مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب
2014/08/27 18:42
بسم الله الرحمن الرحيم


شاك هاغيل و مبدأ الأمن القومي الأمريكي في زمن التحولات السريعة
بقلم السيدة:عفاف عنيبة**
قلما إهتممت بوزير دفاع أمريكي كإهتمامي بشخصية وزير الدفاع الأمريكي الحالي السيد شاك هاغيل السيناتور الجمهوري السابق فبينه و بين السيناتور الجمهوري الأسبق أيضا السيد رون بول نقاط تقاطع.
شاك هاغيل رجل سياسي أمريكي بارع و قد جاء علي لسانه ما يلي: ’’إنني سيناتور الولايات المتحدة، أدعم إسرائيل لكنني أقسمت علي دستور الولايات المتحدة و لم أقسم لرئيس أو لحزب أو لإسرائيل.’’ في هذا التصريح نفهم كل شيء عن شخصية وزير الدفاع الأمريكي السيد شاك هاغيل.
كوني سخرت جزءأ كبيرا من حياتي لمعرفة أسباب إغتيال الرئيس كنيدي و هوية قاتليه، و من وحي خبرتي بالنظام السياسي الأمريكي، يصعب جدا علي السياسي الأمريكي أن يكون غير متصهين، فالقاريء لبحثي المعنون ب ’’الرئيس جون كنيدي و القضية الفلسطينية’’ سيكتشف أنه حتي و إن كان السياسي الأمريكي غير متصهين متبوءا لمنصب الرئاسة الأمريكية، فهو معرض للإغتيال علي أيدي عملاء الصهيونية أكثر من أي رئيس أمريكي ذات توجه آخر. فليس هناك خط أحمر للصهيونية العالمية.
مر السيد شاك هاغيل علي الصراط قبل أن يقبل مجلس الشيوخ الأمريكي تعيينه كوزير دفاع الولايات المتحدة الأمريكية في العهدة الثانية للرئيس باراك حسين أوباما، فقد كان هناك تياران داخل مجلس الشيوخ الأمريكي معاديان له : تيار اللوبي اليهودي الأمريكي الصهيوني و التيار المعادي للصين و لعلم القراء شاك هاغيل رجل أعمال طور تعاملاته مع دولة الصين و كان يخشي البعض في مجلس الشيوخ تأثير علاقاته التجارية مع الصين علي قراره كرئيس البنتاغون. لكن أثبت الرجل قدرة فائقة علي تهدئة المخاوف و أكد علي ولاءه الأكيد لدولته أمريكا و مصالحها الإستراتيجية و طبعا من بين هذه المصالح الإستراتيجية الدفاع عن العلاقة الإستراتيجية بين واشنطن و تل أبيب و قد نما إتجاه في الدوائر الرسمية في العشرين السنة الأخيرة يشكك بمدي جدوي العلاقة الإستراتيجية بين الكيان الغاصب و أمريكا و من بين هؤلاء الجنرال بتراوس الذي إنسحب من الخدمة علي إثر فضيحة أخلاقية، هذا و ما يجب أن نعرفه أن شاك هاغيل وزير الدفاع الأمريكي الحالي يمثل جيل سياسي أمريكي أصبح متشككا جدا ناحية العلاقة فوق الممتازة مع العدو الغاصب.
و لنبدأ بأول ملاحظة، إسترعت إنتباهي في خطابه الذي توجه به لخريجي جامعة الدفاع الوطني الأمريكية واشنطن د.س هي التالية :
’’نشكركم علي ما تقومون به لصالح بلدنا عبر هذه المؤسسة الهامة، المؤسسة التي أظن أنها ليست هامة فقط لوطننا و تكوين زعماءنا بل أيضا زعماء الدول الأخري الموجودين الآن هنا.
أظن أنها إحدي الإستثمارات الحكيمة التي قمنا بها و التي سنستمر فيها بتكوين زعماءنا و مساعدة دول أخري و تكوين زعماءها، ليس فقط بالإعتماد علي المذهب العسكري لكن بناءا علي مباديء و قيم الإحترام المتبادل و سلطة القانون. و هذه التسهيلات قامت بها فعليا هذه المؤسسة لسنوات و سنوات، لهذا أشكر الجميع.’’
خاطب وزير الدفاع الأمريكي مسؤولي مؤسسة جامعية عسكرية أمريكية مقرها واشنطن إحدي أهم مهامها تكوين الزعماء العسكريين الأمريكيين و الأجانب علي السواء لأداء مهامهم في داخل أمريكا و خارج أمريكا. كم من مسؤول عسكري عربي تكون في مثل هذه المؤسسة ؟ كثيرون جدا، و ما هي نوعية البرامج الملقنة ؟ طبعا برامج أمريكية صرفة تعبر بالأساس عن الريادة الأمريكية للعالم المزينة بالمباديء و قيم الإحترام و سلطة القانون. لنتساءل إن كان الأمر كذلك، فكيف نفسر إنقلاب الجنرال سيسي علي رئيس منتخب شرعيا ؟ أين هي سلطة القانون و نقصد به إحترام قانون الإنتخاب أو الصندوق و هي قيمة تعلم في أهم المؤسسات العسكرية الأمريكية الجامعية و الجنرال سيسي أحد خريجيها ؟
لأترجم الفقرة الموالية :
’’في بدايات و أثناء مسيرتكم المهنية، أرغب في دعوتكم بإلحاح أن تحفظوا هذه الأسئلة في أذهانكم قبل أن تتخذوا أي قرار :
1-هل هذا القرار سيساعد للحفاظ علي الأمن القومي ؟
2-هل هذا القرار يوافق إستراتيجية المصالح لبلدي، في مجالات تتضمن السياسي، الإقتصادي و البعد الأخلاقي لمصالحنا و مسؤولياتنا ؟
3-هل قراري يستحق التضحية برجالنا و نساءنا تحت الخدمة و عائلاتهم ؟’’
رائعة هذه الأسئلة التي يتوجب علي المسؤول العسكري الأمريكي أن يطرحها علي نفسه قبل أن يتخذ أي قرار في إتجاه الحرب أو أثناء أداءه مهامه الحربية.
معروف عن شاك هاغيل و هو سيناتور جمهوري بعدم إرتياحه إزاء المؤسسة العسكرية الأمريكية البنتاغون و قد كان ينظر إلي موازنة وزارة الدفاع الأمريكية علي أنها مضخمة.
و هو من الجمهوريين القلائل ممن يعتقدون بأن السياسة بدون أخلاق ستنقلب إلي لعنة، لهذا نراه يلح علي البعد الأخلاقي في مسألة إتخاذ القرار علي مستوي كوادر وزارة الدفاع الأمريكية :
كثيرا ما وصفت السياسة الأمريكية بالبراغماتية و خاصة إستراتيجية الدفاع الأمريكية التي هي في الحقيقة إستراتيجية هجوم، طبقا للقاعدة العامة : ليس هناك أفضل دفاع من الهجوم. إلا أن هذه البراغماتية كانت كثيرا ما تتنصل من البعد الأخلاقي لينطبق عليها هذا المثل ’’أنا و بعدي الطوفان!’’ و رجل مثل شاك هاغيل يكره تصنيف سياسة الدفاع ضمن خانة الإنتهازية و الأنانية المحضة، ففارق كبير بينه و بين دونالد رامسفيلد الذي كان يلون نظرته كوزير الدفاع بالبعد اليسوعي المسيحي و لا بأس من أن يبرر هذا البعد الديني فظائع ما جري في العراق!! فهو مكلف بمهمة مقدسة بينما بالنسبة لهاغيل تنحصر المهمة المقدسة في الحفاظ علي أمن الولايات المتحدة الأمريكية بدون خسائر جانبية.
و أما الدين فيوضع في البراد و القيم الأخلاقية ذات البعد الإنساني الشمولي فمحبذ العمل بها و الحفاظ عليها.
لهذا يبدو لي سؤاله الثالث في غاية الأهمية : كثيرة هي القرارات التي اتخذت علي المستوي العسكري في فيتنام و حرب كوريا و أفغانستان و العراق لم تكن تستحق أن يضحي بها رجال و نساء أمريكيين و طبعا أي وزير دفاع سيفكر في المقام الأول بمواطنيه الذين هم منضويين تحت لواء جيشه و آخر ما سيفكر فيه هم مواطنوا الدولة المعادية كانوا مدنيين أو عسكريين. لكن أليس مطلوب بالفعل أن تتحول القيادة العسكرية الأمريكية إلي التفكير جديا في حجم الخسائر البشرية و المعنوية و الإقتصادية و السياسية و الثقافية التي ستتكبدها أمريكا و التي تنجر عن عمليات عسكرية معادية تقوم بها بإسم الأمن القومي ثم لنطرح سؤالا آخر، ماذا يعني العسكري الأمريكي بمصطلح الأمن القومي ؟
المشكلة الجوهرية هي في تحديد محتوي ما نفهمه من الأمن القومي، كانت للرئيس جورج واشنطن أول رئيس أمريكي إحتل منصب الرئاسة (1789-1797) رؤية أخلاقية بعيدة المدي تخلي عنها تقريبا جميع من تعاقبوا بعده علي كرسي الرئاسة، فهو كان يحدد مصلحة الولايات المتحدة الأمريكية وفق معيار العدل أي يتوجب علي المصلحة أن تطابق مبدأ العدل و إن إنتقلنا إلي مفهوم الأمن القومي سندرك بأن الإدارة الأمريكية ملزمة بالدفاع عن مصالحها بكل أبعادها. إذن المصلحة تدخل ضمن الأمن القومي و الجيش الأمريكي مطالب بالدفاع عن هذه المصالح بإسم الحفاظ علي الأمن القومي و هل مثل هذا الدفاع عليه أن يكتسي طابع العدوان المباشر خارج مقررات مجلس الأمن أي ما يسمي بالمصطلح العصري الحرب الوقائية ؟
ثم هل ما جري في سجن أبو غريب في أبريل 2004 يتماشي و مصلحة الولايات المتحدة الأمريكية أي أوامر التعذيب أو التجاوزات التي يقوم بها بعض المسؤولين العسكريين الأمريكيين، هل تأول علي أنها تصب في خانة الدفاع عن مصالح الولايات المتحدة الأمريكية ؟
و هل سلسلة الفضائح التي تمس بممارسات وكالة الإستخبارات الأمريكية و وكالات التجسس الإلكترونية و هي ذات طابع عسكري، هل بسنها و الترخيص لها، وقع مراعاة العامل الأخلاقي ؟
و ماذا نفهم من العامل الأخلاقي ؟ مراعاة حقوق الإنسان الواردة في ميثاق حقوق الإنسان للأمم المتحدة أم أن الأخلاق هنا تعني الحفاظ علي الواجب الأخلاقي في الدفاع عن الأمن القومي بأي وسيلة كانت ؟
فشاك هاغيل في طرحه للأسئلة الثلاث حدد لنا المسيرة الذهنية التي يمر عليها المسؤول العسكري الأمريكي قبل إصداره لأي قرار، فهو عليه أن يحسب حساب ل:
*وجوب الحفاظ علي الأمن القومي.
*العمل علي مطابقة قراراته بإستراتيجية المصالح لبلده في مجالات سياسية اقتصادية و الحرص علي البعد الأخلاقي في الحفاظ علي المصالح و القيام بالمسؤوليات.
*الحفاظ علي أرواح جنوده نساءا و رجالا و عدم تعريضهم للموت إلا إذا ما إقتضت الضرورة القصوي لذلك.
النتيجة: ماذا نفهم ؟
أن المصالح هي التي تحدد كل شيء و ليس الأخلاق!
فمن أجل مصالح أمريكا خرب بلد مثل العراق و أفغانستان عادت إلي الخلف بمئات السنين، بفعل سياسات الإحتلال و الرشوة التي إنتهجتها القوات الأمريكية و التي لم تنجح في إلقاء القبض علي الملا عمر، الشخص الذي كان يحمي بن لادن و الذي رفض تسليمه للأمريكيين و قد إتخذ رفضه ذاك، ذريعة قبيحة لإحتلال بلد منهك القوي و متخلف لأبعد الحدود.
و ما ينطوي عنه الواجب الأخلاقي هو ضمنا ذلك الذي نعني به الحفاظ علي مصالح أمريكا و أما الوسيلة التي تستعمل للحفاظ علي هذه المصالح فهي طبعا ذات بعد لاأخلاقي و محاولة السيد هاغيل في إعادة ضبط العوامل المتحكمة في قرار المسؤول العسكري تبدو مبادرة شجاعة.
في الفقرة الموالية ينبه السيد هاغيل أن مثل هذه الإعتبارات لها أهميتها في توقيت زمني يتميز بتغييرات حادة في مجالات مختلفة في النظام العالمي مثل التحديات الشاملة الجديدة، و الوضع المالي الغير الثابت و هذه ستكون موضع ملاحظاته في تدخله هذا:
’’أريد التركيز علي تحديات، خيارات و فرص:
-1التحديات التي تطرحها الميزانيات المخفضة و الواجهة المتغيرة للإستراتيجيات.
2-الخيارات في الرد علي هذه التحديات.
3-و الفرص الموجودة في تغيير جذري للمقاربة الدفاعية للتعبير بشكل أفضل عن وقائع القرن الواحد و العشرين.
و مثل ما قال الرئيس دوايت اينزهور في زيارة له في هذا المكان منذ خمسين سنة إلي الخلف، ’’الإدارة الحكيمة و الحذرة للموارد الشاسعة التي يتطلبها الدفاع تستدعي مهارة في الدمج بين العسكري و السياسي و الإقتصادي و الآلية الإجتماعية في حياتنا العصرية...إذن هذا أهم إستعمال فعلي للموارد بحد أدني من التبذير و سوء الإستغلال.’’
إستشهاد السيد شاك هاغيل بالسيد دوايت دافيد أينزهور (1953-1961) الرئيس العسكري الأمريكي الأكثر إتزانا في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية الحديث ناحية قضايا مصيرية مثل فلسطين و اللوبي اليهودي و سطوة وزارة الدفاع علي النظام السياسي الأمريكي يعبر بالأساس عن أصالة رؤية السيد هاغيل لم يترتب عنه دور الدفاع في حياة بسطاء الأمريكيين. كان قد حذر الرئيس دوايت أينزهور في خطاب وداعه من تضخم مؤسسة الصناعة الحربية و تشعب مصالحها و حذر من عواقب ذلك علي مستقبل الولايات المتحدة الأمريكية و الرئيس أينزهور أحد القادة العسكريين من أبطال الحلفاء في الحرب العالمية الثانية، فالرجل مشهور بصراحته و بشدته في أمور الصالح العام و أن يستشهد به السيد هاغيل له دلالته الكبري، فبتأكيده علي لزومية إرتباط الحكمة في إدارة شؤون البلاد كأنه يشير إلي مسألة هامة كثيرا ما تغيب عن أذهان السياسيين و المشرعين في واشنطن: إدارة شؤون شعب يتطلب وضع المصلحة العامة قبل المصالح الشخصية للأشخاص أو اللوبيات أي جماعات النفوذ التي عادة ما ترتبط بالرأسمال كالشركات العابرة للقارات أو جماعات الضغط السياسي كإيباك التي تراعي مصالح أتباع كيان غاصب في فلسطين إسمه ’’إسرائيل’’ و ما ينقص القرار السياسي الأمريكي الحكمة التي تكون عادة ذات بعد أخلاقي رفيع، فأين رؤية السيد أينزهور من واقع الحال في المؤسسة العسكرية الأمريكية بحيث ذلك الإندماج الذكي بين السياسي و الإقتصادي و الآلية الإجتماعية يفعل إستعمال الموارد إلي الحد أقصاه دون تبذير أو سوء إدارة ؟
واقع الحال في الولايات المتحدة الأمريكية و خاصة في مجال الدفاع يشي بأنه وقع تسخير كل الإمكانات لخدمة العامل العسكري علي حساب بقية العوامل، و هذا دفع بالإقتصاد الأمريكي إلي طريق مسدود. في إعصار كاترينا، عجز مسؤولوا ولاية لويزيانا علي جمع العدد الكاف من المروحيات لإنقاذ السكان العالقين لأيام و أسابيع علي أسطح منازلهم و عندما سئل سيناتور لويزيانا مسؤولوا الحماية المدنية في ولايته :
أين هي المروحيات المخصصة لأغراض الإنقاذ ؟
ردوا عليه بتهكم:
ألم ترسلوها إلي العراق سيدي السيناتور ؟ أليس مجلس الشيوخ من وافق علي تجنيد كل الإمكانيات المادية لصالح جهد الحرب في العراق ؟
سكت الرجل و شعر بالخزي و العار، فهو من أيد ذلك القرار العبثي الذي حرم مواطني ولايته من فرصة النجاة بأرواحهم.
و ماذا نقول عن ذلك المواطن الأمريكي الذي يملك مزرعة علي الحدود مع المكسيك و الذي كان و لا يزال يعاني من تجارة البشر علي الحدود الأمريكية المكسيكية و كلما كان يتصل بمسؤول الأمن في مقاطعته ليستنجد به ضد رجال عصابات تجارة البشر الذين يخترقون أراضي مزرعته، يرد عليه الشريف بحدة:
’’ليس لي العدد الكاف من الرجال و العتاد، فهم مجندون في العراق!!’’
بالله عليكم دولة بقوة الولايات المتحدة الأمريكية تترك علي المكشوف مواطنيها و ترمي برجالها و أموالها في حرب لا ناقة لها فيها و لا جمل ؟ أين هي الإدارة الحكيمة للموارد و التي بالتعرض إليها عبر مقولة الرئيس أينزهاور أراد وزير الدفاع الأمريكي الحالي شاك هاغيل التركيز علي مبدأ ترسيخ في واقع أمريكا ما بعد الأزمة المالية ل2008 هذه الحقيقة:
’’كفانا تجاوزا لإمكانياتنا و مواردنا، كفانا التظاهر بما ليس فينا و كفانا من سوء إستغلال مناصبنا و مواردنا لأغراض بعيدة كل البعد عن خدمة الصالح العام.’’
رجال مثل شاك هاغيل و رون بول أدركوا بحدة أن مصير الولايات المتحدة الأمريكية كقوة عظمي في خطر إن لم يتآكل بشكل خطير جدا من جراء سياسات أنانية تضع مصلحة أقلية نافدة علي حساب المصلحة العامة للشعب الأمريكي الذي مل بدوره دور البقرة الحلوب الذي تضخ منها أموال الضرائب و لا يلقي في المقابل الرعاية الصحية المجانية و لا السكن اللائق و لا التعليم اللائق بأبناءه دون الحديث عن هدر الأموال و الموارد البشرية و المادية في قضايا لا تمت بصلة بواقعه المعاش.
أذكر أنني في حفل العشاء لعيد الشكر في مدينة لوس أنجلس في شتاء 2006، قابلت سيدة أمريكية و تبادلنا أطراف الحديث حول الإنتخابات الأمريكية التشريعية آنذاك و التي أعطت تقدما طفيفا للديمقراطيين علي حساب الجمهوريين فقد خاطبتني بهذه اللهجة و وافقها الحضور علي كلامها:
’’أنا جمهورية لكنني صوت لصالح الحزب الديمقراطي رغبة مني في معاقبة إدارة بوش، التي ورطتنا في حرب العراق، ماذا نفعل في العراق و نحن هنا نغرق في مشاكل البطالة و العنف؟ دولة العراق لم تهاجم أمريكا أو مصالحها لنهاجمها، لهذا أنتظر من الحزب الديمقراطي أن يفي لنا بوعوده و يخرج بلدنا من حرب خاسرة و عبثية.’’
هذا الرأي عبر عن رأي شريحة هامة من المجتمع الأمريكي و رجل مثل شاك هاغيل، فهم رسالة هذه الشريحة الشعبية و هو يعمل عبر وزارته قدر المستطاع ليمكن لتيار فكري و إستراتيجي قديم جديد في الإدارة الأمريكية، فهو يريد للأمريكيين أن يستعيدوا سيادتهم علي القرار السياسي و العسكري بعيدا عن وصاية اللوبيات و سلطة المال القذر.
و مثل هذه الإرادة الواعية لديه تضع وجوده في حكومة أوباما علي المحك، فمعالجته للملف المصري بعد ما جري الإنقلاب علي رئاسة السيد مرسي الشرعية أظهره بمظهر المنافس لخط وزير الخارجية الأمريكي السيد جون كيري اليهودي الديانة. فبقدر ما إرتاح السيد كيري للإنقلاب العسكري في مصر بقدر ما إنزعج منه السيد هاغيل وزير الدفاع الأمريكي، فالرجل قبل أن يقود وزارة الدفاع الأمريكية كان و لا يزال يعتبر نفسه مواطنا أمريكيا ملزما بالخضوع لسلطة القانون و ما فعله الجنرال سيسي و جماعته في مصر هو تحديا صارخا للقانون، الذي هو حجر الأساس في البناء الديمقراطي.
و لنعد إلي تصور الرئيس أينزهاور لدور الدفاع في حياة مجتمع مثل المجتمع الأمريكي، فالرجل كان يؤمن بأن سلامة دولة و صحة النهج التي تسير عليه يتوقف علي مدي حسن إستغلالها للفرص و الخيارات المتاحة و الإستعداد الجيد للتحديات و التي طرحها في الأعلي السيد هاغيل، فدولة عظمي مثل الولايات المتحدة الأمريكية و التي تعاني منذ قبل أزمة 2008 من ترنح مالي و إقتصادي خطيرين لا تستطيع الإستمرار علي الوضع الذي هي عليه إن لم تقع مراجعة جادة لأداء السلطة التنفيذية في الخمسين سنة الأخيرة و السيد هاغيل بدأ هذه المراجعة عبر خطابه هذا و منذ تسلمه لحقيبة الدفاع علي الأقل علي مستوي وزارته. و مثل هذه السلوك الواعي و الجاد يكفل علي المدي المتوسط علي الأقل عملية ترشيد دور الجيش الأمريكي داخل حدوده و خارجها. فالأمريكيون في حاجة إلي ضبط مفهوم الريادة الحضارية، و ما تكلفه ماديا و تقنيا و بشريا. و هذه المهمة الجليلة أمثال السيد هاغيل قادرين علي التصدي لها، لأنهم ببساطة يتوفرون علي عوامل أخلاقية حاسمة : النزاهة و الإستقامة.
و قد علق السيد هاغيل عما قاله الرئيس اينزهور عن الإدارة الحكيمة و الحذرة ’’كقائد عسكري سابق تخرج من هذه الجامعة و قبل الأزمة المالية الكبري ل1929 فالرئيس أينزهاور كان علي علم بما يقول.’’’’المشهد الأمني في 2013 يختلف في طابعه عما كان سائدا في 1960 أو ما كان في العالم منذ سنوات قليلة. لكن كلام أينزهور لا يزال يرن صادقا اليوم.’’
و هنا نلحظ حرص السيد هاغيل علي التذكير ببعد نظر الرئيس أينزهاور و حكمته، و هذا يذكرني بحرص الرئيس كنيدي في عهدته علي التشاور مع الرئيس أينزهاور في العديد من القضايا، علما منه بأن البطل العسكري الأمريكي السابق في الحرب العالمية الثانية كان يمتلك من البصيرة النافذة في أمور الشأن العام السياسي ما كان يخوله أن يكون خير ناصح له.
و بالمناسبة أي رجل سياسي إن لم يختار ممن يأخذ النصيحة في مجال عمله فهو رجل فاشل، ففي أمر جلل مثل إدارة شؤون الرعية علينا بإختيار المستشارين الأمناء الصادقين الذين لا يجاملون أحد علي حساب أحد.
لنكمل ما جاء علي لسان وزير الدفاع الأمريكي السيد هاغيل :
’’تخرج الولايات المتحدة الأمريكية من عشرية حرب في العراق و أفغانستان، لكن تهديد التطرف العنيف لا يزال واردا و لا يزال يصدر عن الدول الضعيفة و المناطق الغير المتحكم فيها في الشرق الوسط و شمال إفريقيا.’’
لي تعقيب علي هذه الجملة للوزير الدفاع الأمريكي، فالرجل أشار بشكل غير مباشر أن الحربين اللتان خاضتهما أمريكا في العراق و أفغانستان لم تقضيا علي ظاهرة التطرف العنيف بل أصبح التهديد آت من دول ضعيفة و أماكن لم تبسط عليها الحكومات سيطرتها في منطقة (مينا)
و نلاحظ أنه لم يستعمل مصطلح الديني ليصف التطرف، فهو أطلق صفة العنف علي التطرف فقط و لم يحدد هويته. و هذا أمر إيجابي من وزير دفاع أمريكي إلا أنه أشار بوضوح إلي مكامن الخطر القادم من منطقة الشرق الأوسط، شمال إفريقيا و مثل هذا الخطر ليس عاديا بالنسبة لجيش أمريكي نظامي، فالذي هزم الجيش الأمريكي في العراق و أفعانستان و الصومال و الفيتنام هي حرب العصابات و ليس جيوش نظامية.
لكن أن يبدأ وزير الدفاع الأمريكي بالإشارة إلي خطر التطرف العنيف أولا، نقرأ هنا الأهمية القصوي التي تعطيها الإدارة الأمريكية إلي خطر أصبح حقيقة ماثلة للعيان في واقع المواطن الأمريكي و العالمي علي السواء.
ثم ينتقل السيد هاغيل في فقرة موالية لذكر مخاطر من نوع آخر و تتمثل في :
’’إنتشار أسلحة و أدوات خطيرة، تطور القدرة العسكرية في المجال التكنولوجي لدي بعض الدول و بعض الأطراف التي لا تخضع إلي سلطة قانون، مخاطر النزاعات الإقليمية التي بإمكانها جر إليها الولايات المتحدة، مصير الفئات الفقيرة اليائسة، مثل التدهور البيئي و ما يترتب عنه من نتائج غير مؤكدة.
الهجومات الإلكترونية –و التي سجلناها في العشرية الماضية كتهديد- و قد تنامت و أصبحت تقرر التحدي الأمني، مع إحتمال وجود أعداء يبحثون عن مهارة تمكنهم من ضرب الأمن القومي الأمريكي، المجال الطاقوي، الإقتصادي و البنية الأساسية مع ميزة البعد و عدم التعرف علي هويتهم. ’’
و لعل السيد شاغيل في طرحه لعدد من الأخطار المتنوعة في عمقها و بعدها و أشكالها أراد أن يذكر الجميع بأن نوعية هذه الأخطار أخطر بكثير من الأعداء التقليديين لأمريكا و أن مهمة وزارة الدفاع الأمريكية متشعبة للغاية بالنظر لتشعب المخاطر و توزع الأمن القومي الأمريكي بين الكثير من المجالات الحيوية.
ها أننا رأينا ما يؤرق بال وزير دفاع أمريكي مثل السيد شاك هاغيل و علينا الإقرار أن طبيعة الأخطار تتغير بفعل التطورات السياسية و العسكرية و نسق التطور العلمي و التقني، ففي عهد الحرب الباردة كانت المواجهة بين قوتين عظميين صاحبتا ترسانة نووية مخيفة و كان التحدي القائم في تخفيض نسبة التوتر بينهما بعزل السلاح النووي لعدم إستعماله، واقع الحال في أيامنا يختلف بشكل نوعي عما كان عليه الوضع فيما مضي و قد أشار بقوة السيد هاغيل إلي خطر التطرف العنيف و هذا الإجرام الذي عانت من ويلاته أمريكا في 11 سبتمبر 2001 و ذاق مرارته الشعب الجزائري لم يقارب عشر سنوات في تسعينيات القرن الميلادي الماضي يجعلنا معنيين بطريقة أو أخري بضبط إستراتيجية وقائية و قد لجأت الولايات المتحدة الأمريكية إلي وسائل مثيرة للنقاش مثل قانون ’’باتريوت آكت’’ و الذي توجه أساسا باللائمة و الشبهة نحو الجالية المسلمة المقيمة في الولايات المتحدة الأمريكية و قد سجل هذا القانون عدة تجاوزات إنتقدها بشدة بعض شيوخ المجلس الأمريكي مثل السيناتور إدوارد مور كنيدي الراحل الذي عارض حبس الناس بدون محاكمة و أخذ بصماتهم لمجرد أنهم يحملون ملامح عربية و التجسس علي المكالمات الهاتفية و قد رأينا مؤخرا كيف أن برنامج ’’بريسم’’ للتجسس الإلكتروني و الذي كشف عن وجوده العميل السابق السيد إدوارد سنودن، عري ممارسات الدولة الأمريكية و كيف أنها تجرأت حتي علي التجسس علي شركاءها و لكن بحسب تصريحات بعض القائمين علي مثل هذه الإستراتيجية الدفاعية :
كل شيء مسموح به للحفاظ علي أرواح المواطنين الأمريكيين، ليس هناك خط أحمر علينا بإحترامه.
و هنا يأتي دور وزير الدفاع الأمريكي شاك هاغيل بضبط بعض المفاهيم الضرورية للإبقاء علي حد أدني من التعاون بين الشركاء و التنسيق الدولي في قضايا حساسة تمس بالأمن القومي للدول و الشعوب.
فنحن رأينا أن إختلاف أشكال التهديد الأمني، أجبرت الدول فيما بينها و خاصة علي مستوي أجهزتها الإستخباراتية و الأمنية إلي تكثيف التواصل فيما بينها و تبادل المعلومات، فالحائز علي المعلومة الأمنية كالحائز علي كنز، لهذا أول ما تتفق عليه الدول في تعاونها الثنائي يكون في المجال الأمني و بالنظر إلي تشعب التهديدات أصبحت الولايات المتحدة الأمريكية مرغمة علي تبادل المعلومات مع شركاءها و بقية الدول التي تربطها بها إتفاقيات تعاون كمحاربة الإرهاب بكافة مظاهره.
فالتطور التقني المذهل يمكن مجموعة من الناس بمبلغ ضخم من المال أن تحوز علي أسلحة دمار شامل، فتجارة الأورانيوم المخصب الغير الشرعية مزدهرة في دول مثل أوكرانيا، لنتصور حجم الخطر المحدق بنا من جراء التجارة في المواد المشعة !
لهذا يبدو كلام السيد هاغيل عن الواقعية المطابقة لقيم المجتمع الأمريكي كأنه يتعرض إلي صميم مهمة بلده الدفاعية، فمواجهة مثل هذه الأخطار المتنوعة و المتحولة يدفع دفع المسؤولين الأمريكيين إلي تحمل مسؤولياتهم كاملة مع مقاربة أخلاقية لهذه المسؤوليات، فمن المعلوم أن الإدارة الأحادية للعالم أصبحت غير ممكنة و هذا بسبب بروز قوي ناشئة مثل الهند و البرازيل و جنوب إفريقيا دول تعول عليها الصين و روسيا لإحداث توازن جيوسياسي، لهذا يتعين علي وزارة الدفاع الأمريكية أن تتجاوب مع مخاوف الجميع و أن تعتبر الأمن الأمريكي يمس بالدرجة الأولي الجميع، فأي تجاوزات لن تكون في صالح الإدارة الأمريكية. فأن يتحدث عن الواقعية السيد هاغيل فهذا أمر إيجابي، ينبأ برؤية أكثر تجاوبا مع طموحات الشركاء التقليديين و الغير التقليديين.
فأن يقول وزير الدفاع الأمريكي ما يلي :
’’الولايات المتحدة الأمريكية العسكرية تبقي أحد أدوات قوة أمريكا، لكن علينا بإستعمالها بذكاء و برغبة في معرفة حدودها.’’
و هذا تقدير جيد من طرف السيد شاك هاغيل، قوة أي دولة كامنة في جهوزيتها العسكرية إلا أن الأمر يبقي رهين حدود هذه الجهوزية و مدي حسن توظيفها. نقطة هامة أخري تعرض لها في خطابه وزير الدفاع الأمريكي و هي :
’’أهم التحديات الأمنية الضاغطة في أيامنا هذه لها مكونات هامة ذات طابع سياسي اقتصادي و ثقافي و ليس بالضرورة تحل بالقوة العسكرية التقليدية.’’
و قد أعطي في هذا المضمار مثال هجومات 11 سبتمبر الإجرامية، فالهجوم لم يكن تقليدي و لم يقابل الولايات المتحدة الأمريكية ترسانة عسكرية بل 19 شخص من المتطرفين مزودين بسكاكين صغيرة و بتذاكر ذهاب فقط.
فقد فهم متأخرين المسؤولين الأمريكيين أن الحرب بشكلها المتعارف عليه قد تغيرت جوهريا و حتي التطور التقني في مجال الصناعة الحربية لم يؤثر علي ذهنيات العسكريين الأمريكيين بل 11 سبتمبر و حربي أفغانستان و العراق من تسببوا في إنقلاب في مفاهيم الحرب و إن كان سجل الجنرال كولين باول الأمر باكرا في حرب الخليج الثانية مع الجنرال شوازينكوف . فقد كان يتعين علي العسكريين الأمريكيين أن يدركوا بأن أقوي ساعد للجيش الأمريكي هو جهاز مخابراته، فالجهاز الذي كان يشرف عليه جورج تنيت في 2003 و في جلسة إستماع مع السيناتور غراهام رئيس لجنة الدفاع في مجلس الشيوخ، كان واضحا تماما و هذا قبل بدء الغزو الأمريكي للعراق:
’’العدو الحقيقي الذي يجب أن نحسب له حساب هي إيران و ليس العراق، فعراق صدام هذا البلد المحاصر لا يمثل خطرا داهما لأمريكا و لمصالحها.’’
هذه النصيحة الثمينة لم تأخذ بعين الإعتبار بل ألصقت بجهاز المخابرات تهم كفبركة الأدلة لشن عدوان عسكري علي العراق !
و ما عاينه عن قرب السيد هاغيل في العراق، فقد زاره و هو سيناتور جمهوري في مجلس الشيوخ، جعله يقتنع تمام الإقتناع أن ما سمي بالحرب الوقائية التي نظر لها رجال في البنتاغون كانت السبب الرئيس في سقوط الحلم الأمريكي في أذهان أكثر من خمسة مليار إنسان. لهذا نراه يؤكد علي أن بعض التحديات الأمنية الضاغطة و التي تتصل بمجالات مختلفة كالسياسة و الإقتصاد لا سبيل لحلها بالقوة العسكرية. ربما أكثر العارفين بكواليس الحكم في واشنطن يعلم بأن التحدي الحقيقي بالنسبة للسياسة الخارجية الأمريكية يبقي مطروح علي المستوي الداخلي، فالضامن لتوازن سياسي في المواقف هو إستقرار نسب التضخم و البطالة و الحد من مظاهر التلوث و العنف و أخطر من كل ذلك مواجهة نفوذ الجماعات النافذة التي تؤثر سلبا علي صانع القرار الأمريكي و الأمريكيون في حاجة ماسة إلي كبح جماح المجمع الصناعي العسكري، فهم لا يفهمون إلي حد الساعة لماذا ميزانية وزارة الدفاع تعادل ميزانية الدفاع لكل دول العالم!! و الهجوم الوحيد التي تتعرض له الولايات المتحدة الأمريكية بالأسلحة التقليدية يأتي من الداخل الأمريكي و مذبحة مدرسة نيوتن ليست ببعيدة عنا. ثم إن شاك هاغيل أثار مسألة هامة علي مستوي الإستراتيجية العسكرية و تتمثل في إيجاد موارد بشرية و مادية تخدم الشأن الأمني بالتوازي مع سائر المجالات الحيوية في المجتمع الأمريكي بمراعاة طبعا تغير طبيعة التحديات، لا تصلح الترسانة النووية للرد علي الهجومات الإلكترونية هذا و قد أشار وزير الدفاع الأمريكي إلي معسكر الدول التي طورت قدراتها العسكرية و الجماعات المنفلتة التي تسعي لإمتلاك أسلحة دمار شامل. فنري أن الأمن القومي لأي دولة في عصرنا الحالي رهينة مدي فهمنا لمقتضيات السياسة الرشيدة التي تعتمد الشفافية و الإستقامة الأخلاقية و القدرة الإقتصادية و التقنية لمواجهة أي طاريء.
في فقرة موالية قال السيد شاك هاغيل :
’’ اليوم تبرز مؤسسات الدفاع و في بعض الحالات تستعيد عافيتها، بعد عشرية من النزاعات المستمرة و هي تواجه تحديات إستراتيجية جديدة و تعمل بموارد أقل مما كانت تحوز عليه وزارة الدفاع.’’
’’و كما يعلم المستمعين، هذا التحرك و إعادة الجدولة بدأ. و قد شرع فيه فعليا السيد غايتس –روبرت غايتس وزير الدفاع الأمريكي السابق بين 2006 و 2011-و الذي إعترف بأن بئر المال ما بعد 11 سبتمبر 2001 قد أتينا علي نهايته. و تحت زعامته، عملت وزارة الدفاع علي تقليص نفقات التكاليف العامة في الخدمات العسكرية، و محو أو تخفيض عدد رئيسي من برامج متطورة و التي كان مردودها ضعيف أو لم تتجاوب مع متطلبات العصر الحقيقية.’’
علي الفور نسجل رغبة السيد شاك هاغيل في التحرر من أعباء الموازنة المضخمة و قد أشاد بعمل سابقه روبرت غيتس بإتخاذه قرار التوقف عن الإنفاق المبالغ فيه. هذا و قد تم الإستجابة لطلب الكف عن إعتماد التكنولوجيا المتطورة الغير المتماشية مع واقع التحديات. و هذا بدوره سيساعد علي تقليص النفقات الغير المبررة و التركيز علي مجالات أخري أكثر حاجة للإعتناء بها. و قد أشار إلي عمل السيد بانيتا المكثف مع الرئيس أوباما و هو الذي ترأس وزارة الدفاع قبل السيد هاغيل و كيف سعي الإثنان علي جدولة مصاريف هذه الوزارة و خفض نفقات الدفاع علي مدي عشر سنوات القادمة بقيمة 487 بليون دولار، بإعتبار أن تكوين وحدات أصغر سيكون إستثمار حقيقي في الإستراتيجية الجديدة. و تضمين ذلك إعادة ترتيب المركز الدفاعي في آسيا-الأطلنطي، و إعطاء الأولوية للقدرات الضاغطة كالهجومات الإلكترونية، العمليات الخاصة و الأنظمة الغير المسماة.
و بحسب السيد شاك هاغيل أخذت وزارته خطوات جادة نحو تقليص ميزانيات الدفاع، و بتخفيض النفقات و التكيف مع الإستراتيجية البيئية الجديدة. و هذا المنحي من طرف الأمريكيين ينذر بتحولات كبري في رؤيتهم لدورهم الإستراتيجي عبر العالم، فهم سيعملون حثيثا للحفاظ علي توازن القوي لصالحهم لكن بأقل عدد ممكن من الجنود و كلفة مالية أقل و بالمراهنة علي تطور تقني مجدي.
فلا ينبغي أن نعتقد بأن الدور الأمريكي سينحسر بل ما هو قائم هي مراجعة جادة لإعادة إنتشار أفضل و لدور أكثر فعالية و جهوزية.
هذا و قد أضاف السيد هاغيل في معرض حديثه عن مشاكل التمويل :
’’تكافح وزارة الدفاع الأمريكية تحدي مصادرة جادة و فورية-مما يجبرنا علي تقليص العام المالي الحالي بقيمة 41 مليار دولار و إذا ما إستمرينا علي هذا الحال سنضطر لبتر ما يساوي 500 بليون دولار للعشرية القادمة. فالتخفيض سينعكس بكل ثقله علي عمليات و عصرنة الحسابات و قد بدأ تأثيرها سلبا علي مفعول جهوزية القوة.’’
نلاحظ إذن أن المصاريف الكبيرة التي كان مسموح بها إبان 11 سبتمبر 2001، لم يعد من الممكن الإستمرار فيها و هذا طبعا سينجر عنه تراجع في مستوي الأداء العسكري، فقوة الولايات المتحدة الأمريكية تكمن في سرعة تدخل قوتها العسكرية في أي بقعة من العالم و هذا سيصعب من هنا فصاعدا. لهذا تبدو رؤية السيد شاك هاغيل هي الأنضج حاليا، لأنه أكد علي ضرورة ترشيد السياسة الخارجية لينقص التدخل العسكري قدر المستطاع و ليتمكن الجيش الأمريكي من حماية حدوده الأرضية و الجوية و البحرية مباشرة.
فأن يصرح بأن وزارة الدفاع حجبت مصاريف تنقلات المسؤولين و تسهيلات الصيانة. جمدوا التوظيف، و إيقاف الكثير من النشاطات الغير الهامة، هل ستساعد هذه الإجراءات التقشفية الصارمة علي الحفاظ علي القدرة العسكرية كما كانت من قبل ؟
طبعا لا و هذا النفي من السيد شاك هاغيل نفسه، فالرجل علي علم بأن الإمكانيات المالية الغير المحدودة ساهمت في مغالطة المسؤولين المدنيين و العسكريين حول مدي قدرتهم علي مواجهة الأخطار لكن قد آن الآوان بعد الحروب الخاسرة الأخيرة لتغيير الوجهة و الإستراتيجية، بحيث يصبح هم القائد العسكري في الحصول علي أقصي ما بإمكان الجيش أن يوفره لشعبه و دولته دون إسراف أو تبذير أو تضخيم في الميزانيات و بإعتماد الذكاء و الصرامة في التطوير و تقوية الجهوزية.
فهم السيد شاك هاغيل لعمق التحدي الذي يواجه إدارة الرئيس باراك حسين أوباما حفزه علي تقديم رؤية تجديدية دون التنكر لأصول إستراتيجية الدفاع الأمريكية. فهو يحضر للمستقبل دون مبالغة أو حسابات خاطئة، و بناءا علي ذلك فهو يدرس مجموعة خيارات و أولويات تتعاطي مع التقليص الحاصل في الميزانية. و ها هو يقول :
’’هدفي بالإشراف علي الخيارات الإستراتيجية و مراجعة التدبير و الذي يقوده نائبي السيد كارتر و الذي يعمل مع الجنرال دامسي هو التأكد من قدرتنا الواقعية في مواجهة التحديين الإستراتيجي و المالي.’’ و هذا التأكيد من وزير الدفاع الحالي مؤداه، رغبته في تأصيل رؤية مخالفة لتلك التي كانت سائدة في عهد الرئيسين كلينتون و بوش. فالمطلوب تحقيق الحد الأدني كتأمين جهوزية رفيعة مع إستغلال جيد للإمكانات و الفرص المتاحة. و عامل إحترافية الجيش الأمريكي رافع كبير يعين القادة العسكريين علي ضبط منهجية العمل.
و قد وعي السيد هاغيل ضرورة ربط الفرص المتصلة بموازنة مخفضة بأداء أكثر فاعلية و هيكلة أفضل. و قد سبق و أن تعرضنا للتحديات الجديدة المطروحة علي مستوي الدفاع، فالحروب اليوم ذات طابع إقتصادي بالدرجة الأولي، فلا نستغرب إذن أن برنامج تجسس بريسم ذهب و تجسس علي شركات النفط في البرازيل، فسباق الربح بين الشركات النفطية الأمريكية و المتعددة الجنسيات و بين شركات وطنية لدول مثل البرازيل أو روسيا يضفي علي دور الجيوش ميزات جديدة و وظائف جديدة.
فعملية التكيف وحدها تتطلب دراسة و تخطيط و تحديد إستراتيجية تلبي إحتياجات العقود الخمس القادمة، فأن نحصر المواجهة في الثقل العسكري هذا خطأ و الخطأ الآخر الذي ترغب في تفاديه القيادة العسكرية الأمريكية الإستفراد بدور الممول، فالأمريكيون عبر منظمة الأطلسي يريدون مشاركة أكبر من الدول الأعضاء في تغطية النفقات و تقاسم الأدوار، فهم يبحثون عن وسائل ناجعة للتخفيف الضغط و العبأ علي ميزانية الدفاع. و كما شرح السيد هاغيل فيما يلي :
’’من أوجه كثيرة أهم تحدي مالي علي المدي البعيد ليس إنخفاض في قمة خط الموازنة إنما تنامي إختلال توازن في وجهة الإنفاق الداخلي. تاركا النفقات المتصاعدة غير متحكم فيها لتبقي علي الهياكل الموجودة و المؤسسات، محدثة أرباح للموظفين و مطورة لقطع الغيار الأسلحة القديمة و هذا سيدفع بالمزيد من التموين و العمليات و الجهوزية و هذا ما لا تسمح به مراحل الموازنة للعسكريين.’’
نري المأزق الذي وقع فيه الجيش الأمريكي، فالتمويل بلغ الحد أقصاه و هم غير قادرين علي الإستمرار علي نفس النسق من جهة و من جهة أخري لهم أن يحافظوا علي الريادة و الذي يسعي إليه حاليا شاك هاغيل إمكانية تفعيل دور الجيش بحيث يصبح هم التمويل شأن متحكم فيه. و هذا لن يتم بين عشية و ضحاها، فجلسات الإستماع و تقييم ما هو موجود علي الأرض مع مقاربة لحالات الطواريء كلها عوامل تساعد علي ضبط رؤية سليمة لم يتوجب فعله و الشروع فيه في أقرب الآجال.
و كما وصف ذلك السيد هاغيل أمامهم :’’عمل شاق، قرارات صعبة و لنا أن نضع أولويات إستراتيجية.’’ ، ’’عراقيل سياسية و مؤسساتية عميقة تعرقل هذه الإصلاحات الضرورية و التي تحتاج منا أن نتجاوزها.’’
فالمهمة ليست سهلة، و حجم التحدي ليس هينا و التوجه الذي إختار المضي فيه السيد هاغيل لن يجلب له في كل الأحوال تأييد الجميع. لكن و بالنظر إلي الأوضاع القائمة داخليا و خارجيا، الخيارات محدودة أمام القادة العسكريين الأمريكيين، لهذا فعمل السيد هاغيل الدؤوب لأربعة سنوات القادمة إذا لم يقع تغيير علي رأس وزارة الدفاع أثناء ذلك سينصب بالأساس علي إحداث التغيير المنشود بأقل كلفة ممكنة.
فالهدف المرسوم لا بد أن يتبعه إعادة ربط الدفاع بمهام أخري لتخدمه، و هذا يتوقف علي مدي وعي الجميع في مؤسسة الحكم بواشنطن بمدي أهمية تحقيق تقدم ملموس في ضبط الموازنة العامة للدولة الأمريكية و هي المهددة في كل آن برفع سقف الإستدانة.
هذا و يمضي وزير الدفاع الأمريكي السيد هاغيل قائلا :
’’علي الوزارة أن تفهم التحديات و الإحتمالات، خطط للمخاطر، و نعم عليها الإعتراف بالفرص المتصلة بالموازنة المخفضة، و إعادة هيكلة أكثر فاعلية و فعلية.’’
’’و هذا التمرين ينطبق أيضا علي التكييف بين العمليات و الموارد-النظر إلي النهايات، الطرق و المعاني. و هذا الجهد بالضرورة سيقودنا إلي إعتبار الخيارات الكبري قد تؤدي إلي تغييرات جذرية و إلي وضع أولويات في إستعمالنا للموارد. و التغيير الذي نعنيه ليس من نوع المطابقة البسيطة مع الهياكل و المعاملات الموجودة بل هو بالضرورة عملية صياغة كاملة لأشكال جديدة تتماشي و حقائق القرن الواحد و العشرين و تحدياته. كل هذا مع الهدف المؤكد لقدرة أفضل في تطبيق القيادة الإستراتيجية التي وضعها الرئيس.’’
’’بالرغم أنني معني بالكثير من البرامج الرئيسية التي وقع تقليصها في الأربعة السنوات الماضية، لازالت إستراتيجية العصرنة العسكرية تابعة لأنظمة مكلفة و تقنيا تتضمن مخاطر، أكثر مما وعدنا أو وازنا.’’

نلحظ هنا هموم وزير الدفاع الأمريكي، خفض الموازنة الدفاعية يترتب عنه إعادة نظر كلية في نظم الدفاع العسكرية و ترتيب أولويات الإنفاق و هذا لا محالة يتسبب في إضطراب لمدة معينة، تقصر بسرعة التطبيق و الحد من الإنعكاسات السلبية في مختلف المجالات الحيوية، فعلي قوة الرد العسكرية أن تعتمد علي النوعية و حسن رسم الأهداف. تقوم التغييرات الجذرية في الميدان العسكري علي التوظيف الذكي للموارد كانت بشرية أو مادية، و هنا يلزم للقيادة العسكرية الأمريكية أن تراهن في إستراتيجيتها علي خطط دفاع تراعي أول ما تراعي خفض التمويل. فالدفع الذي سيعطيه هذا التقليص الهام و الرئيسي يجعل من واضعي الخطط العسكرية، بإمكانهم التحكم في المدي القصير علي الأقل في قدرة الجيش الأمريكي علي مواجهة أي طاريء، خاصة أن حروب أفغانستان و العراق زودتهم بتصور مختلف للحرب التقليدية بشكل أكثر حدة من حرب الفيتنام مثلا. فنحن نكون قد سجلنا عمليات التدخل العسكرية التي تقوم بها فرق مدربة تدريب فائق في مختلف بقاع العالم و آخرها تلك التي وقعت في ليبيا لخطف السيد أبو أنس الليبي و مثل هذه التدخلات العملياتية الإستخباراتية أصبحت عرفا قانونيا لدي الجيش الأمريكي، يتيح لهم إقتياد أي شخص مشكوك فيه أي كان مكان تواجده.
هذا و من جانب آخر يولي السيد هاغيل إهتماما كبيرا بقدرة وزارته علي تحمل أعباء عصرنة عسكرية، و الإيفاء بالوعود التي قطعها أمام مجلس الشيوخ فيما يخص ضبط الإنفاق العسكري. و المفارقة أن تطوير القدرة العسكرية وفق منظومات تقنية مكلفة صارت تتجاوز وزير الدفاع نفسه. فهو مقيد بخطة عمل تتيح لوزارته التخفيف بنسبة كبيرة من حجم الموازنة و من جهة أخري فهو ملزم بالمضي قدما في برنامج العصرنة.
إلا أن السيد هاغيل حريص كما قال :
’’لن تستغرق برامجنا مزيدا من الوقت أو مزيدا من التكاليف بل ستبرز إلي الوجود قبل موعدها.’’
هذا و يتوجه وزير الدفاع الأمريكي إلي الجنود و الضباط و عائلاتهم و الذين عرفوا لحوالي إثنا عشر سنة حالة الحرب، فهو يتساءل :
’’كم لدينا من الناس عسكريا و مدنيا ؟ كم نحتاج ؟ ماذا يفعل هؤلاء ؟ و كيف نعوضهم علي عملهم ، خدمات، وفاءهم مع رواتبهم، أرباحهم و الخدمات الصحية. هذا يفرض علينا أسئلة صعبة :
أسئلة صعبة مثل :
ما هو الخلط الصحيح بين التوظيف العسكري و المدني في الوزارة و مختلف مكوناته ؟
داخل القوة ما هي الموازنة الصحيحة بين الضباط و المجندين ؟
لا نقبل بالضرورة ذلك المطلب المكرر و الذي يدعي وجود 300 ألف أعضاء خدمات تحتل مناصب تجارية و مدنية، ما هو التوزيع الملاءم للقوات القادرين علي تطوير المعارك، تقديم الدعم و القيام بالوظائف الإدارية ؟’’
و السيد هاغيل علي علم بأنه منذ الحرب الباردة قد تقلصت قوات العمليات العسكرية من ناحية العدد و هذا علي مستوي الكتيبات، -فرق البواخر و أطقم الطيران العسكري- و إذا ما عددنا مختلف المصالح، نجد ديوان وزير الدفاع، الفريق التابع، غرفة القيادة، وكالات الدفاع، حقل النشاطات، وكالة صواريخ الدفاع مع وكالات التأمين الصحي، المخابرات و الدعم التعاقدي. و كما إعترف السيد هاغيل فهم في حاجة إلي إعادة النظر في تمويل مثل هذه النشاطات و هذا لن يكون سهلا. هذا و قد أكد علي أمر :
’’الشأن العسكري لا يعمل و لا يجب أن يكون أبدا مثل شركة.’’ و هذا يذكرنا بتوصية الرئيس دوايت أينزهاور الذي ألح علي فصل وزارة الدفاع و هم الدفاع ذاته عن القطاع الخاص و ما يتضمن من صناعة حربية. فلا خيار أمام القيادة العسكرية الأمريكية سوي مراجعة جادة و كيفية أداء التغيير بشكل أفضل.
قال السيد هاغيل في نهاية خطابه :
’’أي كانت الإعتبارات فنحن في حاجة إلي نظرة ناقدة لقدراتنا و التأكد من أن قوة الهيكلة و تطوير الخطط يتماشي بشكل مباشر و حقيقي مع إستراتيجية الرئيس.
حجم و شكل القوة يحتاج إلي تقييم مستمر كي نحدث توازن بين الإحتياط و المجندين، و الإنسجام بين القدرات التقليدية و الغير التقليدية، الهدف العام و العمليات الخاصة للوحدات، و التوازن أيضا بين القوات المستقرة في المقدمة، و التي تتداول علي الإنتشار و القوات الأخري المعسكرة داخل حدودنا. و نحتاج دائما إلي معرفة إلي أي حد نتبع شركاءنا و حلفاؤنا، ماذا نتوقع منهم في ميدان القدرات و القدرة و وضع هذه الحسابات في المدي القصير و الطويل في مخططاتنا.’’
لعل أهم نقطة أصاب فيها وزير الدفاع السيد هاغيل هي الحاجة المستمرة للمتابعة و للتقييم، فلا بد لأي جيش بقوة عتاد و إنتشار الجيش الأمريكي أن يصيغ وجوده وفق إحتياجاته مع رسم للأهداف المبتغاة في حالة سلم و حالة حرب. ففترة ضخ الأموال بلا هوادة و تجنيد كل إمكانيات البلاد الأمريكية في حربين أفغانستان و العراق تبعه إستنزاف حاد لموارد مادية جعل كيان وزارة الدفاع الأمريكية في مأزق رهيب و الأسئلة الصعبة التي طرحها شاك هاغيل حول المورد البشري و كيف أن عملية إدارته ليست بالهينة علي الإطلاق، فالكادر الوظيفي في مجال الدفاع أصبح عبأ ثقيلا مما أدي إلي ضبط الحاجة الماسة إلي الوجود البشري في قطاعات معينة. و تحقيق مثل هذه المهمة في غاية الصعوبة بإعتبار أن الفرد أي كان موقعه في الوظيفة فهو يمثل عائلة و نمط معيشة الآلاف من المواطنين الأمريكيين المرتبطين بالمجال العسكري سيتأثر حتما سلبا.
’’ قلب القوة التي نملك، تثبت بأن الولايات المتحدة الأمريكية كانت دائما تتكيف مع الوقائع الجديدة، حتي و إن كانت الموارد شحيحة.’’
و هذه المقدرة التي أشار إليها شاك هاغيل تمثل إحدي أهم ضمانات الريادة بالنسبة لجيش في حجم الجيش الأمريكي. فهو سريع التأقلم مع المتغيرات و إن سجلنا فشلا ذريعا في جر المجاهدين الأفغان إلي حرب مواجهة مكشوفة. هذا و لازالت جيوش أمريكية، بريطانية و فرنسية تعاني من جهل فاضح فيما يخص محاربة أعداء مجهولين لا يحملون وجوه أو هويات معلومة، سريعوا التنقل و الإفلات و قد رأينا حرص السيد هاغيل علي جعل الجيش الأمريكي يتعاطي مع تقدم تقنيات المجرمين في العدوان و الإبتزاز و عملية التكيف ذاتها مرحلة لا مفر منها.
’’هدف قيادة هذه الوزارة اليوم هو التعلم من الحسابات الخاطئة و الأخطاء التي إرتكبت بفعل ركود ماضي و إتخاذ القرارات الصائبة التي تدعم قوتنا العسكرية و تطور مصالحنا الإستراتيجية و تحمي جيدا أمتنا في المستقبل.’’
هذا الهدف صعب المنال جدا في ظل أوضاع مالية غير مستقرة و أزمة إقتصادية خانقة، هل تستطيع الولايات المتحدة الأمريكية مع أضخم مديونية يشهدها العالم أن تستمر في الريادة ؟
يقول السيد هاغيل أنه لا يتمني أن يرث أبناءه عالما لا تقوده أمريكا:
’’ما يميز أمريكا ليس قوتها، فقد عرف العالم قوة أعظم. هدف أمريكا و إلتزامنا بجعل الحياة أفضل لكل الناس. نحن حكماء، دولة مستقرة و محتاطة، كرماء و متواضعين مع هدفنا. هذه هي أمريكا التي ندافع عنها جميعا، مع الهدف و الثقة في الذات ’’للرجل المستقيم المسلح.’’
في إعتقادي المتواضع، لا تتماشي الإستقامة و السلاح.
إنتهي
**كاتبة جزائرية
من اعمال الباحث
أضافة تعليق