السفير د. عبدالله الأشعل
08-05-2011 01:06
أعلنت الولايات المتحدة فجر يوم 2/5/2011 على لسان الرئيس أوباما نفسه بأن قواتها فى باكستان قد قتلت بن لادن بطلقة فى رأسه، ثم أعلنت بعد ذلك أن جثته قد دفنت فى البحر. توالت ردود الأفعال على مقتل بن لادن ويهمنا منها رد الفعل الإسرائيلى. فقد هنأت تسيبى ليفنى الشعب الأمريكى بمقتل بن لادن، أما وزير خارجية إسرائيل ليبرمان فقد أعلن عن سعادته لأن مقتل بن لادن خفف عن إسرائيل ما كانت تخطط له القاعدة من التواجد فى الضفة الغربية وغزة. فإذا كان أوباما بدا منتصرا لهذا العمل حتى ترجح كفته فى انتخابات التجديد للرئيس بعد أقل من عامين ومع بدء حملته الأنتخابية المبكرة، فإن معنى مقتل بن لادن أن أوباما حقق ما عجز عنه بوش صاحب الحملة الدولية لمقاومة الإرهاب الذى تقوده القاعدة برئاسة بن لادن، أى أن الديمقراطيين الذين اتهموا باللين فى مواجهة الإرهاب هم أكثر فعالية فى ضرب رأس الإرهاب. وهذا أمر يمكن فهمه فى السياق الأمريكى الذى شد نظامها الرأى العام بحدة إلى مخاطر القاعدة منذ هجمات سبتمبر التى لم يقم دليل واحد حتى الآن يؤكد أن القاعدة هى التى قامت بهذه الهجمات، وقد دفع العالمان العربى والإسلامى ثمناً باهظاً لهذا العمل الذى لم يرتكبوه بينما جنت إسرائيل كل الثمار إذ تشير أصابع الاتهام إلى دور الموساد والمخابرات الأمريكية فى صناعته. أما على المستوى الدولى، فليس هناك ما يشير إلى أن مقتل بن لادن سوف يؤثر على القاعدة، فقد قتل عدد من قادتها الميدانيين ومع ذلك تطالعنا الأنباء بعملياتها المدمرة فى الساحات العربية.
وراء هذا المشهد الذى يريد الإعلام الغربى أن يحشرنا فيه، ماهو أثر القاعدة على الولايات المتحدة وإسرائيل؟ منذ تفجير السفارات الأمريكية فى كينيا وتنزانيا فى نهاية القرن الماضى، ظهر اسم القاعدة الذى عرفناه أصلا من الإعلام الأمريكى بعد ذلك بثلاث سنوات عام 2001 وليس فى التحقيقات الأمريكية أى دليل، وإنما استندت كل التحقيقات إلى اعتراف منسوب لبن لادن بأن تنظيم القاعدة هو الذى نظم ما أسماه ’’غزوة نيويورك’’. صحيح أن المشهد العام يشى بأن الصراع بين الهيمنة الأمريكية واحتلالها لدول عربية وإسلامية ودعمها لإسرائيل، وبين رفض هذه الهيمنة، بأن القاعدة تعادى هذه الهيمنة، والصراع بينهما متصل. ولكن المتأمل فى عمليات القاعدة ومساحاتها يرى بوضوح أنها تتخذ من الساحات العربية فى السعودية والعراق واليمن والجزائر والمغرب وغيرها مسرحا رئيسياً لهذه العمليات، فما هو الضرر للمصالح الأمريكية والإسرائيلية التى نذرت القاعدة نفسها للتصدى لها؟ لقد أضرت القاعدة بالمقاومة العراقية، وصار التهديد الأمريكى والإسرائيلى بوجودها فى مكان مبرراً للوجود العسكرى الأمريكى، فما دامت القاعدة موجودة فى أى مكان فى الأراضى العربية ادعت واشنطن أنها هى التى تتصدى لها. حدث ذلك فى اليمن عندما أصرت واشنطن على وجود القاعدة مما يبرر قيام واشنطن دون إذن اليمن أو التشاور معها بضرب أهدافها حتى كاد اليمن أن يعلن أنه لا وجود للقاعدةفى أراضيه حتى لايتحول اليمن إلى باكستان أو أفغانستان أخرى.
كذلك لوح القذافى بأن ثوار ليبيا مدعومون من القاعدة وأن رحيله سيعجل باستقرار القاعدة فى ليبيا، وذلك أملا فى أن تبقى عليه واشنطن، ويبدو أن هذه اللعبة التى يفهمها الطرفان قد سادت وأصبح الثوار كالأيتام على مآدب اللئام.
وعندما احتلت واشنطن العراق قدمت ضمن مبررات الاحتلال مطاردة القاعدة التى زعمت أن صدام حسين استقدمها إلى العراق، ومادامت واشنطن متخصصة فى التعامل مع القاعدة وأن القاعدة مجرمة فى القانونين الدولى والأمريكى، فهى الأحق باحتلال كل مكان يظن أن القاعدة قد استقرت فيه. فى مصر عندما وقعت تفجيرات سيناء الثلاثة فى أعوام ثلاثة متعاقبة فى نفس التوقيت. طابا- شرم الشيخ – دهب كان واضحاً أنه الموساد، فأدى التنسيق الأمنى بين وزارة الداخلية المصرية وإسرائيل إلى أن يصدر العادلى وزير الداخلية حينذاك بياناً مبكراً بناء على مشورة إسرائيل بأن التفجير من عمل القاعدة، فلما أدرك العادلى أن هذا الاعتراف يعنى أن مصر عاجزة عن حماية سيناء مما يبرر احتلال الناتو لها بزعم تأمين إسرائيل تراجع عن هذا الاعتراف فى أقل ما ساعة. وفى غزة زعمت السلطة الفلسطينية وإسرائيل أن القاعدة قد تسللت إلى غزة، حتى تعطى إسرائيل الذريعة لغزو غزة لتخليصها من القاعدة، والمعلوم أن هذا الاتهام ظل يطارد حكومة غزة ضمن حملة الضغط عليها لإسقاط حماس. وإذا كانت القاعدة فعلاً قد نذرت نفسها لمحاربة اليهود كما تردد دائماً، فلماذا لم تتمكن من الإضرار بإسرائيل؟ ولماذا فرحت إسرائيل كما تدعى بقتل بن لادن، وربما ادعت إسرائيل بعد ذلك أن الموساد هو الذى قدم المعلومات التى أدت إلى قتله.
والطريف أن مقتل بن لادن، وبن لادن نفسه والأخبار والأشرطة وكل ما يتعلق به صناعة أمريكية وتظاهر العالم كله بأنه يصدقها لدرجة أن قضية قتله فى باكستان لم تعلم عنها السلطات الباكستانية شيئاً، فهل قتل فعلاً، أم قتل منذ مدة ولكن اختارت واشنطن توقيت الإعلان.
على أية حال، فإن ضرر القاعدة لم يفارق المنطقة العربية ولم يمس المصالح الأمريكية والإسرائيلية، كما أن القاعدة بدون بن لادن لن تندثر خاصة إذا صدق الظن بأن القاعدة هى الموساد وإلا فليدلنا أحد على خدمة واحدة قدمتها هذه القاعدة للإسلام والمسلمين.
المسرحية بين إسرائيل والولايات المتحدة تطلبت أن تهنئ ليفنى الشعب الأمريكى وهذا يذكرنا بما فعله شارون عندما فضح نفسه فقد أعلن عن عملية الطائرة الثانية قبل أن تنطلق، فأدان فى تصريح شهير ضرب برج التجارة العالمى بطائرتين رغم أن الفارق الزمنى بين الأولى والثانية كان نصف ساعة تماماً، لهذا كان شارون يدخل الرعب فى قلب بوش، وتمكن لخوف بوش أن يبوح شارون بالسر الرهيب ضد الشعب الأمريكى الذى يدفع الضرائب لتمارس إسرائيل جرائمها ضد الفلسطنيين من أن يلجم بوش ويحصل على مايريد، وكان آخر عطاءاته خطابات الضمان فى 14/4/2004 الشهيرة، ولذلك لأمر ما شاء الله أن يبقى شارون حياً ولكنه عاجز عن الحركة والنطق ومن يدرى فلعله ينطق بما دبره بليل مع شريكه بوش الصغير.
فمتى ينتهى مسلسل القاعدة وبن لادن من قاموس حياتنا بعد أن أصبح المسلسل مملاً وحقائقه مكشوفة فماذا يضيرنا إن بقى بن لادن حياً أو ميتاً، المهم أن الإرهاب يضرب بلادنا نحن وليس إسرائيل أو الولايات المتحدة.
*المصريون
08-05-2011 01:06
أعلنت الولايات المتحدة فجر يوم 2/5/2011 على لسان الرئيس أوباما نفسه بأن قواتها فى باكستان قد قتلت بن لادن بطلقة فى رأسه، ثم أعلنت بعد ذلك أن جثته قد دفنت فى البحر. توالت ردود الأفعال على مقتل بن لادن ويهمنا منها رد الفعل الإسرائيلى. فقد هنأت تسيبى ليفنى الشعب الأمريكى بمقتل بن لادن، أما وزير خارجية إسرائيل ليبرمان فقد أعلن عن سعادته لأن مقتل بن لادن خفف عن إسرائيل ما كانت تخطط له القاعدة من التواجد فى الضفة الغربية وغزة. فإذا كان أوباما بدا منتصرا لهذا العمل حتى ترجح كفته فى انتخابات التجديد للرئيس بعد أقل من عامين ومع بدء حملته الأنتخابية المبكرة، فإن معنى مقتل بن لادن أن أوباما حقق ما عجز عنه بوش صاحب الحملة الدولية لمقاومة الإرهاب الذى تقوده القاعدة برئاسة بن لادن، أى أن الديمقراطيين الذين اتهموا باللين فى مواجهة الإرهاب هم أكثر فعالية فى ضرب رأس الإرهاب. وهذا أمر يمكن فهمه فى السياق الأمريكى الذى شد نظامها الرأى العام بحدة إلى مخاطر القاعدة منذ هجمات سبتمبر التى لم يقم دليل واحد حتى الآن يؤكد أن القاعدة هى التى قامت بهذه الهجمات، وقد دفع العالمان العربى والإسلامى ثمناً باهظاً لهذا العمل الذى لم يرتكبوه بينما جنت إسرائيل كل الثمار إذ تشير أصابع الاتهام إلى دور الموساد والمخابرات الأمريكية فى صناعته. أما على المستوى الدولى، فليس هناك ما يشير إلى أن مقتل بن لادن سوف يؤثر على القاعدة، فقد قتل عدد من قادتها الميدانيين ومع ذلك تطالعنا الأنباء بعملياتها المدمرة فى الساحات العربية.
وراء هذا المشهد الذى يريد الإعلام الغربى أن يحشرنا فيه، ماهو أثر القاعدة على الولايات المتحدة وإسرائيل؟ منذ تفجير السفارات الأمريكية فى كينيا وتنزانيا فى نهاية القرن الماضى، ظهر اسم القاعدة الذى عرفناه أصلا من الإعلام الأمريكى بعد ذلك بثلاث سنوات عام 2001 وليس فى التحقيقات الأمريكية أى دليل، وإنما استندت كل التحقيقات إلى اعتراف منسوب لبن لادن بأن تنظيم القاعدة هو الذى نظم ما أسماه ’’غزوة نيويورك’’. صحيح أن المشهد العام يشى بأن الصراع بين الهيمنة الأمريكية واحتلالها لدول عربية وإسلامية ودعمها لإسرائيل، وبين رفض هذه الهيمنة، بأن القاعدة تعادى هذه الهيمنة، والصراع بينهما متصل. ولكن المتأمل فى عمليات القاعدة ومساحاتها يرى بوضوح أنها تتخذ من الساحات العربية فى السعودية والعراق واليمن والجزائر والمغرب وغيرها مسرحا رئيسياً لهذه العمليات، فما هو الضرر للمصالح الأمريكية والإسرائيلية التى نذرت القاعدة نفسها للتصدى لها؟ لقد أضرت القاعدة بالمقاومة العراقية، وصار التهديد الأمريكى والإسرائيلى بوجودها فى مكان مبرراً للوجود العسكرى الأمريكى، فما دامت القاعدة موجودة فى أى مكان فى الأراضى العربية ادعت واشنطن أنها هى التى تتصدى لها. حدث ذلك فى اليمن عندما أصرت واشنطن على وجود القاعدة مما يبرر قيام واشنطن دون إذن اليمن أو التشاور معها بضرب أهدافها حتى كاد اليمن أن يعلن أنه لا وجود للقاعدةفى أراضيه حتى لايتحول اليمن إلى باكستان أو أفغانستان أخرى.
كذلك لوح القذافى بأن ثوار ليبيا مدعومون من القاعدة وأن رحيله سيعجل باستقرار القاعدة فى ليبيا، وذلك أملا فى أن تبقى عليه واشنطن، ويبدو أن هذه اللعبة التى يفهمها الطرفان قد سادت وأصبح الثوار كالأيتام على مآدب اللئام.
وعندما احتلت واشنطن العراق قدمت ضمن مبررات الاحتلال مطاردة القاعدة التى زعمت أن صدام حسين استقدمها إلى العراق، ومادامت واشنطن متخصصة فى التعامل مع القاعدة وأن القاعدة مجرمة فى القانونين الدولى والأمريكى، فهى الأحق باحتلال كل مكان يظن أن القاعدة قد استقرت فيه. فى مصر عندما وقعت تفجيرات سيناء الثلاثة فى أعوام ثلاثة متعاقبة فى نفس التوقيت. طابا- شرم الشيخ – دهب كان واضحاً أنه الموساد، فأدى التنسيق الأمنى بين وزارة الداخلية المصرية وإسرائيل إلى أن يصدر العادلى وزير الداخلية حينذاك بياناً مبكراً بناء على مشورة إسرائيل بأن التفجير من عمل القاعدة، فلما أدرك العادلى أن هذا الاعتراف يعنى أن مصر عاجزة عن حماية سيناء مما يبرر احتلال الناتو لها بزعم تأمين إسرائيل تراجع عن هذا الاعتراف فى أقل ما ساعة. وفى غزة زعمت السلطة الفلسطينية وإسرائيل أن القاعدة قد تسللت إلى غزة، حتى تعطى إسرائيل الذريعة لغزو غزة لتخليصها من القاعدة، والمعلوم أن هذا الاتهام ظل يطارد حكومة غزة ضمن حملة الضغط عليها لإسقاط حماس. وإذا كانت القاعدة فعلاً قد نذرت نفسها لمحاربة اليهود كما تردد دائماً، فلماذا لم تتمكن من الإضرار بإسرائيل؟ ولماذا فرحت إسرائيل كما تدعى بقتل بن لادن، وربما ادعت إسرائيل بعد ذلك أن الموساد هو الذى قدم المعلومات التى أدت إلى قتله.
والطريف أن مقتل بن لادن، وبن لادن نفسه والأخبار والأشرطة وكل ما يتعلق به صناعة أمريكية وتظاهر العالم كله بأنه يصدقها لدرجة أن قضية قتله فى باكستان لم تعلم عنها السلطات الباكستانية شيئاً، فهل قتل فعلاً، أم قتل منذ مدة ولكن اختارت واشنطن توقيت الإعلان.
على أية حال، فإن ضرر القاعدة لم يفارق المنطقة العربية ولم يمس المصالح الأمريكية والإسرائيلية، كما أن القاعدة بدون بن لادن لن تندثر خاصة إذا صدق الظن بأن القاعدة هى الموساد وإلا فليدلنا أحد على خدمة واحدة قدمتها هذه القاعدة للإسلام والمسلمين.
المسرحية بين إسرائيل والولايات المتحدة تطلبت أن تهنئ ليفنى الشعب الأمريكى وهذا يذكرنا بما فعله شارون عندما فضح نفسه فقد أعلن عن عملية الطائرة الثانية قبل أن تنطلق، فأدان فى تصريح شهير ضرب برج التجارة العالمى بطائرتين رغم أن الفارق الزمنى بين الأولى والثانية كان نصف ساعة تماماً، لهذا كان شارون يدخل الرعب فى قلب بوش، وتمكن لخوف بوش أن يبوح شارون بالسر الرهيب ضد الشعب الأمريكى الذى يدفع الضرائب لتمارس إسرائيل جرائمها ضد الفلسطنيين من أن يلجم بوش ويحصل على مايريد، وكان آخر عطاءاته خطابات الضمان فى 14/4/2004 الشهيرة، ولذلك لأمر ما شاء الله أن يبقى شارون حياً ولكنه عاجز عن الحركة والنطق ومن يدرى فلعله ينطق بما دبره بليل مع شريكه بوش الصغير.
فمتى ينتهى مسلسل القاعدة وبن لادن من قاموس حياتنا بعد أن أصبح المسلسل مملاً وحقائقه مكشوفة فماذا يضيرنا إن بقى بن لادن حياً أو ميتاً، المهم أن الإرهاب يضرب بلادنا نحن وليس إسرائيل أو الولايات المتحدة.
*المصريون