إلى أهله. الرجوع إلى الحق عند الاختلاف، والقول بــ لا أدري في المسائل الاجتهادية ليس عيباً. الاعتصام بحبل الله جميعا. نبذ التعصّب وفتح مجالات الانفتاح الدعوي على المجتمع.  سائلا المولى عزّ وجل أن يجعل هذا العمل خالصاً لوجهه الكريم،وأن يتقبله الله مني قبولاً حسنا، إنه وليّ التوفيق.
 
 
 
 

[1]
[i] - المصباح المنير/أحمد بن محمد بن علي الفيومي /دار الحديث/ القاهرة – مصر/ط1/1421هـ 2000م/ص110. [ii] - انظر: أدب الاختلاف في مسائل العلم والدين/محمد عوامه/دار البشائر الإسلامية/بيروت – لبنان/ط2/1418هـ 1997م / ص8 . [iii] - حديث رقم 28686/كتاب العلم من قسم الأقوال/باب في الترغيب/من كنز العمال في سنن الأقوال والأفعال/علاء الدين علي المتقي بن حسام الدين/تح: محمود عمر الدمياطي/مج5/ج10/ص59. [iv] -انظر: الكليات/أبو البقاء أيوب بن موسى الحسيني/تح: عدنان درويش ومحمد المصري/منشورات الثقافة والإرشاد القومي/دمشق – سوريا/ط2/1982م/ج1/ص80. [v] -انظر : أدب الاختلاف في مسائل العلم والدين / محمد عوامة / ص9 . [vi] - أخرجه ابن حبان في صحيحه/ باب صوم المسافر/حديث رقم 3560 . انظر:موسوعة بين الأصالة والمعاصرة – مناهج الاجتهاد في المذاهب المختلفة/أ.د. وهبة الزحيلي/دار المكتبي للطباعة والنشر والتوزيع/دمشق – سوريا/ ج4  /مقطع 33/ ص16 . [vii] - يسألونك /د. حسام الدين عفانة/مكتبة دنديس/عماد – الأردن/ط1/1421هـ 2000م/مج1/ص195-196. [viii] - دراسات في الاختلافات العلمية/د. محمد أبو الفتح البيانوني /دار السلام/القاهرة – مصر/ط1/1418هـ 1988م / ص31-32. [ix] - انظر: أدب الاختلاف في مسائل العلم والدين/محمد عوامة / ص14 . [x] - سورة البقرة الآية222      [xi] - راجع : الجامع لأحكام القرآن / أحمد القرطبي/ في تفسير هذه الآية . [xii] - انظر: أسباب اختلاف المفسرين/د. محمد عبد الرحمن بن صالح الشايع/مكتبة العبيكان/الرياض- السعودية/ط1 / 1416هـ 1995م/ص35 وما بعدها.وانظر كذلك : أسباب اختلاف المفسرين في تفسير آيات الأحكام/عبد الإله حوري الحوري/رسالة علمية غير منشورة/1422هـ 2001م/ص69 وما بعدها. [xiii] - انظر: أثر الاختلاف في القواعد الأصولية في اختلاف الفقهاء/د. مصطفى سعيد الخن/مؤسسة الرسالة/بيروت – لبنان/ط1/1418هـ 1998م/ص38-118.وانظر كذلك : الاجتهاد في الأحكام الشرعية/د. محمد سيد طنطاوي/ نهضة مصر للطباعة والنشر والتوزيع/1999م/ص45-46 . وكذلك الفتاوى/محمد متولى الشعراوي/تع: د. السيد الجميلي/المكتبة العصرية/صيدا- بيروت/د.ط/1420هـ 2000م/ص648-649. [xiv] - أخرجه مسلم/ باب فضل من يقوم بالقرآن.../ حديث رقم 1930 . [xv] - سورة لقمان من الآية 18 [xvi] - سورة الحجرات الآية 6 . [xvii] - انظر: الخلاف أسبابه وآدابه/عائض بن عبد الله القرني/د.ط/د.ت/ص16-32.وانظر كذلك: مقدمة في أسباب اختلاف المسلمين وتفرقهم/محمد العبده وطارق عبد الحليم/دار الأرقم/الكويت/ط2/1406هـ 1986م/ص9-49. [xviii] - انظر: إنصاف أهل السنة والجماعة ومعاملتهم لمخالفيهم/محمد بن صالح بن يوسف العلي/دار الأندلس الخضراء/جدة – السعودية/ط2/1420هـ/ص109-120. [xix] - انظر: الخلاف أسبابه وآدابه/عائض بن عبد الله القرني/ص38-61. [xx] - سورة البقرة من الآية 185 [xxi] - أخرجه البخاري/ باب قول الرسول: إذا رأيتم الهلال فصوموا/ حديث رقم 1909 . وأخرجه مسلم / باب وجوب صوم رمضان لرؤية الهلال / حديث رقم 2568 . [xxii] - انظر:التطرّف الديني الرأي الآخر/د.صلاح الصاوي/الآفاق الدولية للإعلام/ط1/1993م/ص318-319. [xxiii]  - انظر: القاموس المحيط/الفيروز آبادي/مادة غلو.وتاج العروس/الزبيدي/مادة غلو.والصحاح/الجوهري/مادة غلا. [xxiv] - معجم مقاييس اللغة/ابن فارس/مادة غلوي . [xxv] - الحق المرّ/محمد الغزالي/مكتبة التراث الإسلامي/القاهرة – مصر/د.ط/د.ت/ص108. [xxvi] - مجلة العربي/خالد محمد خالد/الكويت/ع278/ص52 . [xxvii] - مشكلات في طريق الحياة الإسلامية/محمد الغزالي/مؤسسة إحسان/بيروت – لبنان/ط4/1405هـ/ص120. وانظر كذلك: الغلو في الدين في حياة المسلمين المعاصرة/عبد الرحمن بن معلا اللويحق/مؤسسة الرسالة/بيروت – لبنان / ط1 /1412هـ 1992م/ص [xxviii] - سورة المائدة الآية 77 [xxix] - الغلو في الدين ظواهر من غلو التطرّف وغلو التصوّف/د. الصادق عبد الرحمن الغرياني/دار السلام/القاهرة – مصر/ ط2 / 1424هـ 2004م/ص11 . [xxx] - اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم/ابن تيمية/تح: ناصر عبد الكريم العقل/ط1/1404هـ / ج1 / ص289 . [xxxi] - فتح الباري شرح صحيح البخاري/ابن حجر/المطبعة السلفية ومكتبتها/القاهرة – مصر/ط1/1380هـ/ج1/ ص278. [xxxii] - انظر: الغلو في الدين ظواهر من غلو التطرّف وغلو التصوف/د. الصادق عبد الرحمن الغرياني/ص14-15. [xxxiii] - انظر: لسان العرب/ابن منظور/مادة طرف. [xxxiv] - انظر: التطرّف الديني الرأي الآخر/د.صلاح الهاوي/الآفاق الدولية للإعلام/ط1/1993م/ص8-10 . [xxxv] - سورة النساء الآية  171 [xxxvi] - سبق تخريجها [xxxvii] - سورة البقرة من الآية 185 [xxxviii] - المائدة من الآية 6 [xxxix] - سورة الحج من الآية 78 [xl] - سورة البقرة من الآية 143 [xli] - أخرجه النسائي/ باب التقاط الحصى / حديث رقم 3057 . [xlii] - أخرجه مالك في الموطأ/باب ما جاء في صلاة الليل/حديث رقم 258 . [xliii] - أخرجه الإمام أحمد في مسنده/مسند عبد الله بن العباس بن عبد المطلب/حديث رقم 2107 . [xliv] - أخرجه البخاري/باب الدين يسر/حديث رقم 39 . [xlv] - أخرجه البخاري/باب ما يكره من التنازع والاختلاف/حديث رقم 3038 . [xlvi] -أخرجه البخاري/باب صبّ الماء على البول في المسجد/حديث رقم 220 . [xlvii] - أخرجه البيهقي/باب القصد في العبادة والجهد في المداومة/حديث رقم 4931 . [xlviii] - أخرجه البخاري/باب إقامة الحدود والانتقام لحرمات الله/حديث رقم 6786 . [xlix] - أخرجه مسلم/باب فضل الرفق/حديث رقم 6766 . [l] - أخرجه البخاري / باب الترغيب في النكاح /حديث رقم 5063 . [li] - انظر:مشكلة الغلو في الدين في العصر الحاضر – الأسباب – الآثار – العلاج/عبد الرحمن بن معلا اللويحق/ ص70-391. [lii]- انظر: الغلو – الأسباب والعلاج/د. ناصر بن عبد الكريم العقل/ص10-11. [liii] - انظر: مشكلة الغلو في الدين في العصر الحاضر – الأسباب – الآثار- العلاج/عبد الرحمن بن معلا اللويحق / ص660-764. [liv] - أخرجه مسلم/ باب بيان كون النهي عن المنكر من الإيمان / حديث رقم 186 . [lv] - انظر : التطرّف الديني الرأي الآخر / د. صلاح الصاوي / ص308-312. [lvi] - مجموع الفتاوى/تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن تيمية/تح: أنور الباز وعامر الجزار/دار الوفاء/ط3/ 1426هـ 2003م/ج22/ص506 . [lvii] - انظر : فتاوى ابن تيمية/ج27/ص21-32 . [lviii] - أخرجه مسلم / باب لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد / حديث رقم 3450 . [lix] - انظر: الغلو في الدين في حياة المسلمين المعاصرة/عبد الرحمن بن معلا اللويحق/ص157-157 . [lx] - انظر: الغلو في الدين ظواهر من غلو التطرّف وغلوّ التصوف/د. الصادق عبد الرحمن الغرياني/دار السلام/ القاهرة – مصر/ط2/1424هـ 2004م/ص167 . [lxi] - سورة آل عمران الآية 103 [lxii] - انظر:مشكلة الغلو في الدين في العصر الحاضر– الأسباب – الآثار – العلاج/عبد الرحمن بن معلا اللويحق/ ص842-951. [lxiii] - انظر : الغلو – الأسباب والعلاج / د. ناصر بن عبد الكريم العقل / ص21-23 . [lxiv] - أخرجه مسلم/باب أمر الأئمة بتخفيف الصلاة في تمام/حديث رقم 1072 . [lxv] - أخرجه البخاري/باب القراءة في العشاء/حديث رقم 1068 .
من اعمال الباحث
أضافة تعليق