د.فؤاد عبده محمد الصوفي
لم يكن في خلد أطفالنا الذين كانوا يحلمون بحياة مشرقة أجيد من آبائهم أنهم سيصبحون ويمسون على وقع أحداث درامية كأنها نسج خيال، ولم يتوقع المواطن اليمني أن قيادته السياسية ستفشل وستسلم الدولة إلى مليشيات ليصبح الوطن والمواطن في مهب ريح يطمح سائقوه أن يعيدوا مجد أجدادهم.. ويصبح رئيس الجمهورية محاصرا تحت سقف مبناه ليصير ضحية احتياله ونكايته بشركائه، فقد أسقط سلَفيّي دماج ثم قبائل حاشد ومدينة عمران التي كانت تعد حصن صنعاء بقبائلها الموالية للثورة والدولة سلمت هذه السلسلة من الحصون السنية منطقة تلو أخرى ومعسكرا بعد معسكر وذهب بكل وقاحة يبارك سقوط معسكر عمران في أيدي المليشيات في لحظات تشييع جنازة قائد اللواء الشهيد القشيبي وقال قولته المشهورة: أن عمران عادت إلى أحضان الدولة.
وقد فضحت تلك الأحداث بعض الهيئات الدبلوماسية التي وظفت نفسها لتحفر في نفس المجرى وتضع يدها بأيدي المليشيات رغبة منها في القضاء على صحوة الإسلام السياسي -حسب تعبيرهم- ممثلة بالإصلاح وفريق من السلفيين، وزعماء حاشد الذين ساندوا الثورة اليمنية وانظموا إلى مؤتمر الحوار وقدموا تنازلات -حسبت عليهم- بغية لم الشمل اليمني والخروج برؤية مشتركة للدولة ونظامها.
وبعد أن رجعت عمران إلى حضن الدولة بدأ الزحف نحو العاصمة صنعاء فوزير الدفاع يوفر احتياجات معتصمي المليشيات حول صنعاء ويخفف عنهم ألم الجوع وقساوة البرد، ورئيس الدولة يحث مناصري شرعيته لتكوين لجان شعبية لتتولى جموعها الدفاع عن العاصمة.
وفور احتدام المواجهات في أطراف صنعاء تبين أن الأمر ليس على ظاهره فلابد أن تعود صنعاء إلى حضن الدولة! وبعد ساعات من انسحاب اللجان الشعبية إذا بفتية المليشيات على كرسي وزارة الدفاع فسقطت وتهاوت الوزارات واحدة تلو أخرى ثم سقطت صنعاء بفضل الدبلوماسية الدولية وقيادة هادي ووزير دفاعه وعادت إلى حضن الدولة!.
وأسقطت الجرعة والدولة ووصل أثر الدم إلى كل شبر من أرجاء الوطن وإذا بحزم سليمان ينطلق فصفق له القاصي والداني عدا أصحاب المصالح والمغرورين بخطابات صالح ظانين أنها تستهدف رأس الباطل ومن كان سببا في استبداد الشعب وتخلفه ولكن ما لبثت قليلا إلا وتبينت أهداف الحزم الجلية الواضحة والتي لم تكن مهمتها إنقاذ المواطن اليمني أكثر من اهتمامها بتأمين شعبها والقضاء على الذخيرة التي كانت تهددها، وتقاسمت الاطراف القوية المهمة بناء على مصالحهم وليس حبا في الشعب ولا بلده .
لم يدرك الحازمون أن إنهاء البنية التحتية للدولة اليمنية تهديد لكل بلد محادد له وأن الفوضى الخلاقة التي تواتر دعمها لإسقاط الدولة مستمرة بنفس الهدف وأن الفارق بين السابق واللاحق هو أن السابق أستخدم الأدوات اليمنية بينما النظام الجديد استخدم الأيادي الإقليمية .
تهاوت قواعد الدولة ومقوماتها الأساسية وتمزق النسيج السياسي والاجتماعي وعاد صالح إلى الواجهة ليتحدى وحق له أن يتحدى وأن يحشد بعدما وجد الحزم بلا حزم وأن من الحازمين من يحميه ويود لو أنه يعود زعيما يتولى استمرار تصفية الحسابات مع الإسلاميين.
عاد الرئيس السابق إلى الواجهة ليثبت فشل الحزم ويؤكد قدرته على البقاء عابثا ليبقى المواطن بلا دولة ولا وطن ، فليست قوته هي التي أبقته ولكن عجز الأقوياء وخذلان الحازمين، ويمر عامان من (الحزن)بلا حزم ويبقى اليمن الوطن الجريح .