د. عبد الله الأشعل
لابد من التنبيه إلى أن اللغة العربية تتدهور ومصادر دعمها وأهمها الترجمة والتفاعل مع اللغات الأخرى تجف.
صحيح أن اللغة تنمو وتزدهر بازدهار الأمم الناطقة بها، وأن الأمة العربية تمر بأسوأ أوضاعها وهوانها فى الوقت الراهن ولذلك فأن انقاذ اللغة فى الوقت الذى تنهار فيه الأمة مهمة بالغة الصعوبة. ولا يجدى نفعاً تلك النصوص الباهرة التى تحفل بها الدساتير العربية وآخرها الدساتير المصرية قبل ثورة يناير وبعدها. فهذه الإجراءات وكذلك جمعيات حماة اللغة والتغنى بامجاد العربية لغة الضاد، لغة القرآن الكريم ولغة اهل الجنة لا يعكس مطلقاً ولا يستنهض الواقع المتردى. وإذا اردنا ان نشخص المشكلة وأن نضع لها علاجاً ناجعاً فلابد ان ندرس التطورات التى ادت الى تدهور اللغة العربية فى مصر بشكل خاص، وخطورة ذلك أن مصر كانت ذات يوم هى مصدر الابداع فى اللغة وغيرها، كما أن فى مصر تصدت بحملات قوية دفاعاً عن اللغة ضد محاولات المستعمرين والستشرقين والمتصهينين لإحلال اللهجة العامية المصرية محل اللغة العربية الفصحى لأن هذه اللغة هى العمود الفقرى للتواصل بين مصر والعرب فى كل مكان،
وقد انعكس ذلك بشكل خاص فى تسلل اللهجات فى دول عربية أخرى إلى محافل الترجمة. وقد وصل الحال فى مصر إلى درجة يستحيل معها السكوت ولكن العلاج يقتضى شجاعة المواجهة حتى ننقذ لغتنا وهى اولى لنا وامانة فى اعناقنا ولذلك فإننى احمل هذه الأمانة إلى الجميع . بلغ الوضع فى مصر حد أن بعض كبار الكتاب يخطئون فى مقالاتهم الصحفية، وهذا يعنى إما أن الكاتب لا يجيد قواعد اللغة فيتولى مراجع الصحيفة تصحيح زلاته، أو أنه خطأ مطبعى وهو أيضاً المسئول عنه فلايضع أسمه على مقال مرصع بالأخطاء القاتلة، حتى لا ينقل هذه العورة إلى قرائه، فكذبة الخطيب بلقاء، والصحافة من أهم مصادر التوجيه وتعليم اللغة، وإذا كان التوجيه قد انحرف فلا أقل من أن تظل اللغة سليمة . وقد نبه المرحوم أنيس منصور الكتاب من الأخطاء المطبعية ولكنه استنكف أن يحاسبهم على جهلهم فى اللغة.
القدوة الثانية هى المعلم والكتاب، حيث يتم تخريج ألاف المعلمين إما لتدريس اللغة العربية أو انهم يقومون بتدريسها من أى تخصص آخر حتى صارات مادة اللغة العربية تئن إلى الله مما تعانيةه، وهو بالمناسبة شأن لغات أجنبية أخرى يقوم بتدريسها من لم يعرف شيئاً عن هذه اللغة، ففسد التعليم، ولا أظن أن حماة اللغة العربية لديهم خطة شافية لاستنقاذ اللغة العربية. القدوة الثالثة هى الإعلام الذى يمتلئ صخباً سواء من مقدمى البرامج أو الضيوف أو المراسلين للقنوات الفضائية. وأو أن أنبه فى هذه الخصوصية إلى أن الإذاعة والتلفيزيون البريطانى واسكاى نيوز وغيرهما من القنوات الأجنبية فى مصر تسلل إليهم هذا الداء، لأن المنتج المصرى هو الذى تدهور بل إن بعض القنوات الحكومية وهى تبث شريط الأنباء تخطئ فى قواعد اللغة.
فالصحيفة والتلفيزيون والمدرسة والجامعة والكتاب والإعلام بشكل عام، وهى مصادر تداول واستخدام وتعليم اللغة العربية فى جانب، يقابلها فى الجانب الأخر مصدران أخطر مما سبق وهما السبب فى تدهور اللغة وعدم احترامها. وهذه المصادر هى: المصدر الأول هو الأعمال الدرامية التى يستخف فيها الممثلون باللغة وكذلك تناقل الجهل اللغوى فى مواقع التواصل الاجتماعى حيث يترك الناس على راحتهم للتعبير بأى طريقة، وأظن أن هذا الباب بما فى ذلك تعليقات القراء على مواقع الصحف والفضائيات المختلفة يجب أن يتوجه الأهتمام اليه، لأنه يخاطب الكافة بمن فى ذلك الذين لن ينالوا قسطاً وافراً من التعليم وانما كان حظهم فى امتلاك ادوات التواصل متاحاً. المصدر الثانى الخطير هو جهل القيادات السياسية وخصوصاً رئيس الدولة والوزراء باللغة العربية وهناك مئات الأمثلة التى لا نريد الخوض فيها منعا للاحراج فى الحاضر والماضى،
ولا يمكن ان يقبل فى ذلك عذر لأن هؤلاء المسئولين فى الدولة والأحزاب والشخصيات العامة لم تكن اللغة العربية فى برامج دراساتهم، ولذلك فإننى أقترح أن تصبح اجادة اللغة العربية شرطاً رئيسياً فى تولى المناصب القيادية والسياسية ابتداءا من منصب رئيس الجمهورية فلايعقل أن يكون رئيس مصر بالذات وهى قلب العروبة ومصدر الوهج الثقافى جاهلا باللغة. وأخير، فأنه يجب الاهتمام باللغة العربية فى المدراس والجامعات الخاصة المصرية والاجنبية وهذه مسئولية الدولة التى يجب أن تفرض مناهج اللغة بالقدر الكافى وكذلك أن تراجع المواد التاريخية والقومية فى الجامعات الأجنبية فى مصر حتى لايقرأ ابناؤنا تاريخنا- رغم الاضطراب الخطير فيه- بأقلام مسمومة.
وختاماً فان اجادة اللغات الأجنبية ليس بديلاً عن اجادة اللغة العربية والعرب وخاصة المصريون هم الأمة الوحيدة التى تخطئ فى لغتها بشكل يدعو إلى سرعة التدخل لعلاجها. اما اساليب العلاج فهى تشمل تفادى السقطات التى اشرت إليها كما تشمل ادخال اللغة العربية إلى مدرك المواطن منذ الصغر، وأن يكون ذلك عقيدة المجتمع وليس مجرد الأكثار من حصص اللغة العربية أو جعلها من المواد الاساسية فى الدراسة، فرغم انها مادة اساسية إلا أن الدراسة فيها لم تصقل اللغة، وأحد أهم مداخل صقل اللغة هو الكتاتيب وتحفيظ القرآن الكريم حتى يستقيم اللسان والوعاء والعقل.
*الإسلام اليوم
لابد من التنبيه إلى أن اللغة العربية تتدهور ومصادر دعمها وأهمها الترجمة والتفاعل مع اللغات الأخرى تجف.
صحيح أن اللغة تنمو وتزدهر بازدهار الأمم الناطقة بها، وأن الأمة العربية تمر بأسوأ أوضاعها وهوانها فى الوقت الراهن ولذلك فأن انقاذ اللغة فى الوقت الذى تنهار فيه الأمة مهمة بالغة الصعوبة. ولا يجدى نفعاً تلك النصوص الباهرة التى تحفل بها الدساتير العربية وآخرها الدساتير المصرية قبل ثورة يناير وبعدها. فهذه الإجراءات وكذلك جمعيات حماة اللغة والتغنى بامجاد العربية لغة الضاد، لغة القرآن الكريم ولغة اهل الجنة لا يعكس مطلقاً ولا يستنهض الواقع المتردى. وإذا اردنا ان نشخص المشكلة وأن نضع لها علاجاً ناجعاً فلابد ان ندرس التطورات التى ادت الى تدهور اللغة العربية فى مصر بشكل خاص، وخطورة ذلك أن مصر كانت ذات يوم هى مصدر الابداع فى اللغة وغيرها، كما أن فى مصر تصدت بحملات قوية دفاعاً عن اللغة ضد محاولات المستعمرين والستشرقين والمتصهينين لإحلال اللهجة العامية المصرية محل اللغة العربية الفصحى لأن هذه اللغة هى العمود الفقرى للتواصل بين مصر والعرب فى كل مكان،
وقد انعكس ذلك بشكل خاص فى تسلل اللهجات فى دول عربية أخرى إلى محافل الترجمة. وقد وصل الحال فى مصر إلى درجة يستحيل معها السكوت ولكن العلاج يقتضى شجاعة المواجهة حتى ننقذ لغتنا وهى اولى لنا وامانة فى اعناقنا ولذلك فإننى احمل هذه الأمانة إلى الجميع . بلغ الوضع فى مصر حد أن بعض كبار الكتاب يخطئون فى مقالاتهم الصحفية، وهذا يعنى إما أن الكاتب لا يجيد قواعد اللغة فيتولى مراجع الصحيفة تصحيح زلاته، أو أنه خطأ مطبعى وهو أيضاً المسئول عنه فلايضع أسمه على مقال مرصع بالأخطاء القاتلة، حتى لا ينقل هذه العورة إلى قرائه، فكذبة الخطيب بلقاء، والصحافة من أهم مصادر التوجيه وتعليم اللغة، وإذا كان التوجيه قد انحرف فلا أقل من أن تظل اللغة سليمة . وقد نبه المرحوم أنيس منصور الكتاب من الأخطاء المطبعية ولكنه استنكف أن يحاسبهم على جهلهم فى اللغة.
القدوة الثانية هى المعلم والكتاب، حيث يتم تخريج ألاف المعلمين إما لتدريس اللغة العربية أو انهم يقومون بتدريسها من أى تخصص آخر حتى صارات مادة اللغة العربية تئن إلى الله مما تعانيةه، وهو بالمناسبة شأن لغات أجنبية أخرى يقوم بتدريسها من لم يعرف شيئاً عن هذه اللغة، ففسد التعليم، ولا أظن أن حماة اللغة العربية لديهم خطة شافية لاستنقاذ اللغة العربية. القدوة الثالثة هى الإعلام الذى يمتلئ صخباً سواء من مقدمى البرامج أو الضيوف أو المراسلين للقنوات الفضائية. وأو أن أنبه فى هذه الخصوصية إلى أن الإذاعة والتلفيزيون البريطانى واسكاى نيوز وغيرهما من القنوات الأجنبية فى مصر تسلل إليهم هذا الداء، لأن المنتج المصرى هو الذى تدهور بل إن بعض القنوات الحكومية وهى تبث شريط الأنباء تخطئ فى قواعد اللغة.
فالصحيفة والتلفيزيون والمدرسة والجامعة والكتاب والإعلام بشكل عام، وهى مصادر تداول واستخدام وتعليم اللغة العربية فى جانب، يقابلها فى الجانب الأخر مصدران أخطر مما سبق وهما السبب فى تدهور اللغة وعدم احترامها. وهذه المصادر هى: المصدر الأول هو الأعمال الدرامية التى يستخف فيها الممثلون باللغة وكذلك تناقل الجهل اللغوى فى مواقع التواصل الاجتماعى حيث يترك الناس على راحتهم للتعبير بأى طريقة، وأظن أن هذا الباب بما فى ذلك تعليقات القراء على مواقع الصحف والفضائيات المختلفة يجب أن يتوجه الأهتمام اليه، لأنه يخاطب الكافة بمن فى ذلك الذين لن ينالوا قسطاً وافراً من التعليم وانما كان حظهم فى امتلاك ادوات التواصل متاحاً. المصدر الثانى الخطير هو جهل القيادات السياسية وخصوصاً رئيس الدولة والوزراء باللغة العربية وهناك مئات الأمثلة التى لا نريد الخوض فيها منعا للاحراج فى الحاضر والماضى،
ولا يمكن ان يقبل فى ذلك عذر لأن هؤلاء المسئولين فى الدولة والأحزاب والشخصيات العامة لم تكن اللغة العربية فى برامج دراساتهم، ولذلك فإننى أقترح أن تصبح اجادة اللغة العربية شرطاً رئيسياً فى تولى المناصب القيادية والسياسية ابتداءا من منصب رئيس الجمهورية فلايعقل أن يكون رئيس مصر بالذات وهى قلب العروبة ومصدر الوهج الثقافى جاهلا باللغة. وأخير، فأنه يجب الاهتمام باللغة العربية فى المدراس والجامعات الخاصة المصرية والاجنبية وهذه مسئولية الدولة التى يجب أن تفرض مناهج اللغة بالقدر الكافى وكذلك أن تراجع المواد التاريخية والقومية فى الجامعات الأجنبية فى مصر حتى لايقرأ ابناؤنا تاريخنا- رغم الاضطراب الخطير فيه- بأقلام مسمومة.
وختاماً فان اجادة اللغات الأجنبية ليس بديلاً عن اجادة اللغة العربية والعرب وخاصة المصريون هم الأمة الوحيدة التى تخطئ فى لغتها بشكل يدعو إلى سرعة التدخل لعلاجها. اما اساليب العلاج فهى تشمل تفادى السقطات التى اشرت إليها كما تشمل ادخال اللغة العربية إلى مدرك المواطن منذ الصغر، وأن يكون ذلك عقيدة المجتمع وليس مجرد الأكثار من حصص اللغة العربية أو جعلها من المواد الاساسية فى الدراسة، فرغم انها مادة اساسية إلا أن الدراسة فيها لم تصقل اللغة، وأحد أهم مداخل صقل اللغة هو الكتاتيب وتحفيظ القرآن الكريم حتى يستقيم اللسان والوعاء والعقل.
*الإسلام اليوم