مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب

2016/03/12 04:08
لا تلوموا اللاجئين لبحثهم عن حياة أفضل

بقلم السيدة أنجلينا جولي بيت و السيدة أرمينكا هليك
ترجمة عفاف عنيبة

لنتحكم في هذه الأزمة لا بد لنا من وضع كأولوية هروب العائلات من الحرب مقارنة بالهجرة لأسباب إقتصادية.

لم نحتاج في أي وقت مضي في تاريخنا المعاصر إلي ريادة تتعامل مع نتائج و أسباب للأزمة الشاملة للاجئين كما هو الحال اليوم. لا شيء ينقل هذه الحقيقة إلي بيوتنا مثل منظر طوابير اللاجئين يمشون عبر الحدود الأوروبية قادمين من دول مثل العراق، أفغانستان و سوريا.

نتجت عن النزاع السوري أمواج من المعاناة الإنسانية و التي بدت للعيان خارج البلاد عبر دول المنطقة و قد وصلوا الآن أطراف أوروبا.

يهرب السوريين من البراميل المتفجرة، أسلحة كيميائية، الإغتصاب و المذابح، فقد تحول بلدهم إلي حقل قتل. لا يجب أن نستغرب أن الشعب الذي عاني من الحرب لسنين و الذي عاش كلاجيء في معسكرات بوجبات محدودة قد أخذ علي عاتقه قرار تقرير مصيره بنفسه و أيديه.

كم منا بإمكانهم أن يقولوا بنزاهة و هم مرتاحين في أحذيتهم أنهم لن يقوموا بنفس الشيء معرضين للخوف و غياب الأمل و غياب مفضوح للإرداة الدولية في وضع حد للنزاع.

نحن تضامنا مع السوريين عندما نادوا إلي حرية سياسيةو  إقتصادية لبلدهم، نحن نشعر بالغيض أمام صور عائلات مقنبلة في بيوتها، و الأطفال الذين نستخرجهم من الركام و المدن التي إنتشر فيها المتطرفين. في كل مكان في أوروبا يستحق منا اللاجئوون السوريين رحمتنا. أسابيع قليلة إلي الخلف رأينا أعضاء من الجمهور و عدد متنامي من الزعماء السياسيين إتخذوا مواقف أخلاقية و استقبلوا مجموعة من اللاجئين و عرضوا إلتزامات جديدة بتقديم العون. لأول مرة من سنين، يتصدر اللاجئين نشرات الأخبار و هم في مقدمة النقاش. نحن في حاجة إلي الإعتماد علي كل هذا و جعله منعرج مهم في أفهام الجماهير ليس فقط النزاع السوري لكن مجمل أزمة اللاجئين. و هذا لا يتطلب فقط التعويل علي قلوبنا لكن أيضا علي رؤوسنا و ليس فقط للمساعدة بل أيضا تفعيل الديبلوماسية و تركيز جهودنا ليس لهذه السنة فقط و إنما أيضا للسنوات المقبلة.

علينا بمواجهة حقائق قاسية:

أولا لا بد لنا من تحديد المسؤولية ليس بالنظر إلي عامل الجغرافيا كحادث عرضي و إنما إنطلاقا من تأييدنا إلي عالمية حقوق الإنسان و القيم. و هذا يتخلل الدين الثقافة و العرقية، ليس لنا أن نصل إلي أدني عامل مشترك كرد علي أزمة اللاجئين بل علينا بالكفاح لنعيش أعلي المثل.

كل دولة في العالم، ليس فقط في أوروبا عليها أن تكون جزء من الحل.

ثانيا، ليس هناك سؤال يقيس موجة اللاجئين الحالية في أوروبا و التي تطرح تحديات علي المستوي السياسي و الإجتماعي و الإقتصادي لدول الإتحاد الأوروبي.

حينما نذيع هذه الحقيقة، لا نستطيع محوها بسهولة. إنها تضع مسؤوليات خاصة علي عاتق الحكومات لإيجاد موارد تتعامل مع ما يترتب من نتائج داخلية و مساعدة اللاجئين للإندماج، تحمل جيران سوريا لسنين مزيد من الأحمال بكرم مثالي و هم في حاجة إلي مزيد من المساعدة. كل دولة، كل حكومة بحاجة إلي خطة واضحة تتفق مع واجباتها الدولية و تتماشي مع إحتياجات مواطنيها.

ثالثا إلي حين بروز حالة الإستعجال علينا ان نعي الفرق بين المهاجرين الإقتصاديين ممن يحاولون الهروب من الفقر المدقع و الآخرين الهاربين حماية لأرواحهم، علينا بإحترام الحقوق الإنسانية و كرامة  كل الناس الذين هم في مثل هذه الظروف المأساوية و إحتياجهم للفهم.

لا يحق لنا أن نندد  بطموح أي شخص في حياة أفضل، لكن يواجه اللاجئين حاجة ملحة و عاجلة لإنقاذهم من الإضطهاد و الموت و حقوقهم نص عليها القانون الدولي. و هذا التصور الفعلي و العرض ايضا هما من الأهمية بمكان، ما يسمح لنا بتحليل و توسعة الحماية لمن يحتاجونها أكثر. و بما أننا نرحب أكثر باللاجئين علي حدودنا، سينمو المشكل و يمتد زمنيا كما هو الحال مع إستمرار النزاع في سوريا.

لا نستطيع إعطاء مخرج للأزمة، لا نحله بشكل بسيط، كأخذ عندنا اللاجئين، علينا إيجاد طريقة ديبلوماسية لإنهاء النزاع. إنه لمن المفزع أنه منذ إندلاع الحرب في سوريا، لم يزور المنطقة مجلس الأمن الأمم المتحدة، زيارة يراها الكثير منا كبداية نقطة إنطلاق للحل الديبلوماسي، مبادرة السلام التي بدأت في جنيف لأربعة سنوات للخلف تراجعت و العزم الذي لمسناه في مفاوضات الملف النووي الإيراني لم نراه يتجسد في سوريا.

في الختام، لا بد أن ننظر إلي الوضع علي أنه جزأ لأزمة أكبر و أوسع للإدارة الشاملة. في العشر السنوات الأخيرة تضاعف عدد الناس المضطرين للهروب عبر العالم إلي 60 مليون.

و هذا لا يطاق و فوق طاقة المنظمات الدولية الإنسانية. و قد أدي بنا إلي هذا الوضع الفشل المنظم لحل النزاعات. لا احد بإمكانه أن يصور لنا وضع العالم كما تصفه حركة تنقل الناس عبر الحدود. حان الوقت لنري حلول طويلة المدي و الإعتراف بأن الحكومات مطالبة بإيجاد أجوبة و ليس اللاجئين، فهذه ليست أول ازمة لاجئين نواجهها، و لن تكون الأخيرة. من أوروبا إلي أمريكا بنيت دولنا علي تقليد مساعدة اللاجئين ما بعد الحرب العالمية الثانية إلي نزاع البلقان في التسعينيات.

الطريقة التي سنجيب بها اليوم ستؤكد أي نوع من الدول نحن، عمق إنسانيتنا و قوة ديمقراطيتنا.

أنجلينا جولي بيت مبعوثة خاصة  لرئيس لجنة الغوث و اللاجئين للأمم المتحدة.

أرمينكا هليك عضو في مجلس اللوردات البريطاني و لاجئة سابقة لحرب التسعينيات في البوسنة و الهرسك
أضافة تعليق