تُعرَّف الطّاقة: بأنّها إحدى خصائص المادّة، ويوجد للطّاقة العديد من الأشكال ضمن فئتين رئيسيتين ، هما: الطّاقة الحركية، والطّاقة الكامنة ، فالطّاقة الحركية :هي الطاقة الناتجة عن حركة الأجسام المختلفة، ولها عدة أشكال: الطّاقة الإشعاعية، الطّاقة الحرارية، الصوت، الطاقة الكهربائية. وتُعرّف الطّاقة الكامنة : بأنّها الطّاقة الناتجة عن وجود الأجسام في نظام بترتيب معين، وللطّاقة الكامنة عدة أشكال، منها: الطّاقة الكيميائية، الطّاقة الميكانيكية، الطّاقة النووية، وطاقة وضْع الجاذبية.وللطاقة مصادر متجددة مستدامة لا تنفذ مع الاستهلاك، إذ يتمّ تجديدها باستمرار، وهي طاقة نظيفة، ومن أمثلتها : طاقة الرياح، الطّاقة الشمسية، طاقة الكتلة الحيوية،كالخشب، وبقايا الطّعام، والنفايات، والسّماد، والمواد النباتية، الطّاقة الكهرومائية، ومصادر غير متجددة كالفحم ، الغاز الطبيعي، البترول ، اليورانيوم.([1])
عندما نتحدث عن النهضة المنشودة فإن الطاقة – بطبيعة الحال – يجب أن تكون حاضرة وبقوة ، فالطاقة اليوم ليست ترفاً أو يمكن تصنيفها من التحسينيات، بل إنها تدخل في صلب الحاجيات الإنسانية اليومية، ولنا أن نتخيل مقدار الشلل الذي يسببه انقطاع التيار الكهربائي على مدينةٍ حَضَرية معتمدة على الطاقة !! سيتضرر القطاع الصناعي، ويتأثر قطاع النقل، والقطاعات الحيوية، وستخسر المدينة مليارات الدولارات في ساعات قليلة وتصاب حركة الناس بالشلل التام ، وتسيطر الكآبة على حياتهم .
الطاقة الكهربائية أهم أعمدة النهضة الحديثة؛ ولذلك فقد حرصت بلدان العالم على الاستفادة من جميع مصادر الطاقة الأساسية والثانوية لديها، فَولَّدت الكهرباء من الرياح، ومن الطاقة الشمسية، ومن المياه وحتى من النفايات .
لا يزال العالم يستمد 85٪ من الطاقة من الوقود الأحفوري، لكن الاحتياطات محدودة، والأسوأ أن النفط والغاز والفحم هي أكبر مدمرات للمناخ. وعلى سبيل المثال فقد كانت نسبة التلوث البيئي في بكين وشنجهاي بسبب استخدام الفحم في توليد الطاقة مرتفعاً للغاية، ثم قررت الصين التغيير إلى الطاقة المتجددة، وعلى الرغم من أن الطاقة المتجددة تكون -أحياناً – على بُعد ثلاثة آلاف أو أريعة آلاف كيلو متراً عن المدن، لكنهم قرروا إنتاج الطاقة ونقلها هذه المسافات .
سد الممرات الثلاثة ، أكبر محطة كهرومائية في العالم، على بعد 700 كيلو متراً عن شنجهاي، يتم نقل الكهرباء آلاف الكيلومترات عبر كابلات النقل العالي ، ويصل ارتفاع السد إلى 185 متراً، وطوله 2309 متراً، وقد استغرق العمل لإنجازه 17 عاماً، في عام واحد ينتج مائة مليار كيلوات ساعي، تكفي لأحد عشر عاماً بحسب نائب المدير قسم التحكم بالماء زومان . كما عملت الصين على تحويل الشوارع والطرق السريعة إلى شوارع منتجة للطاقة، ويقع أول طريق سريع في العالم للطاقة الشمسية على الطريق الدائري المحيط بمدينة جينان، وتغطي الألواح ما يقرب من 5800 متراً مربعاً تُولِّد مليون كيلو وات ساعي من الكهرباء كل عام ([2]).
في اليمن بلغ إجمالي الطاقة المنتجة 850 ميجاوات لبلد يصل عدد سكانه إلى ما يقرب من 25 مليون، ولا يستفيد من الخدمة سوى 49% من السكان([3]) ، والطاقة الكهربائية في اليمن لا تصل إلى خُمْسِ الطاقة لمكة المكرمة في المملكة عام (2015) حيث بلغت 4150 ميجاواط ([4]) .
في الآوانة الأخيرة وتحديداً منذ العام 2015 بدأ اليمنيون يُقبلون بشكل كبير على الطاقة البديلة المتمثلة بالطاقة الشمسيةـ، وقد عرضت ورقة بحثية أعدّها الاستشاري في مجال البيئة والطاقة عمر السقّاف تطبيقات الطاقة الشمسية، إذ تبلغ القدرة الإجمالية المركبة لمنظومات الطاقة الشمسية في اليمن 300 ميغاواط من المنظومات الشمسية الكهروضوئية، التي رُكّبت بين عامي 2015 و2017، في حضر اليمن وريفه. ([5])
وفقاً لتقييم السوق الذي أجراه المركز الإقليمي للطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة بتكليف من قطاع الممارسات العالمية للطاقة والصناعات الاستخراجية في البنك الدولي، فقد وصلت أنظمة الطاقة الكهروضوئية الشمسية إلى 50% من المنازل في المناطق الريفية باليمن وما يصل إلى 75% في المدن حتى شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2016. وتوصل مسح أجرته مؤسسة بيرسنت لاستطلاعات الرأي وتعزيز الشفافية في يناير/كانون الثاني 2017 إلى استنتاج مماثل، حيث وجد أن نصف اليمنيين يتمتعون بشكل من أشكال الوصول إلى الطاقة الشمسية خارج الشبكة الموحدة، حيث تصل المعدلات في بعض المحافظات إلى أكثر من 80%. وعلاوة على ذلك، أظهر مسح أجراه برنامج الأغذية العالمي عبر الهاتف في نوفمبر/تشرين الثاني 2017 أنه بالمقارنة مع المولدات والشموع والبطاريات والشبكة الموحدة، تُعد الطاقة الشمسية المصدر الرئيسي للطاقة المنزلية في 14 من 22 محافظة. وأظهرت الدراسة أيضا أنه بالمقارنة مع المولدات- ثاني أكبر مصدر للطاقة- يبدو أن الطاقة الشمسية توفر الطاقة بشكل أكثر انتظامًا للمنازل، فنحو 10% من 55% من المنازل التي تستخدم الطاقة الشمسية تعاني من نقص الطاقة مقارنة مع 10% من 23.7% من الأسر التي تعتمد على المولدات ([6]) . لا يوجد ما يبرر الوضع البائس للطاقة في اليمن سوى بُؤْس الأنظمة المتعاقبة التي حكمت اليمن، سواء في شمال الوطن أو جنوبه، ففي حين أن بعض الدول لا تعرف الشمس إلا ساعات معدودات، ولا توجد لديها مناطق صالحة لتوليد الطاقة من الرياح، وأخرى ليس لها نصيب من مصادر الطاقة غير المتجددة كالنفط والغاز أو حتى الفحم ، نجد اليمن غنية بمصادر الطاقة المتجددة، فالمناخ المتنوع في اليمن يؤهلها لتوليد الكهرباء من مختلف المصادر .
الخبير الاقتصادي المغربي حبيب ولد داده، أحد الاقتصاديين في بورصة “نيويورك” ومهندس سوق الأوراق المالية السنغافورية والمتخصص الدولي في بيع أصول أكبر الشركات العالمية، يقول في مقال له بعنوان “اليمن الفقير في حقيقته سيكون من أقوى اقتصاديات العالم” : “اليمن يمتلك موارد طبيعية هائلة، ففي منطقة الجوف المحاذي للسعودية يوجد بها خزان هائل من النفط يحتوي على مخزون هائل أكبر من مخزون السعودية والإمارات والكويت مجتمعة، هذا بجانب حقول النفط الأخرى” ([7]) .
وطبقاً لتقديرات وزارة الكهرباء والطاقة، يمكن للطاقة المتجددة الإمداد بأكثر من 50,000 ميجاوات من الكهرباء أو ما يعادل 50 ضعف مستويات الإنتاج الحالية. ويصنف الساحل الغربي لليمن من مضيق باب المندب إلى مدينة المخاء بأنه من بين أكثر ممرات العالم هبوباً للرياح، في حين تجعل السماء الصافية في الكثير من الأحيان اليمن مرشحاً رئيسياً لاستخدام الطاقة الشمسية. بالإضافة إلى ذلك، توفر البلاد إمكانات بسيطة للطاقة الحرارية الأرضية.([8]) .
أكد رئيس وزراء ماليزيا الدكتور مهاتير محمد أن اليمن يمتلك الموارد اللازمة لتحقيق التنمية الصناعية, وعليه أن يستغل تلك الموارد لترجمة أهداف النهوض بالقطاع الصناعي بما يسهم في تعزيز التقدم الاقتصادي للبلد بشكل عام ([9]) .
والخلاصة :تمتلك الجمهورية اليمنية من مصادر الطاقة المتجددة والتقليدية ما يهيء لقيام نهضة صناعية وتعليمية وتكنولوجية هائلة ، وفي حال استقرار البلد، ووجود الطليعة الواعية، ونظام الحكم الرشيد سيتم توجيه الاهتمام لهذا القطاع الحيوي الذي بحركته تتحرك عجلة التنمية، وتكون أساساً قوياً للنهضة المنشودة .