بقلم: السفير د. عبدالله الأشعل
كشفت التطورات الأخيرة في قضية التمويل الأجنبي عن حقائق معروفة، وأخطرها أن مصر لا تزال خاضعة للولايات المتحدة، وأن فقدانها لاستقلالها في عهد النظام السابق تركة ثقيلة، والمطلوب هو انتزاع مصر من الهيمنة الأمريكية «الإسرائيلية» وأعوانهما من العرب؛ لكي تمارس دورها اللائق بها كدولة مستقلة. وتبدو خطورة المعركة في أنها تجيب عن سؤال جوهري لا يزال يتردد عبر العصور؛ وهو مصر لمن؟ مصر الآن ليست لشعبها وأمتها، ولا أثر يذكر لمن الأخرى رغم الثورة، ولذلك فإن معركة الرئاسة هي العنوان الذي تختفي تحته مختلف قوى المعركة لتحديد هوية مصر واستنقاذها؛ لأن مصر بحاجة إلى الاستقلال الثالث بعد استقلالها الشكلي عام 1922م، واستقلالها الحقيقي عام 1952م، ثم احتلال إرادتها بدول أجنبية بواسطة نظام ينتمي اسماً إليها، ولكن هذه الدول لا تزال تتمسك بهذا النظام وتريده أن يعود بأسماء أخرى من داخله بكل السبل غير الشريفة، بما في ذلك شراء أصوات الناخبين، وجدت في نفسها «البجاحة» في المجاهرة بهذا الفعل الفاضح؛ وهو اغتصاب مصر مرة أخرى استغلالاً لظروف مصر وجراحاتها. حكم العسكر القراءة الفاحصة للمشهد المصري الآن تكشف عن أن هناك صراعاً بين طرفين، الأول هو الشعب وثورته وأدواته، والطرف الثاني هو نظام «مبارك» بأمواله وتحالفاته العربية و«الإسرائيلية» والأمريكية والداخلية، والحكم بين الفريقين هو «المجلس العسكري».. الفريق الأول الوطني يكافح حتى ينشئ نظاماً جديداً، وينظِّف مصر من النظام القديم الذي رهن إرادة مصر لواشنطن و«إسرائيل» وبعض الأعوان في الإقليم، ويتسلح هذا الفريق بكل ما يعانيه المصريون على يد النظام السابق من فقر وهوان ومرض وضياع لمكانة مصر واحتلال إرادتها وتركيعها، ولكن هذا الفريق ينقصه الوعي الكافي بخداع أعوان النظام السابق. أما النظام القديم فلايزال قابعاً في أركان مصر، معوقاً لكل محاولة لكي ترفع مصر رأسها، متحكماً في الاقتصاد والمال، ولذلك استغل فقر الناس وراح مرشحوه للرئاسة ينفقون من أموالهم الحرام على شراء توكيلات الترشيح بلا حياء تحت سمع وبصر السلطة الحاكمة، ونستطيع بسهولة أن نقرر قولاً واحداً لوجه الله ووجه هذا الوطن الذي نريد أن نحرره من النظام وأذنابه؛ أن «المجلس العسكري» هو الذي يحكم في كل شيء في مصر، وأن ما نراه على السطح من حكومة ومجلس استشاري وغيره من الكيانات هي أعوان المجلس وأدواته، فتبدو مصر وكأنها تتجه إلى الأمام، ويتداول أعوان النظام مفردات كتلك التي يستخدمها العقلاء، ولكن قوى النظام تعمل بهمة بالمال والمؤامرات؛ حتى تدفع برئيس يرضى عنه المجلس وواشنطن و«إسرائيل» وأعوان واشنطن في المنطقة. مشكلة الشعب وهذا التحدي الأكبر ماثل للعيان، فالمرشحون قسمان؛ قسم وطني يريد مصر ومصلحتها، وقسم يعمل بالتعاون وتمويل الفريق الخارجي، والمشكلة هي أن الشعب في مجمله تم إفقاره في النظام السابق، واستمر الإفقار في الفترة الانتقالية التي لا تختلف إلا في الشكل عن مرحلة «مبارك»، والتركيز الآن على الفقر والحاجة المادية وعلى تغييب الوعي.. فالشباب الذي يقبل الرشوة لبيع صوته لمرشح النظام، يقابله شباب استشهدوا لتحرير إرادة هذا الشعب من الطاغوت. المعركة أطرافها معروفة، وساحاتها معروفة، وأدواتها المال، ووسائلها الرشوة وضرب الوعي عن طريق الإعلام الذي يشارك بهمة للقضاء على هذا الوطن، من خلف الستار تقف واشنطن و«إسرائيل» وأمامها أعوانها من عرب المنطقة، والصراع بين مصر التي تريد الحرية والرخاء، وبين هؤلاء الذين لا يريدون أن تتحرر مصر؛ فعمدوا إلى تزوير إرادة بعض أبنائها. كيف يستشهد شاب في سبيل الوطن، ويتلقى شاب آخر رشوة من أعدائه لقتل الوطن؟! وهذا الشاب وأمثاله هم ضحايا المرحلة «الديمقراطية». إنني أهيب بكل مواطن أن ينظر إلى المستقبل القريب، وألا يقبل رشوة القاتل المخاتل الذي يسب النظام السابق ويتبرأ منه، وهو من رموزه وأعوانه، ويندس في الثورة، وهي من أمثالهم براء؛ لأن كل جنيه يقبله مقابل صوته هو مساهمة طوعية آثمه في تمكين النظام الفاسد من مصر المستقبل. شباب الثورة لقد نجحت السلطة الانتقالية في مصر من التمكين للنظام السابق، وتظاهرت بأنها مع مصر الثورة، وساهم وزراؤهم ورئيس وزرائهم ولايزالون في تخدير المجتمع المصري، وأبسط دليل هو أن حكومة «شرف» وهي تحاول استنقاذ نفسها من السقوط ألقت في وجه الشعب بمشروع «العزل السياسي» المهلهل الذي لم يظهر في أي مناسبة، وفتح الباب لأذناب النظام بالمنافسة في الانتخابات، ووصلت بجاحتهم حداً بأنهم طالبوا بحقوقهم في الديمقراطية، وكان رأيي أنه لا حق لمن ثبت إجرامهم، ومن حق المجتمع أن يعزلهم بعد كل جرائمهم، ولكنهم تمكنوا دون استحياء من الترشيح، ولكن شباب الثورة وقف لهم بالمرصاد.. إنني أدعو شباب الثورة الذي أنهكه النظام، وشتت قواه، وغيَّب الآلاف منهم في السجون، بينما أتاح المجال للبلطجية سدنة نظام «مبارك» بالعمل بحرية ضد أمن المواطنين، أدعوهم أن يتجمعوا مرة أخرى وينطلقوا في معركة مصر. إن المعركة هي حول مصر لمن؟ لشعبها وأمتها العربية والإسلامية، بكل ما يعنيه ذلك من تحرير للإرادة وخدمة للمصالح الوطنية وريادة في الأمة، أم أن مصر لنظام فاسد ذليل سلب إرادتها وأخضعها لغيرها في العالم والمنطقة؟ يترتب على ذلك أن الوعي والمال هما أهم وسائل الصراع، فإذا كان الوعي الشعبي صافياً؛ انحسرت سلطة المال، وارتد المعتدون الآثمون على أعقابهم. معركة شرسة ولعلنا نلاحظ أن معسكر إخضاع مصر لا يظهر منه سوى أذنابه المرشحين، وأن كل أعضاء المعسكر خلفهم بكل قوتهم في حسم معركة المصير، فإذا صارت مصر حرة بانتمائها العربي الإسلامي تحررت الأمة كلها، فلم يعد لواشنطن و«إسرائيل» عملاء وعبيد في هذه المنطقة، ولهذا تبدو شراسة المعركة على هوية مصر، ولابد أن تؤكد مصر حريتها وهويتها، ولابد لكل المصريين أن يدركوا خطورة هذه المعركة، فليس من حق الذين فسدت ذمتهم أن يؤبدوا تبعية بقية الأمة لأسيادهم. إننا نصرُّ على تنقية وعي المواطن البسيط، كما نصرُّ على أن قانون انتخابات الرئاسة، وتشكيل اللجنة العليا للانتخابات، هي أدوات لتزوير إرادة الشعب الذي يعلمون أن اللعب على وعيه بأحابيلهم يمكن أن يدفع بأذنابهم إلى الرئاسة بيده وبإرادته المشوهة، إن أشد ما يؤرقني هو أن يسقط أحفادي شهداء الثورات القادمة ما لم نتمكن اليوم من الصمود في معركة تحديد الهوية، وقهر النظام السابق وحلفائه على قبول الهزيمة لصالح الخير لمصر والأمة قاطبة.
*المجتمع
كشفت التطورات الأخيرة في قضية التمويل الأجنبي عن حقائق معروفة، وأخطرها أن مصر لا تزال خاضعة للولايات المتحدة، وأن فقدانها لاستقلالها في عهد النظام السابق تركة ثقيلة، والمطلوب هو انتزاع مصر من الهيمنة الأمريكية «الإسرائيلية» وأعوانهما من العرب؛ لكي تمارس دورها اللائق بها كدولة مستقلة. وتبدو خطورة المعركة في أنها تجيب عن سؤال جوهري لا يزال يتردد عبر العصور؛ وهو مصر لمن؟ مصر الآن ليست لشعبها وأمتها، ولا أثر يذكر لمن الأخرى رغم الثورة، ولذلك فإن معركة الرئاسة هي العنوان الذي تختفي تحته مختلف قوى المعركة لتحديد هوية مصر واستنقاذها؛ لأن مصر بحاجة إلى الاستقلال الثالث بعد استقلالها الشكلي عام 1922م، واستقلالها الحقيقي عام 1952م، ثم احتلال إرادتها بدول أجنبية بواسطة نظام ينتمي اسماً إليها، ولكن هذه الدول لا تزال تتمسك بهذا النظام وتريده أن يعود بأسماء أخرى من داخله بكل السبل غير الشريفة، بما في ذلك شراء أصوات الناخبين، وجدت في نفسها «البجاحة» في المجاهرة بهذا الفعل الفاضح؛ وهو اغتصاب مصر مرة أخرى استغلالاً لظروف مصر وجراحاتها. حكم العسكر القراءة الفاحصة للمشهد المصري الآن تكشف عن أن هناك صراعاً بين طرفين، الأول هو الشعب وثورته وأدواته، والطرف الثاني هو نظام «مبارك» بأمواله وتحالفاته العربية و«الإسرائيلية» والأمريكية والداخلية، والحكم بين الفريقين هو «المجلس العسكري».. الفريق الأول الوطني يكافح حتى ينشئ نظاماً جديداً، وينظِّف مصر من النظام القديم الذي رهن إرادة مصر لواشنطن و«إسرائيل» وبعض الأعوان في الإقليم، ويتسلح هذا الفريق بكل ما يعانيه المصريون على يد النظام السابق من فقر وهوان ومرض وضياع لمكانة مصر واحتلال إرادتها وتركيعها، ولكن هذا الفريق ينقصه الوعي الكافي بخداع أعوان النظام السابق. أما النظام القديم فلايزال قابعاً في أركان مصر، معوقاً لكل محاولة لكي ترفع مصر رأسها، متحكماً في الاقتصاد والمال، ولذلك استغل فقر الناس وراح مرشحوه للرئاسة ينفقون من أموالهم الحرام على شراء توكيلات الترشيح بلا حياء تحت سمع وبصر السلطة الحاكمة، ونستطيع بسهولة أن نقرر قولاً واحداً لوجه الله ووجه هذا الوطن الذي نريد أن نحرره من النظام وأذنابه؛ أن «المجلس العسكري» هو الذي يحكم في كل شيء في مصر، وأن ما نراه على السطح من حكومة ومجلس استشاري وغيره من الكيانات هي أعوان المجلس وأدواته، فتبدو مصر وكأنها تتجه إلى الأمام، ويتداول أعوان النظام مفردات كتلك التي يستخدمها العقلاء، ولكن قوى النظام تعمل بهمة بالمال والمؤامرات؛ حتى تدفع برئيس يرضى عنه المجلس وواشنطن و«إسرائيل» وأعوان واشنطن في المنطقة. مشكلة الشعب وهذا التحدي الأكبر ماثل للعيان، فالمرشحون قسمان؛ قسم وطني يريد مصر ومصلحتها، وقسم يعمل بالتعاون وتمويل الفريق الخارجي، والمشكلة هي أن الشعب في مجمله تم إفقاره في النظام السابق، واستمر الإفقار في الفترة الانتقالية التي لا تختلف إلا في الشكل عن مرحلة «مبارك»، والتركيز الآن على الفقر والحاجة المادية وعلى تغييب الوعي.. فالشباب الذي يقبل الرشوة لبيع صوته لمرشح النظام، يقابله شباب استشهدوا لتحرير إرادة هذا الشعب من الطاغوت. المعركة أطرافها معروفة، وساحاتها معروفة، وأدواتها المال، ووسائلها الرشوة وضرب الوعي عن طريق الإعلام الذي يشارك بهمة للقضاء على هذا الوطن، من خلف الستار تقف واشنطن و«إسرائيل» وأمامها أعوانها من عرب المنطقة، والصراع بين مصر التي تريد الحرية والرخاء، وبين هؤلاء الذين لا يريدون أن تتحرر مصر؛ فعمدوا إلى تزوير إرادة بعض أبنائها. كيف يستشهد شاب في سبيل الوطن، ويتلقى شاب آخر رشوة من أعدائه لقتل الوطن؟! وهذا الشاب وأمثاله هم ضحايا المرحلة «الديمقراطية». إنني أهيب بكل مواطن أن ينظر إلى المستقبل القريب، وألا يقبل رشوة القاتل المخاتل الذي يسب النظام السابق ويتبرأ منه، وهو من رموزه وأعوانه، ويندس في الثورة، وهي من أمثالهم براء؛ لأن كل جنيه يقبله مقابل صوته هو مساهمة طوعية آثمه في تمكين النظام الفاسد من مصر المستقبل. شباب الثورة لقد نجحت السلطة الانتقالية في مصر من التمكين للنظام السابق، وتظاهرت بأنها مع مصر الثورة، وساهم وزراؤهم ورئيس وزرائهم ولايزالون في تخدير المجتمع المصري، وأبسط دليل هو أن حكومة «شرف» وهي تحاول استنقاذ نفسها من السقوط ألقت في وجه الشعب بمشروع «العزل السياسي» المهلهل الذي لم يظهر في أي مناسبة، وفتح الباب لأذناب النظام بالمنافسة في الانتخابات، ووصلت بجاحتهم حداً بأنهم طالبوا بحقوقهم في الديمقراطية، وكان رأيي أنه لا حق لمن ثبت إجرامهم، ومن حق المجتمع أن يعزلهم بعد كل جرائمهم، ولكنهم تمكنوا دون استحياء من الترشيح، ولكن شباب الثورة وقف لهم بالمرصاد.. إنني أدعو شباب الثورة الذي أنهكه النظام، وشتت قواه، وغيَّب الآلاف منهم في السجون، بينما أتاح المجال للبلطجية سدنة نظام «مبارك» بالعمل بحرية ضد أمن المواطنين، أدعوهم أن يتجمعوا مرة أخرى وينطلقوا في معركة مصر. إن المعركة هي حول مصر لمن؟ لشعبها وأمتها العربية والإسلامية، بكل ما يعنيه ذلك من تحرير للإرادة وخدمة للمصالح الوطنية وريادة في الأمة، أم أن مصر لنظام فاسد ذليل سلب إرادتها وأخضعها لغيرها في العالم والمنطقة؟ يترتب على ذلك أن الوعي والمال هما أهم وسائل الصراع، فإذا كان الوعي الشعبي صافياً؛ انحسرت سلطة المال، وارتد المعتدون الآثمون على أعقابهم. معركة شرسة ولعلنا نلاحظ أن معسكر إخضاع مصر لا يظهر منه سوى أذنابه المرشحين، وأن كل أعضاء المعسكر خلفهم بكل قوتهم في حسم معركة المصير، فإذا صارت مصر حرة بانتمائها العربي الإسلامي تحررت الأمة كلها، فلم يعد لواشنطن و«إسرائيل» عملاء وعبيد في هذه المنطقة، ولهذا تبدو شراسة المعركة على هوية مصر، ولابد أن تؤكد مصر حريتها وهويتها، ولابد لكل المصريين أن يدركوا خطورة هذه المعركة، فليس من حق الذين فسدت ذمتهم أن يؤبدوا تبعية بقية الأمة لأسيادهم. إننا نصرُّ على تنقية وعي المواطن البسيط، كما نصرُّ على أن قانون انتخابات الرئاسة، وتشكيل اللجنة العليا للانتخابات، هي أدوات لتزوير إرادة الشعب الذي يعلمون أن اللعب على وعيه بأحابيلهم يمكن أن يدفع بأذنابهم إلى الرئاسة بيده وبإرادته المشوهة، إن أشد ما يؤرقني هو أن يسقط أحفادي شهداء الثورات القادمة ما لم نتمكن اليوم من الصمود في معركة تحديد الهوية، وقهر النظام السابق وحلفائه على قبول الهزيمة لصالح الخير لمصر والأمة قاطبة.
*المجتمع