مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب

2014/08/17 20:10
السودان يستطيع رفع دعوى أمام محكمة العدل الدولية
السودان يستطيع رفع دعوى أمام محكمة العدل الدولية
خبير قانوني يؤكد أن قرار اعتقال البشير غير مُلزم ’’ولا قابل للتنفيذ’’
قال دبلوماسي سابق وخبير في القوانين والعلاقات الدولية إن قرار المحكمة الجنائية الدولية باعتقال البشير غير قابل للتنفيذ عن طريق مجلس الأمن، ولا ملزم للدول بما فيها الموقعة على معاهدة روما التي تتبعها المحكمة.

وفسر نائب وزير الخارجية المصري السابق أستاذ القانون الدولي بالجامعة الأمريكية بالقاهرة السفير عبدالله الأشعل، في حديث لـ’’العربية.نت’’، ذلك بعدم وجود علاقة للأمم المتحدة بهذه المحكمة سوى ما تقرره في نظامها من دور لمجلس الأمن في الإحالة والتأجيل.
وأكد أن المحكمة الجنائية لا تستطيع أن تجبر دولة على انتهاك حصانة الشخص الذي تطلبه المحكمة، سواء كان أساس هذه الحصانة هو قانونها الوطني أو القانون الدولي.

وأردف أن السودان يستطيع تحدي المحكمة الجنائية الدولية أمام محكمة العدل الدولية من خلال دورة طارئة للجمعية العامة للأمم المتحدة، تطلب فيه الرأي الاستشاري من المحكمة حول أداء المحكمة الجنائية ضد السودان. وأضاف أن السودان لو فعل ذلك، فسيكون سابقة مفيدة لعمل المحكمة الجنائية الدولية.

وعن الخطوة التي يجب أن يفعلها السودان قال ’’أعتقد أن السودان يجب أن يقوم بحملة مضادة على المستوى القانوني. فهناك فرق بين قرار معيب قانونياً من طرف المتهم وهو السودان، وبين قابلية القرار للتنفيذ’’.

وأصدرت المحكمة الجنائية الدولية أمر اعتقال ضد الرئيس السوداني عمر حسن البشير الاربعاء 4-3-2009، بتهم ارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب في دارفور.

دعوى مباشرة من السودان
وشرح الأشعل: قانونياً يستطيع السودان تحدي هذا القرار في دعوى مباشرة لأول مرة في التاريخ أمام محكمة العدل الدولية، حيث يمكنه كدولة طرف في نظامها أن يرفع الدعوى، كما يجوز رفع الدعوى على غير الدول استثناء على ما ورد في النظام الأساسي للمحكمة، واستناداً إلى الرأي الاستشاري للمحكمة العالمية والصادر عام 1949 في قضية التعويض عن الأضرار الناجمة عن خدمة الأمم المتحدة، حيث أصبحت المنظمات الدولية بدءاً من الأمم المتحدة تتمتع بالشخصية القانونية الدولية.

واستطرد: من ناحية أخرى، فإن الدعوى تدخل في اختصاص محكمة العدل الدولية، وهو بحث النزاع حول معاهدة دولية، وهي في الواقع معاهدة روما التي يقوم موقف السودان منها على أساس القانون الصحيح، وكذلك تفسير اتفاقية الأمم المتحدة لقانون المعاهدات خاصة المادة 34 التي تؤكد نسبية أثر المعاهدة.

وأوضح أن السودان يستطيع تحدي المحكمة الجنائية الدولية أمام محكمة العدل الدولية من خلال دورة طارئة للجمعية العامة للأمم المتحدة، تطلب فيه الرأي الاستشاري من المحكمة حول أداء المحكمة الجنائية ضد السودان، في سابقة سوف تكون مفيدة لعمل المحكمة الجنائية الدولية.

أما مسألة قابلية القرار للتنفيذ، فيوضح الأشعل أن التنفيذ عن طريق مجلس الأمن غير وارد؛ لأنه لا علاقة بين الأمم المتحدة وهذه المحكمة سوى ما تقرر في نظامها من دور لمجلس الأمن في الإحالة والتأجيل، ومن الصعب أن يتدخل المجلس من الناحية القانونية أسوة بما هو حادث في حالة محكمة العدل الدولية، لسبب بسيط وهو أن نظام المحكمة جزء من ميثاق الأمم المتحدة، وأن عضوية الدولة في نظام المحكمة أثر من آثار عضويتها في الأمم المتحدة، كما أن الميثاق ينص صراحة على دور للمجلس في تنفيذ قرارات محكمة العدل الدولية.

الدول غير ملزمة بانتهاك الحصانة
ورداً على القول إن الدول الأطراف في نظام معاهدة روما ملزمة بالتعاون مع المحكمة الجنائية في تنفيذ أحكامها، قال الأشعل: هذا صحيح، ولكن هذه الدول أيضاً تستطيع أن تفلت من هذا الالتزام بموجب المادة 98 من النظام نفسه، وتنص على أن المحكمة لا تستطيع أن تجبر الدولة الطرف على انتهاك حصانة الشخص الذي تطلبه المحكمة، سواء كان أساس هذه الحصانة هو قانونها الوطني أو القانون الدولي.

وأضاف أن الدول غير الأطراف في نظام روما ليست ملتزمة أصلاً بهذا النظام مادامت ليست طرفاً فيه، ويترتب على ذلك أن أحكام المحكمة ليست ملزمة لها بأي طريق.

ووصف السفير المصري مذكرة اعتقال البشير بأنها قرار سياسي لا يقوم على أي سند قانوني، كما أنه يمثل سابقة بالغة الخطر؛ لأنها تستخف بمبدأ الحصانة وهي ركن ركين من أسس العلاقات الدولية.

وقال إن تفسير المحكمة لنظامها وبشكل أخص دور مجلس الأمن والقيمة القانونية لقرار إحالة الدعاوى إلى المحكمة، ومبدأ الحصانة في نظام المحكمة يبعث على القلق حول مصيرها، وحقيقة دورها في مساندة السلام والأمن عن طريق ملاحقة المجرمين، بينما لا يقوم عملها على أي سند من القانون، ما أثار الريبة في نفوس الدول التي خشيت أن يكون وضعها كطرف سبباً لاستهدافها، وأن كونها ليست طرفاً مثل السودان لم يمنع أيضاً من استهدافها.

وتساءل: كيف يمكن للمحكمة الجنائية أن تنفذ هذا الحكم في الوقت الذي تحاول فيه إرساء سابقة خطرة مخالفة للقانون الدولي، وإن كانت براقة وجذابة بالنسبة لمنظمات حقوق الإنسان، وكيف تثبت المحكمة تجردها ومصداقيتها القانونية أمام سيل المخالفات القانونية التي تحيط بقرارها، ثم كيف تدافع المحكمة عن الطابع السياسي المتحيز لعملها وهي تستهدف البشير، بينما تغفل عن مواجهة جرائم إسرائيل وأمريكا في فلسطين والعراق؟

وواصل بالقول: كيف نسكت على مخالفة أوكامبو لواجبات وظيفته في تسييس القضية وتسويقها إعلامياً، والامتناع عن أداء ما يلزمه به نظام المحكمة من ضرورة التحقيق في جرائم موثقة؟ وكيف تجرؤ المحكمة وتطمئن إلى مذكرة المدعي العام المدفوع سياسياً وتأكيده توفر القصد الجنائي عند البشير، بينما ترددت محكمة يوغوسلافيا بكل ثقلها وخبرتها في تأكيد هذه النية عند رئيس الصرب السابق الذي لا شبهة في خطورة جرائمه وتعليماته لجنوده بارتكابها خطياً؟

شهادة وفاة المحكمة
وأضاف الأشعل لـ’’العربية.نت’’: إن المحكمة الجنائية ’’كتبت بهذا القرار شهادة وفاتها بسبب حماقة المدعي العام وضحالة الخبرة القانونية لقضاتها، ومن واجب المجتمع الدولي أن يهب لإنقاذ حلم العدالة الجنائية التي لوثتها الحركة الصهيونية. إنها مؤامرة على السودان والأمة تحت ستار العدالة الجنائية’’.

وأشار إلى أن قرار الدائرة التمهيدية في المحكمة الجنائية الدولية صدر وسط حملة إعلامية وحرب نفسية هائلة ضد السودان والرئيس البشير، وبعد فشل الجامعة العربية والاتحاد الإفريقي في استصدار قرار من مجلس الأمن تطبيقاً للمادة 16 من نظام روما بتأجيل صدور القرار أو الإجراءات لمدة عام على الأقل يتاح خلاله لجهود التسوية أن تثمر، بدلاً من مناهضة البشير وملاحقته والضغط على المتمردين لتوقيع معاهدة أبوجا للسلام في دارفور.

وأضاف أن تعنت مجلس الأمن ودوره في الإحالة إلى المحكمة وفي رفض تأجيل الإجراءات أصبح دليلاً دامغاً على هذه المؤامرة على السودان، فالقرار صدر مؤكداً النية الإجرامية للرئيس البشير دون تحقيق وتدبر، بينما محكمة يوغوسلافيا السابقة أكدت في حكمها الأخير أنها لم تتمكن من تأكيد هذه النية الإجرامية لدى الرئيس الصربي السابق، رغم الجرائم الفاحشة ضد أهالي كوسوفا والتي قدمت إلى المحكمة موثقة.
*عن العربية نت
أضافة تعليق