مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب

2014/08/17 20:10
حكومة الإسلاميين في مصر.. المغامرة الخطرة
محمود سلطان

في تصريحات ’’صادمة’’.. اعتبر قيادي بالجماعة الإسلامية فِي جنوب مصر، نتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة ’’مُفْزِعة’’ بالنسبة للإسلاميين!

الرجل كان محقًّا.. لم يعد الفزع- إذن- من ’’الإسلاميين’’ كما تنحو الأدبيات العلمانية المتصادمة مع الحالة الإسلامية.. وإنَّما من حجم التحديات التي ستُواجِه ’’الفائز’’ الإسلامي، حين يَجِد نفسه وجهًا لوجه مع ’’تَرِكةٍ’’ كبيرة من المشاكل في بلد كبير مثل مصر، لم يتعافَ بعد من زلزال 25 يناير.

الإسلاميون يشعرون بالغِبْطة، بعد أن عرفوا- ولأول مرة- متعة الحرية وحلاوة الديمقراطية، ونشوة الفوز بثقة الناس عبر الاقتراع الديمقراطي الحرّ.. وهذا حقهم بالتأكيد.. غير أنَّ السؤال يظلّ مطروحًا بشأن ’’التأهيل السياسي’’ لتحمل استحقاقات هذه المرحلة بالغة الدقة والحساسية.

المسألة لا تتعلّق فقط بـ’’التأهيل’’ ولكن أيضًا بقدرة المظلّة الإسلامية على استيعاب ’’شركاء’’ في إدارة البلاد من المخالفين، وما إذا كان الإسلاميون سينحازون إلى معيار ’’الأيديولوجيا’’ في فرز ’’الشركاء’’ أم إلى ’’الكفاءة’’.

النصر الذي تحقَّق قد يكون ’’مفرحًا’’ حقًّا.. ولكنه ’’مفزع’’ في ذات الوقت.. ولعلّ بعض القوى السياسية الكبيرة مثل الإخوان المسلمين، كانت على وَعْيٍ بحجم ووزن المشكلة حال فوزهم بالانتخابات منفردين دون شركاء.. وربما قرارهم تخفيض سقف المرشحين على النحو الذي يحفظ لهم جزءًا من ’’التورتة’’ البرلمانية كان في سياق قلقٍ إخوانيٍّ من تحمُّل مسئولية إدارة البلاد بعد الثورة وحدهم.

قبل الثورة كان الإخوان الفصيل الوحيد المشارك في العمل السياسي العام.. ولعلَّ قرار الجماعة بتحديد نسبة المرشحين لبرلمان 2011.. جاء استنادًا إلى تلك التجربة، ولم يدرج في حساباته، دخول إسلاميين جدد في حلبة السياسة ومن بينها فصائل كبيرة ربما تفوق الإخوان عددًا، وإن كانوا غير ’’منظمين’’ ويفتقرون إلى خبرات سياسية مثل السلفيين وأقل عددًا منها مثل الجماعة الإسلامية والجهاد.. وهي الحسبة التي ربَّما أخلَّت بموازين اللعبة كما أُدرجت على أجندة الإخوان.. فجاءت النتائج على هذا النحو الذي ’’أفزع’’ هذا القيادي الإسلامي الذي أشرت إليه مقدمًا.

المشكلة أنَّ الإسلاميين دخلوا ’’اللعبة’’ مُفضّلين ’’تقسيم’’ المناطق.. وليس ’’التنسيق’’ وفق منطق يراعِي تجنب الصدام مع استحقاقات مرحلة ما بعد الثورة بدون شركاء من التيارات الأخرى تتقاسم معهم المسئولية.. ما جعل خصومهم يعلنون عن غبطتهم من النتائج واعتبروها ’’ورطة’’ غير محسوبة أنزلق إليها الإسلاميون.

مع تطوُّر الأحداث الأخيرة.. مثل مذبحة مدينة بورسعيد، عقب مباراةٍ لكرة القدم بين فريقي الأهلي ’’القاهري’’ والمصري’’ البورسعيدي’’ .. والمواجهات العنيفة قرب وزارة الداخلية، والتي أفْضَت إلى ’’أزمة سياسية’’ أمام سلطات رسمية منزوعة الشرعية، أغرت جماعة الإخوان المسلمين بالتخلِّي عن حظرها، وأبدت استعدادها لتشكيل حكومة تخلف حكومة د.كمال الجنزوري.

اللافِت أنَّ ’’خصوم’’ الإسلاميين.. و’’أعداء’’ الجماعة.. بمن فيها الشيوعيون المتطرفون، ’’رحَّبوا’’ بحكومة الإخوان وهيأوا لها أجواء إعلامية ’’مشجعة’’ لها.. بلغت حدّ ’’الغبطة’’ بتلك المغامرة الخطرة!

هذا التشجيع ’’العلماني’’ و’’اليساري’’ لتلك الخطوة، يعتبر ظاهرة ’’مقلقة’’ حقًا.. ولعلَّه يأتِي في سياق الرغبة في إنهاك الجماعة، والرهان على فشلها، فالتركة التي خلَّفها مبارك ’’ثقيلة’’ ولا تستطيع أية قوة في مصر تحمل تبعات واستحقاقات تلك المرحلة وحدها.. وربَّما تلتقي- بدون اتفاق- رغبتا المجلس العسكري، والتيارات المدنية، عند ’’توريط’’ الإسلاميين لـ’’حرقهم’’ أملاً في قطع الطريق عليهم في المستقبل.. فهلا تُلتقط الأنفاس قبل التورُّط في هذا الشَّرك؟!
*البشير
أضافة تعليق