بقلم د. فؤاد الصوفي
يحرص أعداء الربيع العربي على بذل كل ما يملكون في اتجاهين أساسيين :
الاتجاه الأول: هو الإفراط في قمع أية تحرك من شأنه أن يرفع من سقف مطالب الشعوب العربية, ففي نظرهم لا تستحق شعوبنا العربية إلا أن تقتات الممكن و تحافظ على التراث القديم من الجو المعيشي وأساليب العيش الحجرية.
وأما الاتجاه الثاني فهو تسخير كل الإمكانات المادية في سبيل إفشال الدول التي قامت على أثر الربيع العربي لتصفية الحسابات بين الولاء الغربي المتسلط الذي يسيطر على ما تبقى من حكومات الدول التي سلمت من عاصفة الربيع، وهي التي لم يتبقى في قياداتها دمٌ قوميٌّ ولا إسلامي.
فانبرت جاهدة على اجتثاث الفكر الإسلامي المتنوِّر والمعتدل وتجفيف منابعه وقلم أقلامه المؤثرة ظنًّا أن ديمومة حكمهم بالإنحناء للغرب فهو الأضمن لتخليده؛ مهما تعاملوا مع شعوبهم كقطعان الغنم بحرمانهم من أبسط الحقوق. وجعلوا أولوية أجندتهم تصفية حساباتهم مع من أقضُّوا مضاجعهم من الإسلاميين.
وبالمقابل فقد بذلوا جهدا كبيرا في إحياء رفاة الفكر القومي المتهالك والمتساقط والذي يرى أن سقوطه المدوي كان نتيجة صعود الفكر الاسلامي فهو الخصم الأكبر والذي سيصرع ما بقي من جذوره التي عفى عليها الزمان.
-التحصين الغربي
ومهما انفتح حكام وحكومات الربيع العربي (بصبغته الإسلامية) نحو أمريكا و الغرب فلن يرضوا عنهم, فالغرب أصبح مفضوحا وبات الحديث عن الحرية الدينية و السياسية ما هو الا تشدق و كذب, وأن محور الاتفاق الأمريكي الغربي مع أي نظام عربي هبّت عليه رياح التغيير أم لا مرهون بالحفاظ على الربيبة إسرائيل والتطبيع معها.
فكم من حكومة مستبدة ظالمة في وطننا العربي والإسلامي مسكوت عن أبشع جرائمها لأنها تدين بالولاء المطلق للأقطاب الغربية و ملتزمة بحماية إسرائيل و الصمت حيال جرائمها وتجريم المقاومة الفلسطينية وترهيب داعميها. هؤلاء هم حماة السياسة الاستعمارية الغربية في المنطقة ومبررين الجور الأمريكي على الشعوب الإسلامية. وهم الحماة الاسرائيل و المحصنون لها بخذلانهم للقضية الفلسطينية و هم المبيدون للفكر الإسلامي الماحون لأنصع بياضه، وهؤلاء الطغاة كانوا من أوائل من يجب أن تقام في بلدانهم ثورات تسحقهم ليرحلوا للعيش في منتجعاتهم في بلدان الغرب والمناطق السياحية .