مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب

2020/01/22 09:27
ثرثرة عربية عوض حوار الديانات

في أحد مباني وزارة خارجية أمريكا في واشنطن، جلست مع اعضاء الوفد نتحدث للمسؤول الأمريكي السيد وارين كوفسكي و كانت تعطي الكلمة لكل واحد منا و كان الوقت محدد و المسؤول كان واضح سأستمع إليكم و ستستمعون إلينا ستطرحون أسئلتكم و سأطرح أسئلتي، لدينا وقت محدد لكم برنامج ينتظركم و أنا لدي إلتزامات.
تبادلت النظرات مع مترجمتنا سارة...
و بدأ العضو الأول يتحدث و شيئا فشيئا بدأت أفهم كارثة العرب مع دولة أمريكا. كل عضو لم يحترم تعليمات المسؤول الأمريكي و كل واحد أسهب في الحديث فكان يضطر المسؤول الأمريكي ان يختصر كلامه ثم زادت أسئلة أعضاء الوفد طين بلة بحيث تفرعنا إلي مواضيع لم تكن لديها علاقة بالبرنامج و كنت ألاحظ أن المسؤول كان يسجل ملاحظاته في دفتر، و قد قام بإبداء ملاحظة و تكلم بطلاقة العربية "أمضيت و زوجتي 20 سنة في مصر ندرس المجتمع المصري."

و أنا صامتة طوال اللقاء لم يسمحوا لي بثرثرتهم بإلقاء كلمتي و لم يسمحوا للرجل الأمريكي أن يستمع إلي أو يطرح أسئلته علي و كاد يقع إنفجار في تلك الجلسة عندما سمعت ممثل لدولة شقيقة يقول بوقاحة ما بعدها وقاحة للمسؤول الأمريكي "سيدي هناك إسلام أمريكي و إسلام ليبي و إسلام كويتي و إسلام دولة كذا، فأنت تري بأن ديننا يتعدد و يتشكل وفق خصوصيات..."
في تلك اللحظة نظرت لسارة نظرة سخط بالغة، فأفهمتني بعينيها : "أصمتي عفاف".
و أنتهي اللقاء تجاوزنا الساعة المحددة و و و... فجأة ببرودة تامة تكلمت للمرة الأولي :
-معذرة سيدي أنت لم تستمع إلي.
فنظر إلي المسؤول الأمريكي و قرأ إسم دولتي، فإعتذر الإعتذار الشديد و عاد ليجلس :
-سيدتي اطلب منك السماح و أنت بالذات لا بد لي أن أسمعك، فأنا لا أعرف شيء عن الجزائر.
فأجبته و أنا أقوم من كرسي :"لي جملة واحدة أقولها لك نحن في بلدنا الجزائر نريد ديمقراطية وفق قيمنا الإسلامية و شكرا."
فشكرني و إنسحبنا و بمجرد ما ذهبنا للمطعم بعد خروجنا من وزارة الخارجية الأمريكية، طلبت سارة في حديث خاص خارج المطعم :
-سارة ما جري غير مقبول و لا أريد أن يتكرر معي بعد قليل حينما نكون مع السيد دوايت بشير؟
فردت علي سارة "عفاف أفهمك ماذا تريدين أن اقول لك أختاه ؟ هذا هو حال العرب..."

- هل يعقل ما سمعته يا أختي إسلام امريكي و إسلام كويتي و ليبي معني ذلك أن ليبيا نبيها هو ليس رسولنا و باكستان لها نبي آخر و فرنسا لها إسلام بنبي غير محمد صلي الله عليه و سلم قلت لها بغضب شديد، أجبيني سارة ؟

-يا عفاف إهدئي إنك جد منفعلة  و عليك بالتذكر انه يتوجب علينا كمجموعة أن نكون متوافقين، أمامنا رحلة ل 19 يوم فعليك بالصبر علي بعض أعضاء الوفد.

-سارة معذرة لكنني كجزائرية ما أعرفه أن لدينا دين واحد ما قاله القرآن الكريم و رسول الحق واحد ينطبق علي كل المسلمين أي كان جنسهم عرقهم ثقافتهم و حضارتهم...نختلف في التفاصيل فقط زمجرت.

فوافقتني سارة و إجتهدت لتهدأني ثم عدنا إلي المطعم ...

بعد وجبة الغداء كان لدينا موعد مع السيد دوايت بشير رئيس مجلس الولايات المتحدة الأمريكية الدولي للحريات الدينية و هو مجلس يربط بين مجلس الشيوخ و وزارة الخارجية الأمريكية.

كنت مصممة في هذه المرة أن ألقن درس للوفد العربي خاصة أنني كنت أريد التحدث مع السيد دوايت بشير عن مراسلة سفارة أمريكا بالجزائر لدولتي حول قرار رئاسي لتنظيم النشاط الديني للأقليات الدينية في الجزائر مثل المسيحيين و للحد من ظاهرة نشاط كنائس إنجيلية تعمل علي تمسيح أبناءنا.

فعندما دخل السيد بشير مع مساعده السيد روبرت س. بليت القاعة، حييناه و كان إستقباله لنا عفوي و إن لمست في موقفه بعض التحفظ.

لحظة ما رأي إسمي و بلدي نظر لي نظرة عجيبة، رسالة نظرته كانت "أنا و أنت سنتفاهم" حياني ثم إستدار لبقية أعضاء الوفد العربي حياهم واحد واحد. و طلب منهم الجلوس بعد ما أمدنا هو و مساعده ببطاقة الزيارة.

كنا قد وضعنا سماعات الترجمة و بدأت سارة و أبو يوسف عمل الترجمة، فأعتذر لنا عن تأخير لحظات بدأ جلسة العمل لإنتظار مساعدته أنجيلا ستيفانز و قد تعمدت في الجلوس إلي جنبه و مواجهة أعضاء الوفد من الجهة الأخري للطاولة. أحد أعضاء الوفد لاحظ للمترجمة سارة "لقبه بشير هل هو عربي سيدتي ؟"

فأبدت تحفظ سارة في الإستفسار بإعتبار ان المواطنين الأمريكيين هم خليط من الأجناس و العرقيات و الديانات و ما يهمهم إنتماءهم لوطن واحد و هو أمريكا لكن العضو العربي ألح في معرفة أصل السيد دوايت بشير، فشعرت مرة اخري بالسخط.

و لاحظ دوايت بشير تبادل الحديث بين سارة و العضو بالعربية فإستفسر، فأضطرت لنقل له طلب العضو العربي.

يشهد الله إندهشت من ردة فعل دوايت بشير نظر لأعضاء الوفد أمامه نظرة قصيرة لكنها كانت تحمل قدر كبير من الإحتقار ثم أجاب بصوت جليدي "إنني فارسي إيراني من أبي و أمريكي من امي و ما يهمني فقط أنني أمريكي."

فتململ أعضاء الوفد العربي  متظاهرين بما لا يكنوه لدولة إيران لكن الرجل لم يأبه بهم و إلتحقت مساعدته أنجيلا ستيافنز فقام إحتراما لها و قمنا نحن ايضا. قامت بتحيتنا و تقديم إعتذارها الشديد عن تأخرها.

ثم بدأ عملنا فعليا، قدم عرض وافي السيد دوايت بشير عن عمل المجلس الذي يترأسه، بعدها جاء دور أعضاء الوفد  و لم أسمح إلا لعضوين بإلقاء عرضهما ثم خاطبت الوفد العربي ببرود و أمام المسؤول الأمريكي :

-الآن دوري و أسمحوا لي فقد تجاوزتم حدودكم معي في الصبيحة و لا بد لي أن أتكلم مع الرجل و سأختصر و أترك لكم الكلمة.

فقبلوا.

ثم إستدرت للسيد بشير دوايت و طلبت منه ما هي حقيقية الضغط الذي تتعرض له دولتي في ملف نشاط الكنائس الإنجيلية عندنا.

فرد بوضوح متعللا بحرية المعتقد و انه لا يحق للجزائر أن تسجن قس يقوم بنشاطه الديني فكان ردي كما يلي :

-في حدود علمي ليس هناك تعطيل لعمل القساوسة في هذا الشأن فقانون 06-03* الصادر بموجب قرار رئاسي ينظم ممارسة الشعائر الدينية لغير المسلمين عندنا.

-لكنه سيدتي يتضمن متابعات قضائية و عقوبات بالسجن و هذا مخالف لميثاق الأمم المتحدة.. لاحظ دوايت بشير.

-أبدا سيدي إنه موجه لقساوسة يقومون بنشاط تبشيري غير قانوني و الجزائريين الذين تمسحوا حديثا و من يخترقوا قوانيننا بالقيام بالدعوة لديانتهم الجديدة جزائريين في السرية. هذا و القس معني فقط بالمسيحيين الأصليين غير ذلك هو ممنوع بتمسيح ابناءنا هذا قرار سيادي لدولتي و لا يحق لكم التدخل.

فنظر لي دوايت بشير لحظة و ابتسم لي إبتسامة مشرقة و قال لي :

-طيب سيدتي أتفهم غيرتك علي سيادة بلدك و سأقول لك الحقيقة العارية، أجد نفسي مطالب من شيوخ كونغرس و مجبر علي التحرك ناحية وزارة خارجيتنا لتضغط علي دولتك و هذا بموجب أن كنائس إنجيلية تمول حملات الشيوخ الإنتخابية فهم يعملون علي ضمان نشاط هذه الكنائس خارج حدود امريكا هل فهمت سيدة عنيبة ؟

فشكرته علي صراحته و اعدت الكلمة إلي بقية اعضاء الوفد...و عدنا بذلك إلي الثرثرة العربية و الحمد لله السيد دوايت بشير كان حازما و أستغل الفرصة بذكاء خارق في تلقين درس للوفد العربي كيف تعمل أمريكا بمهنية عالية بعيدا عن شيعي سني يمين شمال قومي ملحد وضعي سماوي و و و ...

كان درسا أمريكيا مفحما خرجت منه ب"الأمريكي الإيراني الأصل عمله آري كامل مكتمل..."

 

*https://droit.mjustice.dz/portailarabe/legisl_de_06_au08/ord_ex_cult_autr_q_musulman.pdf

أضافة تعليق